"خُلقه خُلقي"
  • الأمر بتأسيس جماعة المؤمنين التي تنعم بالحياة الروحانية والحصانة الربانية
  • الويل والهلاك لمن أراد أن يعبث بما أنشأه الله وخصه بعنايته
  • لقب الامام المهدي لا يشير الى إمام الصلاة بل الى الإمامة التي أشير إليها في القران الكريم (وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا)
  • بيعة حضرة المسيح الموعود واجبة كما أكدته الأحاديث المتواترة
  • كل بركة من محمد فتبارك من علَّم وتعلَّم

__

لقد مكث سيدنا نوح عمرًا مديدا يُبلغ قومه رسالات ربهم ويهديهم إلى سبل الصلاح والتوحيد.. ولكن دون جدوى حيث لم يؤمن به إلا فئة قليلة. وبعد أن بلغ الفساد منهم مبلغًا عظيمًا أوحى الله إليه أن يصنع الفلك بأعينه ووحيه فتميزت هذه السفينة عن باقي السفن لأنها من تصميم الواحد الأحد من خلال وحيه الخالص.. فما كان أن تغرقها عاصفة أو توقف مسارها قوى دنيوية. فالله مجريها ومرسيها وراعيها. فأنى لسفينة نوح أن تغرق أو يصيبها مكروه؟!

وفي عصرنا الحالي وبعد أن ظهر الفساد في البر والبحر أمر الله عز وجل خادم الرسول حضرة مرزا غلام أحمد القادياني أن يصنع سفينة النجاة، وذلك بتأسيس جماعة المؤمنين التي تنعم بآليات الحياة الروحية والحصانة الربانية. وبالتالي فلتعلم الدنيا أن هذه الجماعة التي صُنعت بعين الله ووحيه لن تقهرها شدة ولن تغرقها مكيدة ولن يُقلبها موج، فالله مجريها ومرسيها.. وتعسا لما أراد إهلاكها. إن الموج الذي يلطمها إنما يدفعها لكي تنطلق بسرعة أكثر نحو مرساها، فالله منزل البلاء وكاشفه، وليس البلاء إلا لتثقيف المؤمنين ومحق الأعداء. ولقد أنعم المولى عز وجل على المؤمنين وخصهم بامتطاء هذه السفينة كي ينجوا إلى بر الأمان. وحتما مخطئ من التمس طريقا آخر، أو ظن أن الجبال ستعصمه من الماء

وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنْسِفُهَا رَبِّي نَسْفًا * فَيَذَرُهَا قَاعًا صَفْصَفًا * لَا تَرَى فِيهَا عِوَجًا وَلَا أَمْتًا * يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لَا عِوَجَ لَهُ .

ولمن أراد سوءا بهذه السفينة.. فالويل كل الويل له، فمن ذا الذي يجرؤ أن يعبث فيما أنشأه الله وخصه بعنايته. فمن ذا الذي يجعل الله لنفسه خصيما، ومن ذا الذي يجرؤ أن يقف في وجه إرادته عز وجل. وتحديدا هذا ما يبرزه وحي تلقاه إمام الزمان حضرة مرزا غلام أحمد القادياني : “إني مهين من أراد إهانتك وإني معين من أراد إعانتك”. وتواترت وعود الله عليه وحيا خالصا تبشره بالنصر المبين وبتكريس فطاحلة متّقين لنصر دعواه: “ينصرك رجال نوحي إليهم من السماء”.

وقد يستغرب بعض القراء: لماذا حظي حضرته بهذا المقام الروحي السامي وبالوعود بالنصر المبين؟ غالبا ما تُقاس عظمة القائد بطبيعة المهام الموكلة له وأداؤه لها بأحسن وجه. فلا يُعقل أن تُعطى سلطة الذود عن البلد لجندي بسيط، مع العلم أنه يفتقد الخبرة والحنكة في التخطيط واتخاذ القرارات. بل غالبا ما يُختار قائد باسل ذو خبرة وحنكة في التخطيط والتنفيذ لمثل هذه المهام. ومن الحكمة أيضا أن يُطبق نفس المبدأ على من سيدافع عن حياض الدين الحنيف أي ذلك الإمام الهُمام الذي وُعدت به الأمة. ونود أن نؤكد هنا أن سلسلة الألقاب الدينية التي خُص بها حضرته لها دلالات عظيمة وجميعها تبرز مقاما روحيا واحدا.

ولا شك أن لقب الإمام المهدي لا يشير إلى إمام الصلاة بل للإمامة المشار إليه في القرآن الكريم.. ذلك اللقب الذي أعطاه الله لأنبيائه

وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلًّا جَعَلْنَا صَالِحِينَ * وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ وَكَانُوا لَنَا عَابِدِينَ (الأنبياء: 73 و74)

أي بوءناهم مقام النبوة وأيدنا كل خطواتهم بالوحي كي يهدوا الناس بتوجيه ورعاية من الله وليس من محض أنفسهم. وبناء على هذا كان كل واحد من زمرة الأنبياء إماما مهديا بأتم معنى الكلمة. ولم يتوقف إبراز مقام خادم الرسول الكريم منقذ الإنسانية إلى هذا الحد بل أشارت الأحاديث بكل جلاء أنه خليفة الله المهدي. ولا خلاف أن خليفة الله هو اللقب الذي أُعطى للأنبياء أيضا في القرآن الكريم

يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ (ص 27).

كما أكدت الأحاديث المتواترة على أن بيعة حضرة المسيح الموعود واجبة. ونود أن نؤكد أنه  أُمر من الله أن يأخذ البيعة من المؤمنين بدعواه والتي هي بمثابة تذكرة السفر لامتطاء سفينة نوح هذا الزمان. ونود أن نؤكد في هذا المقام أن من يعرف المقام الروحي السامي للرسول محمد المصطفى لن يصعب عليه ملامسة المقام الروحي العظيم لسيدنا المسيح الموعود والإمام المهدي . إذ يصعب التفريق بين السيد والعبد الفاني في حب سيده. خصوصا أن كيان سيدنا أحمد ذاب في شخص الرسول الكريم وهذا ما يؤكده الحديث: “خُلقه خلقي” و “ يُدفن معي في قبري”. أي أن خلقه سيكون ظل خلق الرسول الكريم أي التطبيق العملي للقرآن الكريم، وأن حياته ومماته يكونان متشابهين أو بالأحرى ظل لحياته ومماته . وهذا ما بينه حضرته حيث قال: “من فرَّق بيني وبين المصطفى فما عرفني وما رأى”. كما لم ينسب أي شرف تلقاه من رب العزة لمساعيه وخدماته بل بمحض تفانيه في حب سيده ومطاعه سيدنا محمد المصطفى ، وأكد أن مقام النبوة الظلية الذي حظي به هو ظل لنبوة الرسول الكريم وجزء لا يتجزأ منها أساسه كثرة المكالمة من تبشير وإنذار لأداء مهام تجديد الدين على أحسن وجه.

عزيزي القارئ، في كل سنة من شهر آذار يُحيي أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية في كل بلد يتواجدون  فيه ذكرى المسيح الموعود حيث تُلقى خطابات دينية تلامس أهم معالم وأخلاق شخصيته .

فحوى هذه الندوات هو التأكيد على مبدأ واحد وهو: إذا كان الخادم على ما هو عليه من أخلاق ومعارف فما بالكم بالسيد الذي تعجز الأقلام عن وصف خصاله ومكارم أخلاقه؟

وخير ما نحتتم به هذه السطور ما قاله حضرة المسيح  الموعود في هذا الخصوص: “كل بركة من محمد فتبارك من علَّم وتعلَّم”.. فهلا طالعت عزيز القارئ مصنفات حضرته قبل أن تحكم على دعواه؟!

هدانا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه وجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. آمين

Share via
تابعونا على الفايس بوك