الافتتاحية

الافتتاحية

التحرير

يحكى أن جارية لهارون الرشيد كانت تعد له فراشه، ولما انتهت من تسويته وتعطيره أخذت تنظر إلى جماله و حسنه وتمددت عليه تتحسس لينه ونعومته، فغلبها النعاس. دخل هارون الرشيد فوجد الجارية ممددة في فراشه فغضب، وأخذ يضربها بالسوط عقابا لها على جريمتها. وبينما الضربات تنزل على جسدها ودموعها تنساب على وجنتيها كان بكاء الجارية يمتزج بضحكاتها، تعجب هارون الرشيد وسألها كيف تبكين وتضحكين في نفس الوقت؟ قالت: أبكي من ألم العقاب ولكن عندما أدركت أني أقاسي هذا العذاب الأليم بسبب لحظات نمتها على هذا السرير، دار بخلدي كم سيكون عقاب من ينام فيه الليالي الطوال.. فعرفت أن بلواي أخف كثيرا.. فغلبني الضحك.

إنها بلا شك جارية ذكية أدركت أن خطأها تافه لو قورن بأخطاء هؤلاء الذين يتربعون على كراسي الحكم. فهل يكون قادة الدول الإسلامية من حكام وساسة ورجال دين في ذكاء هذه الجارية فينتبهون إلى مسؤولياتهم الجسيمة التي ألقيت على كواهلهم؟

فهل آن لهم أن يتذكروا رب العالمين.. مالك الملك شديد العقاب ذي الطول.. الذي سوف يقفون أمامه في يوم يجعل الولدان شيبا؟ هل يمكن لهم أن يفيقوا من سباتهم على أسرّة السلطان التي لا تدوم.. ويستيقظوا ليتداركوا ما فات قبل أن تضيع الفرصة ويمسكوا بحبل الله تعالى الممدود لهم، فيخرجوا بشعوبهم وأتباعهم مما هم فيه من هوان وضلال؟ ألم يأن لهؤلاء -حكاما ورجال دين- أن يتقوا ربهم، ويتذكروا ما نزل بالطغاة البغاة الفساق الفجار، ويخافوا من ربهم يوما كان شرُّه مستطيرا؟

 (المحرر)

Share via
تابعونا على الفايس بوك