نصوص سماوية مقدسة..

نصوص سماوية مقدسة..

التحرير

نصوص  سماوية  مقدسة..

ونصوص تاريخية لا قداسة لها..

قضية د.نصر أبو زيد الأستاذ بكلية دار العلوم في مصر موضوع يحدث كل يوم في بلاد الإسلام . ولكن د. أبو زيد له منصب علمي مرموق . وأصحاب ورفاق ذوو شهرة كبيرة .. ولذلك أثارت قضيته زوبعة أحس الناس بها. وهذا نصر.. ليس للدكتور نصر أبو زيد وحده. وإنما نصر لحرية الفكر والعقيدة والضمير. لقد اتضح للكثيرين ممن لا يحسون بهذه القضية أن خفافيش الجمود والتعصب لهم صلة وثيقة بشياطين العنف والإرهاب وأن أصحاب الأسماء اللامعة من حملة الألقاب العلمية والمناصب الدينية هم شر من تحت أديم السماء .. منهم تخرج الفتنة، وإليهم تعود. وللأسف الشديد أن القضاء أيضًا أصابه التلوث .. فقد تسلل إلى مقاعده فريق من حجاج السعودية .. وهاهم يصدرون أحكامًا تتعلق بالدِّين ولا تستند إلى قانون سماوي.

ماهي جريمة د. أبو زيد؟ الحق أن ما نعرفه عنه هو ما ذكرته الصحف له أو ضده. ويتلخص في أنه نشر أراء لا تتفق مع مايراه أستاذ آخر يدعى د. عبد الصبور شاهين .. رئيس قسم اللغة العربية بالكلية، ومتحدث تلفزيوني معروف، ومستشار ديني لكبرى مؤسسات النصب والاحتيال. ولكن لا يعني هذا أن كل ما قاله د. أبو زيد كان صوابا .. أو أن كل ما ارتآه  د. شاهين  كان خطأ. الحكم على هذه الأمور يقتضي الاطلاع الواعي على أرائهم في في مصادرها.

والجريمة التي نسبت إلى د. أبو زيد هي أنه ينفي القداسة عن نصوص جاءت في كتب التراث. ومنها أقوال للإمام  الشافعي. وربما يكون د. ابو زيد قد شط في رأيه .. فلطالما شطح المفكرون. وربما يكون د. شاهين قد أدرك هذا واعترض عليه. هذا وارد مفهوم، وذاك وارد ممكن. فلا جريمة على أحدهما لو أن الأمر وقف عند الخلاف الفكري بين أستاذين. ولكن الجريمة الحقيقية هي تلك التي ارتكبتها الأمة حكومة وشعبا … إذ تحول الخلاف إلى إرهاب فكري على صفحات الصحف، وخطب دموية على منابر المساجد، ومظاهرات غوغائية في الطرقات، وقضايا ترفع أمام المحاكم .. تطالب بتكفير الأستاذ وتطليق زوجته الأستاذة!. ثم تصل الكارثة إلى أوجها، أو قل حضيضها، عندما يصدر حكم قضائي بالتكفير والطلاق!!

إن سبب هذه الجهالة الجهلاء. والضلالة العمياء، والغي الموفي بأهله إلى النار.. هو أن الأمة الإسلامية -إلا من عصم ربي- قد أغمضت عينها وأصمت أذنها عن إمام الوقت  .. من بعثه الله تعالى لإحياء مفاهيم الإسلام ..الحكم العدل الذي يقضي بين المذاهب ويزيل الخصام. لقد جاء الإمام المهدي والمسيح الموعود، ودعا الناس إلى المحجة البيضاء .. كتاب الله تعالى وسنَّة نبيه، بفهم سليم، وتطبيق صحيح. ولكن طواغيت الجهل وسدنة التعصب تصدوا له .. ولايزالون، فدأبهم التصدي -بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير- لكل نداء صادق ودعوة صالحة .

لقد علمنا الإمام المهدي والمسيح الموعود أن نصوص القرآن الكريم هي كلام الله في كتابه الذي تكفل بحفظه. وهي نصوص مقدسة باقية ما بقي الناس على الأرض، وأن سنة النبي محمد هي بوحي من الله تعالى … فهي نصوص مقدسة معمول بها إلى آخر الزمن، وأن الأحاديث المنسوبة إلى النبي -ما اتفق منها مع الكتاب والسنة- أقوال مقدسة، أما ما عدا ذلك من أقوال المفسرين وآراء المجتهدين وفتاوى المفتين فهي أقوال البشر .. ليس لها أية قداسة. بل هي نصوص تاريخية تحتمل الصدق والكذب. وتحتوي الصواب والخطأ. يؤخذ بها أو تنبذ .. بقدر اتفاقها أو خلافها مع النصوص المقدسة. ومن ثم فإن نقد رأي لعالم، أو تفنيد نظرية لمفسر، أو رفض فكرة لمجتهد … لا يعد عملاً سيئا أو خاطئا .. مادام الدافع إليه هو الوصول إلى الحقيقة. وما دام التعبير عنه يتم في إطار الأدب ومراعاة كرامات الناس. ولا يستحق فاعله -أصاب أو أخطأ- أن يرمى بالكفر أو الردة.

وما جاء الإمام المهدي والمسيح الموعود إلا ليحرر الأمة الإسلامية من ربقة التفاسير الفاسدة  والأحاديث الكاذبة. والمدراس الخاطئة، والأفكار المـَنْحَرفة، والعادات الذميمة التي تراكمت عبر القرون، وسودت أرتالا من الكتب، وأجيالا من العقول، فضلا عن مفاهيم قد تشعبت بالإسرائيليات والوثنيات … تجترها عقول متحجرة ونفوس متعفنة .. ترتزق منها وتحصل بها على المركز الاجتماعي بين الناس.

وقد تعامل هؤلاء الذين سماهم النبي قردة وخنازير مع سيدنا المسيح والمهدي، ولا يزالون يتعاملون مع جماعته بنفس الأسلوب الذي يذوق د. أبو زيد شيئًا من مرارته … وإن كان حجم الكذب والتلفيق والخبث، ودرجة الشراسة والفظاظة والعنف الذي يتبعونه مع الإمام المهدي وجماعته يفوق أي تصور أو تقدير.

وإذا كان الإمام المهدي وجماعته .. لا يجدون من الصحافة ورجال الفكر والسياسة من يحتجون ويُثيرون زوابع الاعتراض، بل أحيانا ينضم هؤلاء إلى جماعات الاضطهاد والتحريض وإشاعة الإفك … إلا أن الله تعالى هو الكفيل بالحفاظة والنصرة .. يثبتهم على الحق، ويعينهم على نوائب التعصب والجهل، وتزدهر الجماعة كل يوم وتتقدم إلى الإمام، وتضيء في الأفق مصابيح تبدد الظلام، وترون على الصفحات الاخرى من (التقوى) شيئًا من أخبار نصر الله، واقتراب الساعة .. ساعة الخلاص. هذا، ولطالما نشرت الجماعة الإسلامية الأحمدية المنشورات في كتب أصدرتها ومقالات على صفحات هذه المجلة وغيرها من مجلات الجماعة وصحفها … لتكشف للعالم الإسلامي بطلان ما يقوم به علماء آخر الزمان من ممارسات إرهابية متخلفة … اذ يتهمون مخالفيهم بالردة ويرمونهم بالكفر. وبينت الجماعة أن هذا العمل لم يكن أبدا من جانب أنبياء الله تعالى..  وإنما تخصص فيه أعداء الأنبياء الذين عميت قلوبهم عن الحق وامتلأت صدورهم بالوحشية وحب العنف وإسالة الدماء.

ولسوف نعيد نشر بعض هذه المقالات التي تبين أنه ليس لأحد من البشر .. فردًا أو جماعة .. حاكمًا أو محكومًا … أن يرمي غيره بالكفر لأن الكفر مسألة تتعلق بالقلب والضمير، فيعلن المرء إيمانه أو كفره بنفسه صراحة.

فإذا أعلن كفره وارتداده عن دينه فليس لأحد من البشر مطلقًا أن يعاقبة أو يحرمه من حقوقه الإنسانية. نعم ، يمكن لمن شاء أن يقاطعه اجتماعيا، ولكن لا يملك ولي الأمر أن يعاقبه أو يحرمه من حقوقه المدنية، إن عقوبة المرتد من الأمور التي استأثر بها الله تعالى … لأنه -سبحانه- العليم الخبير المطلع على حقيقة مافي القلوب.

ولسوف يتبين للقاريء أن الله تعالى لم يعط هذا الحق لأحد .. حتى ولا لنبيه ، كما أن سيدنا المصطفى لم يعاقب مرتدا قط لارتداده .. وإنما لأن من ارتد جمع إلى ردته جريمة أخرى.. يعاقب عليها الشرع الإسلامي، بل والشرائع السماوية والدنيوية أيضًا.

المحرر

Share via
تابعونا على الفايس بوك