لا تخرجوا مِن رِبقتهم
  • سنة الله في إصلاح العالم.
  • واجبنا تجاه حكوماتنا على اختلافها.

__

واعلموا أنكم إن كنتم صالحين لأصلحَ الملوك لكم، وكذلك جرت سُنّة الله لقوم يتّقون. وانتهوا من إطراء ملوك الإسلام واستغِفروا لهم إن كنتم تنصحون. ولا تتقدّموا إليهم بموائد فيها سمٌّ فيأكلون ويموتون. وأنتم تعيشون معهم في رخاء وتغترفون من فُضالتهم، فإنْ مسَّهم ضرٌّ فكيف تُعصَمون؟ وإنهم ملكوا رقابكم وأعراضكم وأموالكم، فانصحوا للذين يملكون. وقد جعلهم الله لكم كمُعِدّات، وجعلكم لهم كآلات، فتعاونوا على البر والتقوى إن كنتم تخلصون. ونَبِّهوهم على سيئاتهم، وأَعثِروهم على هفواتهم، إن كنتم لا تنافقون.

ووالله إنهم قوم لا يؤدّون حقوق عباد أُمِّروا عليهم ولا يحافظون الفرائض ولا يتعهّدون. وتعرفونه بوجه أكسَفَ مِن بالهم وزيٍّ أوحشَ من حالهم، كأن بواطنهم مُسخت، وكأنهم أُنشِئوا في ما لا يعلمون. وتالله إنّا نرى أن قلوبهم قاسية بل أشدّ قسوةً من أحجار الجبال، وإنّ طبائعهم متوقدة ولا كالنمور وأفاعي الدِحال، وإنهم قوم لا يتضرّعون. فثبت من هذه الأفعال والأعمال، أنهم أسخطوا ربهم واختاروا طرق الضلال، وأكلوا سمًّا زعافًا ثم أشركوا فيه رعاياهم فلهُمْ سهمانِ من الوبال: يرِدُون جهنم ويُورِدون. وكل ما نزل على الإسلام فهو نزل مِن سوء أعمالهم وفساد الأفعال. فهل فيكم رجل يُفهِّمهم نتائج هذه الخصال، أيها المتكلّمون؟ فإنهم قوم ضيّعوا دينهم للأهواء والأعمال، وصاروا كأحولَ في جميع الأحوال، بل أراهم عُمْيًا لا يبصرون. ولا أقول لكم أن تخرجوا مِن رِبقتهم وتقصدوا سبيل البغاوة والقتال، بل اطلبوا صلاحهم من الله ذي الجلال لعلهم ينتهون. ولا تتوقّعوا منهم أن يُصلحوا ما أفسدت أيدي الدجّال، أو يقيموا الملّة بعد تهافُتها وبعد ما ظهر من الاختلال، ولكلّ موطنٍ رجال كما تعلمون، وهل يُرجى إحياء الناس من الميّت أو الهداية من الضال، أو المطر من الجَهام، أو الولوج في سَمّ الخياط من الجِمال؟ فكيف منهم تتوقعون؟ (الهدى والتبصرة لمن يرى، 31 – 33)

Share via
تابعونا على الفايس بوك