انعقاد الجلسة السنوية الثلاثين لجماعتنا في بريطانيا

انعقاد الجلسة السنوية الثلاثين لجماعتنا في بريطانيا

  • في جو ترتفع فيه الأنغام بحمد الله تعالى والصلاة على محمد ..
  • تجاوز عدد الحضور 12 ألفًا، توافدوا من أكثر من 65 بلدًا..
  • خطابات روحية مثيرة للإمام – أيده الله..
  • في هذه السنة وحدها دخل في الجماعة 845 ألفًا من 94 بلدًا من 126 شعبًا..
  • بث أحداث الاجتماع عبر قناة  MTA الفضائية..

عقدت الجماعة الإسلامية ببريطانيا اجتماعها السنوي التربوي الثلاثين من 28-30 يوليو 1995 في ساحة إسلام آباد –تلفورد- بمقاطعة صَري. اشترك فيه أكثر من 13 ألفًا من أعضاء الجماعة والضيوف من كل أنحاء العالم. ألقيت فيه خطب ومحاضرات علمية تربوية. وترأس الاجتماع أمير المؤمنين سيدنا مرزا طاهر أحمد.. إمام الجماعة والخليفة الرابع لسيدنا المهدي.

بدأت تحضيرات الاجتماع قبل موعده بشهور. وقام أمير المؤمنين بتفقد هذه التحضيرات يوم 23 يوليو، وأشاد بجهود المتطوعين، وحثهم على الحفاظ على رحيق حب الله والروحانية في كل أعمالهم.

اليوم الأول

افتتح حضرته الاجتماع افتتاحًا رسميًا بعد صلاة الجمعة 28 يوليو برفع لواء الأحمدية وسط هتافات “الله أكبر”، والصلوات على الرسول .. بينما قام أمير الجماعة بالمملكة المتحدة.. السيد آفتاب أحمد خان برفع علم المملكة. وفي الثالثة والنصف جاء حضرته إلى خيمة الرجال ودعا الأستاذ محمد حلمي الشافعي لقراءة آيات من الذكر الحكيم إيذانًا ببدء هذا الاجتماع التربوي.

ثم بعد إنشاد قصيدتين دينيتين ألقاهما بعض الإخوة بدأ أمير المؤمنين الخطاب الافتتاحي، فرحب فيه بالحضور الذين جاؤوا من مختلف أنحاء العالم فقط لوجه الله تعالى، وتحملوا المشاق والنفقات للسفر. وحثهم على التغني بذكر الله في هذه الأيام خاصة.. لأنهم ما تحملوا عناء وتكاليف السفر إلا لهذا الغرض.

وقال حضرته أن هذا الاجتماع قد صار عالميًا حيث يشترك فيه في هذه الساعة الإخوة من كل أكناف الأرض بمشاهدته عبر القمر الصناعي – بعضهم في وقت الليل، وبعضهم في النهار، وعند البعض يحل المساء، وعند البعض تشرق الشمس.. البيض والسود والصفر والسمر.. كلهم يشتركون في الاجتماع معًا. فهذه ميزة ينفرد بها هذا الاجتماع في العالم كله.

ثم ذكر حضرته أحاديث للرسول في أهمية وعظمة ذكر الله تعالى وحثهم على الذكر قائلاً: الانقلابات لا تحدث في الدنيا بمجرد كلمات، بل تحدث بذكر الله تعالى.. ذكر ينبع من القلوب ويسري في الكيان مع الدم.. ذكر تنبض به القلوب ويستولي على الأفكار والأماني. مثل هذه الأفكار المتجسدة نريد خلقها، ولأجل ذلك تحملتم مشاق السفر وحضرتم الاجتماع.

واقتبس حضرته كلمات من كتابات مؤسس الجماعة سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني حيث قال:

“يبايع الناس على يدي أنهم سوف يؤثرون الدين على الدنيا، ولكنهم عندما يرجعون ينسون ذلك العهد. فما الذي تجديهم مثل هذه البيعة؟ لقد قيدتهم الدنيا. لو كانوا في الحقيقة يؤثرون الدين على الدنيا لتخلصوا من مشاغل الدنيا للحضور” (الملفوظات ج 1، ص 152)

وذكر أمير المؤمنين أهداف الاجتماع على لسان سيدنا المهدي والمسيح الموعود فقال:

  • من منافع هذا الاجتماع أن يحضر المبايعون الجدد في أيام محدودة، ويروا وجوه إخوانهم الذين سبقوهم في الإيمان، ويتعرفوا عليهم ليزدادوا حبًا وتوددًا وتعارفًا.
  • ليدعو الإخوان بالمغفرة لكل أخ لهم يرحل عن هذه الدنيا أثناء السنة.
  • لندعو الله جل شأنه من أجل توحيد جميع الإخوان روحانيًا، وإزالة ما يعلق بهم من جفاف روحاني ونفاق.
  • ولهذا الاجتماع فوائد روحانية أخرى ستظهر بإذن الله تعالى بمرور الأيام (الخزائن الروحانية ج 34، آسماني فيصلة ص 352).

ثم نصح حضرته المسلمين الأحمديين قائلاً:

  • إنني أنصح جماعتي في كل العالم أن يحدثوا تغيرات طيبة الآن قبل فوات الأوان. وهذا الانقلاب لا يحدث إلا بذكر الله، بذكر توحيده. إن ذكر توحيده غالب على كل ذكر، ويوحد كل الإنسانية، حيث يتغلب حب الله على كل حب سواه. ومثل هذا الذاكر لا يبقى وحيدًا، بل ينضم إليه عباد الله الآخرون. دنيا اليوم متفرقة، والمؤسسة العالمية التي تدعى “الأمم المتحدة” أيضًا مشتتة. إنها مجموعة مصطنعة بقلوب شتى متعادية لا حقيقة لها. ليس فيها شعب يتحلى بصفة الإيثار والنصيحة للغير وينوي حقًا توحيد الناس. كل قوم منها يعبد نفسه. فهل يستطيعون أن يوحدوا العالم؟ لا تغتروا بالأسماء. ولكنكم أنتم اتحدتم لوجه الله تعالى، وأنتم الذين تخلقون “الأمم المتحدة” التي تكون لله وللرسول محمد ، وسوف تغلب كل العالم، ويربط كل قلب في سلك الحب وتوحد الناس، وسوف تشرب عندئذ كل الأمم من عين واحدة.

ثم قال حضرته: لقد صرح سيدنا المهدي والمسيح الموعود :

لا تعتبروا هذا الاجتماع عاديًا، بل هذا الأمر يتأسس خالصًا على تأييد الحق وإعلاء كلمة الإسلام. وقد أرسى الله حجر أساسه بيده، وقد أعد له أممًا سوف ينضمون إليه. وهذا فعل رب قادر لا شيء يستحيل أمامه.

ثم قال حضرته: انظروا كيف أن الله قد حقق هذا الوعد بكل روعة. ففي اجتماع اليوم يشترك المندوبون من مختلف الشعوب والقارات. ثم دعا حضرته الوفود ليدلوا بشهادتهم على تحقق هذا النبأ، وفي كل مرة يقف الوفود ويشهدون. كان المشهد الروحاني رائعًا حماسيًا، حيث كانت الوفود تقف وتشهد وتهتف بهتافات التكبير والحمد لله والصلاة على النبي .

ثم دعا حضرته رئيس الوفد الألباني إلى المنصة وعانقه وأعلن أن عدد المسلمين الأحمديين الألبان في ألبانيا قد وصل إلى 45 ألفًا بعون الله.

وقبل إنهاء أمير المؤمنين لخطابه ذكّر الإخوة قائلاً: اعلموا وتذكروا جيدًا أن إنجازات نبينا الكريم سيدنا محمد المصطفى إنما كانت تتم بالدعاء، وهذه الأفضال إنما تتنزل عليكم اليوم بفضل وبركة دعائه . هذا هو إيماني ويقيني. ثم أنهى حضرته هذه الجلسة الافتتاحية بالدعاء الجماعي.

تجدون الخطبة الافتتاحية كاملة في هذا العدد:

اليوم الثاني

وفي اليوم الثاني 29 يوليو كانت هناك محاضرات لعلماء الجماعة بالأردية والإنجليزية، إلى جانب خطب لبعض الضيوف الكبار من داخل وخارج بريطانيا.. الذين أشادوا بجهود الجماعة لجمع الإنسانية على يد واحدة.

وقبل الظهر ألقى سيدنا أمير المؤمنين خطابًا للسيدات في خيمتهن يدور حول “المرأة والحجاب”، بيّن فيه أن على السيدات الأحمديات أن يحافظن على “روح الحجاب” فإنه لحمايتهن. ونصح حضرته بعدم التحرر من الحجاب من ناحية، مع عدم التشدد من ناحية أخرى في حدوده. كما ذكر حضرته أن الحجاب يتغير بتغير السن والظروف، ولكن روح الحجاب يجب أن تبقى كما هي. مثلاً إذا كان القرآن قد سمح للعجائز اللاتي لا يرجى الزواج منهن أن يتحجبن مثل الفتيات أي “أن يضعن ثيابهن”، فإذا أردن الاستفادة من هذه الرخصة فعليهن أن يأخذن الحيطة. فإذا خرجن لا يتجملن فلا يستخدمن أحمر الشفاه على سبيل المثال. ثم المرأة التي تعمل.. فيجب أن تكون محتشمة في ملبسها، وقورة في تصرفاتها.

ثم إذا كان الإسلام قد سمح للمرأة بالتجمل فهذا في بيتها أو بين النساء، لا أن تتجمل فتخرج إلى الشوارع متبرجة ليشبع الأشرار فيها نظراتهم الشريرة. وذكر أمير المؤمنين أن هناك العديد من الفتيات الأحمديات في الغرب يدرسن ويعملن وهن متحجبات مع الحفاظ على روح الحجاب.

وفي الجلسة المسائية بعد صلاة العصر تناول أمير المؤمنين في خطابه الثالث بيان الأفضال النازلة خلال هذه السنة على الجماعة. وذكر أن المشائخ في باكستان في السنين الماضية هدموا وخربوا أو استولوا على مساجد المسلمين الأحمديين.. بتشجيع من الحكومات المختلفة في باكستان، ولكن الله عوضنا عنها بالكثير. فالمساجد التي خربوها في باكستان لا تتجاوز بضعة وعشرين.. ولكن الله تعالى قد وهب لنا مئات المساجد مع أئمتها والمصلين التابعين لهم، وذلك في أفريقيا.

كما ذكر حضرته أن من عظيم منن الله علينا محطتنا الفضائية MTA، فهي تكتسب شعبية كبيرة في كل العالم، وخاصة بين العرب، فهناك عديد منهم قد دخلوا في جماعتنا عن طريق البرامج المذاعة عبرها، وكثير غيرهم يهنئوننا على برامجها، ويسألوننا مد وقت برامجها العربية.

اليوم الثالث

في صباح هذا اليوم بدأت الجلسة كالمعتاد بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، وألقى الضيوف الكرام كلماتهم، إلى جانب خطباء ألقوا خطبهم بالأردية والإنجليزية. وفي الحادية عشرة قبل الظهر بدأ “برنامج الأسئلة والأجوبة” في خيمة خاصة، مع نقله تلفزيونيًّا إلى سرادق الرجال وسرادق السيدات في نفس الوقت. وقد وجه الضيوف من الرجال والنساء المنتمون إلى مختلف الأديان والشعوب أسئلتهم إلى أمير المؤمنين -أيده الله بنصره العزيز- فأجاب عليها حضرته. واستمر هذا البرنامج الشيق لمدة ساعتين تقريبًا.

البيعة العالمية

وبعد ذلك عقدت بيعة عالمية اشترك فيها كل الحاضرين في الاجتماع. كما بايع معهم -عبر البث المباشر للقناة الفضائية الإسلامية الأحمدية- آلاف مؤلفة من كل أنحاء العالم في وقت واحد.

وقبل هذه البيعة العالمية أعلن أمير المؤمنين أن أكثر من 845000 من الأحمديين الجدد في هذه السنة من كل أنحاء العالم سوف يبايعون، وأن هناك ممثلين لهؤلاء الأحمديين الجدد سوف يبايعون على يدي.. أما إخوانهم الآخرون فسوف يرددون كلمات البيعة في لغاتهم وراء المترجمين في مايكروفونات.. وكل واحد سوف يعرف لغته ويردد البيعة. إنها بيعة عالمية فريدة.. ما رأت السماء والأرض مثلها من قبل. فاللهم صلي على محمد وعلى آل محمد.

كان هناك خمسة إخوة ممثلين للقارات الخمس، وضعوا أيديهم في يد أمير المؤمنين مباشرة. ولما بدأ أمير المؤمنين يردد كلمات البيعة ويردده بعده الحضور.. كان المشهد رائعًا حماسيًا روحانيًا بحيث لا يملك الإنسان نفسه من الرهبة والجلال والروعة. وكلمات البيعة هي:

أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله (تردد مرتين)

أبايع اليوم على يد (طاهر أحمد) وأنضم إلى الجماعة الإسلامية الأحمدية.

وأتوب إلى الله من جميع ذنوبي السابقة، وسوف أسعى جهد طاقتي لاجتناب الذنوب والمعاصي كلها. ولن أشرك بربي أحدًا، ولن أتبع الأهواء النفسية، لن أغتاب، ولن أؤذي أحدًا من خلق الله، وسوف أؤثر الدين على الدنيا، وأجتهد في العمل بجميع أحكام الإسلام، وسأسعى جاهدًا لتعلم وتعليم القرآن المجيد والسنة النبوية وكتب الإمام المهدي والمسيح الموعود، وسوف أطيعكم في كل ما تأمرونني به من المعروف.

كما أؤمن بأن سيدنا ونبينا محمدًا هو خاتم النبيين. وأصدق بكل ما ادعى به الإمام المهدي والمسيح الموعود .

أستغفر الله ربي من كل ذنب وأتوب إليه (تردد ثلاثًا).

رب إني ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت.

ومما هو جدير بالذكر أنه وقت البيعة كان أمير المؤمنين يرتدي معطفًا لسيدنا الإمام المهدي تبركًا. كما يجدر بالذكر أيضًا أن مراسم البيعة العالمية نقلت مباشرة إلى كل أنحاء الأرض عبر القمر الصناعي. وكانت هناك ترجمة فورية وتعليق حي بعشر لغات لهذه الأحداث الرائعة.

وانتهى هذا المشهد الرائع بدعاء جماعي أمَّه سيدنا أمير المؤمنين- أيده الله تعالى

الجلسة الختامية

بعد صلاة الظهر في الثالثة ألقى الضيوف الكرام كلماتهم. وعند تشريف أمير المؤمنين في الساعة الرابعة تقريبا بدأت الجلسة بتلاوة من الذكر الحكيم. ثم ألقى مجموعة من شباب العرب من الكبابير.. قصيدة لسيدنا الإمام المهدي – في مدحه لسيدنا محمد المصطفى مطلعها:

عِلمي من الرحمان ذي الآلاء

بالله حُزْتُ الفضلَ لا بدهائي

وقد سعد بسماعها الحاضرون.

ثم استهل أمير المؤمنين خطابه النهائي لهذا الاجتماع بذكر الخزي والهوان الذي صبّه الله على رؤوس المشائخ المعادين لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود – فحقق بذلك وعده سبحانه وتعالى لحضرته حيث قال له: “إني مهين من أراد إهانتك”. وسوف تطلعون على ما ورد في خطابه القيم في الأعداد القادمة من (التقوى) إن شاء الله تعالى، وأذكر هنا حادثا فيه عبرة لمن يعتبر.

كان شيخ من بلدة تشنيوت القريبة من مركز الجماعة – ربوة بباكستان، قد سبَّ سيدنا المهدي وخلفاءه في خطاب له، وتجرأ هذا الخبيث وتطاول لدرجة أن قال أن مؤسس الجماعة قد مات في المرحاض- والعياذ بالله. ولما انتهى المؤتمر الذي تقيأ فيه كلماته القذرة الخبيثة هذه.. رجع ماشيا إلى بيته. وفي ظلمة الليل سقط في بالوعة مفتوحة مليئة بالبراز. وفي الصبح عثر المارة على جثته الملطخة، أخرجوها من مرحاض البلدة كلها بصعوبة.

واستمر خطاب أمير المؤمنين إلى أكثر من ساعتين ونصف، واختتمه حضرته بدعاء جماعي شارك فيه الحاضرون والمشاهدون للبرنامج في مختلف أنحاء المعمورة. ثم حيا حضرته أحبابه بعيون دامعة ودعوات خالصة.

وقد عاد المشاركون جميعا إلى بيوتهم وأوطانهم سالمين غانمين، شاكرين ربهم حامدين فضله العميم. وكل عام وجماعة محمد في الآخرين.. جماعة المسيح المحمدي.. في تقدم وازدهار.. من فتح إلى فتح، وحفظ الله الخلافة الأحمدية الراشدة. آمين!

Share via
تابعونا على الفايس بوك