مع اقتراب نهاية عام 2025، يتهيأ الجميع لعام جديد من الترقيات المأمولة، لكن لنتذكر أن كل ترقٍ ونجاح يتطلب ضريبة من التعب والمكابدة، فالمجاهدات هي سنة كونية لا تفارق طريق الأهداف السامية..
يعاني العالم المتحضِّر المعاصر انتكاسة أخلاقية وروحية رغم التقدم المادي. وإن كان الغرب يعد العدة لسيناريوهات القيامة أو نهاية العالم ممثلة في حربٍ عالمية ثالثة، فالحق أن تلك القيامة تكون بصورة صحوة الشعوب المستضعفة واستعادتها لهويتها، الأمر الذي لم يحسب الغرب المستعمر له حسابا..
ما أكثر الآثام التي اقترفتها يدا الإنسان! تارة بدعوى إصلاح الأحوال، وأخرى تقربًا إلى الله ذي الجلال.. وتلك الآثام ما كانت لتُقتَرَفَ إلا جهلا وجهالة، فكانت الإشارة إليها بالجاهلية وصفًا حكيمًا، ما أبلغَه!
إننا لندهش من أثر انتشار الإسلام، وما ترتب على هذا الانتشار من تغير تام من النقيض إلى النقيض، تَغير كان مِن مظاهره أن تحولت بيئة الصحراء إلى جنة علم وروحانية كَفَتْ العالم القديم مؤونته من الزاد العلمي والفكري والحضاري قرابة تسعة قرون أو أكثر، وعلى النقيض من ذلك يشاهد المتبصر بأم عينيه الأثر السلبي والكارثي لانتشار الحضارة الغربية في الوقت الراهن..
إنسان العصر الحديث تتنازعه رغبتان، رغبة في التعرُّف العلمي والتقدم التكنولوجي، ورغبة في التعارف الإنساني، ولكن لسان الواقع يشهد بصعوبة تحقيق الرغبتين معًا، الأمر الذي دعا فلاسفة ومفكرين اجتماعيين إلى بحث هذا الأمر من جذوره..
أصبحنا مع بداية كل عام هجري جديد، لا ندري، أنبتهج حبورًا بحدث الهجرة المبارك؟! أم نبتئس ألمًا بتذكُّر واحدة من أفدح المآسي في تاريخ الإسلام، ألا وهو استشهاد سيدنا الإمام الحسين (رض)؟! وعلى كُلٍّ فالشهداء يبقون أحياءَ يقينًا..
إن قصر قيمة الحج ومعناه على الطواف بالجسد وحسب حول البيت الحرام، إنما يفرغ تلك الشعائر المقدسة من مضمونها، الأمر الذي لا يُنتِج غير النفاق والمنافقين، بحيث يتعارض تماما مع هدف المشروع الإلهي الأعظم..
لا يمكن أن تقوم للوجود قائمة لولا تجلي صفات خالقه عز وجل، فهو القائل سبحانه: “كنت كنزًا مخفيًّا، فأردت أن أُعرف، فخلقت الخلق، فبي عرفوني”، ومن الصفات الربانية التي يقوم عليها الوجود ويستمر، صفة الكلام الإلهي، ومن أبرز مظاهر استمرار ذلك الكلام، بعث النبيين وإقامة الخلفاء الربانيين..
هل تطلع على الدنيا شمس يوم سعيد تعود فيه إلى خالقها من جديد؟! تلك هي فحوى كلمة التقوى لهذا الشهر، علما أن سبيل الإنسان لمعرفة الله يمر بمعرفة نفسه، فبقدر ما يدرك من كرامة النفس الإنسانية يكتسب معرفة بالله ووصالا، وذلك الوصال المنشود متحقق لا محالة، قصر الزمان أم طال..
لا يكاد يختلف اثنان اليوم على حاجة الإنسانية، بمختلف أقوامها، إلى منقذ من طراز خاص، وهو المنقذ نفسه، وإن اختلفت أسماؤه وألقابه بين ثقافة وأخرى..