عندما سال لعاب البروتستانتية على فريسة الإسلام 

عندما سال لعاب البروتستانتية على فريسة الإسلام 

فتحي عبد السلام

كاتب وباحث إسلامي
  • تأليف كتاب البراهين الأحمدية بوحي من الله
  • ولي االله المهدي يعلن تصحيح ما أعوج من تفسير دين االله وتقويم كل ميل
  • كلام المهدي أحد من السيف القاطع
  • عودة عيسى بن مريم ونصوص ختم النبوة

__

في القرن التاسع عشر تكاثر المبشرون في الهند كالوباء الساحق، وجاءوا ينشرون المدارس والجامعات والأبحاث والدراسات، وجحافلهم  تتهم الإسلام ورسوله وكتابه بأبشع التهم، وتجتذب الفقراء وبسط الكثافة السكانية في مسلمي بلاد الهند، ولم يكن هناك إسرائيل ولا دولتها ولا يحزنون.

وعندما كان الإسلام يصرخ مستغيثا بصوت يرن في جنبات الكون والدكتور هنري مارتن كلارك يعيث في عقول أهل الإسلام فسادا، لم يكن شيوخ الدين في مصر يدرون عن ذلك شيئا، ولا عن لغات الصراع الأردية والإنجليزية ولا يعلمون. وفي تلك الأيام لم يكن أحد يبكي على مصيبة الإسلام كما يبكي شاب غيور نشأ في عبادة الله في قرية مجهولة يشكو إلى الله طوفان الردة حتى بلغ عدد المرتدين من كبار العلماء والمشايخ وحدهم السبعين، ومن الشعب العادي مئات الألوف.

وعندما قام ذلك الغيور يدافع عن دينه العظيم لم يكن أحد يذب عن الإسلام إلا قليلا، أو يذب ذبا هزيلا، فقام هذا الرجل وحده يستعين بالله المعين ويناجيه، فناجاه الله وأعانه بما يلزمه في الصراع  والدفاع، فكتب المقالات، وطبعتها المطابع، وتحدى كل من يهاجم الإسلام في عقر دارهم، وقارن بين القرآن وبين بضاعتهم التي أخذها من ديارهم وكتبهم. وأثبت تفوق القرآن وتعاليم محمد بشكل يفوق الخيال، فبهت الذي كفر، وعاد أغلب من كان تنصر، و لم يكن أحد ممن يلعن الإمام المهدي الآن قد ولد.

فعندما أوحى الله أن: ألف كتاب البراهين لإثبات أحقية القرآن والرسالة المحمدية، لم يكن الله ليعبث ولا ليلعب مع البروتستانية، ولا مع الجحافل التنصيرية.

لم يؤلف كتابا يفتي فيه فتوى القتل ضد العلماء  المرتدين، ولم يثر عليهم الناس ليمزقوهم إربا كما هي عادة المفلسين، ولم يكوِّن عصابة لتتبعهم  وإزهاق أرواحهم،. أمسك بقلم لئلا يقولوا: ها هو الإسلام دين العنف والقهر والإكراه والسيف.. أمسك بالقلم وبراه، حتى صار حادا قاطعا وكتب والله يرعاه.

أمسك بقلم الصدق الواحد وسطر ضد أقلام الكذب المتكاثرة وما يسطرون، فإذا بهم يتلاشون ويذوبون. وكانت النتيجة مذهلة لا تخطر على البال، ولم يكن بالحسبان أن العدو بهذا الضعف الفكري والروحي ولا بهذا الهزال. اصطرع القلمان وفاز قلم الحق فوزا مؤزرا. وكان كأنه قتلهم وعاد منتصرا.

فعندما أوحى الله أن: ألف كتاب البراهين لإثبات أحقية القرآن والرسالة المحمدية، لم يكن الله ليعبث ولا ليلعب مع البروتستانية، ولا مع الجحافل التنصيرية.

وعندما نشر الكتاب الذي أعلن الله أنه سيعينه في تأليفه، بهر الخلق بجماله، وأسلوبه وحلله وظهور جمال الإسلام من خلاله، كان هذا الرجل يومئذ بطل الإسلام بلا منازع، واعترف له القاصي والداني بجذبة عاطفية لا يملكون إزاءها مقاومة ولا ردا.

كان الكتاب ضربة قاصمة لظهر التبشير، وطرقة حاطمة لقسس التنصير. تلته المناقشات العلنية المسجلة، ومناظرة مشهودة بين الإسلام والمسيحية، وخرجت النصرانية من المناقشات فاشلة.

وبعد مباهلة ومطاردة من الله لزعيم المناظرة ضد الإسلام،  مات المتنصر  الذي كان من علماء المسلمين عبد الله آتهم.

إلى هنا وقد ثبتت مكانة بطل الإسلام، وإلى الأبد. ولا يليق بعدها أن تسمع في حقه غيبة ولا نميمة ولا كيدًا،  ومهما حدث بعد ذلك من حقد وحسد، فكله شبهات ولها رد.

وكما أنه في حياة محمد لا عبرة بكل تاريخ التكذيب اللاحق،  بعد الاعتراف المبكر من قريش يوما بصدق الصادق، حين أخذهم الله على غرة وهم لا يدرون ما يخبئه القدر، واعترفوا أنهم يصدقونه لو أخبرهم عن جيش مغير، فهم لم يجربوا عليه غير الأمانة ولذلك سيصدقون النذير.

فكذلك هنا سبق السيف العذل، وأخذ الله منهم الاعتراف بليل، وأصبح الصباح وولي الله المهدي يعلن تصحيح ما أعوج من تفسير دين الله وتقويم كل ميل. وكلامه أحدَّ من السيف القاطع، ونور الحق في براهينه ساطع ورائع.

رأى علماء المسلمين أن الله قد أبلغ في تقريع النصارى على ما بدلوا، والرد على ما افتروا وسبوا،  وبدأت خطة الله تعالى لتقريع المسلمين على ما قلدوا..  وكان يجب أن يتواضعوا لله، ولكنهم سارعوا في تحريف معاني دينهم وضاهوا خرافات من قبلهم.

كانوا في وضع لا يحسدون عليه، رأوا أنفسهم أمام رجل يوحي الله إليه بالفهم والتفسير، رأوا أنفسهم أمام طريق شديد المرارة عليهم وفي نظرهم،  حيث سيعودون تلاميذ في قاعة الدرس، والمدرس لا يملك شهادات الجامعات بل معه شهادة تعليم الله الذي يلهم النفس.

ورأوا الرجل ماضيا يشرح كيف أن دين الله سام وكامل، وأن عيسى قد مات ولن يعود، وأن الإسلام سيصلحه رجل منهم لا من رسل اليهود،  وأن الدجال قد حل البلاد، ووجب الدرس والاجتهاد، والجهاد حق الجهاد، وليس قتل الناس بغير الحق من أجل الاشتفاء والعناد، وقال أروع الأناشيد عن براءة الإسلام من دعوى الانتشار بالسيف، وأن الحرية الدينية مقدسة في الإسلام كل التقديس.

وبين روحانية الإسلام في فلسفة تعاليم الإسلام، بطريقة تعيد كل العلماء إلى إعادة الدراسة وتنوير الأفهام.

فهرعوا لشيء به يتجنبون ذلك المصير، ووجدوا حلا سهلا في التكفير. ليخلصهم دفعة واحدة وبجهد بسيط لطيف من أفق بعيد مخيف.

واتخذوا من العبث بمعنى ختم النبوة مهنة، ولم يدروا أن وراء ذلك أخطار الغضب الرباني واحتمالات اللعنة.

وطلبوا الآيات فجاءتهم فأهملوها وأنكروها وانتظروا المزيد فجاء الطاعون شر منتظر، وبارك الله في جماعة الرجل الصالح رغم التكبر والبطر.

كيف تعايش مجيء عيسى نبيا مع نصوص الختم؟؟

أمة الإسلام كلها متعايشة مع نبي يأتي في آخر الزمان، اسمه عيسى بن مريم، يقودها لنصر مبين، ولا مشكلة بيـن مجيئه وبين آية ختم النبوة، ولا يحطم مجيئه ولا يعارض حديث لا نبي بعدي.

لماذا تعايشت نصوص الختم مع مجيئه؟؟

لأنه في أعماق الوعي ليس نبيا مطلقا،  بل نبي مقيد بقيود مشددة.

لأن نبوته لها وظيفة محددة عليه ألا يتعداها، وهي: حسن تنفيذ القرآن، وحسن فهم القرآن، وعدم التعدي على حفظ وكمال وشمول وهيمنة شريعة القرآن وسنة نبي القرآن محمد .

ما دام هو ملتزم بهذه الحدود فهو مقبول ونؤمن به، ولا يعتبر هو النبي المرفوض بعد محمد . عاشت أمة الإسلام ألفا وثلاثمائة عام وفي جوفها هذه الثلاثة نصوص متعايشة.

نصوص ختم النبوة بمحمد .

نصوص : لانبي بعد محمد .

نصوص مجيء نبي اسمه عيسى في أمة محمد .

كيف تعايشت تلك النصوص في بطن الأمة أوأحشائها ولم تصنع أي مغص؟؟

السبب أبسط من البساطة نفسها وهو:

إن مجيء نبي بعد رسول الله هو مجيء له حدود حديدية، وهو يتحرك في دائرة وظيفة مرسومة بدقة، لا يمس عصمة القرآن ومطبق القرآن محمد ،  ولا  يمس كماله ولا اشتماله على كل صلاح ممكن للبشر، بل ويحكم به ملتزما بكل حرف فيه حتى تقوم الساعة.

فإذا كان عيسى (الموجود في النص) يؤدي وظائفه النبوية في قيادة أمة الإسلام في حدود وقيود وشروط هذا شأنها،  فليست نبوته مناقضة إذن للختم ولا لقول نبي الله: لا نبي بعدي.

إذن الختم لم يلغ وجود عيسى النبي،  وحديث لا نبي بعدي لم يلغ وجود عيسى النبي.

وقد جاء المهدي ، بعد أن سماه الله المسيح وسماه عيسى ابن مريم، وهو  الميرزا غلام أحمد، متطابقا مع هذه القيود والحدود والسدود والضوابط والرسوم،  متعايشا بشكل بالغ الصرامة مع الوظيفة المنسوبة لنبي الله عيسى المنصوص عليها، ملتزما بحدود التوصيف الوظيفي المرسوم لعيسى ، وقال أنه هو، وأنه بروز روحاني على مثال أخلاق عيسى ، وهو المراد من أحاديث سيد الأنام، وقام مع جنود الله على توضيح دين خاتم النبيين، وإثبات أنه هو حق الدين، وفصل قوانين تشريف المرسلين، وبرهن على عصمتهم من الخطيئة وكل ما يشين..  وقام أيضا على حرب المنصرين، فأتى الله بنيانهم من القواعد، في بلاد الهند، وخر عليهم السقف من فوقهم، وأفلست خططهم بل وأسلم بعض من كان من المسيحيين.

وهكذا ألقى موسى عصاه.

إن قيام المهدي بنفس الوظيفة المكتوبة لعيسى في كتب الإسلام، عليهما السلام، يجعله مؤهلا أن يكون هو تحقيق الوعد الرباني العظيم.

ولو كان هناك بحث فإن الصدق مع النفس يجعل المشكلة تنحصر في قضية:  هل عيسى رجل سماه الله بهذا الاسم من أمة الإسلام أو هو نبي بني إسرائيل المعروف.

فكذلك هنا سبق السيف العذل، وأخذ الله منهم الاعتراف بليل، وأصبح الصباح وولي الله المهدي يعلن تصحيح ما أعوج من تفسير دين الله وتقويم كل ميل. وكلامه أحد من السيف القاطع، ونور الحق في براهينه ساطع ورائع.

وحل ذلك بسيط في بيان موت ابن مريم وعدم عودة الأموات.

ولكن وضوح هذه القضية في عقول المنصفين، قد صنع وضوحا آخر في عقول الرافضين.

فحدود وظيفة عيسى التي تجعله متعايشا مع النصوص الآنفة الذكر،  كشفت لهم الأقوال التي يجب قولها لمعاندة المسيح الموعود وحرمانه من التصديق.

وعرفوا مادة الحبال الجديدة التي يجب أن تلقى هذه المرة، وأشكال العصي البديلة.

ببساطة سيتم التركيز على أنه لم يتعايش مع الوظيفة، بدلا من التركيز على ضرورة شخص من بني إسرائيل. وسيقولون بكذب ومكر: جاء بجديد من الكتب وله قرآن غيرنا، وله قبلة غيرنا وهكذا.. ليخرجوه من دائرة التقيد بشـرع القـرآن. ولكن الله لهم بالمرصـاد.

Share via
تابعونا على الفايس بوك