من ينابيع العلم الصحيح والمعرفة النقية

المسيح الناصري في الهند(1)

هذا الكتاب القيم لسيدنا الإمام المهدي يعتبر عملا متميزا ومعلما هاماً في مسيرته الدينية والعلمية والأدبية. فلقد سلط الكتاب الضوء على حياة المسيح الناصري ووفاته بأسلوب بحثي علمي متفوق وبأدلة لا يملك القارئ اللبيب إلا التسليم بها. ولئن كان المؤلف قد تلقى هذه الحقائق بوحي من الله العليم الحكيم إلا إنه قد سلك في هذا الكتاب مسلكاً بحثياً علمياً محضاً وقدم الأدلة الدامغة الشافية الوافية البينة من مصادر عديدة متيسرة في متناول الجميع وبين أيديهم. ولقد جاء الكتاب في أربعة أبواب. الباب الأول يتناول الشواهد من الإنجيل على حقيقة حياة المسيح وأنه قد نجا من حادثة الصلب، وقام بالعديد من الأعمال بعد هذه الحادثة، وأن عقيدة النصارى واليهود في قتله على الصليب عقيدة باطلة ينقضها الإنجيل نفسه. ثم يتناول في الباب الثاني شواهد القرآن الكريم والحديث الشريف التي تؤكد نجاته من الصليب وانتقاله إلى مكان آخر، حيث آواه الله وأمنه بعد الظلم والعذاب، وتؤكد قيامه بالعمل الموكل إليه قبل أن يتوفى عن سن متقدمة جاوزت المائة والعشرين عاما. ثم بين في الباب الثالث الشواهد التي وجدت في كتب الطب والتي يتداولها العلماء منذ مئات السنين والتي تذكر” مرهم عيسى ” وتبين تركيبته وتذكر أن الحواريين قد استخدموه في علاج جروح المسيح الناصري . وتناول في الباب الرابع الشواهد من كتب التاريخ القديم والحديث، فلقد أخرج من بطون الكتب ما يذهل القارئ من فقرات تتحدث عن رحلات المسيح وتؤكد أنه قد وصل إلى الهند وأنه قد ألقى عصى التسيار فيها. ثم استنتج الدلائل على أن القبر الموجود قي سيرينغر، كشمير في حارة خان يار والمسمى بضريح ” يوز آصف ” ما هو إلا قبر المسيح الناصري . ولقد اقتبس سيدنا الإمام المهدي من كتاب العلماء والباحثين الغربيين ما اعتقدوا به من أن المسيح قد انتقل إلى الهند وما وجدوه من تشابه كبير بين البوذية والمسيحية. ولقد بين سيدنا الإمام المهدي في مقدمة الكتاب أنه سيجعله في عشرة أبواب. فبالإضافة إلى الأبواب الأربعة المذكورة أراد أن يضيف باباً عن الدلائل التي وصلت بالمشافهة المتواترة، وباباً آخر عن القرائن المتعاضدة التي تشد بعضها بعضاً، وباباً عن الأدلة العقلية، وباباً عن الأدلة التي تلقاها بالوحي المقدس. ثم أراد أن يفرد باباً للمقارنة الموجزة بين الإسلام والنصرانية والبراهين الدالة على صدق الإسلام، ثم ينهي الكتاب بكلمة ختامية تشرح الهدف من بعثته والبراهين على أنه هو المسيح الموعود.

ولقد تدخلت الإرادة الإلهية فلم يشأ الله تعالى أن يخرج الكتاب بالصورة التي أرادها واقتصر على الأبواب الأربعة الأولى. ولعل الله تعالى قد أراد أن يخرج هذا الكتاب في صورته الحالية ليكون بحثا علميا مجردا بحجج قوية لا يردها عاقل أو لبيب، ويحقق هذا الكتاب أيضاً الإيجاز ليكون سهل القراءة والتداول. أما ما أراد شرحه في الأبواب الأخرى فلقد احتوت أعماله الأخرى. معظم هذه الأغراض بشكل مطول كاف وواف. ولقد كشف الكتاب جانباً آخر من عبقرية سيدنا الإمام المهدي  ونبوغه، فبرهن هذا الكتاب أنه بحاثة لا يشق له غبار، كما برهنت أعماله الأخرى على تقواه وصدق طويته وحماسه المنقطع النظير للإسلام، وعلى قدرته المبهرة في استنباط المعارف القرآنية وسوق الحجج والدلائل، وعلى مقدرته الأدبية بألسنة الإسلام الرئيسية الثلاث. وعلى كونه كاتباً عربياً ينهل من المصدر والمعين العذي لهذه اللغة المقدسة. ولقد بين أن هذا الكتاب ما هو إلا مواساة للمسلمين الذين ينتظرون مسيحاً سفاكا للدماء، ما زال حياً في السماء، يكره الناس على الدخول في الإسلام بالسيف، فينقض تلك الفكرة الباطلة ويزيل الآثار السيئة التي تركتها على الحالة الخلقية للمسلمين. كذلك هو مواساة للنصارى بتبيان أن الإله الحق منزه عن الولادة والألم والضعف البشري. وها نحن نقدم هذا الكتاب القيك للقراء في حلقات آملين أن يحقق الفائدة المرجوة منه. (التقوى)

*ملاحظة: الهوامش التي كتب في آخرها (المؤلف): هي من سيدنا الإمام المهدي أما التي كتب في آخرها (المترجم): فهي من توضيح هيئة المترجمين.

المقدمة:

هدفي من تأليف هذا الكتاب هو أن أرد على تلك الأفكار الخاطئة والخطيرة التي هي متفشية في معظم فرق المسلمين والمسيحيين حول أوائل حياة المسيح وأواخرها؛ وذلك ببيان الحوادث الصحيحة والشواهد التاريخية الكاملة المحققة بمنتهى الدقة، بالإضافة إلى الوثائق الأجنبية القديمة.. أعني أن أرد على تلك الأفكار التي من شأن نتائجها المروعة أن تهدم بناء التوحيد الإلهي؛ وليس ذلك فحسب، بل ما زال تأثيرها السيئ والسام للغاية ملحوظا في الحالة الخُلقية للمسلمين في هذه البلاد. وبسبب الاعتقاد بهذه الأساطير الخرافية والقصص الواهية، فإن كثيراً من الأمراض الروحانية، كسوء الخُلق وسوء الظن وقسوة القلب والجفاء، لآخذة في الانتشار في معظم فرق الإسلام؛ بينما أخذت الصفات الإنسانية النبيلة، كالمواساة والتراحم والإنصاف والتواضع، تتلاشى فيهم يوماً بعد يوم، بحيث أوشكت أن تغادرهم نهائياً. وبسبب هذه القسوة والانحراف الخُلقي، نجد كثيراً من المسلمين وكأنهم لا يختلفون عن السباع إلا قليلاً. ففي حين نرى أحداً من أتباع الجيْنية[2] أو أتباع البوذية يتجنبُ حتى قتْل بعوضة أو برغوث، نجد معظم المسلمين مع الأسف الشديد لا يخشون، عند سفك دم بغير حق أو إزهاق نفسٍ بريئةٍ، أخْذَ ذلك العزيز المقتدر الذي اعتبر نفس الإنسان أغلى بكثير من سائر حيوانات الأرض.

فما هو سبب هذه القسوة والهمجية والغلطة يا تُرى؟! إنما السبب هو أن مثل هذه القصص الخرافية والنظريات الخاطئة حول الجهاد تُصب في مسامعهم وتُرسَّخ في قلوبهم منذ طفولتهم؛ الأمر الذي يجرفهم شيئاً فشيئاً إلى الانهيار الخُلقي، حتى إن قلوبهم لم تعد تشعر ببشاعة هذه الأعمال المنكرة؛ بل إن الذي يقتل شخصاً بريئاً على حين غفلة منه، دافعاً أهله وعياله إلى هوة الويل والهلاك، يحسب أنه قد أحرز مفخرة عظيمة لقومه!

وبما أن المواعظ الرادعة عن هذه السيئات لا تُلقى في بلادنا، وإن حصل منها شيء فإنما يكون من باب المصادفة، فلذا نجد أفكار عامة الناس مائلةً إلى هذه الأعمال المثيرة للفتن ميلاً شديداً. وقد سبق أن ألَّفتُ، شفقة على قومي، كتباً عديدة باللغات الأردية والعربية والفارسية صرّحت فيهالا بأن فكرة الجهاد (العدواني) لدى المسلمين اليوم وانتظارهم لإمام سفاك للدماء، وبُغضهم للأمم الأخرى، كل ذلك ليس إلا بسبب خطأ وقع فيه بعض العلماء القليلي الفهم. أما الإسلام فلا يأذن برفع السيف إلا في حرب دفاعية، أو في محاربة الظالمين المعتدين عقاباً لهم، أو في الحرب التي تُشنُّ حفاظاً على الحريات المشروعة. والحروب الدفاعية إنما هي تلك التي يُلجأ إليها لرد عدوان العدو الذي يهدد حياة الناس. هذه الأنواع الثلاثة للجهاد المشروع، وإلا فإن الإسلام لا يُجيز شن الحرب لنشر الدين، بأية صورة كانت.

وخلاصة القول إنني قد وزعت كثيرا من الكتب بهذا الموضوع ببذل أموال كثيرة في هذه البلاد وفي بلاد العرب والشام وخراسان وغيرها. وبفضل الله تعالى قد وجدت الآن، لاستئصال مثل هذه العقائد الباطلة الزائفة من القلوب، أدلّةً قويةً وشواهدَ بيّنةً وقرائنَ يقينيةً وشهادات تاريخيةَ، تُبشّرني أشعّةُ صدقها بأن انتشارها سوف يؤدّي عن قريب إلى تغيّر مدهش في قلوب المسلمين ضد هذه العقائد الباطلة. وهناك أمل قوي أنه بعد تفهُّم هذه الحقائق سوف تنفجر من قلوب أبناء الإسلام السعداء عيون باهرة الجمال عذبة المياه من الحلم والتواضع والرأفة، وإن تغيُّرهم الروحاني هذا سوف يجلب لهذه البلاد سعادة وبركة كبيرتين. وكذلك فإنني على يقين بأن علماء المسيحية وغيرهم الذين يتطلّعون إلى الحق ويتعطّشون له، سيستفيدون جميعهم أيضًا من كتابي هذا. وأما ما صرّحت به آنفًا، من أن الهدف الحقيقي من هذا الكتاب هو إصلاح الخطأ الذي تسرّب إلى معتقدات المسلمين والمسيحيين، فإن هذا التصريح يحتاج لبعض الشرح الذي أقوم به فيما يلي:

فليكنْ واضحًا أن معظم المسلمين والنصارى يعتقدون بأن عيسى قد صعد إلى السماء حيًّا، ولم يزل كِلا الفريقين يزعم منذ مدة طويلة أنه ما زال حيًّا في السماء، وسينزل إلى الأرض في الزمن الأخير في وقت من الأوقات. والفرق الوحيد بين تصريحات الفريقين أعني المسلمين والمسيحيين هو أن المسيحيين يقولون إن عيسى قد مات على الصليب، ثم عاد إلى الحياة، وصعد إلى السماء بجسمه المادّي، وجلس عن يمين أبيه؛ وأنه سيعود إلى الأرض في الزمن الأخير، ليُقيم فيها العدل. ويقولون أيضًا إن إله الكون وخالقه ومالكه ليس إلا يسوع المسيح، وهو الذي سينزل بجلاله عند نهاية الدنيا ليُدين الناس ويجازيهم، وعندئذ سيؤخذ كلُّ من لم يعتقد بأُلوهيته، أو بألوهية أُمّه، فيُلقى في جهنّم حيث العويل وصكُّ الأسنان!

بينما تقول الفِرق السالفة الذكر من المسلمين بأن عيسى لم يُعلّق على الصليب، ولم يمت عليه، بل إن اليهود حينما ألقوا القبض عليه ليصلبوه، صعد به مَلاكٌ من ملائكة الله إلى السماء حيًّا يُرزق حتى الآن، ومقرّه في السماء الثانية حيث يقيم أيضًا نبيُّ الله يحيى أي يوحنا.

وكذلك يقول المسلمون إن عيسى إنما هو نبي مكرّم من عند الله، وليس إلهًا ولا ابنَ إله، ويعتقدون أيضاً أنه سينزل في الزمن الأخير عند منارة دمشق، أو في مكان آخر، واضعًا يديه على كتفي ملَكَين، وسيقوم بقتل كل شعوب العالم غير المسلمة بصحبة الإمام محمد المهدي من بني فاطمة، الذي يكون قد سبق ظهوره في الدنيا، وأنهما لن يتركا أحدًا منهم حيًّا إلا من أسلم بغير تريُّثٍ.

وبالاختصار، فإن طائفة من المسلمين -وهي التي تُسمى نفسها بأهل السنة أو أهل الحديث، والتي يدعوها عامة الناس بالوهّابيين- يعتقدون بأن الغاية الحقيقية من نزول عيسى هي أن يدمّر الدنيا كلها، تمامًا كما فعل “مهاديو”[3] حسب معتقدات الهندوس، وأنه سيدعو الناس أوّلاً إلى الإسلام، فإن أَبَوا وظلّوا على كفرهم أَعمَلَ السيفَ فيهم أجمعين!

كما يزعمون أيضًا أن الهدف من استبقائه حيًّا بجسده المادّي في السماء هو أن ينزل منها في زمن ضعف سلاطين المسلمين، ليضرب الأمم الأخرى، ويجبرهم على اعتناق الإسلام، أو يضرب رقابهم إذا أصرّوا على الكفر!

وإن علماء الطائفة المذكورة يؤكدون -في صدد المسيحيين خاصة- بأن عيسى بعد نزوله من السماء سيحطّم صلبانَ العالم كلها، وسيُعمل فيهم السيفَ دون هوادة، وسيُغرق الدنيا في الدماء. وكما ذكرتُ آنفًا، فإن هؤلاء، أعني أهل الحديث وغيرهم من المسلمين، يعلنون بحماس شديد عن اعتقادهم بأن قبل نزول المسيح سيظهر إمام من بني فاطمة باسم محمد المهدي، وأنه سيكون هو الخليفة والمـَلِكَ في الواقع لكونه من قريش؛ وبما أن هدفه الحقيقي هو قتل الشعوب التي تكفر بالإسلام بلا تريُّث، فإن عيسى أيضًا سينزل من السماء لنصرته ومساعدته. ويقولون إن عيسى ، وإن كان مهديًّا بنفسه، بل هو المهدي الأكبر في الواقع، ولكنه لن يكون خليفة المسلمين، لوجوب كون الخلفاء من قريش، وإنما الخليفة هو محمد المهدي. ويقولون أيضًا إنهما سيملآن الأرض بدماء بني آدم بكثرة بحيث لم ولن يكون لها مثيل في بقعة من بقاع الأرض منذ بدء الخليقة حتى نهايتها، وأنهما لن يلبثا أن يشرعا في سفك الدماء دون إنذار مسبق أو تقديم آية ما. ويقولون إن عيسى سيكون مجرد مشير أو وزير للإمام محمد المهدي الذي سيتولى زمام الحكم، إلا أنه لن ينفكّ عن تحريض المهدي على قتل أهل الدنيا كلهم أجمعين، ويُلحّ في ذلك إلحاحًا شديدًا؛ فكأنه يسدّ بذلك فراغًا تركه في هذا المجال لدى بعثته الأولى التي قضاها في المواعظ الخُلقية، إذ كان يعلّم الناس أن لا يواجهوا الشر بالشر، وإنما يجب على كلّ واحد أن يقدّم خدَّه الأيمن إذا لُطم خدُّه الأيسر!

هذه هي معتقدات عامّة المسلمين والمسيحيين عن عيسى!!!. ومما لا شك فيه أن المسيحيين قد وقعوا في خطأ فادح إذ ادّعوا بألوهية إنسان عاجز؛ ولكن ما تحمله بعضُ الطوائف الإسلامية، بما فيها “أهل الحديث” الذين يُدعَون الوهّابيين أيضًا، من معتقدات عن ظهور مهدي سفّاك ومسيح موعود سفّاح فإنه يترك على حالتهم الخُلقية تأثيرات سيئة للغاية؛ وبسبب هذا التأثير الضار لا يكادون يُعايشون أيَّ قوم في سلمٍ بحسن النية وصدق الطوية، كما لا يرضون بالعيش تحت ظل أية حكومة غير إسلامية في طاعة صادقة كاملة ووفاء تام.

ومن السهل جدًّا أن يدرك كلُّ عاقل أن مثل هذه العقيدة مدعاة لطعن شديد، أعني أن نُكره الشعوب الأخرى على قبول الإسلام، وإلا فمصيرهم القتل! إن الضمير الإنساني ليدرك بسهولة أن إجبار إنسان وإكراهه على قبول عقيدة ما بتهديده بالقتل قبل أن يَعِيَ حقيقتَها ويتبيّنَ تعاليمَها الخيّرة ويطّلعَ على مزاياها الحسنة لهو أسلوبٌ مستنكَرٌ للغاية. وكيف يمكن لدين أن يزدهر بهذا الأسلوب، بل على العكس، فهو سيعرّضه للانتقاد من قِبل كل معارض. وإن مثل هذه المبادئ لتؤدي، في نهاية المطاف، إلى خلو القلوب من مؤاساة الإنسان نهائيًّا، كما أنها تقضي على الأخلاق الإنسانية العظيمة كالرحمة والعدل قضاءً تامًّا؛ وتحل محلَّها الضغينةُ والبغضاء المتزايدتان؛ وتنمحي الأخلاقُ الفاضلة، ولا تبقى إلا الهمجية. وحاشا أن تصدر مثل هذه التعاليم الظالمة عن الله الذي لا يؤاخذ أحدًا إلا بعد إقامة الحجّة عليه.

علينا أن نفكر هل من الحق في شيء أن نقتل، دون تروّ أو تريُّث، شخصًا لا يؤمن بدين حق بسبب عدم اطلاعه على دلائل صدقه وسمو تعاليمه ومزاياه؟ كلا، بل إن مثل هذا الشخص أحقُّ بالترحم، وأجدر أن نوضّح له بكل رفق ولين صدقَ ذلك الدين وفضائله ومنافعه الروحية، لا أن نُقابل إنكارَه بالسيف أو الرصاص. ولذلك فإن عقيدة الجهاد لدى هذه الفرق الإسلامية في عصرنا -بالإضافة إلى زعمهم بأنه يوشك أن يأتي زمان يُبعث فيه مهدي سفّاح باسم الإمام محمد وأن ينزل المسيح من السماء لنصرته وأنهما سيقومان معًا بقتل الشعوب غير المسلمة جمعاء لكفرها بالإسلام لأمرٌ يُنافي المقتضى الأخلاقي منافاةً شديدة. أفلا تعطّل هذه العقيدةُ في أصحابها جميعَ المواهب الإنسانية الطيبة، وتثير فيهم النزعات الهمجيةَ السبُعيةَ، وتجعلهم يُعاشرون كلَّ شعب بالنفاق، حتى يتعذر عليهم التعايش مع الحكام من ملة أخرى بالطاعة الخالصة، بل يتظاهرون بالطاعة الزائفة كذبًا؛ الأمر الذي دَفَعَ ببعض الطوائف من أهل الحديث المشار إليهم لأن يعيشوا تحت حكم الإنجليز في الهند حياة ذاتَ وَجهين؛ أعني أنهم، من جهة، يَعِدون الناس ويُمَنُّونهم سرًّا بتلك الأيام الدموية، منتظرين المهديَّ والمسيحَ السفّاكين[4]، وعلى ضوء هذه المزاعم يعلّمون الناس مسائل الدين؛ وعلى النقيض، عندما يلتقون بالحكام يتملّقون ويقولون لهم إننا نخالف مثل هذه العقائد! مع أنهم لو كانوا يخالفونها حقًّا فما الذي يمنعهم من نشر ذلك في كتبهم علنًا، ولماذا إذًا ينتظرون مهديًّا ومسيحًا سفّاحًا بفارغ الصبر وكأنهم يقفون على الباب لاستقباله والانضمام إلى جنوده؟!

وجملة القول: إن مثل هذه العقائد قد أدّت إلى انحطاط كبير في الحالة الخُلقية لأمثال هؤلاء المشايخ، فلم يعودوا جديرين بأن يعلّموا الناسَ الرفق والتسامح، بل أصبح قتلُ أتباع الديانات الأخرى بغير وجه حقّ مِن أعظم الواجبات الدينية عندهم. وسوف يسرّنا كثيرًا لو أن طائفة من طوائف أهل الحديث خالفتْ هذه العقائدَ الباطلة، ولكن لا نجد مناصًا من أن نصرَح هنا، مع الأسف الشديد، أنه يوجد بين طوائف أهل الحديث “وهابيون” متسترون يعتقدون بظهور المهدي الدموي وبالجهاد العدواني، مخالفين المسلكَ الصحيح، حيث يحسبون أن قتل جميع أهل الأديان الأخرى في فرصة ملائمةٍ عملٌ من عظائم المثوبات؛ مع أن مثل هذه العقائد، أعني قتل الناس باسم الإسلام، أو التمسك بأنباء تقول بظهور المهدي أو المسيح الدموي في الدنيا، الذي سيسعى لنشر الإسلام بالقتل أو التهديد بسفك الدماء، لَتُنافِي القرآنَ الحكيم والأحاديث الصحيحة منافاةً تامة!

لقد قاسى نبيّنا في مكة وبعد الهجرة منها أذىً كثيرًا على أيدي الكفار، وبخاصة في السنوات الثلاث عشرة التي قضاها في مكة، وكابد صنوف الظلم والاضطهاد التي يبكي الإنسان عند تصوّرها؛ ولكنه   لم يرفع السيف على أعدائه، ولم يردّ على كلامهم اللاذع إلا بعد أن قُتل كثير من أصحابه وأعزائه بكل قسوة دون هوادة؛ كما تعرّض هو لصنوف الإيذاء البدني، حتى إنهم احتالوا لقتله بالسم، ودبّروا مكائد فاشلة عديدة للقضاء عليه. فلما حان وقت الانتقام الإلهي تآمر رؤساء مكة وزعماؤها جميعًا على قتله والقضاء عليه نهائيًا؛ حينئذ أخبره الله الذي يحمي أحباءه والصدّيقين الصالحين أنه لم يبق في هذه البلدة إلا الشر، وأن أهلها قد أجمعوا على قتله، فعليه أن يغادرها عاجلاً؛ عندها هاجر إلى المدينة امتثالاً لأمر الله تعالى. ومع ذلك لم يكفّ الأعداء عن ملاحقته، بل تعقّبوه وأرادوا بإلحاح شديد أن يسحقوا الإسلام سحقًا. فلما تفاقمَ شرُّهم واستوجبوا العقاب لقتلهم كثيرًا من الأبرياء، أَذنَ اللهُ للمسلمين بقتال هؤلاء الكافرين دفاعًا عن أنفسهم، وحمايةً لحرية الخيار. وكان هؤلاء الأشرار وأعوانهم، بسبب إراقتهم للدماء البريئة عدوانًا وظلمًا دونما قتال أو حرب مشروعة، وبسبب استيلائهم على أموال المقتولين، قد استوجبوا المعاملةَ القاسية نفسها، ومع ذلك فإن نبينا قد عفا عن جميع هؤلاء الأشرار عند فتح مكة. ولذلك فإن الزعم بأن النبي أو أصحابه قد شنّوا الحرب لأجل نشر الدين، في حين من الأحيان، أو أكرهوا أحدًا على قبول الإسلام، لَخطأٌ فاحش وظلم عظيم.

والجدير بالذكر أيضًا أن عداوة كل قوم ضد الإسلام في ذلك العصر كانت قد بلغت ذروتها، وكان المعارضون عاكفين على تدبير الدسائس والمكائد لاجتثاث شجرة الإسلام، ظانين أن المسلمين مجرّد شرذمة قليلة وفئة مبتدعة؛ وكان هَمُّ كل واحد من الأعداء هو القضاء العاجل على المسلمين وتفريق شملهم حتى لا يبقى هناك خطر لنهوضهم وتقدّمهم؛ ولذلك كانوا يعارضون المسلمين عند كل خطوة، وإذا أسلمَ شخص من قبيلة قتلوه على الفور، أو عرّضوا حياته لأشد الأخطار. فرحمة بالمسلمين الجدد فرض الله عندئذ على مثل هذه القوى المتعصبة تعزيرًا وهو أن يخضعوا للحكم الإسلامي بأداء الجزية له، وبالتالي يفتحوا أبواب الحرية للإسلام؛ وكان الهدف من ذلك أن تزول العقبات من طريق مَن أراد الإيمان. والحق أن ذلك أيضًا كان رحمةً من الله بأهل الدنيا، ولم يكن فيه حيف أو ظلم بأحد.

إذن فكيف يمكننا أن نصم بالإكراه والجبر دينًا يُعلّمنا كتابُه القرآن الكريم في صراحة تامة أن لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ . وهل يحق لنا أن نتّهم بعقيدة الاكراه ذلك النبي العظيم الذي ظل يوصي أصحابَه طوال ثلاثة عشر عامًا في مكة المعظمة، بأن لا يقابلوا الشر بالشر، وأن يظلوا متمسكين بأهداب الصبر؟ نعم، لـمّا تجاوز عدوان الأعداء الحدودَ كلها، وتألبت جميع الشعوب للقضاء على دين الإسلام، اقتضت غيرةُ الله أن يُقتل بالحسامَ؛ وإلا فإن القرآن لم يعلّم الإكراه مطلقًا.

والبديهي أن ملوك الأمم الأخرى في الوقت الراهن لا يحولون دون الحرية الدينية للإسلام، ولا يمنعون من القيام بالفرائض الإسلامية، ولا يقتلون مَن دخل من ملّتهم في الإسلام، ولا يزُجّونهم في السجون، ولا يُذيقونهم ألوان العذاب؛ فما الداعي إذن أن يرفع الإسلام السيف ضدهم!

والواضح أيضًا أن الإسلام لم يأمر بالجبر والإكراه قط. فإننا لو أمعنّا النظر في القرآن الحكيم وكتب الحديث وكتب التاريخ جميعًا، أو سمعناها من أحد بإمعان وتدبّر قدر الإمكان، لكَشَفَ لنا هذا الاطلاعُ الواسع بكل تأكيد أن اتهام الإسلام برفع السيف لأجل نشر الدين بالقوة لَهُوَ بهتانٌ عظيم وافتراء مخجل؛ وإن هو إلا زعم أولئك الذين لم يدرسوا القرآن والأحاديث وكتب تاريخ الإسلام الموثوق بها دراسة محايدة خالية من التعصب، بل بذلوا جهدهم في التزوير والافتراء. ولكنني على علم أنه قد اقترب الآن الزمنُ الذي يدرك فيه المتعطّشون للحق زيفَ هذه البهتانات.

إذن فكيف يمكننا أن نصم بالإكراه والجبر دينًا يُعلّمنا كتابُه القرآن الكريم في صراحة تامة أن لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ . وهل يحق لنا أن نتّهم بعقيدة الاكراه ذلك النبي العظيم الذي ظل يوصي أصحابَه طوال ثلاثة عشر عامًا في مكة المعظمة، بأن لا يقابلوا الشر بالشر، وأن يظلوا متمسكين بأهداب الصبر؟ نعم، لـمّا تجاوز عدوان الأعداء الحدودَ كلها، وتألبت جميع الشعوب للقضاء على دين الإسلام، اقتضت غيرةُ الله أن يُقتل بالحسامَ؛ وإلا فإن القرآن لم يعلّم الإكراه مطلقًا. ولو كان الإكراه من تعاليم الإسلام لما استطاع أصحاب النبي أن يقدّموا عند الاختبارات أُسوةَ الصدق والوفاء كالمؤمنين الصادقين. وإن وفاء أصحاب سيدنا ومولانا ونبينا لأمر غني عن البيان كليةً؛ إذ لا يخفى على أحد أن مواقف صدقهم ووفائهم قد بلغت من العظمة بحيث لا يوجد لها نظير في الأمم الأخرى. إن هذه الأمة الوفية لم تتخلَّ عن صدقها ووفائها حتى تحت ظلال السيوف، بل أبدت في سبيل الوفاء لنبيها المقدّس العظيم من الصدق ما لا يمكن أن يتحلى به أي إنسان إلا إذا كان قلبه وصدره منوَّرَين بالإيمان.

وجملة القول أنْ لا إكراه في الإسلام، وأن الحروب الإسلامية لا تخرج عن ثلاثة أقسام:

  1. الدفاعية، أي دفاعًا عن النفس.
  2. القصاصية، أي عقابًا لمن يسفك الدماء.
  3. التحريرية، أي توطيدًا للحرية الدينية، وكسرًا لشوكةِ القوى العدوانية التي كانت تقتل المسلمين بسبب إسلامهم.

فبما أن الإسلام خالٍ من أي تعليم لإدخال الناس فيه قسرًا أو تهديدًا بالقتل فثبتَ أن الانتظار لظهور مهدي سفاك أو مسيحٍ سفاحٍ أمرٌ لغو باطل على الإطلاق؛ إذ من المستحيل أن يُبعثَ أحد ليسفك الدماء من أجل إدخال الناس في الإسلام خلافًا للتعاليم الإسلامية. وهذا الأمر ليس مما يستحيل فهمُهُ أو يتعذر، ولكن المطامع النفسانية قد دفعت جهَّال الناس إلى العقيدة الخاطئة؛ لأن معظم المشائخ قد انخدعوا فظنوا أن حروب المهدي الموعود ستعود عليهم بمغانم كثيرة بحيث يعجزون عن الاحتفاظ بها. وبما أن معظم مشائخ هذه البلاد فقراء جدًا في هذه الأيام، فلا يبرحون في انتظار مثل هذا المهدي ليل نهار، لعلهم يقضون بهذه الطريقة مآربهم النفسانية؛ ومن أجل ذلك يناصبون العداء كلَّ مَن يُنكر ظهور مثل هذا المهدي، ولا يلبثون أن يكفّروه ويطردوه من حظيرة الإسلام. وللأسباب نفسها أصبحتُ أنا أيضًا كافرًا  عندهم لأنني لا أعتقد بظهور مهدي دموي ولا مسيح سفاك كهذا، بل أكره هذه العقائد السخيفة أشدّ الكراهية.

وليس سبب تكفيرهم إياي مجرد رفضي لعقيدتهم المزعومة، بل هناك سبب آخر أيضًا وهو أنني قد أعلنتُ، بناء على وحي الله تعالى، بأنني أنا ذلك المسيح الموعود الحقيقي، الذي هو في واقع الأمر مهدي أيضًا، والذي قد بُشِّر بمجيئه في الإنجيل والقرآن الكريم والأحاديث. غير أنني لا أحمل السيوف ولا البنادق، بل قد أمرني الله أن أدعو الناس بكل لين ورفق وحلم وتواضع، إلى الإله الحق، الأزلي، غير المتغير، القدوس، الحليم، الرحيم، العدل. إنني أنا النور لهذا العصر المظلم، ومَن تبعني فسوف يُجنَّب تلك المـَهاوي والحفر التي أعدَّها الشيطان للسائرين في الظلام. لقد بعثني الله لأُرشد الدنيا إلى الإله الحق بسلم وحلم، ولأشيّد من جديد بناءَ المُثل الخلقية الإسلامية. ولقد وهب لي آيات سماوية ليطمئن بها طلابُ الحق، وأَظهَرَ لتأييدي العجائبَ من عنده، وكشف عليّ أمور الغيب وأسرار المستقبل التي هي المعيار الحقيقي لمعرفة الصادقين بحسب كتب الله المقدّسة. ووهب لي المعارفَ المقدسة والعلوم الروحانية؛ فعادتني بسببها النفوسُ الكارهة للحق والراضية بالظلام؛ ولكنني عازم على مؤاساة البشرية ما استطعت إلى ذلك سبيلاً.

وإن أعظم مؤاساة للمسيحيين في العصر الحاضر هي أن نلفت أنظارهم إلى ذلك الإله الحق الذي هو أسمى من الولادة والموت والألم والوجع وغيرها من النقائص. ذلك الإله الذي خلق جميع الأجسام والأجرام البدائية في شكلٍ كُرويٍّ، وبالتالي سجّل في سننه الطبيعية دليلاً على أن ذاته سبحانه وتعالى تتصف بالوحدانية كما يوحي الشكلُ الكروي، فلذلك لم يُخلَق شيءٌ من الأشياء البسيطة في شكل مثلث.. أعني أن ما خلقتْه يدُ الله تعالى عند بداية الكون كالأرض والسماء والشمس والقمر والنجوم والعناصر الأخرى، كان كلّه كرويَّ الشكل، وإن في كروية هذه الأشياء لدلالةً على التوحيد. لذلك فإن أفضل طريق لمؤاساة المسيحيين والعطفِ عليهم حقًّا هو إرشادهم إلى ذلك الإله الحق الذي ينزهه عن التثليث كلُّ ما خلقه بيده سبحانه وتعالى.

وإن أعظم مؤاساة للمسلمين أن نقوم بإصلاح حالتهم الخُلقية ونبدد ما رسخ في قلوبهم، حول ظهور مهدي ومسيح سفّاكَين، من أمانٍ باطلة منافية تمامًا لتعاليم الإسلام.

وقد سبق أن كتبتُ أن اعتقاد بعض علماء المسلمين اليوم بظهور مهدي سفّاكٍ ينشر الإسلام بحدّ السيف، لاعتقادٌ يُخالف تعاليم القرآن، وإن هو إلا نتاج أهوائهم النفسانية. وكفى بمسلم صالح محب للحق، رادعًا عن هذه الأفكار، أن يقرأ تعاليم القرآن الحكيم قراءةً متأنية، وأن يقف عندها وقفةَ تدبر وإمعان، ليدرك كيف أن كلام الله المقدس يعارض تهديد أحد بالقتل حتى يسلم.

فهذا الدليل وحده يكفي لدحض مثل هذه العقائد، ولكن عطفي على هؤلاء قد دفعني لأن أوكّد على بطلانها بشواهد تاريخية وغيرها من الأدلة البيّنة. فسوف أُبرهن في هذا الكتاب على أن المسيح !!! لم يمت على الصليب ولم يصعد إلى السماء، فلا يُرجى نزوله من السماء إلى الأرض أبدًا؛ بل تُوفّي في سرينغر بكشمير بعد أن عُمِّر مائةً وعشرين سنة، * وقبرُه يوجد في حارة “خانيار” بسرينغر.

وتوضيحًا للمراد، قد قسمتُ هذا البحث إلى عشرة أبواب وخاتمة كالآتي:

  1. الشواهد التي وجدناها بهذا الصدد في الإنجيل.
  2. الشواهد التي عثرنا عليها في القرآن الكريم والحديث.
  3. الشواهد التي وجدناها في كتب الطب.
  4. الشواهد التي عثرنا عليها في كتب التاريخ.
  5. الشواهد التي بلغتنا بالمشافهة المتواترة.
  6. الشواهد التي استنبطناها من القرائن التي تعضد بعضها بعضًا.
  7. الشواهد التي جمعناها من الأدلة العقلية.
  8. الشواهد التي كشفها الوحي الإلهي النازل علينا أخيرًا.

هذه ثمانية أبواب.

  1. والباب التاسع سيتضمن مقارنةً وجيزة بين الإسلام والمسيحية من ناحية تعاليمهما، كما سيحوي البراهين الدالة على صدق الإسلام.
  2. والباب العاشر سيحتوي على شرح واف -لحدٍّ ما- للهدف الذي بعثني الله من أجله وبيانًا للبراهين التي تدل على كوني المسيحَ الموعود من عند الله تعالى.

وسينتهي هذا الكتاب بخاتمة تضمّ بعض التوجيهات الهامة.

وإني لآمل من القرّاء الكرام أن يقرؤوا هذا الكتاب قراءة متأنية، وان لا يرفضوا هذه الحقائق لمجرّد سوء الظن، وَلْيدركوا أن هذا البحث ليس سطحيا عابرا، وإنما هو نتاجُ جهودٍ مضنية وكبيرة. ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يُعيننا على إنجاز هذا العمل، ويمنحنا بوحيه الخاص نورَ الحق واليقين بشكل تام، لأن كل نوع من العلم الصحيح والمعرفة النقية إنما ينزل من عنده وحده، وهو الذي يهدي القلوب بتوفيقه سبحانه وتعالى. آمين ثم آمين.

العبد المتواضع

ميرزا غلام أحمد

من قاديان

25 إبريل / نيسان عام 1899م

[1] نخبة من أبناء الجماعة

[2] الجينية فرقة من فرق الهندوس يتبنى أتباعها فكرة عدم إيذاء أي كائن حي، إنساناً كان أو حيواناً أو حشرة. (المترجم)

[3] أحد كبار آلهة الهندوس. (المترجم)

[4] مِن أهل الحديث مَن كتَب في مؤلفاته بمنتهى الوقاحة والجهل أن المهدي سيُبعَث قريبًا، وأنه سيأسر الإنجليز حكّامَ الهند، وأن الملك المسيحي في ذلك الوقت سيُعتقل ويُجاء به أمامه مكبلاً. ولا تزال هذه الكتب موجودة في بيوت أهل الحديث، منها كتاب “اقتراب الساعة” لأحد البارزين منهم، وقد وردت فيه هذه القصة في الصفحة رقم 64 . (المؤلف)

* ورد في كنز العمال (فضائل أهل البيت مجملاً ومفصلاً، فصل في فضلهم مجملاً، فاطمة رضي الله عنها، مكتبة التراث الإسلامي، مطبعة الثقافة، حلب، المجلد الثالث عشر، صفحة 676 رقم الحديث 37732): “عن عائشة أن رسول الله في مرضه الذي قُبض فيه قال: يا فاطمة يا بنتي، أَحْنِي عليّ، فأحنَتْ عليه، فناجاها ساعةً، ثم انكشفتْ عنه تبكي وعائشةُ حاضرة، ثم قال رسول الله بعد ذلك ساعةً: احْنِي عليّ، فحَنتْ عليه فناجاها ساعةً، ثم انكشفتْ عنه تضحَك، فقالت عائشة: يا بنتَ رسول الله! أخبِريني بماذا ناجاكِ أبوك؟ قالت: أوشكتِ رأيتِه ناجاني على حَالي سرٍّ، ثم ظننتِ أني أخبر بسرّه وهو حيٌّ؟ فشقّ ذلك على عائشة أن يكون سرٌّ دونها، فلما قبضه الله إليه قالت عائشة لفاطمة: ألا تخبريني ذلك الخبرَ؟ قالت: أما الآن فنعمْ، ناجاني في المرة الأولى فأخبرني أن جبريل كان يعارضه القرآنَ في كل عام مرةً، وأنه عارضه القرآنَ العامَ مرتين، وأخبره أنه لم يكن نبي بعد نبي إلا عاش نصفَ عمرِ الذي كان قبله، وأنه أخبرني أن عيسى عاش عشرين ومائة سنة ولا أراني إلا ذاهب على رأس الستين.” (المترجم)

Share via
تابعونا على الفايس بوك