سيرة المهدي - الجزء 2 الحلقة 27

سيرة المهدي – الجزء 2 الحلقة 27

مرزا بشير أحمد

  • لا يمثل الصيام مشقة جسدية كبيرة في الشتاء.
  • “الحق” مناظرة لدهيانة

__

تزامُن حلول شهر رمضان مع حلول الشتاء طوال حياة المسيح الموعود

419- بسم الله الرحمن الرحيم. حدثني المولوي شير علي أن المسيح الموعود قال مرة: من فضل الله تعالى أيضا أن بعثني في زمن يأتي شهر رمضان فيه في فصل الشتاء فلا يُمثِّل الصيام معه مشقة جســـــدية كبـــــيرة، ونستـــــطيع القيام بالأعمال في رمــضان بكل ســـــــهولة.

قال المولوي شير علي: وكان قد حلّ رمضان في تلك الأيام في شهر ديسمبر.

أقول: لقد اطلعت على تقويم ذلك الزمن، وبحسبه عندما أعلن حضرته عن كونه مسيحًا موعودًا في عام 1891، كان شهر رمضان قد بدأ في 11 أبريل من تلك السنة، أي في أواخر فصل الشتاء، ثم كانت بدايته عام 1892 في 31 مارس، وعام 1893 في 20 مارس، وهكذا أخذ شهر رمضان يزحف سنويًا نحو فصل الشتاء، فلما توفي المسيح الموعود في عام 1908 بدأ رمضان في ذلك العام من أول أكتوبر. وهكذا فقد مر عصر المسيح الموعود كله في فترة كان شهر رمضان يحل فيها شتاءً. وهذا فضل من الله، وحدث وفق قدره العام، وهو أمر عرفه طبع المسيح الموعود المدرك لمثل هذه الأمور الدقيقة فاعتبرَه منة من الله تعالى وقد ولّد بهذا الشعور عواطف شكر الله في قلبه.

أسفار حضرته ومناظراته بعد إعلانه أنه هو المسيح الموعود

420 بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: كان المسيح الموعود مقيمًا في لدهيانه لما نشر في 26 مارس 1891 إعلانًا عن كونه المسيح الموعود، وأقام هنالك بعد هذا الإعلان عدة شهور نَاظَرَ فيها المولوي محمد حسين البطالوي خلال الفترة من 20 يوليو 1891 إلى 29 يوليو 1891، وقد نشرت تفاصيل المناظرة في كتيب: «الحق مناظرة لدهيانه».

لقد سافر حضرته إلى أمرتسر لبضعة أيام في بداية شهر أغسطس ثم رجع إلى لدهيانه مرة أخرى. سفره إلى أمرتسر لاشتداد المعارضة في لدهيانه واضطرام طبائع أهلها بثورة وحَمِيَّة مفرطة، وذلك إثر تأليب المولوي محمد حسين البطالوي الناسَ بعدما شعر بالضعف في المناظرة، فكان ثمَّة تَخَوُّف من وقوع فتنة ومفسدة، وبناء على ذلك أمر نائب المفوض في لدهيانه المولويَ محمد حسين بمغادرة لدهيانه. فلما بلغ هذا الخبر المسيح الموعود أشار عليه بعض الإخوة بمغادرة لدهيانه تحسبًا لصدور الأمر نفسه بخصوص حضرته أيضا، أو قالوا له أن مثل هذا الأمر على وشك الصدور. فقصد حضرته أمرتسر وكتب بهذا الخصوص رسالة إلى نائب المفوض، فردّ عليها نائب المفوض وقال:

«لم يصدر تجاهك أي أمر بمغادرة لدهيانه، بل باتباعك قوانين الحكومة الإنجليزية ومراعاتك إياها ستتمتع أثناء مكوثك في لدهيانه بجميع تلك الحقوق التي يتمتع بها المواطنون في ظل القانون الإنكليزي. تحريرًا في 16 أغسطس 1891.»

فرجع حضرته بعد هذا إلى لدهيانه، وأطال المُكوث بها، ثم عاد إلى قاديان. ثم لم يلبث أن رجع إلى لدهيانه مرة أخرى، ومنها توجه إلى دلهي، ولما كانت دلهي في تلك الأيام تحتل مكان الصدارة بين مدن الهند في العلوم الدينية، لذلك خطر ببال حضرته السفر إليها لعله يجد هناك فرصة مواتية لإتمام الحجة، إذ كانت نار المعارضة هناك قد بلغت أوجها.

لقد وصل إليها المسيح الموعود ونشر من هناك إعلانًا في 2 أكتوبر 1891 دعا فيه أهل دلهي إلى قبول دعوته. وقد دعا في هذا الإعلان إلى المناظرة كلا من المولوي سيد نذير حسين المحدث الدهلوي، والمولوي أبي محمد عبد الحق، لينكشف الحق على الناس، وقدّم من طرفه ثلاثة شروط للمناظرة. ثم نشر إعلانًا آخر في 6 أكتوبر ذكر فيه ما آسفه من تصرُّف أهل دلهي، وكتب أيضا: بما أن المولوي عبد الحق  أجابنا بأنه منـزوٍ في زاوية الخمول، وتعاف نفسه مثل هذه الاجتماعات، خشية النفاق والشقاق، كما لا يسعه طلب توفير تدابير تأمين الأجواء من الحكومة، لذلك رأينا أن لا نخاطبه الآن، ولكن ندعو المولوي سيد نذير حسين المحدث الدهلوي، والمولوي محمد حسين البطالوي أن يناظرانا مع التقيد بالشروط. وبعد هذا الإعلان أخذ المولويان يعدَّان للمناظرة سرًا، وخرجا على الناس بمنشور تم فيه تحديد زمان ومكان المناظرة من طرف واحد، فلما حان ذلك الموعد أرسلا إلى حضرته ليقْدم للمناظرة. قال حضرته: أية أمانة هذه؟! إذ قمتما بإعلان موعد المناظرة ومكانها بدون موافقة الطرف الثاني أو حتى إخطاره، وبدون الموافقة على الشروط، ولم أُبلَغْ عن ذلك إلا عندما حان الموعد. مع كل ذلك لم أكن أرفض الحضور بل قدمتُ للمناظرة لولا بلوغ المعارضة في مدينتكما ذروتها، وبلغت من سوئها أن العامة والدهماء يحتشدون حول محل إقامتي مبيتين الشر، ولا ينهاهم المسؤولون، بل يؤججون حميَّتَهم. فليس بوسعي الخروج ما لم أدبّر الحراسة لبيتي وأهلي في غيابي، إضافة إلى ذلك لم تتوفر بعد الحراسة في مكان المناظرة ولا في الطريق المؤدية إليه، وما اُتخِذ أي تدبير للمحافظة هناك على الأمن والسلام.

لقد قابل أهل دلهي ردَّ حضرته المعقول والنبيل بصخبٍ وجَلَبَةٍ كبيرة، مرددين أن المزرا تَهَرَّبَ من المناظرة، وقد وصلت ثورة المعارضة في المدينة إلى أبعد الحدود، حيث كان هذا الأمر على ألسن الناس في كل مكان، وكان ألوف من المفسدين المثيرين للفتنة يأتون نحو بيت حضرته فيثيرون الضجة في الزقاق الذي يقع فيه مقرّه وكانوا يتلفظون بالبذاءات ويكيلون الشتائم لحضرته ويطعنون فيه ويستهزئون به، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى محاولة بعض الأشرار اقتحام بيت حضرته، ونظرًا إلى هذه الحالة نشر المسيح الموعود في 17 أكتوبر 1891 إعلانًا ذكر فيه تلك الظروف والأوضاع وذَيَّله بقوله: «الآن قد دبّرتُ حماية نفسي بفضل الله تعالى، وأنا على أتم الاستعداد للمناظرة مع المولوي نذير حسين، وسأحضر في أي موعد يريده. ولعنة الله على من يتخلف عن هذه المناظرة». (يُتبع)

Share via
تابعونا على الفايس بوك