سيرة المهدي - الجزء 1 الحلقة 16
  • البراهين الأحمدية
  •  محمدي بيغم

__

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: لما نشر المسيح الموعود الإعلان عن نشر البراهين الأحمدية في عام 1879 كان إلى ذلك الحين قد ألف الكتاب كله وكان عدد صفحاته يتراوح بين ألفي صفحة إلى ألفين وخمسمئة صفحة، وكان قد ضمنه على صدق الإسلام ثلاثمئة دليل قاطع وقال بأن صدق الإسلام سيبزغُ بزوغ َالشمس بواسطتها. كان ينوي أنه إذا تأمّن نشر هذا القدر من الكتاب فسيكمله بإيراد المقدمة وإضافة بعض الأمور التمهيدية ووضع بعض الحواشي الضرورية. وعليه فإن مقدمة كتاب البراهين الأحمدية -المنشور في أربعة أجزاء- وجميع حواشيه وغيرها التي كُتبت عند بدء نشر البراهين ليس فيها من الكتاب الأصلي إلا جزء يسير جدًّا أي لا يتجاوز صفحات قليلة. ويمكن تقدير الأمر من هنا أنه لم يُطبع في البراهين الأحمدية إلا دليل واحد فحسب- وهو أيضا لم يُنشر كاملا – من بين الأدلة الثلاثمئة التي كان حضرته قد كتبها قبل طبعه. بعد طباعة الأجزاء الأربعة الأولى توقف نشرُ أجزائه الأخرى بحكمة إلهية، وسمعنا أن مسودة هذا التأليف الابتدائي أيضا تعرضت للحريق وأتلفت.

لقد كتب تحت عنوان: “نحن وكتابنا” في نهاية الجزء الرابع من البراهين الأحمدية أنه لما ألف البراهين الأحمدية كانت الظروف مختلفة ولكن بعد ذلك – أي أثناء نشره وكتابة الحواشي وغيرها وطباعته – تغيرت الظروف بحيث خلع الله تعالى عليه خلعة المأمورية وأطلعه على عالم آخر، فتخلى عن جميع إراداته السابقة وأدرك أن الأمر صار بيد الله الآن سيسيره لخدمة دينه كما شاء. وإن قرابة الثمانين كتابًا التي ألفها حضرته، ومئات الإعلانات والخطابات التي نشرها في سبيل خدمة الدين، والخدمات الدينية التي يقوم بها أتباعه الآن لهي ثمرة لخضوعه لأمر الله تعالى. وأرى أنه بوجوده الذي ظهر لاحقًا بمظهر المهدي والمسيح ثبتَ صدقُ الإسلام أكثر بكثير من ثبوته بواسطة الأدلة الثلاثمئة التي ضمنها في البراهين الأحمدية. فإن وجوده كان يلقي على صدق الإسلام ضوءا أكثر بكثير من تلك الأدلة الثلاثمئة، أضف إلى ذلك كتابات عظيمة أخرى نشرها الله تعالى بيديه أيضا، وذلك لأن هذه الأدلة الثلاثمئة ربما كُتبت بصبغة علمية بحتة، ولكن وجوده الذي ظهر في خلعة النبوة كان فيه جذبٌ وقوّة مختلفة.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي قال حدثني مرة “لاله ملاوا مَل” وقال: لقد فتح المسيح الموعود مرة أمامي صندوقًا صغيرًا وأراني فيه مسودة أحد كتبه وقال: هذا هو مالي وعقاري كله.

أقول: كانت تلك مسودة البراهين الأحمدية.

  1. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي وقال: كان بير سراج الحق صائمًا في أحد الأيام إلا أنه نسي وطلب من أحد ماءً لشربه، وهنا قال له أحد: ألستَ صائمًا؟ فتذكّر “بير صاحب”. كان المسيح الموعود موجودًا فقال لبير صاحب: إذا أكل الصائم شيئًا ناسيًا أثناء صومه فهي ضيافة من الله تعالى، ولكنك حرقت تلك النعمة لأنك سألت الناس، وسؤال الناس مكروه.
  2. بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني ميان عبد الله السنوري وقال: لما أتيت إلى قاديان للمرة الأولى سألني حضرته عن حالِ والدي فقلت: لماذا ذكرت اسمه؟ لأن والدي رجل سيء، يشرب الخمر وله عادات سيئة جدًّا. فقال: يجب أن تتوب، لا يليق بأحد أن يقول مثل هذا عن والده. ثم ذكر لي الحديث الذي ورد فيه أن أحدًا بسبب أعماله السيئة يصل إلى شفا حفرة من جهنم ولكنه قد يرجع منها ويبدأ أعمالا صالحة وفي نهاية المطاف يدخل الجنة. يقول ميان عبد الله: بعد هذا أخذت حالة والدي تتغير وكانت عاقبته حسنةً لأنه صار من المحبين الصادقين للمسيح الموعود .
  1. بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: تزوجت شقيقة المسيح الموعود السيدة “مراد بي بي” من مرزا غلام غوث الهوشياربوري (مرزا محمد بيك) إلا أنه توفي مبكّرًا واضطرت عمتنا هذه لقضاء حياتها أرملةً. وكانت عمتنا هذه من أصحاب الكشوف والرؤى. وكانت السيدة عمر النساء شقيقة أبناء عم المسيح الموعود – أي مرزا نظام الدين وغيره – قد تزوجت من مرزا أحمد بيك الأخ الأصغر لمرزا غلام غوث (مرزا محمد بيك) المذكور وولدت منهما محمدي بيغم.

كان مرزا نظام الدين ومرزا إمام الدين وغيرهما لا دينيين وذوي طبائع ملحدة، وكان مرزا أحمد بيك خاضعًا لهم ومتصبغًا بصبغتهم، ولانحرافهم عن الطريق الإسلامي وعنادهم كانوا يطالبون المسيح الموعود منذ مدة بإراءة آية سماوية، وكان والد محمدي بيغم مرزا أحمد بيك يتبع آثارهم في غيّهم.

كان للمسيح الموعود ابن عم آخر واسمه مرزا غلام حسين الذي أصبح في عداد المفقودين وانتقلت عقاراته إلى زوجته “إمام بي بي” التي كانت أختًا لمرزا أحمد بيك. رغب مرزا أحمد بيك في أن تهب “إمام بي بي” جميع عقاراتها لابنه مرزا محمد بيك الأخ الأكبر لمحمدي بيغم، ولكن من الناحية القانونية لم تكن تستطيع أن تهب عقاراتها لمرزا محمد بيك دون أن يرضى بذلك المسيح الموعود لذلك فقد توجه مرزا أحمد بيك بكل تواضع إلى المسيح الموعود طالبًا منه التوقيع على أوراق الهبة، وكان حضرته قد استعد لذلك تقريبًا إلا أنه ارتأى أن يستخير فيه الاستخارة المسنونة فأحجم عن التوقيع وأجاب مرزا أحمد بيك بأنه سيستخير ثم يوقّع إذا رأى فيه خيرًا. فاستخار بعد أن ألحّ عليه مرزا أحمد بيك تحقيق مطلبه، وعند ذلك كان قد حل موعد إراءة الآية السماوية فقد أظهرها الله تعالى بهذه الصورة. لقد ردّ الله تعالى على استخارة المسيح الموعود أنْ “اطلبْ يد ابنة هذا الشخص الكبرى، وقُلْ لهم إني سأصنع معكم كل هذا المعروف والإحسان على هذه الشريطة، وأن هذا الزواج سيكون مدعاة بركة وآية رحمة لكم، وستنالون نصيبًا من كل البركات والرحمات المذكورة في إعلان العشرين من شباط 1886، أما إذا رفضتم عرض الزواج فترى هذه البنت مصيرًا تعيسًا جدًا، ومَن تزوجها سيموت بعد الزواج خلال سنتين ونصف، كما أن والدها سيموت خلال ثلاث سنوات. وستحلّ بداره الفُرقة والضيق والمصيبة. كما ستواجه بنتُه هذه العديد من المكروهات والهموم خلال الفترة من المدة المضروبة.”

وقد كتب المسيح الموعود الملاحظة التالية مع هذا الوحي: “يقع موته خلال ثلاث سنوات بدءًا من يوم تزويجه إياها من غيري، وليس ضروريا ألا يتعرض لأي حادث أو مكروه آخر خلال هذه المدة، بل الحق أن بعض المكاشفات تومئ أن زمن تعرُّضه لبعض الدوائر التي مصيرها مجهول قد اقترب، والله أعلم.”

لما تلقى المسيح الموعود هذا الوحي ردًّا على الاستخارة لم ينشره بين الناس فورًا بل أطلع عليه والد محمدي بيغم بواسطة رسالة خاصة له، لأنه كان يعلم أن والدها سيحزن بنشره، لذلك لم ينشره بل أجله إلى وقت آخر، ولكن سرعان ما نشر خال البنت مرزا نظام الدين مغاضبًا مضمون هذا الوحي، وأشهر هذه الرسالة في الجرائد أيضا إضافةً إلى نشره شفهيًا بين الناس مما أتاح للمسيح الموعود فرصة مناسبة لإظهار الحقيقة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك