عصمة المصطفى صلوات الله عليه وسلامه

عصمة المصطفى صلوات الله عليه وسلامه

عائشة عودة

  • معرفة النبي أقصر الطرق وأسلمها إلى معرفة الله
  • معروفه الذي أسداه ص إلى الإنسانية
  • الحكمة من اصطفاء الله له

 __

معرفة الله حق المعرفة لا تتسنى إلا بمعرفة مرتبة المصطفى

تعجز تحاليل وأبحاث علم النفس والاجتماع بمختلف فروعها وتسميتها عن فهم قُدسية الأنبياء إجمالًا، فما بالكم بقدسية خاتمهم ومصدقهم جميعًا سيدنا محمد المصطفى !

والحقيقة التي غابت عن أذهان معظم الباحثين في هذه المجالات أنَّ حركات وسكنات وسائر أفعال النّبي لها معايير  للمقاييس والمعايير التي تنطبق على مَن هبَّ ودبَّ، بل لها معايير اختصه الله بها ولخصها القرآن الكريم في مواضع عدة نذكر منها

وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (1)  و وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى (2)

ومن هنا نستنتج أنه قد بلغ درجة الإنسان الأكمل الذي طابقت مراداته كلها مراد الله عز وجل، فشهدت الدنيا  من خلالها أعظم انعكاس لصفات المولى . ولا شك أن تمتعه  بهذه المرتبة وُهب بها العصمة الكبرى من الأخطاء والإغراءات التي يقع فيها الإنسان العادي..حيث ترفعت أخلاقه ومعاملاته إلى القداسة بما تحويه من معان جليلة.

بعث الله تعالى سيدنا ونبينا محمدًا المصطفى إلى العالم ليجعل الأمم المتفرقة في العالم كله- بواسطة تعليم القرآن الكريم الذي يشكل قاسمًا مشتركًا بين طبائع العالم كله- أمة واحدة ويخلق فيهم الوحدة كما هو واحد لا شريك له، ولكي يذكروا ربهم مجتمعين كجسدٍ واحد ويشهدوا على وحدانيّته

وقد وضَّح سيدنا أحمد هذا الأثر بأجمل العبارات فقال:

«ببعثة النبي اتخذت القصص صبغة الحقيقة. والآن ندرك جيدًا- ليس على سبيل القال بل على سبيل الحال- ماهية المكالمة الإلهيّة وكيف تظهر آيات الله وكيف تُجابُ الأدعية. وقد وجدنا كل ذلك نتيجة اتّباع النبي وكل ما تسرده الأمم الأخرى كقصص وجدناه بالتّمام والكمال.  فقد تمسّكنا بأهداب نبيٍّ يُري وجه الله عيانًا. فنِعم ما قال الشاعر (تعريب):

«إن محمدًا العربي هو مَلِك العالَـمَينِ، الذي يخدمه روح القدس كحاجب. لا أستطيع أن أسميه إلـهًا، ولكن أستطيع القول أنّ معرفة الله تتسنى بمعرفة مرتبته ». (3)

منّة المصطفى على البشرية

أود أن أنوّه في هذا المقام أنَّ شمسَ قداسة المصطفى لم تسطع على السّماء الدنيا كمنّة من المؤمنين أو كنتيجة تأثير عوامل مختلفة من محيطه. بل العكس صحيح وهذا ما دَوّنه القرآن الكريم من أثر تأثيره في من حوله.. حيث قال:

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ.. (4)

والشّدة هنا تشير إلى أنَّ تأثير الخصم غير المؤمن لا يجد نفوذًا وتأثيرًا على المصطفى وصحابته الكرام كما أكّدت الآية أيضًا على تأثير قداسة النّبي في المؤمنين ومن ثم ينتقل جغرافيًّا من بلد لآخر ومن جيل لجيل….وهذا ما أكّده حضرة المسيح الموعود   في قوله: « كان قلبه يتألم بشدة واستمرار نظرًا إلى كون بلده غارقًا في الظّلام والجهل، ويتمزَّق كبده كمدًا بالنّظر إلى سوء حال النّساء ووأد البنات البريئات. الحق أنَّ البركات التي حظي بها العالم من شخصه . يجب على العالم كلّه أن يشكره عليها، دع عنك العرب فقط. هل من مصيبة لم يتحملها هذا الإنسان الصّالح من أجل بني البشر؟ وهل من معاناة لم يتجشّمها في هذا السّبيل؟ إنَّ تعليم التّوحيد قومًا غير مهذَّبين ومتوحشين مثل العرب ومنعهم عن السّيئات التي كانت جزءًا لا يتجزأ من طبيعتهم لم يكن سهلًا. فليقل المتعنتون ما يحلو لهم عن هذا الإنسان البار ولكن المنصفين وذوي الآفاق الواسعة لا يستطيعون أن ينكروا منّة النبي محمد متناسين الخدمات الجليلة التي أدّاها من أجل البشرية».(5)

الحكمة من الاصطفاء

ولو تفكّرنا في حكمة الله عزّ وجل من اصطفاء الرسول الذي كان تجسيدًا للتّفاني في الله ، ومظهرًا للرّحمة بالإنسانية جمعاء، فنجد أنَّ طبعه يدعوه دائمًا لجمع مَن حولَه على الحق والخير ومحاولة نجدتهم جميعهم من شرور أنفسهم وأعمالهم، وجسّد وحدانية النّظام الإلهي، بتوحيد البشرية جمعاء وهذا ما يبيّنه سيدنا أحمد :

«بعث الله تعالى سيدنا ونبينا محمدًا المصطفى إلى العالم ليجعل الأمم المتفرقة في العالم كله- بواسطة تعليم القرآن الكريم الذي يشكل قاسمًا مشتركًا بين طبائع العالم كله- أمة واحدة ويخلق فيهم الوحدة كما هو واحد لا شريك له، ولكي يذكروا ربهم مجتمعين كجسدٍ واحد ويشهدوا على وحدانيّته…ولأنه واحد لذا يحبُّ الوحدة بين نظامه المادي والروحاني» (6)

لقد ظهر في وقت الظّلام ونوّر العالم بنوره وكان الشّمس لأرواح السّعداء.. كيف لنا أن نؤدي شكر الله الذي وفقنا لاتباع هذا النّبي العظيم الذي لم يكلّ ولم يمل من محاولة تطهير بلاد العرب كلّها من الشّرك ووكّل تطهير كل شبر من المعمورة لأتباعه الأطهار (الآخَرين) الذين أتوا بعده .

عزيزي القارئ من المستحيل أن أعطي الموضوع حقه من خلال هذه السّطور القليلة ولكن ما أصبو إليه هو أن تدرس أجيالُنا شخصَ النبي بتمعن وجدية أكثر لأنّ منصات التواصل الاجتماعي مليئة بمحاولات زعزعة الإيمان والعقيدة والنيل من شرف الإسلام بالتشكيك في الأحاديث وآيات  القرآن الكريم وكل ما هو هدام للإيمان والعقيدة.

لحسن الحظ فإن الترياق الناجع من هذا السُّم الزعاف مبثوث في أدبيات جماعتنا المباركة فتعالوا وانهلوا من هذا العالم الروحاني.

نتوق إليك حبيبنا.. فكيف ننسى شوقك للقائنا ومَنْحِنا شرف أن نكون إخوانك حيث قلت:

“وَدِدْتُ أَنِّي لَقِيتُ إِخْوَانِي” عندما سـألك أصحابُك: “أَوَلَيْسَ نَحْنُ إِخْوَانَكَ؟!” فقلت لهم: “أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَلَكِنْ إِخْوَانِي الَّذِينَ آمَنُوا بِي وَلَمْ يَرَوْنِي”. عليك  أزكى الصلوات يا خير الورى.

المراجع:

1. (النجم 4 و5)

2. (الأنفال 18)

3.كتاب ينبوع المعرفة ص 159 لحضرة مرزا غلام أحمد القادياني

4.(الفتح 30)

5. ـ كتاب ينبوع المعرفة ص 135 لحضرة مرزا غلام أحمد القادياني

6 ـ  كتاب ينبوع المعرفة ص 48 لحضرة مرزا غلام أحمد القادياني

7.مسند أحمد، كتاب باقي مسند المكثرين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك