الـمرأة... بـين جاهلـية الأمس والـيوم!

الـمرأة… بـين جاهلـية الأمس والـيوم!

التحرير

المرأة هي الأم والأخـت والإبنة والزوجة والجدة.. وصدق من قال أنها نصف المجتمع، فإذا تقهقر هذا النصف عن أداء دوره في صلب المجتمع أو طرأ عليه خلل أو فساد يفقد المجتمع مقومات توازنه ويعتريه الخلل بل قد يصيبه الشلل أعضاءه المتناثرة.. ولا شك أن ما تشهده المجتمعات المعاصرة من مفاسد اجتماعية سببه الرئيس هو تهميش دور المرأة أو إن صح التعبير سلبها من مقومات واجباتها الأساسية التي قامت بها على أحسن وجه لقرون طويلة وبالتالي فقد أدى هذا السلب إلى إقصائها من مؤسسة أداء واجبها المقدس على الصعيد التربوي والأخلاقي والاجتماعي. فابتعدت كل البعد عن دورها الفطري وانشغلت عنه وذلك بتقمصها دورا غير دورها وقيامها بواجبات غير واجباتها وتمسكها بأولويات غير أولوياتها.. وليس خافيا على أحد أن الانحراف الذي تشهده المجتمعات الغربية كانت بواعثه  تلك الظروف الاقتصادية والسياسية التي تلت الحربين العالميتين وما نجم عنهما من آثار وكوارث انعدم فيها التوازن بين الجنسين مما اضطر المرأة إلى الخروج تحت وطأة الحاجة والضرورة إلى تقمص دور بعيد كل البعد مع ما ينسجم وتكوينها الفطري الطبعي الذي فطرها الله عليه.. وفي خضم هذه الهجرة الجبرية عن دعائم الفطرة كان لا بد من ظهور آثار سلبية كنتيجة مباشرة لهذا الفراغ الكبير الذي ولَّده تخلي المرأة عن دورها والذي ساهم في ظهور شتى أنواع المفاسد من ميوعة وانحلال واضطراب اجتماعي خطير اسْتُهْتِرَ فيه بأنوثتها وجُعِلَتْ أداة بخسة للمُجُونِ والغرائز والإثارة، بل وتعدى ذلك إلى ظاهرة استرقاقها وبيعها كما هو معروف في الغرب بالرقيق الأبيض..!!

لقد أصبحت المرأة الغربية في نظر البعض نموذجا يُقتدى به وأملا يُرتجى لكثير ممن ينادي بتحرير المرأة!! ويا للحسرة فقد انخدع بهذه الصيحة تكتلات كبيرة من مجتمعاتنا الإسلامية دون إدراك لمغزاها أو مضمونها.. فهل المرأة الغربية فعلا محررة؟ أم أنها مستعبدة بعد جُنُوحِهَا القَسْرِي إلى تقمُّص دور غير دورها الفطري؟ وربَّ سائل يسأل: تُرى  ما هي مظاهر تحررها في المجتمعات الغربية؟ والجواب على هذا  السؤال لا يستدعي سوى عملية استقراء بسيطة لواقع المجتمع الغربي ذاته وبأية نظرة ينظر إلى المرأة.

ولسنا هنا في معرض ذكر ما منحه الإسلام من حقوق كاملة  للمرأة، بيد أننا أردنا أن نلفت الأنظار إلى ما آل إليه واقع المرأة في عصرنا الحاضر..

والحق أن واقع المرأة في هذا العصر لا يختلف عن تلك الفترة المظلمة من تاريخ الجزيرة العربية قبل الإسلام حيث كان مجتمع الجاهلية الأولى ينظر إلى النساء بنفس منظار المجتمعات الغربية الحديثة حيث التسيب الجنسي والاختلاط الحرّ، والانغماس في المجون والعربدة والنوادي الخاصة!، كما عوملن معاملة الرّق أو المتاع الذي يملكه سيده مما جعل كثيرا من الناس يعتبرون ولادة الأنثى مؤشر خزي وعار مما استدعاهم في التفكير عن كيفية الخلاص منها من هول ما آل إليه حالها، فوُئدت المولودة دون أي ذنب اقترفته سوى أن جرمها الوحيد أنها كانت أنثى. أما في عصرنا المعاصر فللوأد أساليب معاصرة تتماشى مع طبيعة شكله الإجرامي المعاصر حيث يُمكن اختيار جنس المولود الجديد في المختبر.

وقد شهد مسرح أحداث الصين.. وهي من أعظم الدول تقدما على الصعيد التكنولوجي في العالم حيث لا تسمح الحكومة للمتزوجين إلا بإنجاب مولود واحد، زلزالا ليس مثله زلزال.. وذلك بحكم أن الآباء أصبح بإمكانهم اختيار جنس مواليدهم الجدد.. فمعظمهم اختاروا الذكور، العامل الذي أصبح يهدد مستقبل مجتمعهم حيث لن يجد هؤلاء الذكور زيجات من بني جنسهم ومن وطنهم.. وقد يؤدي هذا الوأد المعاصر أو إن صح التعبير وأد الجاهلية الثانية إلى خلل ديمغرافي يستحيل حله.

إن الإسلام هو أول من نادى بتحرير المرأة وكَسْرِ القَيْدِ الذي أدماها قديما وحديثا، حيث سعى الدِّين الحنيف لتحريرها من قيود الاستغلال الجائر الذي لا يرى فيها سوى نَزْوَةٍ أو جسدٍ أو أداة للمتع واللهو، وسعى أن يستعيد لها مكانتها الفطرية التي خُلِقَتْ من أجلها كي تكون مسئولة عن مجتمعها، راعية لبيت زوجها، مصلحة ومربية ومعلمة للأجيال المستقبلية، أمًّا وأختا وزوجة وجدة، ولسنا هنا في معرض ذكر ما منحه الإسلام من حقوق كاملة  للمرأة، بيد أننا أردنا أن نلفت الأنظار إلى ما آل إليه واقع المرأة في عصرنا الحاضر.. عصر الدجال! وكيف أن شعارات تحررها ليست سوى عودة بها إلى مظهر جاهلية جديدة ثانية!!

Share via
تابعونا على الفايس بوك