فقه الإنترنت

فقه الإنترنت

علاء عثمان

  • جرائم الإنترنت وأخطارها
  • القانون الجنائي

__

يشهد عالم الإنترنت ظاهرة جرائم تعرف بـ (سيبر كرايم- Cyber Crime)  أي جرائم التقنية العالية. إنها ظاهرة إجرامية مستجدة نسبيا تقرع أجراس الخطر لتنبه مجتمعات العصر الراهن بحجم المخاطر وهول الخسائر الناجمة عنها، حيث إنها تستهدف الاعتداء على المعطيات بغض النظر عن دلالتها التقنية الواسعة، (بيانات ومعلومات وبرامج). فهي جريمة تقنية تنشأ في الخفاء يشرف عليها مجرمون أذكياء يمتلكون أدوات المعرفة التقنية ويسيئون استعمالها للنيل من معطيات الكمبيوتر المخزنة والمعلومات المنقولة عبر نظم وشبكات المعلومات وفي مقدمتها الإنترنت. فتمس الحياة الخاصة للأفراد وتهدد الأمن القومي وتشيع فقدان الثقة بالتقنية وتهدد إبداع العقل البشري. لذا فإن إدراك ماهية جرائم الكمبيوتر والإنترنت واستظهار حجم الخسائر الناجمة عنها وسمات مرتكبيها ودوافعهم  يتخذ أهمية استثنائية لسلامة التعامل مع هذه الظاهرة ونطاق مخاطرها الاقتصادية والأمنية والاجتماعية والثقافية.

وإذا كانت مجتمعاتنا العربية لم تتأثر بعد بشكل ملموس بمخاطر هذا النمط المستجد من الإجرام، فإن خطر جرائم الكمبيوتر والإنترنت المحتمل في البيئة العربية يمكن أن يكون كبيرا باعتبار أن الجاهزية التقنية أي استراتيجيات حماية المعلومات ليست بالمستوى المطلوب إن لم تكن غائبة تماما. وبالمقابل فقد أمست جرائم الكمبيوتر والإنترنت من أخطر الجرائم التي تقترف في الدول المتقدمة وتحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا ولهذا تزايدت خطط مكافحتها وانصبت الجهود على دراستها المتعمقة وخلق آليات قانونية للحماية من أخطارها. وبرزت في هذا المجال المنظمات الدولية والإقليمية بقصور قوانينها الجنائية لما تتضمنه من نصوص التجريم التقليدية. فكان لا بد للعديد من الدول من وضع قوانين وتشريعات خاصة، أو العمل على تعديل قوانينها الداخلية من أجل ضمان توفير الحماية القانونية الفاعلة ضد هذه الجرائم.

إن أكثر مسألة بهذا الصدد مثيرة للجدل هي بدون شك مسألة تحديد قائمة جرائم الكمبيوتر وتحديد أنماط السلوك الإجرامي والأفعال المترتبة عليه وتبيين القوام القانوني لهذه الجرائم. ولقد أفرزت هذه المسألة خلافا وتباينا موضوعيا لدى الفقه الجنائي في مختلف النظم القانونية حول مدى انطباق نصوص القوانين الجنائية التقليدية على هذه الجرائم – على الأقل في السنوات الأولى لبروز الظاهرة وقبل أن تتجه الآراء للحسم لجهة عدم قابلية النصوص القائمة أو عجزها وعدم كفايتها للانطباق على هذه الأنماط الجديدة من الجرائم  الأمر الذى يستدعي تخريج باحثين في القانون الجنائي الإنترنتي أو بالأحرى فقهاء قانون أمن المعلومات!!

Share via
تابعونا على الفايس بوك