في شارع الصحافة

في شارع الصحافة

هاني طاهر

كلما تصفحت مقالاتٍ على الشبكة العالمية ووجدتُ عدوًّا جديدًا قد شمَّر عن ساعديه للتطاول على ديننا الحنيف، ترسّختْ قناعتي بمدى إساءة عدد من المشايخ للإسلام العظيم؛ تلك الإساءات التي أعطت دافعية للأعداء لتوجيه سهامهم المتتالية.

وحين يقرأ بعض الناس كلامًا لمشايخ مناقضًا لجوهر الدين، فإنهم يظنون أن الدين هكذا، فيكفرون بالدين كله، ويروحون يفهمون نصوصه بطريقة المشايخ التنفيرية. وفي النهاية يأخذون بمهاجمة القرآن نفسه.

هذا ما حصل مع وفاء سلطان؛ تلك الطبيبة السورية التي رحلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وها هي تسلط قلمها ضد الدين الإسلامي نفسه.

وقد وصل بها الحال أن ترى أن الإسلام هو سبب مشاكل عالمنا العربي، وأن العلة في الدين نفسه، وليس في فهمه المغلوط في أذهان بعض الناس. وقد قرأتُ العديدَ من مقالاتها. وهأنذا أعلق على مقال نشرَتْه في جريدة الأخبار بتاريخ 24-3-2005، بعنوان: الشيخ محمد وظاهرة اللسان الداشر، قالت فيه: إنها تروِّج للمسيحية كتعاليم وليس كدين. وقد أتت بنصوص متقابلة من الإنجيل ومن الأحاديث النبوية، لتصل إلى أن تعاليم المسيحية هي المفضلة لديها.

أما النص الإنجيلي الذي أتت به، فليس لدينا اعتراض عليه، لأننا نؤمن بنبوة المسيح عليه السلام، ولكن اختيارها غير الموفق لأحاديث نبوية ضعيفة، مع نـزعها من سياقها، هو الذي نرفضه.

إن تصوير أن الإسلام جاء بالسيف، بينما امتازت المسيحية بالتسامح قول باطل. إن الأنبياء جميعًا جاءوا بتعاليم سامية، وكانوا سباقين في التسامح والرحمة بخلق الله. لقد ابتدأت السور القرآنية بقوله تعالى بِسْمِ اللهِ الرَّحْمن الرَّحيم ، ولم تبدأ بقوله (بِسْمِ اللهِ الجبّار المنتقم)، مع أن الله تعالى جبارٌ ومنتقم من الظَلَمة المجرمين.

وفيما يلي بعض الآيات القرآنية التي تتحدث عن رحمة الله:

وقال تعالى

وَرَحْمَتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيء

 وقال تعالى

وما أرْسَلْناكَ إِلا رَحْمَةً لِلْعالَمين

 وقال عز وجلّ

رَبَّنَا وَسِعْتَ كُـلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَٱغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُواْ وَٱتَّبَعُواْ سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ وَقُل رَبّ ٱغْفِرْ وَٱرْحَمْ وَأنتَ خَيْرُ ٱلراحِمِينَ (المؤمنون: 119)،

فَٱللهُ خَيْرٌ حَـٰفِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ ٱلراحِمِينَ   (يوسف: 65).

فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ (آل عمران: 160)

ويصف الله تعالى رسول بقوله:

لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءوفٌ رَّحِيمٌ (التوبة:129)

هل هذه  “لغة صحراويّة قاحلة غير مهذبة، جلفة، تدعو إلى العنف وتكاد تخلو من أيّ معنى إنساني” كما قالت الكاتبة؟

هل دعوة الإسلام إلى البرّ بغير المسلمين جلافة؟ قال تعالى لا يَنـهاكُمُ الله عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللـه يُحِـبُّ الْمُقْسِـطِينَ (الممتحنة: 9).

وقال الرسـول : “الراحمـون يرحمـهم الرحمن. ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” (سنن الترمذي، كتاب البر والصلة)

وقال أيضا في الحديث القدسي: “إن رحمتي غلبت غضبي” (صحيح البخاري، كتاب بدء الخلق)

وفي إحدى المعارك كانت امْرَأَةٌ مِنَ السَّبْيِ كلما وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ أَخَذَتْهُ فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْه، لعله يكون ابنها المفقود.  فَقَالَ النَّبِيُّ : أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّار؟ قُلْنَا: لا، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لا تَطْرَحَهُ. فَقَال: لَـلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا. (صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب تقبيل الولد).

وحين قبَّل رسول الله  الحسن والحسين رضي الله عنهما، وعنده الأقرع بن حابس، قال الأقرع: إن لي عشرةً من الولد، ما قبّلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله  وقال: “من لا يَرحم لا يُرحم”، وفي رواية: “أَوَ أملك إن نزع الله الرحمة من قلبك؟!”

إذن، الأديان السماوية كلها جاءت برسالة التسامح والرحمة والأخوة والتعاون والتكافل والودّ والإحسان والعدل والأمانة والتقوى. لكن الناس الذين يتبعون الدين لمآرب شخصية أو الذين يرثونه من آبائهم دون فهم لحقيقته وجوهره هم الذين يشوِّهونه عبر الزمن؛ بحيث يصبح تعاليم شكلية خاوية من الروح لا جوهر لها.

أما حديث الدكتورة عن لغة الإسلام، ووصفها إياها بالقاسية، فهذا يعود إلى استدلالها بأحاديث ضعيفة، ثم هي منـزوعة من سياقها وموضوعها. فبالنسبة إلى حديث: الربا ثلاث وسبعون بابا، أيسرها مثل أن ينكح الرجل أمه!!..” فإن مداره على أبي معشر، وهو ضعيف، وإسناده ليس بشيء،كما وصفه يحيى بن معين. ووصفه البخاري بمنكر الحديث، وضعَّفه آخرون.

وكذلك النص الثاني الذي جاءت به لتستدل على قساوة لغة الإسلام، وهو: الدرهم يصيبه الرجل من الربا أعظم عند الله من ثلاثة وثلاثين زنية يزنيها في الإسلام.” ففي سنده اسم مبهم، لذا فهو منقطع، ثم هو عن أحد الصحابة، وليس عن رسول الله .

ثم إننا لا نرى أن التحذير من فعل الموبقات بمقارنتها بعمل شنيع أمرٌ منكر؟ لكن الدكتورة تُدخل الموضوعات ببعضها؛ فهي ترى أن الربا مباح، ثم تستنكر أن يكون توصيف مرتكبه بهذه الشدة. وعلينا تذكيرها هنا أن الربا المقصود في الأحاديث؛ سواء أكانت صحيحة أم ضعيفة، ليس إلا الربا الاستهلاكي الذي كان الفقير يدفعه أضعافًا مضاعفة للغني ليزيد غنًى، بينما يزيد الفقير فقرًا على فقر. وبالتالي فعليها أن تقرأ النصوص في سياقها.

أما قولها إن “الطريقة المثلى للنهي عن السلبيّات هي بالتركيز على الإيجابيات”، فليس يصح مع الجميع، وإن صحّ مع كثير من الناس في عصر ما، فليس يصح في كل العصور. ولتعلمْ أن الدين الإسلامي قد جاء للناس جميعًا، بشتى ثقافاتهم وحضاراتهم وأزمانهم وأماكنهم. من هنا كان لا بدّ للنص أن يؤثر في الجميع. بينما نرى أيّ كاتب حين يكتب، فإنه يتخيل الفئة التي يريد أن يتواصل معها، ويبرمج كتابته حسب نمطها، وليس هكذا اللغة الدينية التي تخاطب الكل.

لكن، هل هذه الكاتبة مسيحية؟

إذا لم تكن كذلك، فنكتفي بذلك الردّ. أما إن كانت مسيحية مُتستّرة، فإننا مضطرون للمقارنة بين صورة المسيح الواردة في الأناجيل، وبين صورة محمد الواردة في القرآن والسنة، علمًا أننا ننـزه المسيح عن هذه الصفات الواردة في هذه الأناجيل.

فقد ورد في الأناجيل:

“وأما أنا فأقول لكم لا تقاوموا الشر، بل من لطمك على خدك الأيمن فحوّل له الآخر أيضًا” (متى 5: 39).

ولطالما ذكر المسيحيون هذا البيان الصادر عن يسوع، واحتجوا به على أنه كان يعلم ويعظ تعليمًا مضادًا للحرب، ولكنا نجد في أناجيل العهد الجديد فقرات مفادها العكس تمامًا، تقول فقرة منه على سبيل المثال، في إنجيل متّى 10: 34:

“لا تظنوا إني جئت لألقي سلامًا على الأرض، ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا”.

وفي فقرة أخرى يقول:

“فقال لهم: ولكن الآن من له كيس فليأخذه ومِزوَد كذلك، ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفًا” (إنجيل لوقا 22:36).

فإذا كان المسيح قد جاء للحرب، فلماذا يدعو إلى إدارة الخد الآخر؟ من الواضح أنه ينبغي إما التسليم بوجود تناقض في الإنجيل، أو أن علينا تأويل التناقض على وجه مناسب.

ولسنا معنيين في هذا المقام بقضية ما إذا كانت إدارة الخد الآخر أمرًا قابلاً للتطبيق على وجه الإطلاق، ولكن ما يعنينا هنا أن نشير ونؤكد أن الدول المسيحية كلها طوال التاريخ لم تتردد في الذهاب إلى الحرب ولم يديروا الخد الآخر. وعندما نال المسيحيون الملك والسُلطة لأول مرة، فإنهم دخلوا الحروب مهاجمين ومدافعين. وهم الآن قُوى مسيْطرة في العالم، ولا زالوا متورطين في الحروب مهاجمين. وفي هذا العصر الحالي نجد أنه إذا انتصر جانب منهم، مجّدته بقية الشعوب المسيحية، واعـتبروا انتصـاره انتصارًا للحضارة المسيحية، وأصبـحت الحضارة المسيحية في كل صورها تعني الهيْمنة والنجاح. وعندما تتحارب دولتان مسيحيتان، فإن كلاً منهما تدّعي أنها تحمى المثل المسيحية، ويتم تمجيد الدولة المنتصرة باعتبارها الدولة المسيحية الحقيقية. ومن الواضح أنه منذ زمن المسيح وإلى عصرنا هذا، ظلت المسيحية تخوض غمار الحروب، وتشير كل الشواهد إلى أنها سوف تظل على نفس الحال.

وإذن فالواقع العملي المشاهد هو أن الحرب تُعبر عن التوجيه الحقيقي لتعاليم العهد الجديد، وأن موضوع إدارة الخد الآخر هذا، لم يكن إلا تعليمًا انتهازيًا أملاه العجز التام للمسيحيين الأوائل، أو أن المقصود به هو أن يُطبّق على الحالات الفردية، لا على الدول ولا على الشعوب.

وثانيًا، حتى لو افترضنا أن المسيح قد أمر بالسلام لا الحرب، فلا يعني هذا أن المعرضين عن تعاليمه لم يكونوا قديسين أو شرفاء. بل إن الكنيسة نفسها قد كرّمت الأبطال الوطنيين الذين دخلوا الحروب، ونصّبتهم قدّيسين على يد البابوات.

أما بالنسبة إلى استخدام اللغة القاسية والشديدة ورد أن المسيح قال لأمه: “يا امرأة”. بدل أن يناديها بيا أمّاه، فهل هذا هو الأدب الذي كان يريد أن يتعلمه الجميع. ومقابل ذلك ورد عن النبي   أنه سئل: من أحق الناس بحسن صحبتي؟ فقال : أمك. ثم كرر السائل سؤاله ثلاث مرات، والرسول يقول له: أمك، ثم قال في الرابعة: ثم أبوك”

وحين طلب المعاندون من المسيح عليه السلام أن يأتي بآية لتكون علامة على صدقه، قال لهم: “جيل شرير يطلب المعجزة، فلا يعطى إلا معجزة يونان النبي”. فما مبرر هذه الغِلظة في الردّ على هؤلاء غير المؤمنين.

وقد وصف المسيحُ الناسَ غيرَ المؤمنين به بالكلاب والخنازير، حيث قال: “لا تعطوا القدس للكلاب ولا تطرحوا دُرركم قدام الخنازير لئلا تدوسها بأرجلها وتلتفت فتمزّقكم”.

إن ما وُصف هنا بأنه “القدس” و”دُرر” هو في الواقع الوحي والآيات الربانية. وأما “الكلاب” و “الخنازير” فالمقصود بها الناس الذين رفضوا أن يؤمنوا بالمسيح. ولا شك أن آيات الله تعالى أقدس من كل مقدس، وهي بطبيعة الحال أغلى من كل الدرر، ولكن لا شك أيضا في أن هذه الأشياء المقدسة والتي هي أغلى من الدرر قد جاءت من أجل أولئك المحرومين منها. فالآيات الربانية يجب أن تُعرض على أولئك المحرومين من الإيمان بالله تعالى. وأنبياء الله عز وجل لا يأتون بالإيمان فقط لأولئك الذين تكون قلوبهم مليئة بالإيمان مسبقا، بل يأتون في زمن انتشار الكفر والضلال. إنهم يأتون عندما يغشى الناس ظلامٌ دامس، ومهمتهم أن يخاطبوا أولئك الذين يتخبّطون في غياهب الظلمات ويخرجونهم من الظلمات إلى النور. فمن أجل هؤلاء يأتي الأنبياء إلى الدنيا. ولا يبدو أن الإنسان الذي اصطفاه الله وأرسله لهداية الضالين يمكن أن يصف أولئك الذين أرسله الله إليهم بأنهم كلاب وخنازير، وليس لهم من جريرة أو ذنب سوى أن نور الإيمان لم يشعّ في قلوبهم بعد. وإنه لمن المستحيل على النبي أن يقول إن آيات الله يجب ألا تُقدّم للكافرين خوفا من أن يدوسوها بأقدامهم. وإذا جاز للنبي أن يتلفظ بمثل هذا القول، فكيف يتسنى للكافرين أن يؤمنوا؟ إن إلصاق مثل هذا القول بالمسيح افتراء وإساءة بالغة، وكأنه يصف الناس الذين أُرسل إليهم بأنهم كلاب وخنازير، لا لذنب جنوه، ولا لخطأ ارتكبوه، ولكن فقط لأن الحق لم يتجل لهم بعد. ولنقارن هذا بالمثل الذي قدمه الرسول ، إذ نقرأ في القرآن المجيد:

  لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (الشعراء:4)

تصف الآية الكريمة مدى حرص الرسول على تبليغ رسالته إلى جميع الكافرين. وعندما نقارن بين المسيح الذي تقدمه لنا الأناجيل وبين الرسول نجد أن هناك اختلافا شاسعا بين الاثنين، فإن أحدهما يكاد يقتل نفسه جهدا وحزنا من أجل أولئك الذين لا يريدون أن يكونوا مؤمنين، والآخر الذي ينصرف عنهم ويقول عنهم إنهم كلاب وخنازير، ويأمر تلاميذه بألا يتلوا عليهم آيات الله تعالى.

لا جرم أن رسول الإسلام قد فاق جميع الأنبياء في كونه نموذجا أعلى للأخلاق الكريمة. غير أننا لا يمكن أن نتصوّر أن يكون المسيح محروما من حسن الخلق كما صوّرته الإناجيل. صحيح أنه لم يصل إلى قمة الكمال الروحاني التي بلغها الرسول ، ولكنه على أية حال كان نبيا أرسله الله تعالى ليعلم الناس فضائل الأخلاق والسلوك الروحاني، ولا بد أن النموذج الذي قدمه كان يختلف عن ملايين الناس الذين كانوا يعيشون في زمنه، ولكن الويل كل الويل لأولئك الكتبة الذين ينسبون إليه هذا السلوك المشين.

أما إن كانت مسيحية مُتستّرة، فإننا مضطرون للمقارنة بين صورة المسيح الواردة في الأناجيل، وبين صورة محمد الواردة في القرآن والسنة، علمًا أننا ننـزه المسيح عن هذه الصفات الواردة في هذه الأناجيل.

وفي هذا الشأن لا نستطيع أن نغفل عن ذكر حادثة تلك المرأة الكنعانية التي جاء ذكرها في متّى 15: 21- 26 وفي مرقس 7: 24- 27، حيث ورد في ذلك:

“ثم خرج يسوع وانصرف إلى نواحي صور وصيداء، وإذا امرأة كنعانية خارجة من تلك التخوم صرخت إليه قائلة ارحمني يا سيد يا ابن داود. ابنتي مجنونة جدا. فلم يجبها بكلمة، فتقدم تلاميذه وطلبوا إليه قائلين اصرفها لأنها تصيح وراءنا فأجاب وقال: لم أُرسَل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة. فأتت وسجدت له قائلة يا سيّد أعنّي. فأجاب وقال ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب”.

لقد تقدّمت هذه المرأة إلى المسيح بتواضع عظيم، وسقطت على قدميه حسب عادة قومها، ولم تطلب منه سوى أن يدعو لابنتها بالشفاء. ولكن، من كتبوا هذه الأناجيل، يُصوّرون لنا المسيح بأنه قال:

“ليس حسنا أن يؤخذ خبز البنين ويُطرح للكلاب”.

بأية حرقة ولوعة وأمل أقبلت هذه المرأة البائسة على المسيح. لم تذهب إليه لتستجدي منه خبزا أو لباسا أو متاعا دنيويا؛ إن كل ما أرادته متاعا روحيا، من هداية ودعاء. لقد طلبت منه ما جاء هو من أجل أن يعطيه. غير أن العبارة التي جاءت في الإنجيل تقول إن المسيح زجرها وطردها، ولم يكتف بذلك بل أهانها في وجهها وأساء إليها وشبهها بالكلاب. ولو كانت تلك العبارة صحيحة، فإنها تعني أن المسيح لم يسب تلك المرأة الكنعانية وحدها، بل سب كل أنثى من جنسها.

إذا لم يجد المسيح عليه السلام من يدافع عنه ممن يدّعي أنه من أتباعه، فإننا من يدافع عنه. إنه نبي الله المعصوم عن مثل هذه الاتهامات.

والآن ماذا تقول وفاء سلطان إن كانت تعرف هذه النصوص؟

احتجاجها على ارتفاع صوت الأذان في القاهرة

لم يأمر الإسلام بالأذان من خلال مكبرات الصوت، ولم يحدد قدرة معينة لمكبرات الصوت الخاصة بالأذان. ونحن نناشد علماء الأزهر أن يوحدوا الأذان في القاهرة إن لم يكن موحَّدًا، وأن يخفضوا صوته، وخصوصًا في الفجر.

أما الصلاة من خلال مكبرات الصوت، فليست إلا بدعة حديثة العهد، ولا أراها لائقة.

اتساخ بعض المساجد ونظافة الكنائس

إن حديثها عن هذا الموضوع ينمّ عن كراهيةٍ لكل المسلمين. كان عليكِ أيتها الدكتورة أن تحثّي قومك على النظافة التي أمر بها الرسول كثيرا. ونحن نأسف أن بعضا من قومنا لا يأبهون بنظافة شوارعهم ولا مساجدهم ولا بيوتهم، لكن هذا ليس مشكلة في الإسلام نفسه، ولا في لغته؛ بل هي مشكلة في الناس الذين غدوْا بعيدين عن جوهر الدين. ثم إن الغالبية من المساجد التي  أدخلها في العالم الإسلامي نظيفة جدًّا. أما تلك التي تفوح منها رائحة كريهة، فهي غالبا ما تكون في وسط الأسواق، ويدخلها عدد هائـل من النـاس ، بحيث يصعب التزامهم جميعًا بالنظافة. وهذا خطؤهم الكبـير الذي يجب حـثّهم على تجـاوزة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك