التبشـير بثالوث ثقافي جديد!!!

التبشـير بثالوث ثقافي جديد!!!

التحرير

عجبا لحال كثير من شباب البلاد العربية والإسلامية كيف صاروا منـزوعي الهوية فارغي الفكر، مَائِعِي المظهر، مقلدين لمفردات حياة الغرب، تتقاذفهم أَنْمَاطُ الثقافة السلبية الهابطة عبر ما يبثه الإعلام الهائج المُتَكَدِّر المثير للغرائز فاستعمر آفاقهم وأمسك بعقولهم.. شبابٌ غِرٌّ في غفلة عن ثقافته وهويته الروحية الإسلامية فإذا به على غير هُدًى!.. فها هي الصحف والمجلات تطالعنا بين الفينة والأخرى بخطر يتعاظم  شَرَرُهْ وتَضْطَرِمُ ناره يوما بعد يوم، وعاما بعد عام، إنها حرب من نوع آخر لا تقل خطورتها عن الحرب المادية، بل قد تُضَاهِي ذلك كله في الإفساد والتخريب! حيث ظواهر غريبة ومفاسد عجيبة على مختلف الأصعدة، من انحراف أخلاقي وسلوكي وتغريب ثقافي وهلم جرًّا إلى التنصير.. إنها حرب ثقافية حضارية ذات أقانيم ثلاث: أولها التغريب، ثانيها التمييع، ثالثها التنصير، إنه ثلاثي ثقافي جديد ابتكره أحفاد بولس من بُنَاة الحضارة الغربية!.. وعليه فإن هذا الثالوث الجديد هو مشروع قائم بذاته تُرصد له أدوات وإمكانات متعددة للترويج له في البلاد العربية والإسلامية، وليس صعبا تتبع مصادره ومظاهره وأدواته عبر مناهج المراكز الثقافية الغربية المعتمدة في العالم الإسلامي أو أجهزة الإعلام الفـضائي المُوَجَّه إليه! أو المحطات التي تنوب عنه في القيام بنـفس الدور المُناط بها بمنظور الرؤية الثقـافية الغربية المتدنيـة التي تنطق بألسنتـنا أو تستعير مسميات عربية.

إنه تيار فكري خطير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية ودينية وفنية، يرمي إلى صبغ العالم بطابع الأسلوب الغربي، وذلك بهدف إقصاء الشخصية المستقلّة والمستقيمة والخصائص الثقافية والروحية، وجعل العالم بأسره أسيرًا للجانب السلبي للحضارة الغربيّة مكبلا في أغلالها.

لقد حقّقت حركة التغريب الفاسدة بعض النجاحات، واستطاعت أن تتغلغل في مختلف بلاد الشرق من بينها العالم الإسلامي وذلك إبان الحقبة الاستعمارية، أما اليوم فقد حطت رحالها في كثير من البلاد بحيل دجالية مسخت فيها الهوية واستهترت فيها بالقيم الأخلاقية الإسلامية العظيمة واستبدلتها بأنماط تفكير وسلوك مستهجن لا يتوافق ومبادئ الدين الحنيف، حيث أصبح تمييع الأخلاق دينا جديدا يتم التبشير به بالتأكيد على عدة مفاهيم باطلة من اعتبار سفور المرأة قمة التحضر والتحرر الذي لا بد منه لهذا العصر، بينما الحجاب والعفاف ليس إلاَّ تزمتا وتقهقرا لا يتماشى وعصرنا وكأنه حالة ظرفية في زمن الأولين!، كما احتل الطعن في نظام تعدد الزوجات قمته بتسفيهه وتجاهل سياقاته وحكمه إلى الحث على اتخاذ الخليلات والرفيقات والصديقات تحت شعار الانفتاح والتواصل! أما قطاع الشباب فلم تقدم له حركة التغريب والتمييع شيئا سوى ما أسموه بالتثقيف الجنسي ليكون منهج دعاية وإباحية بديلا للعفاف وطهارة النفس وصيانتها!

إنها حرب ثقافية حضارية ذات أقانيم ثلاث: أولها التغريب، ثانيها التمييع، ثالثها التنصير، إنه ثلاثي ثقافي جديد ابتكره أحفاد بولس من بُنَاة الحضارة الغربية!..

أما حركة التنصير فقد آلت على نفسها الاستفادة من كل هذه العوامل التي تؤدي إلى إفراغ البعد الروحي الاسلامي في الشخصية المسلمة إن لم تكن هي مكملة لهذا المخطط والوارث له، حيث أن المتتبع لمنهج المنصرين وأجهزة إعلامهم منذ فترة قريبة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر الإرهابية ليرى بأم عينيه النهج المتبع لدى هيئات التنصير الذي يعتمد في الدعوة إلى المسيحية بأسلوب بث الشبهات في الإسلام والتشكيك في القرآن والنبوة المحمدية!!، إنه نهج متعمد لا يقل خطرا عن أهداف التغريب والتمييع إن لم يكن مكملا له، فالحملات والبعثات المسيحية خلال القرن الماضي كما يشهد التاريخ كانت دوما طابورا خامسا تتخفى من ورائه القوى الاستعمارية بما يمهد لها السبيل في الوصول إلى أهدافها. وها هو القسيس الشهير (صمويل زويمر) يقول في محاضرة للمبشرين، في القدس عام 1935: “إن مهمة التبشير التي نَدَبَتْكُمْ دول المسيحية للقيام بها في البلاد المحمدية، ليست لإدخال المسلمين في المسيحية، فإن في هذا هدايةً لهم وتكريما، إن مهمتكم أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقا لا صلة له بالله، وبهذا تكونون قد أخـرجتم المسلم من الإسـلام ولم تدخلوه في المسيـحية، ويأتي النشء الإسـلامي مطابقا لما يراه الاستعـمار.. لا يهتم بعـظائم الأمور ويسـعى للحـصول على الشهـوات بأي أسلوب”.

نسأل الله أن ينجي الأمة من شرور هذه الفتنة فتنة المسيح الدجال بِأبعادها الدينية والمادية والثقافية على حد سواء، والتي حذر منها محمد المصطفى أمته أنها ستكون من أشـد الفتـن، وأن يلـوذوا بمن جاء وفق وعده سبحانه إماما مهديـا ومسيـحا موعـودا لتخلـيص الأمة مـن النوازع الصليـبيـة والخنـزيرية اللتين هما إحدى أبرز مميزات وجه حضارة الغـرب.

Share via
تابعونا على الفايس بوك