ويعلم ربي أنه كان مرشدا

 

وأنتَ إِلَهي مَأْمَني ومَفازتي

ومَا لي سِواكَ مُعاونٌ يَدْفَعُ العِدَا

.

عَلَيْكَ تَوكّلنا وأنْتَ مَلاذُنا

وقد مسَّنا ضُرٌّ وجئناك للنّدى

.

ولكَ آياتٌ في عبادٍ حَمِدْتَهُمْ

ولا سيّما عبدٌ تُسَمّيهِ أحمدا

؟

لهُ في عبادةِ ربّه غَلْيُ مِرجَلٍ

وفاقَ قلوبَ العالمينَ تعبُّدا

؟

وكانَ الحجازُ وما سِواهُ كميّتٍ

شفيعُ الورى أحيا وأدْنى المـُـبَعَّدا

.

فلمْ يبْقَ مِنهمْ كافرٌ إلا الّذي

أصرَّ بشَقْوته على ما تعوَّدا

.

وأتى بصُحُفِ الله لا شكّ أنها

كتابٌ كريمٌ يرفِدُ المسْترفِدا

.

فمنْ جَاءَه ذُلّاً لتعْظيمِ شَأْنهِ

فيُعطى له في حضْرةِ القُدْسِ سُؤدَدَا

.

فيا طالبَ العرفانِ خُذْ ذيلَ شَرْعِهِ

ودَعْ كلَّ متبوعٍ بهذا المقتدى

.

يزكّي قلوبَ الناسِ مِن كل ظلمةٍ

ومَنْ جاءه صِدْقاً فَنَوّرَهُ الهُدى

.

تراءَى جَمَالُ الحَقِّ كالشّمسِ في الضُّحى

ولاحَ علينا وجْهُهُ الطّلْقُ سَرْمَدا

.

وقدِ اصطَفَيْتُ بمُهْجتي ذكرَ حَمْدِهِ

وكافٍ لنا هذا المتاعُ تزوُّدا

.

وفوّضني ربّي إلى فيضِ نُورِه

فأصبحتُ مِن فيضان أحمدَ أحْمدَا

.

وهذا مِنَ اللهِ الكريم المحْسنِ

وما كانَ مِنْ ألطافِهِ مُسْتَبْعَدا

.

وواللهِ هذا كلّه من محمّدٍ

ويعلمُ ربّي أنه كانَ مُرْشِدا

.

وفي مُهْجتي فَورٌ وجَيشٌ لأمدحا

سُلالةَ أنوارِ الكريمِ محمّدا

.

كريمُ السّجايا أكملُ العِلْمِ والنّهى

شفيعُ البرايا مَنْبَعُ الفَضْلِ والهُدى

.

بشيرٌ نذيرٌ آمِرٌ مانعٌ مّعاً

حكيم بحكمتهِ الجليلةِ يُقتدى

.

هدى الهائمين إلى صراطٍ مقوَّم

ونوّر أفكار العقول وأيّدا
.

له طلعةٌ يجلو الظلامَ شعاعُها

ذُكاءٌ منير بُرجُه كان بُرْجُدا

.

له درجاتٌ ليس فيها مشارِكٌ

شفيع يزكّينا ويُدني المبَعَّدا

.

وما هو إلا نائبُ الله في الورى

وفاقَ جميعا رحمةً وتودُّدا

.

تخيَّرَه الرحمن مِن بين خلقه

وأعطاهُ ما لم يُعْطَ أحدٌ من النّدى

.

تكنَّفَ عَقْوةَ داره ذاتَ ليلة

جماعةُ قوم كان لُدًّا ومفسدا

.

فأدركه تأييدُ ربٍّ مهيمن

ونجّاه عونُ الله من صولة العدا

.

تذكرتُ يوما فيه أُخرِجَ سيدي

ففاضت دموع العين مني بمنتدى

.

إلى الآن أنوارٌ ببُرقَةِ يثرِبَ

نشاهد فيها كل يوم تجدُّدا

.

فوجهُ المدينة صار منه منوّرا

وباركَ حُرَّ الرمل وَطِئًا وقَردَدا
.

حِفافَي جناني نُوِّرا مِن ضيائه

فأصبحتُ ذا فهم سليم وذا الهدى

.

وأرسلني ربي لتأييد دينه

فجئتُ لهذا القرن عبدا مجدِّدا

ز

وهذا من النور الذي هو أحمدُ

فدًىً لكَ روحي يا محمدُ سَرْمَدا

؟

أُمِرتَ من الله الذي كان مرشدا

فأحرقتَ بدعاتٍ وقوَّمْتَ مَرْصَدا

.

وجئتَ لتنجية الأنام من الهوى

فواهًا لِمُنْجٍ خلّص الخَلق مِن رَدَى

.

وتورَّمَتْ قدماك لله قائما

ومثلك رجلا ما سمعنا تعبُّدا

.

جذبتَ إلى الدين القويم بقوة

وما ضاعت الدنيا إذا الدين شُيِّدا

.

وأرسلَك الباري بآيات فضله

لكي تُنقذ الإسلام مِن فتن العِدا

.

يحبّ جناني كلَّ أرض وطِئْتَها

فيا ليت لي كانت بلادك مولدا

.

وأكفَرَني قومي فجئتك لاهفًا

وكيف يُكفَّرُ مَن يوالي محمدا

.

ولستُ بذي علم ولكن أعانني

عليم رآني مستهاما فأيّدا

.

وواللهِ إني صادق غيرُ مفترٍ

وأيّدني ربي وما ضاعني سُدًى
.

ووالله لولا حُبُّ وجهِ محمد

لما كان لي حولٌ لأمدح أحمدا

.

وموتي بسبل المصطفى خيرُ مِيتةٍ

فإنْ فزتُها فسأُحْشَرَنْ بالمقتدى

.

سأدخلُ مِن عشقي بروضةِ قبره

وما تعلم هذا السرّ يا تاركَ الهدى       (كرامات الصادقين، الخزائن الروحانية ج7 ص90-95)

Share via
تابعونا على الفايس بوك