المظاهر العلمية للقرآن الكريم

المظاهر العلمية للقرآن الكريم

صالح إله دين

هناك وجهة جانبية صامتة للقرآن الكريم، فهو دائمًا يُلفت انتباهنا إلى المظاهر الطبيعية المختلفة، ويحثنا على التأمل والتمعن في سرها ومجراها. وبهذا يخلق الدوافع، ويولد الرغبات في دراسة العلوم. وباعتبار أن الغاية الرئيسية للقرآن الكريم هي أن يقود بني الإنسان في طريق الهداية إلى خالقهم، فهو يركز في أننا يجب أن نجعل دراستنا للعلوم ليست فقط وسيلة للتعرف على عالمنا الدنيوي، بل كدليل قائم وشاهد على وجود الخلاق العظيم.. رب العالمين، والتعرف على صفاته من إحكام خلقه وجماله.. والإبداع في دقة تنظيمية، والحكمة من وراء هذا الخلق.

وغاية هذا الموضوع أن نمثل هذين المظهرين وجمالهما من القرآن الكريم من حيث التشجيع على دراسة الطبيعة، وخلق الحنين إلى الخلاق والولع والتشوق للوصول إليه من وراء هذه الدراسة.

يقول القرآن الكريم:

وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ * وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (البقرة: 164-166).

لا بد هنا أن يكون الجمال البادي في دراسة الظواهر الطبيعية محلاً للملاحظة والتأمل، وقد اندمج في الأسس المركزية لماهية الدين، وقامت قوانينه للاستدلال عليها. ومن الملاحظ أيضًا أن الانتباه قد وجه إلى عناصر متعددة من هذه المظاهر الطبيعية، للحث والتشجيع على سائر الدراسات العلمية في جميع فروعها المتوزعة ومواضيعها المختلفة.

ويقول الله تعالى:

إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (آل عمران: 191-192)

هذه الآيات تزودنا بالدافع للدراسات العلمية، ونشاهد تأثيراتها تنعكس في الدرجة العالية من الإبداع والدقة المدهشين التي بلغها العلماء المسلمون في العصور التالية لبعثة محمد . وهناك مخطوطات علمية من إنتاج هؤلاء العلماء المسلمين في متحف (سالار جنغ) في حيدر آباد، ومكتبة (خدا بخش) في (باتْنا)، يستهل بها الكاتب إنتاجه بالاستشهاد بهذه الآيات السابقة من سورة آل عمران، اعترافًا منهم بأنهم مدينون للقرآن الكريم بتزويده إياهم بالدافع لهم على دراساتهم.

هنا يخبرنا القرآن الكريم أن الأكوان من حولنا لم تخلق عبثًا، وأولو الألباب يدركون بأنه تعالى ما خلق هذا باطلاً.. فهي آيات لهم تهيب بهم أن يتفكروا فيها، ويتمعنوا في دقة صنعها وخلقها.. ويحققوا في الخواص والأسس المبنية عليها في مختلف أشكالها.. وأن يتقصوا المنافع من هذه المعارف.

المشكلة الأولى التي يعقد العلماء على حلها الآمال، ويترتب على حل عقدتها حل الكثير من المشاكل العلمية الغامضة، هي ولا شك كيفية بدء الخلق أو المنشأ العلمي لخلق السماوات والأرض. فهي من المعضلات ذات الأهمية الأولى في العلوم.

ألبرت اينشتاين أعظم علماء القرن في هذا المجال يقول: ليس اهتمامي بهذه المشاهدات ولا تلك المظاهر وكيف تعليلها، ولكن اهتمامي ينصب على كيفية إنشاء الله للسماوات والأرض عند بدء الخليقة.

تعلمنا هذه الآيات بأن تحقيقاتنا واستنتاجاتنا يجب أن تترافق بذكر الله، موقنين بأنه تعالى وراء هذه البدائع كلها، فهي من صنع يديه، فإن نغفل عن ذلك برهة فلسنا من أولي النهى، ولسنا من ذوي الفطنة والعقل في الاصطلاح القرآني. وقد علمنا القرآن الكريم ذلك الدعاء القيم: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا (طه: 115).

فبينما تدفعنا الآية الكريمة لأن نقصد العلم والمعرفة ونغرف من معينهما، فإنها تعلمنا من جهة أخرى بأن الله سبحانه هو مصدر كل علم ومعرفة، ولن نصل إليها إلا بتوفيقه وعونه. وتشير الآية أيضًا إلى أن العلم يصدر عن معين لا ينضب، وليس هناك حد للتقدم في مجاله.

ومثال آخر لأسلوب الترفيع الذي يدفعنا فيه القرآن الكريم، ويقوي عزائمنا في طلب العلم والتبحر فيه، وفي نفس الوقت يضفي على الموضوع جوًا من الروحانية، نجده في الآيتين التاليتين من سورة فاطر:

أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ ثَمَرَاتٍ مُخْتَلِفًا أَلْوَانُهَا وَمِنَ الْجِبَالِ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ * وَمِنَ النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعَامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ كَذَلِكَ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (فاطر: 28-29).

دراسة الألوان وجهة من مظاهر العلوم اليوم.. والكواكب السماوية تختلف ألوانها بالانعكاس. ودراسة الألوان المنعكسة عن إشعاعها.. يكشف عن الموارد المتوفرة في الكوكب ونوعيته وماهيته. فالدراسة التفصيلية للألوان في غاية الأهمية في العلوم المعاصرة. والتعمق في دراسة الطبيعة يجب أن يترك عندنا بالضرورة انطباعًا قويًا لعظمة الخلاق. فالآية تؤكد أن خشية الله هي نتيجة حتمية لكل علاّمة غزير الاطلاع.

ومثال آخر للأسلوب المتقن الرائع الذي يوجه به القرآن الكريم الانتباه إلى الظواهر الطبيعية، وفي نفس الوقت، يوجه العقل ويهيب به أن يفكر بعظمة الخلاق.. هذه الآيات من سورة المؤمنون، التي تركز على العلوم الحيوية، حيث يقول:

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ * ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ * ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (المؤمنون: 13-15).

ما أبدع وما أجمل هذه الإشارة القرآنية التي تصف المراحل الفيزيائية لنمو الجنين من مبدأ تكونه إلى إنسان كامل، فتبلغ الذروة في تمجيد الله من خلال أعلى وأسمى تصميم، ألا وهو خلق الإنسان.

وانظر بالاعتبار أيضًا إلى الآيات المشوقة التالية التي تزودنا بالدافع القوي لدراسة العلوم.. كما توجه انتباهنا في نفس الوقت إلى وجود الخالق المنظم، والرب الذي يكلأ خلقه بالعناية.

أَفَلَا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ * وَإِلَى السَّمَاءِ كَيْفَ رُفِعَتْ * وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (20) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ * فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ * لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ (الغاشية: 18-23)

لقد أثير الانتباه هنا عرضًا إلى المبدأ القرآني القائل: لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ، فقد طُلب من الرسول الأعظم أن يُذكر، ونفى أن تكون له أي سيطرة. والإشارة إلى رسول الله كمذكر ومبشر ونذير، يلهب في قلوبنا نار المحبة والشكر ومعرفة الجميل والاعتراف بالفضل. فمن خلاله وبواسطته وصلتنا الرسالة المهيمنة والهدى الكامل للقرآن الكريم.

وكعالم فلك أشعر بكل التقدير ويثيرني الإعجاب أيضًا بهذه الآيات:

أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّمَاءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِنْ فُرُوجٍ * وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ (ق: 7-9).

الرسالة التي يعرضها علينا القرآن هنا هي بالغة الأهمية. فلقد لعب الفلك دورًا بارزًا في توليد النظريات العلمية. فالكواكب السماوية لا تضيء علينا فقط. بل تثير أفكارنا أيضًا باقتراحات لتعليل المشاهدات المرئية. فالعلامة الفرنسي المختص بالرياضيات الفلكية (إتش يويني كير) يكتب: “نجوم السماء لا ترسل إلينا فقط أضواءها المرئية الواضحة التي تستقبلها عيوننا الفيزيائية، ولكن أيضًا تأتينا منها أضواء تنير عقولنا”. فالقرآن الكريم يتوقع منا أن نرجع إلى الله من خلال ما توجه إلينا هذه الكواكب من التنظيم الهائل للخلق.

ومثال آخر أيضًا من الأسلوب القرآني في إثارة التفكير والتمعن في الظواهر الطبيعية متوطئًا تشويق الروح إلى معرفة الخلاق من ورائها.

وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ * وَالْأَرْضَ فَرَشْنَاهَا فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ * وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ * وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (الذاريات: 48-52).

إن كثيرًا من صفات الله تعالى وأسمائه العليا تتجلى، ولا شك، من وراء خلقه للسماوات والأرض. وإنه خلق من كل شيء زوجين: هي نقطة مثيرة لمزيد من الاهتمام في دراسة العلوم.

فهنا جمعت السماء والأرض كزوجين متقابلين بينهما اتحاد واتفاق وتآلف، كمثال لما يجب أن تكون عليه علاقة الخالق بالمخلوق والروح بالجسد من رجع الصدى والتجاوب. فالإنسان يثار ليتجه إلى الله فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ وحققوا تلك الوحدة معه التي هي الغاية المتوخاة من الخلق.

وهكذا يعلمنا القرآن الكريم أن نحرز تقدمًا في كلا المجالين: مجالي العلوم الدنيوية والترقي الروحاني. وباتباع تعاليمه تستطيع الإنسانية أن تبلغ حظاً من مجال العلوم بدون أن تؤدي بها المعرفة إلى تحطيم نفسها وخراب مجتمعاتها. لقد وصف الله تعالى بأنه: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ . ووصف رسوله الكريم بأنه رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (الأنبياء: 108). وعليه فالمؤمن الحق الذي يتبع تعاليم القرآن الكريم هو وحده يستطيع أن يسخر علمه لخدمة الإنسانية ومنافعها.

القرآن الكريم يثير الاهتمام بدراسة العلوم بضرب أمثلة من الطبيعة في مجال تلقين الدروس في التربية الروحية والقيم الأخلاقية حيث قال:

الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ * وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ * وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ * أَلَّا تَطْغَوْا فِي الْمِيزَانِ * وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (الرحمن: 6-10).

لاحظ هذا الأسلوب الساحر الأخاذ الذي وجه به القرآن الكريم الانتباه إلى التوازن الدقيق المدهش في حركة الأجرام السماوية، ثم وجهنا بأن نقيم التوازن العادل في معاملاتنا الاجتماعية، مركزين أفكارنا على المثل السامي الذي قدمه لنا رب العالمين.

القرآن الكريم يؤكد مشددًا على وجوب اتباع الحق والتزام الصدق، فهي مزايا أساسية في كل مجتمع فاضل، كما هي مزايا أساسية في كل علامة يتحرى الحقيقة، فمثلاً، على الرغم من أن الإسلام قد بُني على التوحيد الكامل، فإننا نجد أنه يطلب من الرسول الأعظم :

قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (الزخرف: 82).

فهنا يضع القرآن الكريم قاعدة أساسية في دراسة العلوم، فهمها تكن الفكرة أو النظرية بعيدة عن المألوف، ومهما خالفت عاداتنا وتقاليدنا ومعتقداتنا، فللتحقيق فيها يجب أن نفترض إمكانياتها، فالحق أحق أن يتبع. ومهما تكن الفكرة أو النظرية السائدة قريبة من قلوبنا ومشاربنا، إذا عارضت الحق، فالحق يجب أن يتجلى.. فهو يعلو ولا يُعلى عليه.

القرآن الكريم يهيب بنا أن نعمل بجد ونشاط فيقول:

وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (النجم: 40).

والقرآن الكريم يوصينا أيضًا بالثقة والشجاعة حين يعطينا التأكيد من رب العالمين بأنه سيقود إلى الهدى أولئك الذين يحثون الخطى في سبيله، فنجده يقول:

وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنْكبوت: 70).

وهكذا لا يكتفي القرآن الكريم بمجرد تشجيعنا على دراسة العلوم والغوص في بحر الحكمة والمعرفة، ولكنه يولد فينا تلك الصفات التي نجد أن دراسة العلوم التي نحن في أمس الحاجة لها، وعليها يتوقف النجاح لكل علاّمة يجد في طريق المعرفة.

القرآن الكريم كلام الله، والعلوم ما هي إلا الدراسة لخلقه صنع يديه . فليس من مجال لوجود التناقض والتعارض بين الدين والعلم، إذا ما تفهمنا كليهما على وجه الصحة.

بعض الحقائق العلمية الموجودة سابقًا في القرآن الكريم، قد أقيم الدليل عليها اليوم في العلوم المعاصرة. مسيو موريس بيكهاي في كتابه (الكتاب المقدس والقرآن والعلوم)، قد ذكر بعض هذه الحقائق. وأنا بدوري أحب أن أذكر حقيقة علمية سابقة لأوانها في القرآن الكريم، لم تكتشفها العلوم المتقدمة حتى اليوم.

حاليًا هناك مشكلة على غاية الأهمية يسعى لجلائها العلماء، هي اكتشاف الحياة في الفضاء خارجًا عن نطاق كرتنا الأرضية. وفي حقيقة الأمر أن لجنة من اتحاد المراصد الفلكية قد شكلت فعلاً للبحث فيما إذا كانت هناك حياة فيما وراء الفضاء الخارجي للأرض؟

القرآن الكريم الذي أوحى به قبل أربعة عشر قرنًا، يحتوي على الملاحظة التالية حول الموضوع:

وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَثَّ فِيهِمَا مِنْ دَابَّةٍ وَهُوَ عَلَى جَمْعِهِمْ إِذَا يَشَاءُ قَدِير (الشورى: 30).

فالقرآن الكريم يثير حب الاستطلاع العلمي، ويركز على هذه الإثارة، ويزيد في حدتها، ويشغل في لهيبها، حتى حول أحدث المواضيع العلمية المستجدة اليوم. وباختصار يشجع على اكتساب العلم والتحلي بالمعرفة، ويحث عليه، وينمي فينا الملكات العلمية، وفي نفس الوقت يوجه انتباهنا إلى العلي القدير، ويوحي إلينا بالحنين إلى قربه، ويشحذ الشوق لمعرفته من خلال خلقه.

Share via
تابعونا على الفايس بوك