علم تعبير الرؤى في خدمة القرآن  الكريم
  • كيف نفهم الأمثال القرآنية؟!
  • توظيف تعبير الرؤى في فهم الأمثال القرآنية.

__

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا * كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلَالَهُمَا نَهَرًا (الكهف 33-34)

شرح الكلمات:

مثلاً: الـمَثَل: الشِّبْهُ؛ النظيرُ؛ الصفةُ؛ الحُجّةُ، يقال: أقام لـه مثلاً أي حجّةً؛ الحديثُ؛ القولُ السائرُ؛ العبرةُ (الأقرب). وضرَب لـه مثلاً: وصَفه وقاله وبيّنه.

جَنّتينِ: مثنى الجَنّةِ. وأصلُ الجَنِّ سترُ الشيءِ. يقال: جَنَّه الليلُ: ستَره. والجنّةُ: كلُّ بستان ذي شجرٍ يستُر بأشجاره الأرضَ. وقد تسمَّى الأشجارُ الساترةُ جَنّةً. وسُمّيت الجنّةُ إما تشبيهًا بالجنّة في الأرض وإنْ كان بينهما بونٌ، وإما لسَتْرِه تعالى نعمَها عنا المشارَ إليها بقوله تعالى فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ (المفردات).

حَفَفْنا: حَفَّه القومُ وبه وحوالَيه: أحدقوا به وأطافوا واستداروا (الأقرب).

لم تَظلِمْ: ظلَم فلانًا حَقَّه: نقَصه إياه، ومنه وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا أي لم تنقُصْ (الأقرب).

التفسير:

هناك فئة من المفسرين ترى أن هذه الآية تتحدث عن حادث معين، بينما ترى فئة أخرى منهم أنها تحتوي على مَثَلٍ فحسب. ومن الفئة الأولى من يقول إن الرجلين المذكورين في الآية كانا من اليهود، بينما يقول البعض منهم إنهما كانا من العرب. (القرطبي وفتح البيان)

ولكن الحق أن الذي يملك بستانين من الأرض لا يبلغ منِ الأهمية بحيث يستحق الذكرَ في التاريخ، اللّهم إلا إذا سلّمنا بأحد الأمرين: الأول أنه لم يتفوه أحد قط في تاريخ الإنسانية كله بكلمات الزهو والتفاخر إلا ذلك الشخص؛ والثاني أنه لم يكن في الدنيا حينئذ أشجار إلا هذان البستانان اللذان كانا ملكًا لذلك الشخص؛ ولذلك حفِظ لنا التاريخ هذه الحادثة!

وعندي أن تفاصيل هذا المثل تؤكد لنا أنه يتضمن رسالة إلهيَّة هامة لنا، وإلا لم يكن ثمة داع لذكره في القرآن الكريم.

وعندي، أننا إذا وجدنا في الكتب السماوية أحد الأمثلة الذي ليس غايته الفصاحة والبلاغة، بل يشير إلى موضوع عميق الغور، فمن الأفضل أن نستعين بعلم تعبير الرؤيا للوصول إلى حقيقته بدلاً من التفكير بعقلية مادية؛ ذلك أن الرؤى هي أيضًا من لغة الأمثال التي يستخدمها الله تعالى، ولا بد من التشابُه بين مثلَين منبعهما واحد وهو الله تعالى.

مما لا شك فيه أنه يمكننا أن نأخذ البستان بمعنى المال والثروة نظرًا إلى الدنيا، كما يمكن تفسير النخل بمعنى الحماية، لأن الشجر يُستخدم كسياج يحدد أرضَ الزرّاع على ما يرام. لا جرم أنه يمكننا أن نقوم بهذا التأويل اعتمادًا على عقولنا، ولكن لم لا نستعين بعلم تعبير الرؤيا بهذا الصدد، ثم نتدبر في القرآن لنرى هل هو يؤيد المعنى الذي توصلنا إليه على ضوء علم التعبير أم لا؟

يقول علماء تعبير الرؤيا: «ربما دلّ البستانُ على الزوجة والولد والمال وطِيبِ العيش وزوال الهموم، وربما دلّ على دار السلطان الجامعة للجيوش والجنود» (تعطير الأنام: كلمة البستان).

أما العنب فهو في المنام رزقٌ حسنٌ. والعنبُ رزقٌ دائم واسعٌ مدّخرٌ. ومَن أمسَكَ عنقودًا نال مالاً مجموعًا من امرأةٍ (المرجع السابق، كلمة عنب).

أما النخل فقد ورد فيه: «مَن مَلَكَ نخلاً كثيرًا فإنه يتولى على رجالٍ بقدرِ ذلك، وإنْ كان تاجرًا ازدادت تجارتُه» (المرجع السابق كلمة نخل).

وأما الثمر فهو في المنام «كرامةٌ جديدة طريّةٌ». (المرجع السابق كلمة ثمر).

وأما الزرع فورد فيه: «مَن رأى أنه قد زرَع في أرض… فهو للسلطان سَعَةٌ في مملكته… والزرعُ يدلّ على العمل» (المرجع السابق كلمة زرع).

أما النهر فهو في المنام رجل جليل (المرجع السابق كلمة نهر). وكذلك ورد أنه إنْ رأى أن نهرًا يجري من بيته فإنه يأمر بالمعروف وينتفع الناس منه.

إذًا فالمراد من قوله تعالى وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ أنه تعالى أعطى أحدَ الرجُلين المالَ والأولادَ. وبما أن العنب رمز للخلود فكلمة مِن أعنابٍ إشارة إلى أن مال وأولاد هذا الرجل سيزدهران طويلاً، وهذا المعنى يؤكده قولُ هذا الشخص بعد قليل أنا أكثرُ منك مالاً وأعزُّ نَفَرًا ، مع أنه لم يجر من قبل أي ذِكر لتعداد ماله وأولاده.

أما قولـه تعالى وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ فإن النخل، كما ذكَرت آنفًا، يعني أتباع الرجل الذين يتولى عليهم؛ فالمراد من إحاطة البستانين من أعناب بنخل أنه كان يحمي مالَه وأولادَه ومُلكَه برجاله وجنوده.

أما قوله تعالى وجعَلْنا بينهما زرعًا فالزرع يعني العمل، فالمراد من وجود العمل بين البستانين أن هناك مملكةً محروسة بالجيوش على الجانب الواحد، ومملكةً أخرى على الجانب الآخر محروسة بالجنود أيضًا، وبين المملكتين ضيعة غير محروسة ليست بذات شأن.

ثم يقول الله تعالى كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا ، وهذه الكلمات أيضًا تدل على أن البستان هنا تمثيلي، وليس البستان المعروف؛ ذلك أن الأمر الطبيعي عن البساتين هو أن ثمارها لا تكون كثيرة في كل مرة، بل تكثر ثمارها في عام وتنقص في عام غالبًا.

وثمة أمر آخر جدير بالملاحظة هنا: إن الآية تتحدث عن بستانين، إلا أنه يمكن اعتبارهما بستانًا واحدًا من جهة، كما يمكن اعتبارهما بستانين من جهة أخرى. ذلك لأن القرآن قد استخدم لهما ضمير المفرد حيث قال آَتَتْ أُكُلَهَا بدل (آتتا أكلهما)، ثم قال ولم تظلِمْ بدل (ولم تظلما). وهذا يعني أنه في الحقيقة بستان واحد، أو هناك جزءان لبستان واحد، وإن كان في الظاهر بستانان.

لا شك أن إيراد ضمير «كلتا» مفردَ اللفظِ جائز، ولكن لا بد من صيغة المثنى عند إيراد ضميره معنًى، فقد كتب العلامة البيضاوي: «وفي الحاشية السعدية فإنه اسم مفرد اللفظ عند البصريين ومثنَّى المعنى؛ ومثنًّى لفظًا ومعنًى عند البغداديين (تفسير البيضاوي).*

وورد في «القنوى على البيضاوي» أن الحريري قال في درة الغواص: «يقولون: كلا الرجلين خرَجا، وكلتا المرأتين حضَرتا.» (درة الغوّاص وشرحها، تحقيق عبد الحفيظ فرغلي، دار الجيل بيروت، الإخبار عن كِلا وكلتا ص 398)

إذًا فالبغداديون من أئمة اللغة يرون ضرورة إيراد صيغة المثنى (آتتا)، والحريري أيضًا يرجّح ذلك؛ مما يؤكد أن إيراد صيغة المثنى جائز يقينًا. فما أقوله هو أن إيراد صيغة المثنى هنا كان هو الأنسب أو الجائز على الأقل، ولكن القرآن الكريم فضّل الطريق الآخر على هذا الطريق الأنسب لفظًا، وهذا لا يخلو من حكمة نظرًا إلى الأساليب القرآنية المسلم بها. والقرآن زاخر بمثل هذه الأمثلة التي تؤكد أنه يراعي بعض الحكم والأغراض المعنوية حتى لدى اختيار الكلمات والضمائر.

وباختصار قد شبه المسيح في مثاله هذا أممَ الأنبياء بالبستان، وشبه العلماءَ المسؤولين عن توعية أفرادها والملوكَ بالبستانيين، وهذا هو المعنى الذي ذكره القرآن. فالبستان هو المسيحية، وأما العنب فيرمز إلى ما يتمتع به أهلُها من كثرة المال والثروة والأولاد، وأما النخل فإشارة إلى اعتماد المسيحية في زمن ازدهارها على الجيوش، واتخاذ تدابير محكمة لحمايتها.

وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا (الكهف 35)

شرح الكلمات:

ثمر: الثمر: حِملُ الشجر؛ النسلُ والولدُ، والواحدة ثمرةٌ. والثمرة من اللسان: طَرفُه وعَذَبتُه. وثمرةُ القلب: المودّةُ؛ خلوصُ العهد (الأقرب).

يحاوِرُ: حاوَرَه محاورةً: جاوَبَ وراجعَه الكلامَ (الأقرب).

أَعَزُّ: اسم تفضيل مِن عَزَّه يعُزُّ عِزًّا: قوّاه؛ غلَبه. وعَزَّ يعِزُّ عزًّا: صار عزيزًا؛ قَوِيَ بعد ذلّة؛ ضَعُفَ؛ ضِدٌّ (الأقرب). قوله: «ضدٌّ» يعني أن هذه الكلمة من الأضداد، فتعطي معنى إيجابيًّا في بعض الأحيان وسلبيًّا في أحيان أخرى.

نَفَرًا: النَفَرُ: الناسُ كلهم؛ والنفرُ مِن ثلاثة إلى عشرة، وقيل إلى سبعةٍ، من الرجال (الأقرب).

التفسير:

قولـه تعالى وَكَانَ لَهُ ثَمَر يعني كانت جهود هذا الشخص تأتي بنتائج مرضية مما حداه ليقول لصاحبه: أنا أكثر منك مالاً وأعزُّ منك أعوانًا.

أبيّن لكم الآن تأويل هذا المثل. في مستهل هذه السورة أخبر الله تعالى أن رسوله قد بلّغ رسالات الله أهلَ مكة، وسيبلّغها اليهودَ أيضًا، كما سيوقظ بها النصارى. ثم تطرق إلى بداية تاريخ الأمة المسيحية وأخبر أن هؤلاء تحملوا أشد الأذى والتعذيب في سبيل عقيدة التوحيد في أول أمرهم، ولكنهم صاروا فيما بعد مشركين وانشغلوا بالدنيا. أما الآن فأشار الله تعالى في هذا المثل إلى النـزاع الذي قدّره بين المسلمين والنصارى. فأصحاب البستان هم النصارى. وقد ذكر القرآن أنه بستان العنب، ذلك أن المسيح نفسه قد شبّه الأمة المسيحية بالكَرْم. كما أن هناك تشابهًا بين المثل القرآني وبين المثال الذي ذكره المسيح حيث ورد: «إنسانٌ غرَس كَرْمًا وأحاطه بسِياجٍ، وحفَر حوضَ مِعصرةٍ وبنى برجًا، وسلَّمه إلى كرّامين وسافرَ. ثم أرسل إلى الكرّامين في الوقت عبدًا ليأخذ من الكرّامين مِن ثمر الكرمِ؛ فأخذوه وجلَدوه وأرسلوه فارغًا. ثم أرسل إليهم أيضًا عبدًا آخرَ، فرجَموه وشجّوه وأرسلوه مُهانًا. ثم أرسل أيضًا آخر، فقتلوه. ثم آخَرين كثيرين، فجلَدوا منهم بعضًا وقتلوا بعضًا. فإذْ كان لـه أيضًا ابنٌ واحدٌ حبيبٌ إليه أرسله أيضًا إليهم أخيرًا قائلاً: إنهم يهابون ابني. ولكن أولئك الكرّامين قالوا فيما بينهم: هذا هو الوارث، هلُمُّوا نقتُلْه فيكون لنا الميراث. فأخذوه وقتلوه وأخرجوه خارجَ الكَرْمِ. فماذا يفعل صاحبُ الكَرْمِ؟ يأتي ويُهلِكُ الكرّامين، ويعطي الكَرْمَ إلى آخرين. أما قرَأتم هذا المكتوبَ: الحَجَرُ الذي رفَضه البنّاءون هو قد صار رأسَ الزاوية» (مرقس 12: 1-10).

في هذا التمثيل شبه المسيح الديانات المختلفة بالكَرْم، وأخبر أن مالِكَ الكرمِ هو الله تعالى. والتفصيل الذي ذكره عن هذا البستان هو نفس التفصيل المذكور في القرآن أي أن في البستان الكَرْمَ وحوله السياج. والفرق الوحيد أن القرآن قد ذكر أمرًا إضافيًّا أعني اسم الشجر الذي يحيط البستانَ كسياج.

وباختصار قد شبه المسيح في مثاله هذا أممَ الأنبياء بالبستان، وشبه العلماءَ المسؤولين عن توعية أفرادها والملوكَ بالبستانيين، وهذا هو المعنى الذي ذكره القرآن. فالبستان هو المسيحية، وأما العنب فيرمز إلى ما يتمتع به أهلُها من كثرة المال والثروة والأولاد، وأما النخل فإشارة إلى اعتماد المسيحية في زمن ازدهارها على الجيوش، واتخاذ تدابير محكمة لحمايتها.

وأما السبب في ذكر البستان وكأنه بستان واحد من جهة وبستانان من جهة أخرى فهو أن للمسيحية خصوصية تميزها عن باقي الأمم، وهي أن ازدهارها تمّ في فترتين مختلفتين؛ كانت أُولاهما قبل ظهور الإسلام، وثانيتهما بدأت بعد ظهور الإسلام بثلاثة قرون، واكتملت في سبعة قرون أي في القرن السابع عشر الميلادي. أما فيما بين هاتين الفترتين فكانت المسيحية تشبه زرعًا يهدِّده خطر أن تدوسه الدواب أو تقتلعه. وبين هاتين الفترتين – اللتين تشبهان بُستانَين – فجّر الله نهرًا وهو نهر دين الإسلام الذي فصل بين هذين البستانين، وقد خلق الله تعالى بين هاتين الفترتين إنسانًا جليل الشأن أقام حركة نشيطة للأمر بالمعروف.

ثم أخبر الله تعالى أن صاحب البستانين – أي زعماءُ المسيحية – سيعيّرون أهلَ الإسلام بضعفهم ويقولون: لا قِبل لكم بنا، فنحن أصحاب المُلك العظيم في الفترتين. ذلك أن رقيهم في الفترة الثانية سيكون رقيًّا غير عادي، فسيعتزّون به خاصة لأنه في تلك الفترة سيقع الصِدام بينهم وبين المسلمين.

وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا (الكهف 36)

شرح الكلمات:

تَبيد: مِن بادَ يَبيد بُيودًا: هلَك (الأقرب).

التفسير:

يبين الله تعالى إنهم سيتباهون بمُلكهم وقوتهم كثيرًا، ظانين أن لا زوال لمُلكهم، كما ستبلغ فيهم اللادينيةُ ذروتَها. هذا هو معنى قوله تعالى وهو ظالمٌ لنفسه .

وجدير بالملاحظة أن الله تعالى قد ذكر هنا جنة واحدة مع أنهما جنتان! ذلك أن الأمة المسيحية، وإن كانت تفتخر بالفترة الأولى من تاريخها، إلا أنها ستزهو حقيقةً برقيِّها الذي حققته في الفترة الثانية، وستعرضه أمام أهل الإسلام كدليل على صدقها؛ ومن أجل ذلك لم يذكر الله تعالى جنتين، بل ذكر جنة واحدة مستخدمًا صيغ المفرد.

وقد يكون الغرض من ذكر الجنة بدل الجنتين الإشارةَ إلى أن الجنتين جنة واحدة في الحقيقة. ذلك أن هذا الرقي كله إنما هو رقيُّ أمة واحدة وإن كان قد انقسم إلى جزأين نتيجةَ فاصل زمني. وهذا المعنى يؤيد موقفي الذي بينته من قبل بأن الله تعالى قد استخدم ضمير المفرد بعد “كلتا”، بالرغم من جواز استخدام ضمير المثنى، إشارةً إلى إمكانية اعتبار البستانين بستانًا واحدًا كذلك.

وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا (الكهف 37)

شرح الكلمات:

أَظُنُّ: ظنَّ الشيءَ: علِمه؛ استيقنَه. وتأتي “ظنَّ” للدلالة على الرجحان (الأقرب). فقوله “ما أَظُنُّ” يعني: لا أوقن؛ لا أرى.

الساعة: راجِعْ شرح كلمات الآية رقم 62 من سورة النحل.

منقلَبًا: مِنْ انقلَب أي انكبَّ؛ رجَع. المنقلَبُ: يكون مصدرًا؛ ويكون مكانًا (الأقرب).

التفسير:

لقد أخبر الله تعالى هنا أن في هذه الأمة صنفينِ من الناس: صنف لن يؤمن بيوم القيامة، وإنما سيعتبر هذه الحياةَ الدنيا كل شيء؛ وصنف آخر سيؤمن بيوم القيامة، ولكنه يظن أن نِعم الآخرة حكرٌ على المسيحيين فحسب. وبالفعل هذا هو حال المسيحيين، حيث ترى فئة منهم أن لا حياة بعد الموت، وليست الجنة إلا الرقي القومي، وقد حازه المسيحيون وسيحوزونه؛ بينما تؤمن فئة منهم بالبعث بعد الموت، ولكنها ترى أن المسيحيين سيدخلون الجنة لأن المسيح قد حمل خطاياهم؛ وليس للأمم الأخرى من يحمل عنهم خطاياهم، لذا فسيدخلون كلهم في الجحيم.

Share via
تابعونا على الفايس بوك