كسوف الشمس وخسوف القمر

كسوف الشمس وخسوف القمر

صالح إله دين

كسوف الشمس وخسوف القمر

آيتان لتأييد المهدي المنتظر

ترجمة: محمد حلمي الشافعي

ذكرت الأسفار المقدسة للديانات المختلفة نبأ مجيء المصلح الرباني لآخر الزمان. ولسوف أتناول هنا نبوءة عظيمة لسيدنا ومولانا محمد المصطفى ، تعين الباحث عن الحقيقة ليتعرف عليها. يقول الله تعالى:

عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ (الجن: 27-28).

ونعلم من هذا القول القرآني أن رسل الله تعالى لهم امتياز معرفة الغيب منه جل جلاله. ومن ثم فإن بوسع رسل الله تعالى أن يدلوا بنبوءات عظيمة بإذن الله. وقد منح الله تعالى النبي الأكرم محمدًا قدرا وافرا من علم الغيب. ومن نبوءاته أنه عندما تنحرف الدنيا بعيدا عن الله تعالى في آخر الزمان سوف يقيم الله تعالى مصلحا ربانيا، هو المهدي والمسيح، به يحفظ الإيمان، وينهض الإسلام في الدنيا.

أخرج الحافظ علي بن عمر البغدادي “الدار قطني” (918 إلى 995م، 306 إلى 385ه) عن الإمام الباقر محمد بن علي بن الإمام زين العابدين، رحمهم الله جميعا، قال: “إن لمهدينا آيتين لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض: ينكسف القمر لأول ليلة من رمضان (أي أول ليلة من ليالي الخسوف القمري)، وينكسف الشمس في النصف منه (أي في اليوم الأوسط من أيام الكسوف الشمسي). ولم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض. (سنن الدار قطني، باب صفة صلاة الخسوف والكسوف وهيئتهما)

وقد ورد هذا الحديث النبوي الشريف في كتب الحديث لأهل السنة والشيعة كليهما، وذكر الكثير من مشاهير العلماء في تصانيفهم، وجاء في العديد من الكتب منهم:

  • الفتاوى الحديثة للحافظ بن حجر الملكي، طبعة مصر ص31.
  • أحوال الآخرة، حافظ محمد اللخوكي، طبعة عام 1305ه.
  • آخرى بات، مولوي محمد رمضان الحنفي المجتباي، طبعا 1278 ه.
  • حجج الكرامة، نواب صديق حسن خان، ص344.
  • عقائد الإسلام، مولانا عبد الحق المحدث الدهلوي، ص182، طبعة 1292ه.
  • علامات القيامة(قيامة نامة فارسي) لحضرة شاه رفيع الدين المحدث الدهلوي.
  • إقتراب الساعة، نواب صديق حسن خان، ص106، طبعة 1301 ه.
  • مكتوبات الإمام الرباني مجدد الألف الثاني، ج2، ص132.
  • بحار الأنوار، ج13، ص85.
  • إكمال الدين، ص368.

ولقد كتب الشيخ نعمة الله الولي، رحمه الله تعالى، الذي عاش في دلهي حوالي عام560ه، والذي تشرف بلقب (ولي)، في شعر له ما ترجمته:

إنه سيكون مهدي الزمان وعيسى..

وأراه بكلتي الصفتين مباركا..

وأرى الشمس والقمر كليهما مختفَينِ.

ومما كتب مولانا الحافظ محمد بن مولانا بركة الله اللخوكي، عالم أهل الحديث المعروف في الهند، في كتابه (أحوال الآخرة):

“روي أنه في شهر رمضان من ذلك العام..يكون خسوف للقمر في الثالث عشر..وكسوف للشمس يوم السابع والعشرين”.

وفي هذا البيت حدد الثالث عشر والسابع والعشرين من رمضان كتاريخين للخسوف والكسوف، وسيتبين فيما بعد، على ضوء الحديث النبوي، وقوانين الفلك أيضا، أن التاريخ الفعلي هو في يومي 13 و 28 على الترتيب.

ويتقوى الحديث الشريف بما ذكره القرآن المجيد من أن الخسوف آية هامة تدل على اقتراب البعث.. يقول القرآن الكريم:

يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ * فَإِذَا بَرِقَ الْبَصَرُ * وَخَسَفَ الْقَمَرُ * وَجُمِعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ * يَقُولُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (القيامة: 7-11).

ووصف العهد الجديد من الكتاب المقدس عند النصارى علاماتِ الظهور الثاني للمسيح فقال:

“وَلِلْوَقْتِ بَعْدَ ضِيقِ تِلْكَ الأَيَّامِ تُظْلِمُ الشَّمْسُ، وَالْقَمَرُ لاَ يُعْطِي ضَوْءَهُ” (إِنْجِيلُ مَتَّى 24: 29).

وذكر سورداس جي: نبوءة أنه عند ظهور”كالكي أوتار” سينكسف القمر والشمس كلاهما، فكتب يقول:

“سوف ينكسف الشمس والقمر كلاهما، وسيكون هناك كثير من العنف والقتل”.

وكتب (سري جورو جارانث صاحب) في كتاب السيخ المقدس:

“وعندما يأتي (ماهاراج) باسم (ناهكالانك).. ستكون الشمس والقمر من أعوانه”. سورساجار سري جورو جارانت صاحب، مصلح الزمان)

 وموجز القول إن كتب الديانات الأخرى تذكر آية الشمس والقمر. أما حديث الدار قطني الذي أوردناه آنفا فهو الذي يعطي تفاصيل أكثر، ولسوف نناقش ذلك فيما يلي.

كسوف الشمس وخسوف القمر في ضوء قانون الفلك:

الكسوف والخسوف من الظواهر الطبيعية التي تخضع للنواميس الكونية. ولطالما وجه القرآن المجيد أنظارنا إلى هذه الظاهرة ، لأن ذلك يساعد كثيرا على فهم الحديث النبوي الشريف.

تكوّن الأرض والشمس والقمر نظاما ثلاثيا، أعني من ثلاثة أجرام. ويشير القرآن المجيد إلى هذا النظام بأسلوب جميل للغاية فيقول:

سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ * وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ (يس: 37-41)

تذكر الآية الأولى من هذه الآيات القرآنية الخمس حقيقة أساسية مؤداها أن الله تعالى خلق كل شيء أزواجا. وتشير الآية الثانية إلى الليل والنهار الحادثين من الحركة الدورانية للأرض. وتشير الآية الخامسة بين الشمس والقمر، والليل والنهار، لتجذب الانتباه إلى أن حركة الشمس والقمر مع الأرض لها حدودها وناموسها.

ونعرف من حقائق العلم أن القمر يدور حول الأرض، وأنه يكمل دورته في شهر واحد، ويكونان معا زوجين. وتدور الأرض والقمر سويا في وحدة واحدة حول الشمس دورة كاملة في عام واحد. وهذا النظام الذي يضم الشمس مع الأرض والقمر يكوّن زوجين آخرين. وفي النظام الشمسي يوجد كثير من هذه الأزواج المرتبة من أزواج. أما الشمس مع كوكبها وتوابعها فتدور حول مركز المجرة لتكمل دورتها في مائتي مليون سنة تقريبا. وتضم المجرة بلايين النجوم التي تشبه شمسنا، وكلها تدور حول مركز المجرة في فترات زمنية مختلفة.

فـ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا !

وعندما يقع القمر، خلال دورته حول الأرض، بينها وبين الشمس ، بحيث يحجب ضوء الشمس عن الأرض.. كان هذا هو الكسوف الشمسي. وعندما تقع الأرض بين الشمس والقمر، بحيث يقع ظلها على القمر.. يحدث الخسوف القمري. وفي المصطلح الفلكي يقال إن الكسوف للشمس يحدث وقت الهلال الجديد، والخسوف القمري يحدث عندما يكون القمر بدرا. وعند مولد الهلال الجديد، إذا جاء موقع الشمس والقمر عند خط طولي واحد سمي هذا “اقترانا”. ولا يحدث الكسوف عند كل هلال جديد، لأنه لا بد لحدوث الكسوف أن تكون الشمس والأرض والقمر على استقامة واحدة. ولو كان مدار الأرض حول الشمس، ومدار القمر حول الأرض في مستوى واحد، لترتب على ذلك اقترانان في كل شهر قمري؛ ولكن هناك ميل مقداره خمس درجات بين المدارين. ونتيجة لذلك يبلغ العدد الأقصى لمرات الخسوف سبعة في كل سنة، منها أربع أو خمس شمسيا، وثلاث أو اثنتان قمريا. أما العدد الأدنى فهو اثنتان، كلتاهما شمسيتان. والكسوف الشمسي يتكرر أكثر من الخسوف القمري، ولكن الأول يرى في مساحة من سطح أصغر من الثاني. ولذلك فإنه بالنسبة لمنطقة معينة من سطح الأرض يشاهد خسوف القمر مرات أكثر من كسوف الشمس. ويمكن الرجوع إلى كتب الفلك لمزيد من التفصيل.

والحركة الدورانية للقمر معقدة، ويمكن تبسيطها لسهولة الفهم هكذا: يدور القمر حول الأرض في مدار إهليلجي (بيضاوي)، ولذلك يتغير بعد القمر عن الأرض وسرعته في حدود معينة. وعندما يكون القمر في أقرب موضع له من الأرض يقال إنه في “الحضيض”، وتكون سرعة القمر حينئذ بالنسبة للأرض هي السرعة الكبرى. وبسبب جاذبية الشمس يختلف موقع “الحضيض القمري” في الفضاء، فأحيانا يكون القمر أسرع حركة في أوائل الشهر، وأحيانا اُخَر يكون أسرع في أواخر الشهر. وبالمثل فإن بعد مجموعة الأرض والقمر وسرعتها بالنسبة للشمس متغيرة في حدود معينة بحسب قانون الجاذبية. وكما يقرر القرآن المجيد:

الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ (الرحمن: 6).

أي أن هذين الجرمين السماويين يتحركان بحساب محدد لهما. وللتغيير في الأبعاد والسرعات تأثير على ميقات حدوث الخسوف والكسوف. ومن ثم فهناك حدود لتلك المواعيد. ويتخذ الفلكيون من بداية “الاقتران” مبدأ للشهر القمري؛ وفي هذا الوقت لا يمكن رؤية القمر مطلقا. ويبدأ الشهر في التقويم الهجري الإسلامي من أول رؤية الهلال، أي عندما يكبر وجهه المضيء ليكون مرئيا للعين. وهذا مايحدث بعد أربع وعشرين ساعة من “الاقتران”. وهناك كتاب جيد للدكتور محمود إلياس يتناول مسألة رؤية الهلال.. (المرشد الحديث إلى الحسابات الفلكية للتقويم الإسلامي، الأوقات والقبلة، د. محمود الياس، بيريتا للنشر، كوالالمبور، 1984)

وإذا اتبعنا التقويم الإسلامي، فإن الموعد الذي يمكن أن يحدث فيه كسوف للشمس هو ليالي 13، 15،14؛ والموعد الذي يمكن أن يحدث فيه كسوف للشمس هو أيام29،28،27. وطبقا للنبوءة يقع خسوف القمر في الليلة الأولى، ويقع كسوف الشمس في اليوم الأوسط، وكلاهما في شهر رمضان. وهذا يحدد ليلة الثالث عشر من شهر رمضان للخسوف، ويوم الثامن والعشرين من نفس الشهر للكسوف.

وقد وردت كلمة “قمر” في الحديث، ولم تذكر كلمة “الهلال”، والقمر في الليالي: 1، 2، 3 يسمى هلالا، وابتداء من الليلة الرابعة يسمى قمرًا. (أقرب الموارد).  ومن ثم يكون المراد بالليلة الأولى من رمضان الليلة الثالة عشر، وليس الليلة الأولى منه. ويؤيد هذا المفهوم استخدام لفظ (قمر) في الحديث الشريف، وبذلك لم يدع مجالا للغموض أو الالتباس.

 

مجيء الإمام المهدي والمسيح الموعود وتحقق النبوءة

ولد حضرة مرزا غلام أحمد في قاديان بالهند، عام 1835. كان مثلا فريدا في الورع والتقوى. وكان حبه لحضرة محمد المصطفى هو السمة البارزة في شخصيته. كان يحزن لهجوم أعداء الإسلام على الإسلام ونبيه مع ضعف حال المسلمين الروحية. فوقف حياته وتفسه لخدمة الإسلام، ودعا بحرارة وإلحاح لإحياء الروحانية في العالم. وصنف كتابه التاريخي (البراهين الأحمدية)، ونشره في أربعة أجزاء من عام 1880 حتى عام 1884. فكان فاتحة عهد جديد، وتحفة رائعة. بحث فيه حقيقة الإسلام، وكمالات القرآن المجيد، والنبي الكريم محمد المصطفى .

وتشرف حضرة أحمد بنعمة الوحي السماوي منذ عام 1876حتى لحاقه بالرفيق الأعلى عام 1908م. وقد تلقى أول وحي يقيمه مجددا ربانيا للقرن الرابع عشر يقول:

“يباركك الله، يا أحمد. ما رميتَ إذ رميتَ ولكن الله رمى. الرحمن علم القرآن. لتنذر قوما ما أُنذرَ آباؤهم. ولتستبين سبيل المجرمين. قل إني أُمِرْتُ وأنا أول المؤمنين”. (الخزائن الروحانية ج1، البراهين الأحمدية ص 265).

وأوحي إليه أيضا:

“قل عندي شهادة من الله، فهل أنتم مؤمنون؟ قل عندي شهادة من الله، فهل أنتم مسلمون؟ “(المرجع السابق ص 266).

وفي انصياع تام لأمر الله تبارك وتعالى أعلن حضرته أنه مجدد القرن الرابع عشر من التاريخ الإسلامي. ثم في 23/3/1889م وبتوجيه إلهي.. تلقى أول عهد للبيعة في مدينة لدهيانه، وهكذا تأسست الجماعة الإسلامية الأحمدية. وكان حضرة الحافظ الحكيم المولوي نور الدين والذي كان أول خليفة في السلسلة الأحمدية، صاحب شرف ونعمة هذه البيعة الأولى. وفي نفس اليوم بايع للإمام المهدي والمسيح الموعود أربعون، أقسموا على أن يكون للدين وعزه الأفضلية والأسبقية على كل أمور الدنيا.

ومع اقتراب عام 1890 من نهايته، أوحى الله جل وعلا لحضرة أحمد أن حضرة عيسى بن مريم قد توفي، وأن ظهوره الثاني قد تحقق في شخص إنسان مثيل له، وأن حضرة أحمد هو هذا المثيل، وأنه هو المسيح الموعود. ومما أوحي له في هذا الصدد:

“لقد مات المسيح بن مريم رسول الله، وجئت أنت في صفته حسب الوعد، وكان وعد الله مفعولا”. (تذكرة: مجموعة رؤى وكشوف وإلهامات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ).

ولما تلقى حضرته هذا البيان من الله جل وعلا، أعلن عام 1891 أنه “المسيح الموعود والإمام المهدي” بحسب ما أنبأ به حضرة سيدنا محمد المصطفى . وقدم حضرته الأدلة التي تؤيد دعواه، وصنف لذلك كتبه: فتح إسلام (أي انتصار الإسلام)، وتوضيح المرام، وإزالة أوهام. وأكد حضرته على أن الله تعالى أرسله لينفخ الحياة الروحية في الناس. وقد رفض رجال الدين المعاصرون له دعواه، وقابلوه بعاصفة من المعارضة العنيفة، كما نبّأ وحذر بذلك سيدنا المصطفى محمد .

وفي كتابه نور الحق الذي كتبه باللغة العربية، ونشره في أوائل عام 1894، كتب حضرته هذا الدعاء المتواضع:

“ياربِّ ياربَّ الضعفاء والمضطرين، ألست منك، فقل، وإنك خير القائلين. كثر الطعن والتَّكفير، ونُسب إليّ التزوير، وسمعتَ كله، ورأيت، ياقدير فافتح بيننا بالحق وأنت خير الفاتحين. ونجِّني من من علماء السوء وأقاويلهم وكبرهم ودلالهم، ونجني من قوم ظالمين. وأَنزلْ نصرا من السماء، وأَدرِك عبدك عند البلاء، ونزِّل رِجْسك على الكافرين. وصرتُ كأذلة مطرودَ القوم ومورد اللوم، فانصرنا كما نصرت رسولك ببدر في ذلك اليوم، واحفظنا ياخير الحافظين. إنك الرب الرحيم، كتبت على نفسك الرحمة، فاجعل لنا حظًّا منها، وأرنا النصرة وارحمنا وتب علينا، وأنت أرحم الراحمين.” (الخزائن الروحانية، ج8، نور الحق الجزء الأول ص184).

ومن بين الاعتراضات التي وجهت إليه أيضا أن نبأ كسوف الشمس وخسوف القمر يتحققق له. وعندئذ أظهر الله هذه الآية له عام 1311ه الموافق 1894م، عندما وقع خسوف للقمر وكسوف للشمس فوق قاديان في الموعدين المحددين من شهر رمضان المعظم، تحقيقا لنبوءة حضرة المصطفى . وقع الخسوف بعد غروب الشمس يوم 13 من رمضان الموافق 6 من أبريل 1894. بالإضافة إلى التقاويم الفلكية، ذكرت صحف الهند ومنها آزاد (AZAD)، وسيفيل أند ميليتري جازيت (CIVIL & MILITARY GAZETTE) أخبارَ الخسوف والكسوف هذين.

وحتى اليوم، يمكن التأكد من تاريخ الخسوفين بالتقويم الميلادي من مصادر عديدة ومنها: قانون الكسوف لأبولزر (Oppolzers Cannon of Eclipses)، وتقويم الملاحة لعام 1894 لندن NAUTICAL ALMANAC ,LONDON ، وتدل الحسابات القائمة على موقع القمر أن الخسوف والكسوف وقعا في 13 و28 من شهر رمضان على الترتيب.

خصائص الكسوف والخسوف اللذين وقعا في رمضان 1311ه، مارس/أبريل 1894م

بمجرد أن شهد الناس هذه الآية الكونية، كتب حضرة أحمد كتابه”نور الحق ج2″، وخصصه لبحث تثقيفي عظيم، يوضح تماما كيف تحققت، وبدقة فائقة، النبوءة العظيمة لسيدما محمد . وفي كتابه هذا، شرح بنور الوحي الإلهي أن التفسير الحق للحديث النبوي الشريف، أنه في زمن المهدي سوف يخسف القمر في الليلة الأولى من ليالي ثلاث يمكن أن يقع الخسوف القمري في إحداها، أي ليلة 13 من رمضان، وأن الشمس سوف تنكسف في اليوم الأوسط بين ثلاثة أيام يمكن أن يحدث الكسوف في أحدها، أي 28 من رمضان.

ولقد وجه حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود الأنظار إلى خصائص عديدة لهذين الخسوفين، كشف بها عن آيات مثيرة للغاية. أشار حضرته إلى كلمتين (أول) و (النصف) الواردتين في الحديث قد تحققتا بطريقتين: تحققتا من جهة اليوم، وتحققتا أيضا من جهة الوقت. لقد حدث الخسوف القمري في أول ليلة من الليالي الثلاث للخسوف، وكان الوقت أول الخسوف القمري في أول ليلة من الليالي الثلاث للخسوف، وكان الوقت أول الليل في بلدة قاديان. كذلك وقع الكسوف الشمسي في اليوم الأوسط بين الأيام الثلاث، وكان الوقت صدر النهار قبيل الظهر ببلدة قاديان. لم يقع الكسوف في الصباح الباكر وانتهى قبيل الظهر. وبتوقيت مدينة كلكتا كان الخسوف مشهودا في الهند بين السابعة والتاسعة والنصف مساءً. وكان الكسوف مرئيا في الهند فيما بين الساعة التاسعة والحادية عشر نهارا.

وبإرشاد الوحي الإلهي أوضح حضرته المعنى العميق للحديث الشريف فقال:

“فالتأويل الصحيح والمعنى الحق الصريح، أن المراد من خسوف أول ليلة رمضان.. أن ينخسف القمر في ليلة أولى من ليال ثلاث يكمل نور القمر فيها، وتعرف (أيام البيض)، ولا حاجة إلى البيان. ومع ذلك إشارة إلى أن القمر إذا خسف في الليلة القمراء الأولى فينخسف في أول وقتها لا بعد مرور الزمن، كما هو ظاهر عند زكي ذي عرفان، وكذلك خسف القمر ورآه كثير من أهل هذه البلدان”. (الخزائن الروحانية ج8، نور الحق، الجزء الثاني ص201،202).

وفيما يتعلق بالكسوف قال حضرته:

“المراد من قوله (وتنكسف الشمس في النصف منه) أن يظهر كسوف الشمس منصِّفًا أيام الانكساف، ولا يجاوز نصف النهار من يوم ثان، فإنه هو حد الإنصاف. فكما قدر الله انخساف القمر في أول ليلة من أيام الخسوف كذلك قدر انكساف الشمس في نصف من أيام الكسوف، ووقع كما قدر، كما أخبر خير المخبرين: فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا * إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ . وهذا نبأ عظيم من أنباء الغيب وأرفع من مبلغ العقول. فلا شك أنه حديث من خير المرسلين”. (المرجع السابق)

وبفضل الله تعالى كنت سعيد الحظ في دراستي لهذا الموضوع، إذ فاز شخصي المتواضع بالتشجيع الثمين، والاهتمام والدعاء من إمامنا الهمام حضرة مرزا طاهر أحمد، الخليفة الرابع للإمام المهدي والمسيح الموعود ، أيده الله تعالى بنصره العزيز، وأطال له في عمره، وبارك له ولنا في صحته وعافيته وعلمه وعمله. وبينما كنت أتشرف بالحديث معه في لندن، ذكرت له أن عبارة (النصف منه) في الحديث النبوي الشريف قد تحققت من ناحيتي اليوم والوقت.. وعقب حضرته قائلا: إن ثمة وجهًا ثالثا لتحقق النبوءة، فقد شوهد الخسوف في نصف الكرة الأرضية. ثم أضاف إن هذا النبأ يكشف عن عظمة النبي الكريم محمد المصطفى ، وفي نفس الوقت يظهر صدق الإمام المهدي والمسيح الموعود .

لقد أسلفنا القول بأن القرآن المجيد ذكر الخسوف والكسوف. وجدير بالملاحظة أن القرآن الكريم استخدم كلمة (خسف) بالنسبة للقمر، ولم يستعملها بالنسبة للشمس، ولكنه وصف الكسوف الشمسي بطريقة خاصة، قرر فيها أن الشمس والقمر سيُجمعان سويا. وعلق حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود على هذه النقطة فقال:

“ما ذكر (القرآن) الكسوف باسم الكسوف، ليشير إلى أمر زائد على المعتاد المعروف، فإن هذا الكسوف الذي ظهر بعد خسوف القمر كان غريبا ونادر الصورة. وإن كنت تطلب على هذا شاهدا، أو تبغي مشاهدا.. فقد شاهدت صوره الغريبة وأشكاله العجيبة إن كنت من ذوي العينين. ثم كفاك في شهادته ما طبع في الجريدتين المشهورتين المقبولتين، أعني الجريدة الإنجليزية (بايونير) PIONEER، و (سفيل آند ملتري جازيت) CIVIL & MILITRARY GAZETTE المشاعتين في مارس سنة 1984) (الخزائن الروحانية ج 8، نور الحق، الجزء الثاني ص 214)

 والخسوف على أنواع مختلفة، بعضها واضح وبعضها باهت. ولقد قسم البروفسور ميتشل كسوف الشمس إلى أربعة أنواع: كسوف جزئي، وكسوف حلقي، وكسوف حلقي كلي، وكسوف كلي. ففي الكسوف الجزئي تحجب الشمس جزئيا. وفي الكسوف الحلقي يظلم الجزء الأوسط من قرص الشمس بينما تبقى الحافة الخارجية مضيئة كالحلقة. أما الكسوف الكلي ففيه تختفي الشمس بأكملها. أما الكسوف الحلقي الكلي فهو وسط بين الكلي والحلقي؛ وفي هذه الحالة تصل قمة مخروط ظل القمر إلى سطح الأرض، وهي أندر الأنواع حدوثا

ECLIPSES OF THE SUN BY PROF J.A.MITCHRL,Colombia Univ. Press NY, 1962.

وقد استنتج البروفسور ميتشل من بيانات الكسوفات الماضية أن متوسط عددها في قرن من الزمان يبلغ 237 كسوفا، منها فقط 10 حلقية كلية. وكسوف الشمس الذي وقع في 28 رمضان عام 1311 هـ كان هذا النوع الحلقي الكلي، أي كان مختلفا عن الكسوف العادي كما بين الإمام المهدي والمسيح الموعود .. كان كسوفا مثيرا.

وجدير بالملاحظة أيضا أن الكسوف والخسوف كانا مشهودين في الهند. ويمكن رؤية خسوف القمر في مساحة تزيد على نصف الكرة الأرضية، ولكن كسوف الشمس يرى من مساحة أقل كثيرًا من ذلك. وكثيرا ما يكون كسوف الشمس مرئيا في منطقة قليلة السكان أو في أحد المحيطات، ولكن كسوف الشمس الذي حدث في 6 أبريل عام 1894 كان مشهودا في مساحة هائلة من قارة آسيا بما في ذلك الهند.

وفي كتابه (قانون الكسوفCANON OF ECLIPSES  ) أعطى البروفسور أبولزر كسوف الشمس والقمر في الفترة من عام 1208 قبل الميلاد حتى عام 2161 بعد الميلاد ، ووضح بالخرائط مسارات الكسوفات البارزة، مثل الحلقية والحلقية الكلية والكلية، ومن بينها مسار الكسوف الشمسي الذي وقع يوم 6، 4، 1894 في الخريطة رقم 148. (المرجع السابق).

وكذلك أظهر التقويم الملاحي لعام 1894 مسار هذا الخسوف في خرائطه. وبالرجوع إلى هذه المراجع يتبين أن ذلك الكسوف كان مشاهدا في كل أنحاء الهند. Nautical Almanac,London 1894 ).

ولقد شاهد حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود ، وصحابته الكرام (رضوان الله عليهم) هذا الكسوف، شاهدوه في قاديان. وقال حضرته أنه ينبغي أن يتفكر الناس في هذه الواقعة لكونها آية تجلت في البلد، وكتب يقول:

(يا عباد الله، رحمكم الله! اتقوا الله ولا تتكبروا، وفكروا وتدبروا. أيجوز عندكم أن يكون المهدي في بلاد العرب أو الشام، وآيته تظهر في هذا المقام؟ وأنتم تعلمون أن الحكمة الإلهية لا تبعد الآيات من أهلها وصاحبها ومحلها، فكيف يمكن أن يكون المهدي في مغرب الأرض وآيته تظهر في مشرقها؟ فكفاكم هذا إن كنتم من الطالبين). (الخزائن الروحانية ج 8، نور الحق الجزء الثاني ص 215 و 216).

وموجز القول إن نبوءة سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى قد تحققت بأعظم دقة وأبهى تحقق، “فتبارك الله أحسن الخالقين”.

لقد اكتشف السير إسحاق نيوتن قانون الجاذبية في القرن السابع عشر الميلادي، ولم تكن الحسابات الفلكية الطويلة المعقدة لظاهرة الكسوف ممكنة من قبل هذا الاكتشاف؛ ولكن سيدنا محمداً أخبر بهذه النبوءة المدهشة، على أساس من العلم الذي أوتيه من لدن العليم الخبير جل وعلا. وليس بوسعي إدراك آية سماوية أفضل من هذه في دلالتها على مجيء الإمام المهدي .

سبحان الله والحمد لله، سبحان الله، والله أكبر! اللهم صلِّ وبارك على محمد وعلى آل محمد.

الكسوفان التاليان في رمضان عام 1312 هـ مارس 1895م

جاء في حديث آخر:

“وتنكسف الشمس مرتين في رمضان”. (مختصر تذكرة القرطبي، للقطب الرباني الشيخ عبد الوهاب الشعراني، ص 148)

في العام التالي، أي عام 1895 وقع للمرة الثانية خسوف قمري وكسوف شمسي في يومي 11 مارس و26 مارس ، وشوهد الاثنان في المغرب، ولم يشهدا في قاديان، ولكنهما أيضا حدثا في 13 و 28 من رمضان على الترتيب – ويمكن أن يختلف تاريخ الخسوف بالنسبة للموقع على الأرض. وأشار الإمام المهدي والمسيح الموعود إليهما في كتابه (حقيقة الوحي) فقال:

“وطبقا لما جاء في حديث آخر، وقع الخسوف مرتين في رمضان: الأول في هذا البلد، أي الهند، والثاني في أمريكا. وفي المرتين كان التاريخ نفس التاريخ الذي أشار إليه الحديث. ولم يكن في وقت الواقعتين أي شخص يدعي بأنه المهدي المعهود، وأعلن أن الخسوف آية له، وقام بنشر مئات النشرات والكتب بالأوردو والفارسية والعربية في كل العالم. لذا فهذه الآية السماوية علامة لي. وثمة برهان آخر إذ أنبأني الله تعالى قبل حدوث هذه الآية باثني عشر عامًا بأن هذه الآية سوف تحدث. ونشرت هذا النبأ في البراهين الأحمدية لمئات الألوف من الناس قبل ظهورها”. (الخزائن الروحانية ج22، حقيقة الوحي ص 202)

الرد على الاعتراض بأن الخسوف والكسوف وقعا مرات عديدة في شهر رمضان

وكان هناك اعتراض بأن الخسوف والكسوف وقعا معًا في شهر رمضان مرات عديدة وثم لا يكونان معيارا للتعرف على المبعوث الإلهي. والحقيقة أن الخسوف والكسوف وقعا بالفعل مرات متكررة، ولكنه من الضروري ملاحظة أن الحديث الشريف قد حدد أياما بعينها لوقوعهما، مع وجود من يدعي بالمهدوية، وهذا جزء أساسي من النبوءة. وقوله في الحديث: “لم تكونا منذ خلق السماوات والأرض” يبين بوضوح أن النبأ له شأن كبير .

وتدل دراسة عدد المرات التي حدث فيها الخسوف والكسوف على أنه في فترة تبلغ عاما يحدث الخسوف والكسوف معا في رمضان عادة مرة واحدة أو مرتين، وذلك في منطقة معينة من الأرض، وفي أي يوم من أيام الخسوف والكسوف. وليس شرطا أن يقع الكسوف في نفس مكان الخسوف.

وجدير بالملاحظة أن اجتماع الخسوف والكسوف في شهر رمضان، وفي اليومين المحددين في النبوءة حدث نادر جدا. ففي مدى القرنين من عام 1800إلى عام 2000م، والتي درستُها بالمشاركة مع الدكتور بالاب Dr.G.M Ballabh، وجدنا أن الخسوف والكسوف وقعا 17 مرة في رمضان؛ ولكن عام 1894 هو العام الوحيد الذي كان فيه الكسوف والخسوف مشهودين في قاديان، وفي اليومين اللذين حددتهما النبوءة.

وقد أكد ذلك السيد A.K.Bhatnagar، مدير المركز الفلكي، قسم الأرصاد (الميتورلوجي) بالهند، نيو اليبور، كلكتا. والخلاصة أن وقوع الخسوف والكسوف فوق منطقة قاديان في يومين محددين حدث نادر جدا. فمن بين كثير من الأزواج، خسوفا وكسوفا، والتي وقعت في رمضان كان أحدهما فقط هو الذي تنطبق عليه شروط النبأ في الحديث الشريف.

وبالإضافة إلى ذلك، فوجود المدعي بالمهدوية شرط لازم لتحقق النبوءة. وتكشف عبارة (لمهدينا) بجلاء أن الخسوف والكسوف آية أو علامة لصالح الإمام المهدي . ومجرد حدوث الكسوف أو الخسوف من غير وجود مدع بالمهدوية حدث لا مغزى له من هذه الناحية.

أما عبارة (لم تكونا منذ خلق الله السماوات والأرض) الواردة في الحديث فتتضمن أن هذه الآية لم تحدث من قبل، وهي لا تعني أن الكسوف والخسوف لم يحدثا من قبل أبدا. قال الإمام المهدي والمسيح الموعود :

“لا يعنينا كم من المرات وقع الخسوف والكسوف في رمضان في هذه التواريخ منذ بدء خلق السماوات والأرض حتى اليوم، ولكن غرضنا فقط أن نذكر أنه منذ نشأة الإنسان على الأرض لم يحدث أن وقع الخسوف والكسوف كآية إلا في زمني. أما قبلي فلم يكن لأحد فرصة كهذه فيدعي أنه المهدي الموعود من جهة، ومن جهة ثانية يحدث الخسوف والكسوف بعد دعواه في رمضان وفي التاريخ المحدد لذلك، ويعلن أن الخسوف والكسوف آيتان تؤيدان دعواه.لا يقول حديث الدار قطني أبدا أن الكسوف والخسوف لم يقعا من قبل، بل يعلن بوضوح أنهما لم يقعا من قبل كآية لأحد، لأن عبارة (لم تكونا) بصيغة المؤنث تعود إلى قوله: (آيتين)، أي أن الآيتين لم تقعا من قبل، ولو كان المراد أن الحدثين لم يقعا من قبل لاستعمل صيغة المذكر وقال: (يكونا). فواضح إذن أن الإشارة إلى الآيتين.فإذا احتج أحد بأن الخسوف والكسوف قد وقعا مرات عديدة، فعليه تقع مسئولية إثبات من هو المدعي بالمهدوية الذي نادى بأن الخسوف والكسوف آيتان لنصرته، وأن يكون الدليل ثابتا وشاملا. ولا يتأتى ذلك إلا إذا أخرج لنا كتابا سبق لذلك كتابته، وقال فيه: إن الخسوف والكسوف اللذين وقعا في رمضان في اليومين المحددين بحسب حديث الدار قطني هما آيتان على صدقه.

وموجز القول، إننا لا نعني بمجرد وقوع الخسوف والكسوف وإن وقعا آلاف المرات، ولكن وقوعهما يستمد معناه وأهميته لمرة واحدة فقط. ولقد ثبت للحديث مرجعيته وصدقه وصحته بتحققه في زمن مدع بالمهدوية. (الخزائن الروحانية ص 23، ﭼـشمه معرفة “ينبوع المعرفة” ص 329 و 330).

وأضاف حضرته:

“الحق أنه منذ آدم إلى وقتنا الحاضر لم ينبيء أحد قط بنبوءة مثل هذه. إنها نبوءة ذات أشراط أربعة:

أولها وقوع الخسوف القمري في الليلة الأولى من ليالي الخسوف.

ثانيهما وقوع الكسوف الشمسي في اليوم الأوسط من أيام الكسوف.

ثالثهما اجتماع الخسوف والكسوف في شهر رمضان. ورابعها وجود مدع بالمهدوية قابله الناس بالرفض.

فإذا ما أنكر أحد عظمة هذه النبوءة، فعليه أن يرينا نبوءة مماثلة لها في تاريخ العالم. وما دام لن يجد لها نظيرا..فستظل هذه أعظم النبوءات التي تندرج تحت قول الله تعالى : “فلا يظهر على غيبه أحدا” ، لأن الحديث الشريف صرح بأنه لا نظير لها من عهد آدم . (الخزائن الروحانية ج 7، التحفة الجولروية، ص136).

لطيفة رائعة

قال إمامنا الراحل، رحمه الله تعالى، حضرة مرزا ناصر أحمد، الخليفة الثالث للإمام المهدي والمسيح الموعود : إن عبارة (مهدينا) في الحديث النبوي الشريف تكشف عن محبة شديدة من جانب المصطفى للإمام المهدي.

وفي حديث آخر عن النبي قال حضرته: “من أدرك منكم عيسى ابن مريم فليقرئه مني السلام” (الدرر المنثور). “فإذا رأيتموه فبايعوه ولو حبوا على الثلج، فإنه خليفة الله المهدي”. (سنن ابن ماجه كتاب الفتن).

وطالما رغب علماء المسلمين بشغف شديد أن يقرئوه السلام من حضرة المصطفى . ففي ساحة مجدد القرن الثالث عشر، حضرة سيد أحمد البريلوي رحمه الله تعالى، عبر الشاعر حضرة مؤمن الدهلوي عن شوقه إلى ذلك فقال ما تعريبه:

“إذا صادفت زمن المهدي الموعود..فيا مؤمن، أقرئه السلام أولا من حضرة النبي الكريم..”

وبينما نرى محبة النبي الأكرم للإمام المهدي من جانب، فإننا نلمس من الجانب الآخر ما يحمله حضرة أحمد القادياني، الإمام المهدي والمسيح الموعود من محبة بالغة لسيدنا وإمامنا الأعظم، حضرة نبينا الأكرم، محمد المصطفى . وتنطبق بذلك كتابات لحضرته لا حصر لها؛ منها على سبيل المثال يقول سيدنا المهدي لسيده وسيدنا محمد المصطفى :

أُنظر إليّ  برحمة  وتحنـن

يا سيدي! أنا أحقر الغلمان

.

يا حِبِّ، إنك قد دخلت محبة

في مهجتي ومداركي وجناني

.

من ذكر وجهك يا حديقة بهجتي

لم أخْل في لحظ ولا في آن

.

جسمي يطير إليك من شوق علا

يا  ليت كانت قوة الطيران

.

يا  رب ، صلِ على نبيك دائما

في هذه  الدنيا  وبعث ثان

(الخزائن الروحانية ج 5، آئينة كمالات إسلام ص 593 و 594)

ويقول بالفارسية ما تعريبه:

قلبي وروحي مسحوران من جمال محمد

وإن جسمي هو ثرىً في درب آل محمد

أبصرت بعين قلبي، وسمعت بأذن عقلي

أن كل ما في الكون يبدي جمال محمد

إني لَنَشوان بعشق محمد

من بعد حب الله جل جلاله

إن كان هذا الكفر إني لكافر

ربي شهيد قد سباني جماله

ويقول بالأردية ما تعريبه:

إمامنا الذي من خلاله كل الضياء

اسمه محمد، وهو حبيبي

أنا فداء لذلك النور، وجئت من عنده

هو كل شيء، ولستُ بشيء، وهذا هو القول الفيصل.

يا إلهي الحبيب، حلفتُ بوحدانيتك

إني نسيت نفسي في حب نبيك الكريم.

أقسم بالله، أن صور الآخرين قد انمحت من قلبي

منذ أن صوّرتك في قلبي.

لا أطيق أبدا رؤية ضعف أصاب دين النبي الكريم،

يا ملكي! هب لي النجاح والفوز.

هذه هي كلمات المبعوث الإلهي لهذا العصر. إنه الرجل الذي قال حضرة محمد المصطفى في حقه:

“لو كان الإيمان بالثريا لناله رجل من هؤلاء”.(البخاري). إنه الموعود المنتظر الذي سماه حضرة المصطفى (مهدينا)، والذي بَعَث إليه بسلامه الغالي. لقد قدم الشمس والقمر شهادتهما لبيان صدقه.

الإمام المهدي والمسيح الموعود يعلن القسم

لقد أقسم حضرته معلنا أنه المبعوث الإلهي الموعود، وأن خسوف القمر وكسوف الشمس آيتان ربانيتان على مبعثه، فقال:

“في زمني وحده، وفقًا للقول الصحيح من النبي الكريم، والقرآن المجيد، والأسفار القديمة، انتشر الطاعون في البلاد كلها. في زمني وحده، ظهرت وسيلة النقل الحديثة: قطار السكك الحديدية. وفي عصري وحده، ومصداقا لنبوءاتي، وقعت الزلازل. ألا تقتضي التقوى ألا يتجاسر المرء على إنكاري؟أنظروا! أقسم بالله العزيز وأقول أنه قد تجلت آلاف الآيات الدالة على صدقي، ولن تبرح تتجلى! لو كان هذا تدبير بشر ما نال العون والنصرة أبدا”.(حقيقة الوحي).

وقال أيضا:

“وأقسم أيضا بالله العزيز، أني أنا المسيح الموعود، وأنا هو الرجل الذي وعد به الأنبياء هناك في التوراة والإنجيل والقرآن المجيد أنباء عني، تصرح بأنه سيكون خسوفات في السماء، وطاعون شديد في الأرض” (الخزائن الروحانية ج 18، دافع البلاء ص 238)

وقال حضرته أيضا:

“أقسم بالله الذي حياتي في يده، أنه تعالى أظهر هذه الآية في السماء لتشهد بصدقي، وأنه تعالى أظهرها في الوقت الذي دعاني فيه المولويون (المشائخ) دجالا وكذابا وكافرا، بل وأشد الكاذبين. هذه هي الآية التي وُعدت بها في (البراهين الأحمدية) منذ عشرين عاما : (قل عندي شهادة من الله، فهل أنتم مؤمنون؟ قل عندي شهادة من الله، فهل أنتم مسلمون؟). وينبغي أن تذكروا أن هناك براهين كثيرة من الله تعالى تشهد بصدقي، وأنه تحقق أكثر من مائة نبأ وشهدها مئات الألوف من الناس، إلا أن هذا الوحي ذكر بهيئة خاصة، ذلك أني أُعطيت آية لم تعط لأي إنسان آخر من عهد آدم إلى الوقت الحاضر. وخلاصة القول: إن بوسعي أن أقف في حرم الكعبة المشرفة، وأقسم أن هذه الآية لي، وتشهد على صدقي” (المرجع السابق)

وفي بعض أشعاره قال حضرته ما ترجمته:

“تحسبون أن الإمام المهدي سوف يأتي ليسفك الدماء..

ويقيم الدين بقتل الكافرين؟

فيا معشر الجهلاء.. إن هذه الأفكار شديدة الخطأ

إنها افتراء، لا أساس لها، ولن تكون.

أيها الأعزاء، لقد أتى الموعود..

حتى الشمس والقمر..كشفا هذا السر لكم”. (الدر الثمين).

وفي مناسبة أخرى قال حضرته:

“ما جدوى انتظار الأغيار بعدي؟

فتوبوا، فما أحد يدري كم يطول به الأجل. (المرجع السابق).

 

تحدي حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود

ولقد تحدى حضرته أي شخص يستطيع أن يذكر آية مثلها وقعت في الماضي، وله جائزة قدرها ألف روبية. فقال:

“ألا تخافون أنكم كذبتم حديث المصطفى، وقد ظهر صدقه كشمس الضحى؟ أتستطيعون أن تخرجوا لنا مثله في قرون أولى؟ أتقرأون في كتاب اسم رجل ادعى وقال: إني من الله الأعلى، وانخسف في عصره القمر والشمس في رمضان كما رأيتم الآن؟ فإن كنتم تعرفونه فبينوا لنا يا معشر المنكرين، ولكم ألف روبية من الورق المروج إنعاما مني. فخذوا إن تثبتوا. وأشهد الله على عهدي واشهدوا..وهو خير الشاهدين. وإن لم تثبتوا ولن تثبتوا، فاتقوا النار التي أعدت للمفسدين!” (الخزائن الروحانية ج 8، نور الحق، الجزء الثاني ص 212).
Share via
تابعونا على الفايس بوك