نظرة في فكر التقليد والخرافة..!!

نظرة في فكر التقليد والخرافة..!!

التحرير

  • الدين حينما يشرق
  • عواقب تهميش العقل الوخيمة
  • الفكر السلفي ومنهج العنف
  • العقائد الفاسدة للفكر السلفي

__

حين تشرق شمس المعرفة الدينية الصحيحة على عتمات الجهل والكهنوت والتقليد فإنها تمنح لعين الناظر فرصة نادرة للبحث والمقارنة والاختيار، فتبصر العيون التي حُجبت عن رؤية نور المعرفة والإيمان بعد اختفاء  غشاوتها. وتتفكر العقول فتكسر الأغلال والأصفاد الفكرية التي سلبت إرادة التفكير وإعمال العقل. وبالتمعن في الفكر السلفي التقليدي على الساحة نجد أنه فكر تشوبه الشوائب والمفاهيم المتوارثة منذ العصور المظلمة البعيدة، والمقصود بلفظة «السلفي»، هو كل ما يرتبط بشكل رئيسي بالجوانب «التراثية» إن كان ذلك على مستوى الفكر أو العقيدة والتفسير والذي يعبر عن نفسه من خلال مدارس متعددة ومشارب متنوعة، وقد ساهمت كثير من المؤثرات التاريخية والجغرافية والفكرية في تشكيل كثير من بنيته الأساسية، مما يعني الرجوع المتقهقر بدراسة لأصول الخلل ومكامن الانحراف، لا نبشا في التاريخ لإثبات أمور واهية لا تُسمن ولا تغني من جوع، وإنما عملا بواجب العلم والتزام بنتائج البحث والتحقيق.

فهم يسمون منهجهم هذا بمسميات عديدة براقة كالقول بإتباع السلف والتابعين أو شعارات فهم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة. وهلم جرا من المسميات. وفي واقع الأمر فإن الدارس المبصر لهذا الفكر يجد أنه فكر جامد لا يؤمن سوى بالتقليد والاقتفاء نقلا دون عقل، كما أن منهجه جعل الحديث حكما وقاضيا على كتاب الله ومهيمنا عليه بل ويزيد عليه في الأحكام والتشريع وناسخا لأحكامه! هذا فضلا عن مرويات التاريخ غير اليقينية المنسوبة إلى الصحابة الكرام أو التابعين التي قيدوا بها فهم آيات القرآن وأحكامه، إذ لا ترى هذه المدرسة من سبيل لفهم الدين الحنيف إلا بتقليد مرويات التاريخ والأخذ والتقيد بها وهي كما يرونها التفسير الصحيح والسبيل لتقييد الفهم بمنهج واحد.. ولعل هذا هو ما جعل هذا التيار ينحو منحى التكفير والتفسيق ضد كل من خالف هذه الأدبيات التي جعلوها معلوما من الدين بالضرورة! فالمخالف لهذه المدرسة في مفاهيمها مهما كان متبعا للكتاب والسنة فهو كافر ما لم يتخذ من تفسيراتهم فهما له يأخذه عن تقليد أعمى. وهذه النـزعة المتعصبة في التقليد قد حفزت كثيرا من علماء هذه المدرسة على إصدار فتاوى التكفير وإهدار الدم أمام كل من نادى بما يخالف هذا النهج.. وهذا ما فعلوا بأبي حنيفة النعمان وأبي الحسن الأشعري ولم يتورعوا أبدا في يوم من الأيام عن تسمية مخالفيهم بالاعتزال والابتداع والزندقة وغيرها من الألقاب القدحية.

والناظر إلى تاريخ الفكر السلفي في كل مكان يجده موسوما بوسم العنف والقتل والإرهاب الديني والحكم على قلوب وصدور الناس رجما بالغيب وسوء الظن بهم وإذكاء الفتن بين طوائف وفرق الأمة الإسلامية. وما يثير الغرابة والدهشة في هؤلاء أنهم يتهمون غيرهم بمخالفة أقوال السابقين ويضطهدونهم عليها وهي نفس التهمة الذي طالت شيخهم ابن تيمية الذي يبجلونه ويقتبسون له حيث حكم بسجنه معاصروه لمخالفته أقوال من سبقه!!

لقد هالني ما وجدت في الفكر السلفي السائد من جمود وحرفية ومفاهيم مناقضة لصحيح العقيدة كاعتقادهم بالتجسيم والتشبيه للذات الإلهية، ونسبتهم الجوارح إليه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، هذا فضلا عن جعلهم لله مكانا يحيط به وهي السماء! واعتقادهم بعصمة الأنبياء عصمة عن الكبائر دون الصغائر! وليت شعري كيف يمكن الاعتقاد بأن للشيطان على أنبياء الله سلطان جزئي! وقد قال رب العزة في كتابه المجيد

  إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ (الحجر:43).

وهذا إبراهيم عليه السلام الصدِّيق بشهادة القرآن ينسبون إليه الكذبات الثلاث! وهذا سليمان عليه السلام قد ضاجع مائة امرأة في ليلة واحدة! وأيوب الذي أقسم ليضربن زوجته مائة جلدة فيوجهه الله والعياذ بالله الى الاحتيال على القسم بضم مائة من العصي الخفيفة ويضرب بها زوجه! وغير ذلك مما ينتقص من الأنبياء الأطهار! وعلى رأسهم رسول الله الذي قالوا بخضوعه لتأثير السحر! .. أما عن الملائكة فلا يبرحون يقولون بعصمتها حتى يفاجئك تفسيرهم لقصة الملكين ببابل هاروت وماروت! اللذان  شربا الخمر وارتكابا الزنا..!

كما أن عقيدتهم في القرآن قائمة على أساس الناسخ والمنسوخ وتعارض الأحكام وأن من السور القرآنية التي أنزلت على رسول الله ما تم إلغاؤه وإبطاله تحت دعوى الناسخ والمنسوخ! وأن سورة الأحزاب كانت بطول سورة البقرة!.. وهذا قليل من كثير مما لا يمكن عده ولا إحصاؤه من منطلقهم العقدي التأصلي القائم على جعل المرويات قاضية على كتاب الله والتشدق بتفسيرات السلف الصالح!

لم يقدم الفكر السلفي للأمة الإسلامية غير ثقافة الكراهية والبغضاء والتناحر المذهبي تحت شعار الولاء والبراء !كما وبدلا من الانفتاح الفكري المتزن أكد التقليد، وعوضا عن توحيد المسلمين فإنه أصبح عامل فرقة من خلال تأكيده على الفروقات وإقصاء الآخرين وبدلا من الحوار مع الآخر المخالف سلّط سيف التكفير! وبدلا من نقل ما هو صدق في المخالف، يُعمد إلى التشويه والدسّ والتحريف. ولقد أثبت التاريخ أن الجماعات المتقوقعة المنغلقة بخطابها المتزمتة التي ترفض مبدأ الحوار والاستماع إلى الآخرين وتكتفي بالافتراء والتشويه تضليلا لأتباعها ولغيرها فإنها تفقد شيئًا كثيرًا من أفرادها، ثم تملأ الجوَّ تربصًا وريبة وانعدام ثقة فتدعو إلى المقاطعة والتحريض على عدم الاستماع للآخرين. أما الجماعة الإسلامية الأحمدية الواثقة من منهجها وفكرها وعقيدتها فهي تطلب من أتباعها أن يستمعوا ويناقشوا كل من هبَّ ودبَّ، وهكذا الثقة المتبادلة بين أفرادها تظل في أعلى مستوى من اليقين والحق، وإن علاقاتنا مع الآخرين المخالفين لنا قائمة على البينة والدليل والتفاهم والعدل والوضـوح والأمانة في النقل، ولن يكون فيها مجال للشـك والريبة والافتراء والتعصـب والحرص الكـذوب. وما ذكـرنا لهذه المنـن إلا تحديثـا بنِعم الله عز وجل.

Share via
تابعونا على الفايس بوك