هل الأحمدية غراس الإنجليز؟ حقائق تاريخية

قد كان الدكتاتور الباكستاني الراحل ضياء الحق أصدر في 1984،4،26 حكما عسكرياً غاشماً يحرم المسلمين الأحمديين في باكستان حقَّهم في إعلان دينهم الإسلام الذي يدينون به من الأعماق، أو النطق بالشهادة (لا إله إلا الله محمد رسول الله)، أو إلقاء تحية الإسلام، أو الصلاة على النبي ، أو رفع الآذان للصلاة، أو قراءة القرآن الكريم، أوكتابة أوحيازة آياته، أو تسمية أنفسهم مسلمين، إشارة أو صراحة، شفوياً أو كتابياً، أو تسمية مساجدهم مساجد!!

وبعدها نشرت حكومته كتيباً باسم “القاديانية.. خطر شديد على الإسلام” لتبرير ما قام به هذا الدكتاتور من إجراءات جائرة منافية لتعاليم الإسلام السمحاء وسنة نبي الرحمة ، وسمته “البيان الأبيض”. وكان الأجدر أن يطلق عليه “البيان الأسود”، لما فيه من أعذار سخيفة لتبرير هذا القرار الفرعوني الغاشم، تسوّد وتشوه وجه الإسلام الأعز.

ولقد قام إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية سيدنا مرزا طاهر أحمد أيده الله تعالى بنصره العزيز، بالرد على هذا “البيان الأسود”، محلّلا ومفنِّداً بعون الله كل أعذارهم السخيفة عذراً عذراً، في سلسلة طويلة من خطب الجمعة (ثماني عشرة خطبة)، في أوائل سنة 1985. وبدأت “التقوى نشر هذه الخطب القيمة والهامة جداً قبل فترة وجيزة. وقد تم بعون الله تعالى نشر أولى هذه الخطب في العددين السابقين. وها إنها تقدم إلى قرائها الكرام الخطبة الثانية منها، وقد ألقيت في 1 فبراير 1985 بمسجد الفضل، لندن. (المحرر)

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم.

بسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ$الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ$الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ$مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ $إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ$اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ*صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ$ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْجَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا$وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلً*قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا$ (سورة الفرقان: 5 إلى 7).

كنت ذكرت في الخطبة الماضية أنني بإذن الله تعالى وعونه سوف أتحدث، كما وعدتكم قبل فترة، عما سموه “البيان الأبيض” والذي أصدرته حكومة باكستان، وسوف أرّد على جميع التهم التي أثاروها فيها ضدنا، تهمةً تهمةً. الآيات القرآنية التي كنت استهللت بها خطبة الجمعة الماضية، يقول الله تعالى فيها بأن الكفار لا يأتون بجديد فيما يعترضون به على محمد ، وإنما يتبعون سنة الأولين، ويثيرون على محمد نفس الاعتراضات التي أُثيرت ضد الأنبياء السابقين.

قاعدة كلية

وهذه قاعدة كلية.. بأنه لم يبعث أي نبي في أي زمن إلا وأثار الأعداء ضده نفس الاعتراضات والتهم التي عورض بها الأنبياء السابقون، عليهم السلام، في أي عصر. إننا، وإن لم تصلنا أية تفاصيل عن نوعية التهم التي واجهت أول الأنبياء آدم عليهم السلام، والتي تناقلتها الأجيال باستمرار.. ولكن هذا ما يشير إليه القرآن الكريم.

ولقد تناولت الآيات التي تلوتها آنفاً أحد الاعتراضات الذي واجه الكفار به النبي ، وهو كما تقول الآية:

وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَٰذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْجَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا .

أما الذين اتهم النبي بالاستعانة بهم على هذا الكذب والافتراء ذكره القرآن الكريم في مكان آخر، ووصفهم حكاية عن الكفار بأنهم من العجم ثم رد على اعتراضهم قائلا: (أأعجمي وعربي)، بمعنى أنه لو كان أحد العجم يكتب له ويدعمه، وأقامه للنبوة. فلماذا لا تجدون آية عجمة في كلامه ؟

تهمة “المحققين الجدد”

هذا، وإن كل ما رُميَ به سيدنا المهدي والمسيح الموعود من اعتراضات وتهم فإنه أيضا ليس فيه أي جديد مطلقاً، وإنما هو نفسه ما قيل وأثير ضد الأنبياء السابقين. بل وفي بعض الأحيان أخذوا نفس التهم التي لُصقت بنيبنا محمد ، واتهموا بها خادمه الأطهر وعاشقه الصادق سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. ففي “البيان الأبيض” المزعوم قد ركزوا جداً على اتهامهم بأن “الأحمدية غراس الإنكليز”، وأن سيدنا المهدي والمسيح الموعود ، نبي أقامه الإنجليز. حيث كتبوا:

“لقد أثبت “المحققون الجدد” أن الأحمدية غراس غرسه الأنجليز بيده، للحفاظ على مصالح الدولة البريطانية”. ومن هم هؤلاء “المحققون الجدد”، فلم يذكروا عن أسمائهم شيئاً. كما لم ينشروا تحقيقهم. وإنما ألصقوا تهمة وهمية اختلقوها ونشروها بأسلوب يعجب الغرب أو غيرهم من المثقفين عامةً، ويوهمونهم كما أنها لو حقيقة ثابتة، حيث قالوا: لقد أثبت “المحققون الجدد…”

تحقيق فريد

قبل فترة طويلة، حين كنت أدير مكتب “الوقف الجديد”، كنت اطلعت على تحقيق نشروه في هذا الشأن، ولقد ذكروا فيه كمصدر كتاباً، وزعموا أنه طبع في إحدى المطابع بإنجلترا، وهو:

(The Arrival of The-British Empire In India, Cited by Ajami Israil, Page 19).

وقالوا: “هذا الكتاب يؤكد بأن الإنجليز كانوا قرروا في البرلمان بأنه لاستمرار حكمهم على الهند والسيطرة على المسلمين هناك لا بد لهم من إقامة متنبي كذاب باسم نبي ظليّ”. وكأن مصطلح “نبي ظلي” مصطلح إنجليزي!

فكتبت إلى إمام مسجد لندن وقتئذ بأن هذا كذب صريح بلا شك، إلا إنني أرجوك بمراجعة هذا الكتاب حتى تتأكد ما إذا كان فيه شيء كهذا أم لا؟ أو ربما تجد فيه ما ذكروه الآن محرفاً؟

ولمفاجأتي كتب إليَّ إمام المسجد بأنه لم يعثر على أي كتاب يحمل هذا العنوان. فطلبت إليه بالمزيد من البحث وأن يتصل بالمطبعة المذكورة. فجاءني الرد: لقد قمنا ببحث شاق، فلم نجد الكتاب، بل ولن نعثر على مطبعة بهذا الاسم.

ثم اتصلنا في هذا الشأن بالمتحف البريطاني وغيره من المؤسسات الكبيرة، فقالوا لنا بحرف واحد بأنه لا يوجد هنا أي كتاب بهذا العنوان، ولا أية مطبعة بهذا الاسم!

وهؤلاء هم “المحققون الجدد” الذين قاموا بهذا التحقيق للحكومة الباكستانية. الحق أن استخدام كلمة التحقيق لهذه الترهات إهانة لهذه الكلمة. ولكن حكومة باكستان قد سمتها “تحقيقاً جديداً”، وقدمتها بكل فخر للعالم. كما قامت فيها بطعن كثير يتخلص في أن حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود ( ) قد قام بمدح ومداهنة الإنجليز. كما اعترف بأنه وجماعته غراس الإنجليز. حول هذين الأمرين سوف أسوق لحضراتكم بعض الحقائق.

تعاسة المسلمين أيام حكم السيخ

أولا وقبل كل شيء أود أن أقول: لا شك في أن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ، قد مدح الإنجليز، وليس مرة واحدة، وإنما مراراً وتكراراً، ولكنه في كل مرة، وفي كل مكان، صرّح أن ذلك يرجع إلى أنه في أيام حكم السيخ كان المسلمون وبالخاصة القاطنون منهم في منطقة بنجاب، يعيشون في تعاسة شديدة وحالة يرثى لها لدرجة أنها كانوا محرومين من جميع حقوقهم الإنسانية والأساسية، واضطهدهم السيخ اضطهاد لم يسبق له نظير في أي مكان آخر، فجاء الحكام الإنجليز وأنقذوهم من ألسنة هذه النيران الملتهبة من الاضطهاد، ومنحوهم حقوقهم كلها. هذا هو السبب الذي جعلني أضطر لمدح الحكام الإنجليز. ومدح المحسن ليس من سنة الأنبياء عليهم السلام فحسب، وإنما هو أيضا من مقتضى المروءة والإنسانية، وهل جزاء الإحسان إلا الإحسان!

ولقد أكد نفس ما قاله المهدي والمسيح الموعود ، أيضا المحققون الهنادك الذين ربطتهم بالسيخ عندئذ علاقات صداقة حميمة. وقد اخترت مقتبسين اثنين لقراءتهما على مسامعكم بهذه المناسبة، أحدهما لرجلٍ من غير المسلمين، والآخر لأحد المسلمين غير الأحمديين. وكلاهما يوضح الحالة التعيسة للمسلمين في ظل حكم السيخ، وكيف أن الإنجليز جاءوا وأنقذوهم من مصائبهم.

يقول السيد “تُلسي رام “أحد علماء الهنادك:

“في بداية حكمهم كان شغل السيخ الشاغل قطع الطرق والقتل والنهب وتقسيم “الغنائم” فيما بينهم. وكانوا يبغضون المسلمين بغضاً شديداً حتى أنهم كانوا لا يسمحون لهم برفع الآذان للصلاة واستولوا على مساجدهم وقرأوا فيها “جرنث” كتابهم المقدس وسموها (المساجد) حلقة الموت. كانوا مدمني الخمر. هذا هو حكم السيخ الذي نجى منه الإنكليز المسلمين. وهناك أحداث مروعة للغاية سوف تجدونها مفصلة في عدة كتب التاريخ. وقد ذكر السيد محمد جعفر الثانيسري في كتابه “سوانح أحمدي” حكاية بلسان حضرة سيد أحمد البريلوي رحمه الله تعالى (وكان مجدد القرن الثالث عشر) حيث يحكي:

“أثناء سفرنا في منطقة بنجاب وردنا على بئر لشرب الماء، فوجدنا عندها بعض نساء السيخ يستسقين. ولما كنا لا نعرف لغة تلك المنطقة أشرنا إليهن بأيدينا بأننا عطاشى، ونريد الماء. فنظرن حولهن، وقلن لنا باللغة الأفغانية: إننا مسلمات ومن أولاد مسلمين الأفغان القاطنين في المنطقة الفلانية والقرية الفلانية، وهؤلاء السيخ قد اختطفونا من هناك”.

هذا، وقد ذُكرت في دائرة المعارف البريطانية (SIKH LITE, RATURE) تفاصيل لاضطهادات مروعة من السيخ على المسلمين… كتعرض المسلمات بكثرة للاختطاف والاغتصاب، وهدم المساجد وتحويلها إلى مرابط للحمير، والقتل العام للمسلمين، وخاصته قتلهم بسبب رفع الأذان للصلاة. كل هذه الأمور مذكورة فيه.

السيخ يضحكون

تلك هي الفترة التي حرم فيها السيخ المسلمين من كل حق إنساني. أما الحرمان من حق رفع الأذان للصلاة فلم يعد هذا قصة من الماضي، وإنما يوجد اليوم أيضاً أناس يتضايقون من صوت الأذان ويمنعون المسلمين الأحمديين من رفعه في باكستان. ولقد نشرت إحدى جرائد السيخ بالهند مؤخراً رسالة لأحد قرائها حيث يقول:

“لقد فرحنا بسماع هذا الخبر جداً، إذ كان المسلمون في الماضي يسخرون منا قائلين: أنتم قوم جاهلون حيث كنتم تظنون في يوم من الأيام أن صوت آذاننا نحن المسلمين ينجسكم. فمنعتمونا قسراً من رفع الأذان. فما أسعدنا اليوم حيث نرى أن المسلمين قد منعوا إخوانهم المسلمين من رفعه. فاليوم لم تبق علينا أية تهمة، وإنما ثبتت براءتنا”.

أحداث كهذه تقع في تاريخ الأمم، فكلما يكثر الجهل تكثر هذه الممارسات. لذا لسنا هنا لنؤكد بأن السيخ كانوا على خطأ، وإنما نتساءل: الشعب الذي أنقذ المسلمين من هذا المأزق إذا لم نشكره ولم نمدحه على فعله هذا فماذا تعنى المروءة والإنسانية؟

السبب الحقيقي لمدح الإنكليز

إذا قرأنا ما كتبه سيدنا المهدي والمسيح الموعود يتضح لنا تماماً أنه لم يمدح أحداً للمداهنة، وإنما مدحهم اعترافاً بالحقيقة وإيماناً منه بأن شكر صانع الجميل أدب إسلامي. يقول حضرته:

“اسمعوا أيها الأغبياء، إنني لا أداهن أبداً هذه الحكومة، وإنما الأمر الواقع بأن أية حكومة لا تعتدي على دين الإسلام، ولا تمنع من الشعائر الإسلامية، ولا تشهر السيف في وجوهنا لنشر دينها فإن القرآن الشريف يحرم علينا أن نحاربها حرباً دينياً، لأنها هي أيضاً لا تحاربنا حرباً دينياً”. (الخزائن الروحانية، ج 19، سفينة نوح، ص 75)

وأيضا يقول :

“لم أجد قط في نفسي رغبة في ذكر هذه الخدمات المتواصلة (أي التي قدمها آباء سيدنا المهدي والمسيح الموعود للإنجليز ضد السيخ الظالمين) عند الحكام، لأنني لم أرد أبداً من أحدا جزاءً ولا شكوراً. وإنما رأيت إظهار الحق من واجبي”. (الخزائن الروحانية ج 13، ص 340).

العلامة إقبال ومدح الأنجليز

هذا هو موقف سيدنا المهدي والمسيح الموعود . وهلموا معي نر موقف هؤلاء الذين يعترضون على حضرته بقولهم: إنه مدح الإنجليز. إذن هو عميل الإنجليز. إن أكبر وأهم الشخصيات التي أبدى الحكام الباكستانيون إعجابهم بها في المنشور الحكومي هي شخصية السير العلامة إقبال. تعالوا نر ماذا كان إقبال يقول ويكتب ويفكر ويشعر نحو الإنجليز عندئذ.

عند وفاة الملكة فكتوريا رثاها السير إقبال بمرثية طويلة، قال فيها:

لقد رفعوا نعش الملكة

إقبال، قم تعظيماً لها وكن تراباً بطريق نعشها.

أيها الشهر، شكلك مثل شكل شهر المحرم. ولا بأس لو سميناك أنت الآخر محرماً.

يقول إقبال: لا عجب لو أطلقنا على هذا الشهر الذي توفيت فيه الملكة اسم “المحرم”، إذ أن حادث وفاة الملكة في الواقع لا يختلف كثيراً عن حادث استشهاد مروع لسيدنا الإمام حسين حفيد الرسول الكريم ، في شهر المحرم.

ويستمر إقبال قائلا:

يقولون: اليوم يوم عيد العيد. فهنيئاً العيد لكم، أما نحن فالموت خير لنا من هذا العيد.

هذا هو مجاهد الملة الإسلامية العلامة، حسب قولهم، السير محمد إقبال، وأكبر معاندي الأحمدية، وأول الطاعنين في حضرته سيدنا المهدي والمسيح الموعود بأنه قد مدح الإنجليز لذلك فلا شك أنه غراسهم.

ومما يطعن به الأعداء في سيدنا المهدي والمسيح الموعود أنه قد سمى الإنجليز “ظل الله”، مع أن العلامة إقبال قد اعتبر الإنجليز ظل الله في نفس المرثية، حيث قال:

(السيد عبد الواحد معيني، ماجستير (أوكسن)، باقيات إقبال، ناشر: آئينة أدب، اناركلي، لاهور، باكستان).

أي: يا بلاد الهند، قد زال عنك ظل الله.

حُرمت من التي كانت تواسي وتعطف على أهلك.

هذا البكاء الذي يهتز له عرش الرحمان هو بكاء الناس إياها، وهذه الجنازة هي جنازة التي كانت زينة لك، يا بلاد الهند.

الحكومة الإنجليزية عند علماء أهل الحديث والديوبنديين

فرقة أهل الحديث (الديوبنديين) تعتبر اليوم من أكبر المعاندين للجماعة الإسلامية الأحمدية، والواقع أنها بمثابة اليد اليمنى للحكومة الحالية. يقول أكبر علمائها العظام شمس العلماء المولوي نذير أحمد الدهلوي، عن الإنجليز:

“من مصلحة الهند كلها أن يحكمها حاكم أجنبي، لا هو هندوكي، ولا مسلم، إنما يجب أن يكون من أحد سلاطين الغرب، (إنه لا يخص الإنجليز فقط وإنما يقول أي واحد من أهل الغرب). ومن عناية الله العظمى أن الإنجليز تولوا الحكم”. (مجموعة محاضرات مولانا نذير أحمد الدهلوي، ط 1890، ص 4 و5).

ثم يقول:

“هل هذه الحكومة قاسية ومتشددة؟ كلا، ثم كلا، بل هي أكثر عطفاً وحناناً من الوالدين”.

(المرجع السابق ص 19).

ويستمر قائلا:

“كنت أنظر، بمنظار معلوماتي، إلى ولاة الهند عندئذ. كما كنت أجول بفكري إلى بورما، ونيبال، وأفغانستان، بل إلى فارس ومصر والعرب، فلم أجد في كل هذه البلاد من أقصاها إلى أقصاها أحداً أسلِّم إليه حكم الهند (أي في خياله)، وما رأيت فيمن يريدون السيطرة على الحكم أحداً أحق من هؤلاء. فقررت عندئذ أن الإنجليز هم أحق وأولى بحكم بلاد الهند. ويجب أن يستمر الحكم فيهم”.

(المرجع السابق ص 26).

كما يوضح السيد شورش الكاشميري وهو أحد الأحراريين وهم أيضاً من أشد الناس عداوة للجماعة الإسلامية الأحمدية، ومدير مجلة “تشتان”:

“وكان الكاتب الشهير ديبتي نذير أحمد أيضاً من بين الذين قالوا في تلك الفترة المشحونة بالأحداث الخطيرة، بنسخ الجهاد، واعتبروا الإنجليز أولى الأمر، مؤوّلين قول الله تعالى:

أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ

(كتاب “عطاء الله شاه البخاري”، ص 135).

البطالوي يفتخر بالحكومة الإنجليزية

والآن استمعوا ماذا يقول أحد أكبر مشائخ أهل الحديث وأعدى أعداء سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود   محمد حسن البطالوي، عن الإنجليز، يقول البطالوي:

” لا شك أن سلطان الروم ملك مسلم، ولكننا، نحن المسلمين، لسنا أقل منهم اعتزازاً وافتخاراً بالحكومة البريطانية نظرا لحسن نظامها، وبصرف النظر عن الدين. وإن فرقة أهل الحديث على الأخص، لما تتمتع به من أمن وحرية من قبل هذه الحكومة، لتفتخر أمام جميع الدول الإسلامية الحالية، سواء في الروم أو في إيران أو في خراسان”. (مجلة إشاعة السنة، مجلد 10، ص 292 و293).

هكذا قالوا بالأمس القريب!!

وأيضا يقول:

“نظراً للأمن والاستقرار والحرية العامة وحسن النظام التي تتحلى بها الحكومة البريطانية، فإن فرقة أهل الحديث بالهند تعتبرها غنيمة عظيمة، وتفضل أن تكون من رعاياها على أن تكون من رعايا الدول الإسلامية”. (المرجع السابق).

يشيع هؤلاء اليوم بأن الأحمديين لما كانوا يكرهون الدول الإسلامية لذلك ازدهروا تحت الحكم الإنجليزي، وكانوا يتمنون طول هذا الحكم، ولكن انظروا كيف أن آباءهم كانوا إلى الأمس القريب يقولون: “نفضل كوننا من رعايا الإنجليز على أن نكون من رعايا الدول الإسلامية”.

ولاحظوا أنه لا يوجد في هذه الأقوال ما ذكره سيدنا المهدي والمسيح الموعود من أن الانجليز أنقذوا المسلمين من اضطهادات السيخ، ومنحوهم الحرية الدينية، لذلك مدحتهم. وإنما كان هؤلاء يفضلون الحكم الإنجليزي على الدول الإسلامية بدون أسباب كهذه، ولا سيما أهل الحديث الذين حيثما حلوا وأقاموا، سواء في أرض العرب أو الروم، فإنهم لا يريدون إلا حاكماً من الإنجليز.

وفيما يتعلق بالشيعة فإنهم أيضا كتبوا وقالوا نفس الأقوال. فلقد قال العلامة علي الحائري نفس القول في مجلة (موعظة تحريف قرآن) أبريل 1923 ص 57 و58.

المولوي ظفر علي خان مدح الإنجليز

كان المولوي ظفر علي خان لمدة من الزمن يعمل في جماعة الأحراريين، ولكنه تركهم فيما بعد وعدّهم من خونة البلد والوطن والإسلام. يقول المولوي في جريدته بعد اختبار طويل: “إن المسلمين.. لا يمكن أن يسيئوا الظن بهذه الحكومة (أي الإنجليزية) حتى ولا للحظة واحدة.. فلو أن شقياً من المسلمين تجاسر على الخروج على الحكومة فإننا نقول علناً بأنه ليس مسلماً”. (جريدة (زمين دار)، لاهور، نوفمبر 1911).

انظروا إلى فتواه.. يقول إن المسلم الذي يخرج على الحكومة الإنجليزية لا يبقى مسلماً.

ويستمر قائلاً:

“نحن مستعدون لإراقة دمائنا نظير كل حبة عرق تسقط من جبين ملكنا المعظم ملجأ العالم. وهذا هو الحال عند جميع مسلمي الهند”. (نفس الجريدة، 23 نوفمبر 1991).

هل لتغيير هذه الحال السائدة غرس الإنجليز غراسه؟ ثم يقول في إحدى قصائده ما معناه:

“انحنى رأي بفرط الاحترام والإجلال كلما سمعت ذكر الملك المعظم.

الجلالة نفسها تعتز به اعتزازاً،

فهو ملك البر والبحر.

ليتني أحظى بنظرة واحدة من جلالته.

(نفس الجريدة، 19 أكتوبر 1911).

هذه هي السيرة وهذا هو الماضي لهؤلاء الذين يرمون الأحمدية اليوم بعمالة الإنجليز!!

نفاق المشائخ

هذا، وإن مدح سيدنا المهدي والمسيح الموعود للحكومة الإنجليزية يرجع إلى حسن خلقه حيث مدحهم على جميلهم الذي أسدوه إلى المسلمين بإنقاذهم من مظالم السيخ. ليس هذا فحسب، وإنما كانت وراءه أيضا مشاكل خلقها له أعداؤه. فمن ناحية كان المشائخ أثاروا عواطف المسلمين ضد سيدنا أحمد قائلين بأنه يمدح الإنجليز ويقول بنسخ الجهاد، مع أنه لا بد من محاربة هذه الحكومة للقضاء عليها. ومن ناحية أخرى كانوا لا يبرحون يمدحون الإنجليز بالكلمات التي قرأت بعضها على أسماعكم. ومن ناحية ثالثة وشوا بحضرته إلى الحكومة الإنجليزية، سراًّ وعلانية، بأن هذا الرجل يشكل خطراً كبيراً على حكمكم، فلا تنخدعوا بأقواله، إذ يدعي بكونه مهدياً، إنه مهدي دموي قام لإبادة مملكتكم كلها!

انظروا إلى مدى نفاقهم وظلمهم وكذبهم. فمن جهة يشيعون بين المسلمين بأنه (عليه السلام) عميل الإنكليز وفي نفس الوقت يسعون إلى الحكومة الإنكليزية بأنه عدو لكم يريد القضاء عليكم، فاقتلوه.

فقد كتب المولوي محمد حسين البطالوي في مجلته:

“ومما يدل على خداعه (أي سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني ) أنه يؤمن في قلبه (كذا!) بإبادة كل حكومة غير إسلامية، واستباحة أموالها. لذا ينبغي ألا تنخدع الحكومة منه، بل عليها بالحذر منه، وإلا نخشى أن يلحق هذا المهدي القادياني بالحكومة من الأضرار ما لم يستطع المهدي السوداني إلحاقه بها”. (مجلة إشاعة السنة، ج 16، ص4).

ويحذر المنشي محمد عبد الله الإنجليز من حضرته قائلا:

“إنه يحض أتباعه على محاربة الحكومة مستشهدا بالآيات القرآنية”. (شهادات قرآني، ط 1905، مطبعة إسلامية، لاهور، ص20).

وبالفعل تأثر الناس جداً من هذه الدعاية المسعورة الباطلة، وكان من بين المتأثرين مدير جريدة (Civil &Military Gazette)، الصادرة من لاهور في تلك الأيام، وكانت جريدة قيمة، استمرت في الصدور لمدة طويلة. فكتب في إحدى افتتاحياتها مقالاً أثار فيه الحكام الإنجليز ضد سيدنا المهدي والمسيح الموعود ، محذراً إياهم بأنه رجل خطير جداً، ويجب ألا يغتروا ببياناته وأقواله الداعية إلى الصلح الوئام، وإلا سوف يقضي على حكومتهم.

تلبيس صريح

أما فيما يتعلق بقولهم بأن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية بنفسه قد كتب معترفاً بأنه غراس الإنجليز، فقد ارتكبوا في ذلك أيضاً دجلا شديداً وتلبيساً مذهلاً، مما يدل أن قلوبهم قد خلت من خشية الله تماماً. يوهمون القارئ كما لو أن سيدنا المهدي والمسيح الموعود قد اعترف عن نفسه وجماعته بأنهم غراس الإنجليز.. نعوذ بالله من هذا الافتراء. نعم، هناك بيان فيه ذكر الغراس، ولكن المرء إذا قرأ ما كتبه الأعداء إلى الحكام ضد حضرته، وقد قرأت بعضه على أسماعكم، لعرف سبب ومناسبة هذا البيان.

الواقع أن الحاكم الإنجليزي السير وليم ميكوريث نيغ كان مسيحياً شديد التعصب، وبسبب الهجوم العنيف الذي شنه سيدنا المهدي والمسيح الموعود ، على عقائد المسيحيين الباطلة، كان يكن ضد حضرته بغضاً شديداً. فسعى المشائخ إليه بأن المرزا غلام أحمد القادياني يعادي حكومة الإنجليز ودينهم عداء شديداً، فعليكم بتصفيته. ولما بلغ ذلك حضرته صرّح للحكام الإنجليز قائلا:

“لقد وصلتني أخبار متتابعة بأن بعضاً ممن يعادونني لاختلاف في العقيدة، أو لعداوتهم لأصدقائي أو لأي سبب آخر، يسعون إلى الحكام الكرام ضدي أو ضد أصدقائي بما لا أساس له أصلاً. أخشى أن تنطلي على مسئولي الحكومة افتراءاتهم وسعاياهم اليومية، فيسيئوا بنا الظن..لذا أرجو من الحكومة أن تعامل هذه الأسرة التي اختبرت ولاءَها وخدماتها لها لحوالي خمسين عاما متتابعة، والتي اعترف الموظفون الحكوميون الكرام في مراسلاتهم لها اعترافاً أكيداً بأنها أسرة وفية ومخلصة في ولائها، أقول تعامل الحكومة هذا الغراس الذي غرسته بيده، بكل حزم واحتياط، وعناية وبعد تحقيق”.

(الخزائن الروحانية، ج 13، كتاب البرية ص 349، 350).

­لاحظوا أن لا يتحدث هنا عن جماعته وإنما عن أسرته التي ساعدت الإنجليز في حروبهم ضد السيخ وغيرهم، حيث أمدوهم بكتائب من الجنود وعلى نفقاتها. فيقول حضرته كيف يمكن أن تتناسوا هذه الخدمات من أسرتنا بسبب وشاية أعدائي، فتظنوا أنها تريد الخروج على حكومتكم.

هذا، وهناك خلفية أخرى فرضت على حضرته إدلاء هذا البيان، ذلك أن أعداء حضرته عندما سعوا إلى الحكام الإنجليز ضده ثار أفراد أسرته الذين لم يكونوا غير مصدقين بدعواه فحسب، وإنما كانوا من المعارضين له، فقالوا لحضرته: إنك خلقت لنا مشكلين، فمن ناحية تهيننا على الصعيد الديني بادعائك بما لا نصدقه، ومن ناحية أخرى تجلب علينا سخط الحكومة وعداوتها. فاضطر حضرته للدفاع عن أسرته ملفتاً أنظار الحكومة إلى ما اعترف به موظفوها في الماضي من خدمة وولاء هذه الأسرة لها.

لا علاقة بين مدح الإنجليز وبين الأحمدية

الواقع أن الأحمدية التي بدأت بوجود سيدنا المهدي والمسيح الموعود شيء والأسرة التي يحاول حضرته براءتها شيء آخر. وهذه الأسرة كانت موجودة قبل قيام الأحمدية، بل إن خدماتها للحكومة الإنجليزية كانت سبقت وجود الأحمدية بزمن طويل، ولا علاقة لها بالأحمدية. هذه الأسرة كانت معادية لحضرته حتى أن الحكومة الباكستانية نفسها اعترفت بعداوتهم لحضرته، حيث قالت في “البيان الأبيض” المزعوم بأن من أدلة كذب حضرته (والعياذ بالله) كون عشيرته الأقربين من أشد المعاندين له!

وهذه الأسرة التي سماها سيدنا المهدي والمسيح الموعود “غراس الحكومة” هي من “أهل السنة”. ذلك حسب المصطلح، وإن كنا، نحن المسلمين الأحمديين، بعون الله أهل السنة في الحقيقة. وكان حضرته قد قطع صلته بها بسبب عداوتها له. فإذا كانت هذه الأسرة “السنية” غراس الإنجليز فلتكن، ولا علاقة للأحمدية بها.

ماذا أعطى الإنجليز لهذه الأسرة

والآن هلموا نر كيف عامل الإنجليز هذه الأسرة، وننظر إلى الأيادي التي أَسدوها إليها، ونر إلى السبب الذي جعل حضرته يسمي أسرته “غراس الإنجليز”، مذكراً إياهم بخدماتها التي اعترف بها الموظفون الإنجليز في رسائلهم إلى آباء حضرته. هذا المعروف من الحكومة الإنجليزية ليس إلا أنهم نجوّا هذه الأسرة من حكومة السيخ الغاشمة التي شنت عليها هجمات متكررة، وألحقت بها أضراراً فادحة، بل أجلتها من قريتها الأم. فبقيت في الجلاء لفترة من الزمن حتى انتزع الإنجليز الحكم من أيدي السيخ، وعاد الأمن والاستقرار في المنطقة، فرجعت إلى قاديان. من أجل هذه اليد البيضاء من الإنجليز لهذه الأسرة سماها حضرته “غراس الإنجليز”.

وليست هناك سوى هذا أية أياد إنجليزية في عنق هذه الأسرة، بل العكس صحيح.

هناك كتاب شهير بعنوان “أمراء بنجاب” نشره الإنجليز في حكمهم. في هذه الوثيقة التاريخية الشهيرة ورد عن معاملة الإنجليز مع أسرة سيدنا المهدي والمسيح الموعود ما يلي:

“عند ضم إقليم بنجاب إلى الحكومة الإنجليزية تم مصادرة جميع ضيعات هذه الأسرة إلا ثلاث قرى ومعاش تقاعد قدره سبع مائة روبية للمرزا غلام مرتضى وإخوته”.

وتجدر الإشارة إلى أن هذا المعاش أيضا تم تقليله شيئا فشيئاً حتى ألغي تماماً في آخر الأمر!

هذا هو غراس الإنجليز وهكذا كان تفقدهم له!

أما التعاون والمساعدة التي قدمها الإنجليز للأسرة للعودة والاستيطان من جديد في قريتها بعد الجلاء فكان أمراً اضطرارياً، إذ كانوا في صدد محاربة السيخ والاستيلاء على الحكم بكسر شوكتهم. فكان لا بد لهم من أن يتعاونوا مع الأسر التي أُجلت من قراها ويعودوا بهم إلى ديارها.

فلم تكن للإنجليز أية أيادٍ في عنق هذه الأسرة، بل بالعكس إنهم صادروا سبعين قرية كانت ملكاً لهم، وطالما حاول آباء حضرته استردادها برفع القضايا في المحاكم، وعبثاً أضاعوا ما تبقى بأيديهم من أموال. ولطالما التمس سيدنا المهدي والمسيح الموعود من أبيه المحترم بالانسحاب من القضية وبألا يتوقع من الحكومة أي خير، ورَغَّبَه في عبادة الله والتقرب إليه، وإلا سوف يضيع أيضاً ما في يده إذا استمر في قرع أبواب المحاكم. ولكن فكرة ضياع القرى كانت مستولية على مشاعر أبيه، فلم ينتصح له. وكانت النتيجة أنه أضاع في القضايا ما كان بيده من مال بدون أن يرد له الإنجليز أية قرية.

عطايا الإنجليز للمشائخ

وعلى النقيض أقطع الإنجليز لآباء هؤلاء المشائخ الذي يرمون الأحمدية اليوم ظلماً بكونها غراس الإنجليز، أراضي وضيعات، مكافأة على مدحهم لهم. فقد جادوا على المولوي محمد حسين البطالوي أعدى أعداء حضرة سيدنا ، مائة فدان من الأرض لمداهنته لهم. في حين أنهم لم يعطوا لحضرة المهدي والمسيح الموعود حتى ولا شبراً من الأرض، كما لم يعطوا لجماعته أي نوع من العطايا. وليس بوسع أي إنسان أن يثبت ولو قرشاً واحداً جاد به الإنجليز على جماعة سيدنا أو على أفراد أسرته، أو أنهم منحوهم مثلما منحوا للعلامة إقبال لقب “السير”، وشرفوا المشائخ الآخرين بألقاب فخمة، وأراضٍ شاسعة، ومنح وعطايا.

أليس غريباً أن يطلق على هؤلاء اليوم تسمية أكبر المعارضين للإنجليز وأول المجاهدين ضدهم، وأما سيدنا المهدي والمسيح الموعود وأتباعه الذين كانوا ولا يزالون يقدمون تضحيات جسيمة في خدمة الإسلام معتمدين فقط على مواردهم الذاتية، وبدون أن يأخذوا من أية حكومة ولو قرشاً، فيُعتبرون “غراس الإنجليز” !!

الوهابيون هم “غراس الإنجليز”

الحقيقة لا يمكن إخفاؤها. ومن عجائب قدرة الله أنه تعالى انتقم للأحمدية وأظهر الحق بلسانهم هم، حيث تبادلت هذه الفرق الإسلامية نفس التسمية فيما بينهاـ وسموا بعضهم بعضاً بأنهم “غراس الإنجليز”، في حين أن سيدانا المهدي والمسيح الموعود لم يستخدم هذه التسمية لفرقته أبداً. فقد ورد في مجلة “تشتان” عن البريلويين ما يلي:

“إنهم أفتوا بأن الإنجليز هم أولو الأمر، وأن الهند دار الإسلام. ثم تحول هذا الغراس الذي غرسه الإنجليز بعد أيام إلى حركة دينية”.

(مجلة “تشتان” لاهور، 15 أكتوبر 1963).

وكتب مدير جريدة “طوفان” الأردية:

“بكل مكر ودهاء غرس الإنجليز غراس الحركة النجدية (أي الوهابية) أيضاً في الهند، وتولوا رعايته بأنفسهم إلى أن اكتمل نماؤه وازدهاره.

(مجلة “طُوفان”، باكستان، 7 نوفمبر 1962).

الحقائق بنفسها تتكلم!

لصق التهم ليس بدليل. وكما أننا لا نعتبر اتهامهم لنا بأننا غراس الإنجليز، دليلا على صدقهم، كذلك بالطبع لا نقيم أي وزن لهذه التهم التي تبادلوها، ولا نصدقها، ولكن الأحداث التاريخية لها لسان ينطق بالحق الذي لا بد من الانصياع له.

تؤكد الحقائق التاريخية بما لا مجال للشك فيه بأن مؤسسة الديوبنديين المسماة “بندوة العلماء” بالهند تأسست بمساعدة الإنجليز، وهم الذين قدموا لها منحاً مالية عاش بها هؤلاء المشائخ الذين يعدون اليوم من أعداء الإنجليز وأول المجاهدين ضدهم. والذي وضع حجر الأساس لندوة العماء هذه كان إنجليزيا. فقد جاء في مجلة “الندوة”، وهي لسان حال هذه المؤسسة ما يلي:

“قام فخامة الحاكم من الدولة المتحدة السير جان سكوت هيوس كيه. سي آئي أي، بوضع حجر الأساس لدار العلوم ندوة العلماء بتاريخ 28 نوفمبر 1908”.

(مجلة “الندوة”، ديسمبر 1908، ص 4).

والفقرة التالية من العبارة ملفتة للنظر. يبدو أن هؤلاء فطنوا بأن المسلمين عندما يقرأون الخبر فلا بد وأن يذهب بهم الخيال مذاهب ويفكروا في نتائج وأهداف تأسيس ندوة قام بإرساء حجر أساسها أحد الحكام الإنجليز. لذلك قالوا بعدها وبدون أدنى خجل قولاً خطيراً يدمي قلب كل مسلم. فقد أيدوا إرساء حجر الأساس بيد حاكم إنجليزي قائلين:

“لقد قال العلماء بأن منبر مسجد النبي كان من صنع نجّار نصراني”.

(المرجع السابق).

فلما كان منبر مسجد النبي من صنع نصراني، حسب زعمهم والعياذ بالله، فلا بأس عندهم أن يؤسس نصراني ندوتهم!

ويستمر قائلا:

“على أية حال، فإن هذا المعهد الديني الشهير رهين بكرم أحد الإنجليز”.

(المرجع السابق).

ها قد رأيتم أن غراس الإنجليز بنفسه يتكلم عن أصله وحقيقته. “ندوة العلماء” معهد إسلامي عالي المستوى.. يتخرج فيه علماؤهم الذين يبعثون بعد ذلك إلى “دساور” مركزهم الأصلي. والعقائد الإسلامي التي يريدون نشرها في باكستان اليوم تحمل طابعاً “نجدياً”. والواقع أنهم يسعون تسليط هذه الفرقة النجدية على الفرق الأخرى هنالك. وهذه الفرقة تتصل بالديوبنديين وبأهل الحديث في آن واحد. لا شك أنهما فرقتان منفصلتان، ولكن هدفهما واحد. وقد بين الندويون هدفهم قبل زمن طويل قائلين:

“حقاً أن الندوة في معزل عن السياسة، ولكن لما كان هدفها الأساسي تخريج علماء مستنرين، فمن واجب هؤلاء العلماء الاطلاع على بركات هذه الحكومة ونشر أفكار تساعد أهل البلاد على الوفاء لها”.

(مجلة الندوة، يوليو 1908 ج 5)

هذا كما يقال بالإنجليزية:

(CAT IS OUT OF THE BAG)، أي القط بنفسه خرج من الحقيبة. انظروا إلى شقاوتهم، كيف يتهجمون بكل كذب ومكر على سيدنا المهدي والمسيح الموعود ، وفي نفس الوقت يخفون حقيقتهم عن أعين الناس. ما هي أهدافهم ومن أنشأ مؤسستهم، كل هذه الأمور مسجلة بأيديهم في الوثائق التاريخية التي لا دخل لأي أحمدي فيها، والتي تغني الإنسان عن بذل أي مجهود لمعرفة هويتهم. “فالحركة النجدية” حقيقة تاريخية، وكانت مدعمة من قبل الإنجليز. تمت بينها وبينهم اتفاقيات ومعاهدات لا تزال مسجلة في كتب التاريخ، ويمكن للقارئ الاطلاع على نسخها الأصلية الموجودة في المكتبات بلندن، ليعرف كيف أن الإنجليز بكل مكر ودهاء ربطوا بالاتفاقيات بين أهل الحديث أعني الحركة الوهابية النجدية وبين مؤسس الدولة السعودية الحالية، وأنشأوا “حركة جهاد”- وذلك ليس لمحاربة الإنجليز الذين أسسوها وقدموا لها دعما مالياً سنوياً قدره خمسة آلاف جنيه أسترليني، وإنما لمحاربة الحكومة المسلمة التركية آنذاك.

قد قامت الحركة النجدية بدعم الإنجليز أولا في السعودية، ثم غرسوها في الهند أيضاً. ونفس هذه الحركة تحلم اليوم بالسيطرة على زمام الأمور في باكستان. ونفس الحركة تتهم أحياناً فرقة البريلويين بأنها غراس الإنجليز، وأحياناً ترمي المسلمين الأحمديين بكونهم عملاء الإنكليز، وفي بعض الأحيان تتهم الشيعة بنفس التهمة. وتحاول القوى الغربية اليوم حسب مؤامرة محكمة أن تستولي هذه الحركة عن طريق الجيش الباكستاني على زمام الحكم في باكستان للأبد. ولكن العوام لا يدرون كيف تُحاك حولهم هذه الأحابيل. أما صاحب البصيرة فلن تخطيء عينه في رؤية حلقات الأحداث التي تتصل بعضها ببعض بكل وضوح. فالذين بالأمس كانوا غراس الإنجليز هم اليوم أيضا غراسهم، ومن لم يكن لهم بالأمس أية علاقة بالإنجليز هم اليوم أيضا براء منهم.

الديوبنديون وأهل الحديث.. غراس الإنجليز!!

هناك حاجة ماسة لجلاء الحقيقة على أهل باكستان وتوضيح الموقف الحقيقي للأحمدية نحو الإنجليز. يجب أن نبين لهم بألا يحكموا علينا في ضوء التهم الموجهة إلينا، لأنهم قد وجهوا نفس التهمة إلى جميع الفرق قريباً. إنما يجدر بهم أن يحكموا فقط في ضوء الحقائق التاريخية التي تؤكد بكلمات صارخة بأن الديوبنديين وفرقة أهل الحديث (الوهابية)، والتي ساعدت آل سعود في قيام الدولة النجدية بدعم الإنجليز، هم وحدهم غراس الإنجليز، إن كان هناك أي غراس لهم.

غير أني أرى أنه على الرغم من هذه الحقائق التاريخية فإنه من الظلم السخافة من الناحية الدينية أن يطلق عليهم تسمية غراس الإنجليز. ذلك أن هذه الحركة حركة دينية مستقلة، ولكنهم استغلوها لتأسيس حكومة مدعمة من الإنجليز وتابعة لهم. فقد اشترط الإنجليز في الاتفاقية على مؤسسي هذه الحكومة أنه لا حرية لهم في سياستهم الخارجية، وإنما يتقيدون في هذا الشأن بما يأمرهم به الإنجليز. أما فيما يتعلق بالسياسة الداخلية فكانت أيضاً مقيدة إلى حد كبير نظير بعض الأسلحة والأموال.

ولكني مع ذلك أرى ألا نستعجل في الحكم على أحد ولا نعتدي على أحد كما يفعل هؤلاء. وإنما علينا بالعدل حتى في الرد عليهم. لذلك لا أرضى على الرغم من هذه الوثائق التاريخية التي اعترفوا فيها بالتعاون مع الإنجليز، أن يقول أحد أن الإنكليز هم أسسوا هذه الفرقة الدينية ذلك أن الفرق الدينية لا يؤسسها إلا أهلها ويكون لها تاريخ مستقل. الواقع أن حضرة محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أعلن وبدأ الحرب على الشرك ورغم أنه تشدد وتجاوز الإعتدال في هذا الجهاد بعض الشيء، إلا إنه لا يحق لأحد أن يسمي الحركة الوهابية غراس الإنكليز، على أساس أنهم قاموا بدعمها في يوم من الأيام. وإنما كانت الحركة الوهابية من الناحية الدينية حركة دينية مستقلة، ولكن الإنجليز استغلوها هنالك، وأيضا في القارة الهندية. فقبل انقسام الهند استغلّهم المؤتمر الهندوكي ضد إخوانهم المسلمين. لقد كانوا أداة طيعة في تلك الأيام، وهم اليوم أيضاً يتحركون كدمية في أيدي الآخرين. فالمؤامرة نفس المؤامرة، والقوم نفس القوم. ولكن، مع كل ذلك، لا يصح القول بأن الإنجليز غرسهم.

الأحمدية غراس سماوي

هنا يمكن أن يقول أحد: إنكم تؤلون قول مؤسس الأحمدية عن الغراس قائلين بأنه يقصد به أسرته وليس نفسه وجماعته، في حين نرى أنه يتحدث عن أسرته ونفسه وجماعته. فيجب أن تقدموا دليلاً أقوى وأقطع للشك والارتياب. ولكي يطمئن مثل هؤلاء الناس أقرأ على أسماعكم ما قاله حضرة المسيح الموعود عن نفسه وجماعته. يقول حضرته:

“الدنيا لا تعرفني، ولكن يعرفني من بعثني. إنهم بسبب شقاوتهم يحاولون عبثاً إبادتي. إنني ذلك الغراس الذي غرسه المالك الحقيقي بيده…”

أيها الناس، تأكدوا أن معي يداً لن تزال وفية معي إلى آخر الأمر. ولئن اجتمع رجالكم ونساؤكم، وشبابكم وشيوخكم، وصغاركم وكباركم كلهم، وابتهلوا إلى الله تعالى ودعوا لهلاكي مضطرين حتى سقطت أنوفهم وشلت أيديهم، فلن يستجيب الله لهم، ولن يبرح حتى يُتمَّ ما أراد… فلا تظلموا أنفسكم. إن للكاذبين وجوهاً غير وجوه الصادقين. والله تعالى لا يترك أمراً دون أن يحسمه… فكما أن الله حكم بين أنبيائه وبين الكفار في الماضي، فإنه تعالى سوف يحكم أيضاً الآن. إن لمجيء الأنبياء موسماً ولرحيلهم موسماً كذلك. فلم آت بدون موسم، ولن أذهب بدون موسم. فلا تختصموا مع الله. فلن تستطيعوا إبادتي”.

(الخزائن الروحانية ج 17، التحفة الجوهرية ص12 و13)

فيما يتعلق بتهمة “مدح الإنجليز” و “غراس الإنجليز” فيجب أن يتضح للجميع أن سيدنا المهدي والمسيح الموعود لم يسمِّ جماعته “غراس الإنجليز” لا صراحة ولا تلميحاً، وإنما استخدم هذه الكلمة عن أسرته التي كان بعض أفرادها من أهل السنة وبعضهم من أهل الحديث. ولكن لم تكن هذه التسمية من الوجهة الدينية. كما أن أسرته لم تتلق أية مساعدة مالية من الإنجليز، بل العكس، قامت الحكومة الإنجليزية بمصادرة ممتلكاتهم. أما هؤلاء الطاعنين والمعترضين فقد خلت قلوبهم من خشية الله، وتصف ألسنتهم الكذب دون أدنى اكتراث. واعلموا أنهم لم يتهموا الأحمدية وحدها بكونها “غراس الإنجليز”، وإنما ما برحوا يتبادلون نفس التهمة فيما بينهم. لقد أعجبتهم هذه المحاورة لدرجة أنهم لا يريدون أن يكفوا عن استخدامها. بل إنهم يعلنون معترفين بأن الإنجليز أقاموهم، وقد دوّنت أيديهم ماضيهم وأهدافهم في الوثائق كحقائق تاريخية لا يسع أحداً إنكارها.

نوايا الطائفة المغرضة

اليوم هناك مخطط مدبر لتسليط هذه الفرقة التي تؤكد الوثائق التاريخية أن الإنجليز قاموا بدعمها مالياً واستغلوها لمصالحهم السياسية، على أهل باكستان. ولكن الفِرق الأخرى التي تشكل الأكثرية العظمى وقعوا في دوامة الأحداث بحيث لا يدرون ماذا يجري عليهم. فالحكومة تقوم ضد مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية بدعاية مسعورة مشوهة بحيث انشغل هؤلاء المساكين مبهوتين تماماً بمشاهدة هذا المنظر وحده. فلا يلوون على شيء سواه، ظناً منهم أنه ليس لهم أي خطر إلا من الأحمدية، وليس لهم عدو إلا الأحمديون. ووسط هذه الغوغاء والدعاية المشوهة نسوا أنفسهم، وتغافلوا عن المؤامرة التي تحاك ضدهم. وإني أوكد لكم أنه إذا استمر الموقف على نفس المنوال فسوف ترون بعد قليل أنهم سيسلّطون بمساعدة الجيش الباكستاني فرقة واحدة على الباكستانيين كلهم، وسوف يعتبرونها الفرقة الوحيدة الممثلة للإسلام الحقيقي، رافضين بطريق أو آخر ما تعتقد به الفرق الإسلامية الأخرى من عقائد.

أما الشيعة فقد علمتم ما فُعل بهم في باكستان. لقد نشرت الجرائد تفاصيله إلى حدٍ ما، ولكن ما ينسج تحت الأرض لا يدريه إلا أصحاب المؤامرة. غير أني أنبهكم بأنهم أيضاً ليسوا في مأمن. وإذا كانوا يظنون غير ما أقول فإنهم على خطأ.

تنبيه للبريلويين

ولقد علمتم أيضاً ما حدث للبريلويين، إذ نشرت تفاصيله في الجرائد. وقد أعلن الرئيس الباكستاني مؤخراً أنه لا مكان للمشركين في باكستان. وتعلمون أن الخلاف الأساسي بين الديوبنديين (أو النجديين) وبين البريلويين يدور حول مسألة الشرك. البريلويون يقولون لهم: ترموننا بالشرك، ولسنا بمشركين، في حين يحاول الديوبنديون أن يثبتوا أنهم مشركون.

فهذا البيان من الرئيس الباكستاني له مغزىً ومعنىً، وإلا كيف يمكن أن يدلي به الرئيس ساهياً. إنه إعلان عن استراتيجية مدروسة سوف يتبعونها في المستقبل. فقد تبع هذا البيان الرئاسي ما أعلنوه عن الأحمديين بأنهم لا مكان لهم في باكستان. وإذا تأملنا الخلفية التاريخية لقيام الحكومة النجدية وجدنا أن الإنجليز أثاروا نفس المسألة مسألة الشرك، وأحدثوا صداماً بين المسلمين النجديين وبين الحكومة الإسلامية التركية، قائلين بأن الأتراك مشركون، وها هم يحكمونكم! وهكذا استغل الإنجليز لمصالحهم السياسية محاربة النجديين ضد الشرك، وبالتالي وجهوا إلى مملكة إسلامية عظيمة ضربة شديدة مهدت لهم وللفرنسيين الطريق إلى الشرق الأوسط. ولولا سقوط الدولة التركية العثمانية لما استطاع الإنجليز وغيرهم من القوى الغربية الدخول إلى الشرق الأوسط. فالمؤامرات متشابهة وتحكيها القوى الاستعمارية الغربية التي تتبادل مصالحها فيما بينها، فحيناً يستلم الإنجليز دفة حكم الشرق الأوسط، وحيناً آخر تستلمه أمريكا، وتارة تستولي عليه دولة أخرى. فمصالها في الأساس مشتركة، وهدفها واحد.

العالم الإسلامي ضحية المؤامرة الاستعمارية

فهاتان الفرقتان أهل الحديث والبريلويون يُستَغلّون اليوم، كما استُغلوا بالأمس. أما نحن فلنا إله هو مولانا الذي لم يخذلنا أبداً، والذي يقول عنده سيدنا المهدي والمسيح الموعود ، أنه أيده دائما بوفاء، ولن يخذله أبداً. ولكن ماذا عن أولئك الذين اغتروا لسذاجتهم وقلة معلوماتهم بهذه الدعاية المشوهة المسعورة ضد الأحمدية، وفقدوا التمييز بين الظالم والمظلوم. فمن يضمن حمايتهم؟ فأرجوا أن تدعوا لهم حتى يهبهم الله البصيرة والفراسة، ويسدد خطاهم. واعلموا أنهم لو نجحوا، لا قدر الله، في مؤامرتهم هذه التي يحاولون تنفيذها ضد العالم الإسلامي وباسم الإسلام، فسوف تلحق بالدول الإسلامية ضرراً فادحاً، ولن تتخلص من أحبولتها أبداً. لقد بدأت أحداث مماثلة تقع في تركيا، وإندونيسيا، وماليزيا. وقد سبق أن شهد السودان نفس الحدث. فلو أمعنتم النظر فيما حولكم وجدتم أنه في كل دولة إسلامية يساعد الاستعمار الأمريكي أفراداً معينين للاسيتلاء على الحكم باسم الإسلام، وذلك لمصالحه السياسية. ونفس الحال بالنسبة للروس. والواقع أن القوى الشرقية أيضاً تنتهز كل فرصة لأن تسلط على الدول المسلمة وباسم الإسلام حكوماتٍ سياسية يتعذر على الشعب التخلص من نيرها. فادعوا الله تعالى أن ينجي بفضله الدول المسلمة والشعوب الإسلامية من ربقة هؤلاء الأشرار، ويحبط ويفشلهم في مؤامراتهم الدنيئة. والواقع أن الباكستانيين ينظرون إلى الأحمدية لخلاصهم، لأن حيلهم كلها قد نفدت. فكثير من الإخوة المستنيرين غير الأحمديين يقولون للأحمديين: نعلم أنه كلما ناصبكم أحد العداء مُني بالفشل الذريع. فندعو الله تعالى أن يكرر نفس السنة هذه المرة أيضاً، لأننا لا حيلة لنا الأن للخلاص من ربقة هؤلاء الغاشمسن وإنما أملنا الوحيد أن ننجو منهم بسببكم أنتم.

أما نحن، المسلمين الأحمديين، فإننا جماعة ضعيفة جداً، لا حول لنا ولا قوة، ولا دخل لنا في السياسية، فليس لنا أن نشترك في النزاعات السياسية وأن نقود حركات خارجة على الحكومة، إذ ليس ذلك من طبعنا وجبلّتنا ولا من تعليمنا. ولكننا مع ذلك نؤمن ونعلم أن إلـهنا لن يخذلنا، بل يخزي أعداءنا ويذلهم. فكل يد اشتبكت مع الأحمدية شُلت وقُطعت. لذا إياه ادعوا، وإليه أنيبوا حتى ينجي بلدنا وشعبنا من هؤلاء الغاشمين، ويقضي على المؤامرة المحاكة ضد العالم الإسلامي نهائياً، ويُفشل القوى الغاشمة التي باسم الإسلام استولت على الحكم، ولا تزال توسع وتعمق دائرة نفوذها حتى يطول أمده. نجانا الله منهم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك