التربية والتعليم صلب جماعة المؤمنين
التاريخ: 2013-08-16

التربية والتعليم صلب جماعة المؤمنين

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

حضرة مرزا مسرور أحمد (أيده الله)

الخليفة الخامس للمسيح الموعود (عليه السلام)
  • أمور تربوية وعقدية يجب بيانها
  • الاهتمام بغرس العقيدة في الأحمديين بالولادة
  • هدف بعثة المسيح الموعود ولماذا يجب الإيمان به
  • الخلافة والمجددية
  • ضرورة متابعة خطبة أمير المؤمنين
  • التضحيات المالية وأهميتها
  • توجيهات لامراء الجماعة
  • كيفة نصح أفراد الجمة للأمير إذا اقتضى الأمر ذلك

__

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْم الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين* إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّين . (آمين)

قبل بضعة أيام اطلعتُ صدفة على بعض الأمور المتعلقة بالتربية في أثناء الحديث مع أحد المسئولين في الجماعة، ثم طلبتُ منه تقريرا خطيا أيضا، فخطر ببالي بعد قراءة التقرير أن فيه بعض الأمور الهامة التي لا بد من بيانها، لأن هناك فئة من أفراد الجماعة الذين بحاجة إلى شرح هذه الأمور، فهناك بعض الأمور التي يحتاج المسئولون إلى معلومات عنها. وهذه الأمور كما هي مهمة للجماعة هنا، فهي مهمة لجميع فروع الجماعة الأخرى في العالم كله، ويجب أن يطّلع عليها الجيل الناشئ وأفراد الجماعة الآخرون الذين ليسوا نشطاء أو لا يساهمون في نشاطات الجماعة كما يجب. علمًا أن هذه الأمور لا تُبيَّن بشرح وتفصيل عادةً، إذ لا يبيِّنها الدعاة والمسئولون في الجماعة كما يجب، فتنشأ أسئلة شتى في أذهان البعض وخاصة في أذهان الشباب ولكنهم لا يسألون ظانين أن أفراد الجماعة الآخرين أو أقاربهم أو آباءهم قد يستاءون منها، أو يواجه آباؤهم موقفا صعبا، بينما الوضع الطبيعي هو أن تكون العلاقات بين أفراد الجماعة والدعاةِ والمسئولين مثالية حتى يستطيع أعضاء المنظمات الفرعية أي أعضاء مجلس خدام الأحمدية وعضوات لجنة إماء الله أن يسألوا مسئوليهم بكل سهولة لكي تزداد معلوماتهم وتزول شكوكهم وشبهاتهم أيضا إذا كانوا يكنّونها. وبإمكانهم أن يكتبوا إليّ كما يكتب البعض من هنا ومن بلاد أخرى أيضا بأدب واحترام بالغَين، فأردّ على أسئلتهم.

يجب أن نحاول جهد المستطيع أن ننقذ كل فرد من أفراد الجماعة من الضياع، وهذا واجب كل مسئول في الجماعة، وواجبُ كلِّ داعية وواجب كل منظمة فرعية على كل الأصعدة.

على أية حال، لقد تبيّن لي أن بعض المسئولين أيضا لا يعرفون واجباتهم ودائرة عملهم بالتفصيل فلا يستطيعون أن يؤدوا واجباتهم كما يجب ويلزم.

الأمور التي سأبينها يتعلق بعضها بالأمور العقدية، فلا بد أن نعرف لماذا نعتنق اعتقادا معينا، وكذلك ما هي الحكمة من وراء بعض الأمور التي يُطلَب منا العملُ بها، أو توجَّه أنظارنا إليها، ولماذا يجب على كل أحمدي أن يعمل بها؛ فمنها التضحية المالية على سبيل المثال، فيريد الناس أن يعلموا تفاصيلها، كذلك فيما يتعلق بواجبات المسئولين الإدارية فيجب أن يعرفوا أسلوب أدائها، وما هي دائرة صلاحياتهم.

وسأتناول اليوم أمرينِ اثنين باختصار من تلك الأمور. الأمر الأول يتعلق بالمعتقد، ويجب على كل أحمدي أن يعلمه. لا شك أن هذا الأمر يُذكر بين حين وآخر ولكن ليس بالدقة المطلوبة ولا ينتبه المسئولون جيدا إلى أنه ضروري لتربية أفراد الجماعة أنفسهم. يُظَنّ أن الأحمديين بالولادة يعرفون جيدا ما هو الهدف من بعثة المسيح الموعود ولماذا يجب الإيمان به، علما أن المبايعين الجدد يعرفون هذه الأمور جيدا لأنهم يبايعون بعد دراسة متأنية وبعد البحث والتدقيق. أما الذين ليسوا نشطاء في الجماعة ولا يحضرون اجتماعات الجماعة وجلساتها – والناس من هذا القبيل موجودون في كل بلد وإن كان عددهم ضئيلا – فعلينا أن نهتم بهم أكثر، وعلى المنظمات الفرعية مثل “مجلس خدام الأحمدية” و”لجنة إماء الله” أن يشكلوا برامج لهذا الغرض خاصةً ويعملوا بها. كذلك على نظام الجماعة أيضا أن يقرِّبهم بدلا من طردهم خارج نظام الجماعة زعما أن إصلاحهم ليس ممكنا، إلا الذين يقولون علنًا أنهم لا يريدون أن يبقوا على صلة مع الجماعة. فعلى نظام الجماعة العام أن يهيئ المعلومات عن مثل هؤلاء الناس للمنظمات الفرعية. ولقد لوحظ أيضا أن بعض الشباب يرفضون البقاء على صلة مع الجماعة بسبب معاملة قاسية من قِبل بعض المسئولين المتقدمين في السنّ، ولكن إذا تحاوَر معهم أبناءُ جيلهم الذين تتوافق طبائعهم مع طبائعهم يمكن أن يتم إصلاحهم. وحيثما عُمل بهذا الأسلوب كانت النتائج مشجعة دائما بفضل الله تعالى. هناك بعض المسئولين في الجماعة (سكرتير التربية مثلا) الذين وضعوا برامج تربوية واضعين أسلوب تفكير الناس المذكورين أعلاه بالحسبان وكانت النتيجة جيدة ومشجعة بفضل الله تعالى.

على أية حال، يجب أن نحاول جهد المستطيع أن ننقذ كل فرد من أفراد الجماعة من الضياع، وهذا واجب كل مسئول في الجماعة، وواجبُ كلِّ داعية وواجب كل منظمة فرعية على كل الأصعدة. الأمر الأول الذي أريد ذكره بعد هذا الأمر المبدئي هو أنه يجب أن يعرف كل أحمدي ما هو الهدف من بعثة المسيح الموعود ولماذا يجب الإيمان به، فأرى من المناسب أن أبين ذلك بكلمات المسيح الموعود نفسها حيث يقول:

“لقد أُرسلتُ لأقيم عظمة رسول الله الغابرة مجددا وأُريَ حقائق القرآن الكريم. وهذا العمل كله جارٍ على قدم وساق ولكن الذين عيونهم معصوبة لا يرونه مع أن أمر هذه الجماعة صار واضحا الآن وضوح الشمس، وإذا جُمع الشهود على آياتها ومعجزاتها لصاروا بعدد قد لا يبلغه عدد جيوش أيّ ملكٍ على وجه الأرض. إن أوجه صدق هذه الجماعة كثيرة لدرجة لا يسهل بيانها. ولكن لـمّا أُهينَ الإسلام إهانة شديدة أرى اللهُ تعالى عظمةَ هذه الجماعة مقابل تلك الإهانة.”

وهذا الأمر لا يقتصر على حياة المسيح الموعود بل الحق أن الأسلوب الذي وضّح به عظمة مكانة رسول الله وصدق القرآن الكريم من خلال كتبه وملفوظاته لا يزال يُثبت عظمة رسول الله وصدق الإسلام على الأعداء إلى اليوم. لقد بيّنتُ أكثر من مرة أنه كلما بيّنتُ جوانب مختلفة من سيرة سيدنا رسول الله الحقيقية أمام غير المسلمين اضطروا للقول بأنه إذا كانت هذه هي سيرته وهذا هو تعليم الإسلام فقد كنا مخطئين. لقد ضربتُ مثلا في أحد خطاباتي لأحد معاندي الإسلام من كندا الذي كان قد نشر في مجلته رسوما مسيئة منشورة في جريدة دنماركية في الماضي، ولكنه عندما سمع خطابي في أثناء جولتي هنالك وعلِم عن تعليم الإسلام الجميل اضطر ليكتب في جريدته أنه علم حقيقة الأمر بعد سماع خطبة إمام الجماعة فقط، واعترف بخطئه. ولقد ذكرتُ في خطبتي الماضية أن رجلا سياسيا كبيرا من أميركا أذاع برنامجا سيئا جدا في محطته الإذاعية حول الجمعة، وأنّ عدد المستمعين إلى هذه الإذاعة يبلغ مئات الآلاف، ثم كتب أحد الشبان الأحمديين مقالا جميلا وضح فيه أهمية الجمعة وحقيقتها في ضوء القرآن الكريم، ووُضع هذا المقال على موقع الجماعة. ثم كتب شاب أحمدي إلى هذا الشخص – علما أنه رجل سياسي كبير وله تأثير ونفوذ كبير- بأن ما قلتَه ليس صحيحا لذا عليك أن تعطينا أيضا فرصة الحديث على محطتك لنوضح موقفنا، ففعل. يجدر بالذكر أنه كان من نُبله أنه أعطانا وقتا لبيان موقفنا، فتحدث أحد شبابنا في هذه الإذاعة عن الجمعة وعن عظمة القرآن الكريم، وكان حديثًا رائعًا، حتى اعترف الرجل بخطأه. لقد استمع لهذا البرنامج الملايين. إن الناس كلهم يعترفون أنهم يعرفون الآن الإسلام الحقيقي بواسطة الجماعة الإسلامية الأحمدية. لقد بيّن المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام هذه الحقائق لأن الله تعالى قد بعثه لهذه المهمة، أعني لكشف مكانة النبي ، وصدق القرآن الكريم ونصاعة تعاليم الإسلام للناس. فعلى يده تُرسَى اليوم من جديد عظمةُ الإسلام والقرآن والنبي في العالم. فلا داعي لأن تكون عندنا أي شعور بالدونية. على شبابنا أن يرفعوا هممهم، وحيثما يكون شبابنا نشيطين، فإنهم يفحمون أعداء الإسلام بفضل الله تعالى.

ثم على كل واحد منا أن يعرف: لماذا يجب الإيمان بالمسيح الموعود عليه الصلاة والسلام. حين يوجِّه المراهقون ذوو الأربعة عشر عاما هذا السؤال إلى آبائهم فإنهم لا يجيبونهم إجابة صحيحة. وها إني أجيب عليها بكلمات المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام نفسه. إن قوله هذا طويل، ويمكن للتنظيمات الفرعية في الجماعة أن تقسّمه لشرحه للصغار، كما يمكنها الاستعانة بأقواله الأخرى.

لقد أُرسلتُ لأقيم عظمة رسول الله الغابرة مجددا وأُريَ حقائق القرآن الكريم. وهذا العمل كله جارٍ على قدم وساق ولكن الذين عيونهم معصوبة لا يرونه مع أن أمر هذه الجماعة صار واضحا الآن وضوح الشمس، وإذا جُمع الشهود على آياتها ومعجزاتها لصاروا بعدد قد لا يبلغه عدد جيوش أيّ ملكٍ على وجه الأرض

لقد سأل بعضُ المشايخ المسيحَ الموعود عليه الصلاة والسلام وقالوا: إننا نصلي ونصوم ونؤمن بالقرآن والرسول ، فما الحاجة للإيمان بك بعد ذلك؟ فقال عليه الصلاة والسلام:

“انظروا، مَن ادّعى الإيمان بالله ورسوله وكتابه، دون العمل بأحكام الله المفصلة من صلاة وصوم وحج وزكاة وتقوى وورع، وأعرضَ عن تعاليمه التي تساعد على تزكية النفس وترك الشر وفعل الخير، فهو لا يستحق أن يسمى مسلمًا، كما لا يمكن أن يتحلّى بالإيمان. كذلك فمن لم يصدّق بالمسيح الموعود أو لا يرى حاجة لذلك، فهو الآخر جاهل بحقيقة الإسلام وغاية النبوة والرسالة، ولا يستحق أن يسمى مسلما صادقًا ومطيعا لله ولرسوله حقا، ذلك لأن الله تعالى كما أنزل الأحكام في القرآن الكريم بواسطة رسوله ، فإنه كذلك قد أنبأ على يد رسوله بنبوءة عظيمة عن بعثة الخليفة الأخير في الزمن الأخير، وسمى الذين لا يصدّقونه فاسقين. هناك فرق بين كلمات القرآن والحديث بهذا الشأن، غير أن كلمات الحديث إنما هي تفصيل للنبوءة القرآنية، كل ما في الأمر أن القرآن الكريم أطلق على هذا الموعود لفظ الخليفة، بينما سمى الحديثُ هذا الخليفةَ الأخير مسيحًا موعودًا. فكيف يكون مسلمًا من يرى أن لا حاجة للإيمان بهذا الشخص الذي قد استخدم القرآن الكريم لبعثته لفظ الوعد تعظيمًا له؟ثم قال عليه الصلاة والسلام:

لقد مدّ الله تعالى سلسلة بعثة الخلفاء إلى يوم القيامة، ومِن عظمة الإسلام وخصائصه أن المجددين قد بُعثوا لتأييده وتجديده في كل قرن وسيُبعثون. اعلموا أن الله تعالى قد شبّه نبينا بموسى .

وهنا أقول: إن البعض يخطئون في فهم هذا الوعد ببعثة المجددين في كل قرن، حيث يقولون ما دام هناك وعد ببعثتهم في كل قرن فأين مجدد هذا القرن؟ فليعلموا أن الخلفاء هم المجددون الآن. وقد تناولت هذا الموضوع في إحدى الخطب مفصلا، فيمكن أن تستفيدوا منها أيضًا. ولقد بين المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام هذا الأمر بيانًا شاملاً، وكل هذه الأمور مسجلة في أدبيات الجماعة. يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام:

لقد شبه الله نبينا بموسى ، كما هو ثابت من كلمة (كما). وكما كان عيسى آخرَ خليفةٍ في الشريعة الموسوية، حيث قال بنفسه إنني آخر لبنة (1)، كذلك قد جاء الخلفاء دومًا في الأمة المحمدية لخدمة شريعتها وتجديدها، وسوف يُبعثون إلى يوم القيامة، غير أن خليفتها الأخير قد سُمّي مسيحا موعودا لوجود الشبه بينه وبين عيسى وبين مهمتَيْهما. ولم يذكر الله تعالى اسمه ذكرا عابرا، بل ذكر علامات مجيئه مفصلة في الكتب السماوية كلها وفي التوراة والإنجيل. وقد ذكر الحديث الشريف والقرآن الكريم علامات بعثته أيضًا. كل الأمم من يهود ونصارى ومسلمين، متفقون على مجيئه وينتظرونه. وكيف يُعَدّ مسلمًا مَن ينكر مثل هذا الموعود؟ ثم إنه ذلك الإنسان الذي قد أظهرَ الله له الآياتِ في السماء وفي الأرض، وجاء الطاعون تأييدا له، وظهر الكسوف والخسوف في موعده المحدد بحسب النبوءة تماما. فالذي تُري السماءُ لتأييده الآياتِ، وتقول الأرض الوقتُ وقته، هل يكون شخصا عاديا حتى يكون الإيمان به وعدمه سيّينِ، ويظل المنكر له مؤمنا ومحبوبا عند الله تعالى؟

كلا. وقال عليه الصلاة والسلام:

“اعلموا أن جميع علامات بعثة هذا الموعود قد تحققت. لقد نجّست أنواعُ المفاسدِ الدنيا كلَّها. لقد حدّد أكثرُ العلماء والأولياء هذا الزمن لبعثة المسيح الموعود، أعني القرن الرابع عشر. ومَن اشتبه عليه أمرٌ ما مع هذه الشهادة المتفق عليها مِن قبل معظم العلماء والأولياء، فعليه أن يتدبر القرآن الكريم ويقرأ سورة النور بإمعان. اعلموا أنه كما بُعث عيسى بعد موسى بأربعة عشر قرنا، كذلك تماما قد بُعث المسيح الموعود بعد النبي بأربعة عشر قرنا، وكما كان عيسى خاتَمَ الخلفاء في السلسلة الموسوية، كذلك جاء المسيح الموعود هنا خاتمَ الخلفاء. (الملفوظات)

لقد قال المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام: إني خليفة هذا الألف، وكل من يأتي الآن يكون تابعًا لي. فالمسيح الموعود الذي مجيئه كان مقدرا بحسب النبوءات القرآنية والحديثية الواضحة، هو سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني عليه الصلاة والسلام. لذا فعلى كل مسلم أحمدي أن يطالع كتبه عليه الصلاة والسلام. ومن لا يعرف الأردية فعليه أن يقرأ ما يوجد بالإنجليزية وغيرها من اللغات من منشورات الجماعة. وبفضل الله تعالى، يوجد من المنشورات بشتى اللغات ما يوضح غاية بعثة المسيح الموعود، وضرورة الإيمان به أيما إيضاح. إن كل واحد منا بحاجة إلى تقوية عقيدته والردِّ على اعتراضات الطاعنين. حين تُعِدّون أنفسكم بأنفسكم، ستزدادون علما، وتكونون جاهزين للرد على الاعتراضات. وبالإضافة إلى ما يعدّه الفرد من رد على المطاعن، فعلى نظام الجماعة وكذلك على التنظيمات الفرعية أن يعدّوا برامجهم لتعليم كل فرد لكي يعلم ما هي غاية بعثة المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام، ولماذا الإيمان به ضروري.

هذا فيما يتعلق بالعقيدة. والأمر الثاني الذي أود ذكره هو التربية، وعلاقة أبناء الجماعة بالخلافة. إن الله تعالى بفضله قد آتانا (MTA) وسيلةً قوية لربط الناس بالخليفة. ثم هناك موقعنا alislam.org فهناك حاجة ماسة لربط كل واحد من أبناء الجماعة، صغيرا وكبيرا، وذكرا وأنثى، بالقناة وبالموقع. فعلى نظام الجماعة وعلى التنظيمات الفرعية ربطهم بهاتين الوسيلتين. إن عددا كبيرا من المخلصين والأوفياء يسعون سعيا كبيرا لحضور المسجد هنا ويستمعون للخطبة، كما يستمع لها الإخوة في شتى أنحاء العالم عبر (MTA). إنهم لا يستمعون لها بانتظام فقط، بل يكتب لي بعضهم أنهم يستمعون لها مرتين بل ثلاثا. ولكن هناك عددًا لا بأس به من الإخوة الذين لا يستمعون للخطبة. ففي المملكة المتحدة نفسها أشخاص لا يستمعون للخطبة، كما لا يشاهدون البرامج الأخرى على قناتنا، ولا يحضرون فعاليات الجماعة. كان البعض في أحد فروع الجماعة هنا تصرفوا تصرفات تتنافى مع تعاليم جماعتنا، مما اضطرني لفرض بعض العقوبات عليهم، ولما تحرينا الأمر أكثر عرفنا أن أكثرهم لا يستمعون الخطبة أو لا يشتركون في فعاليات الجماعة ولا يحضرون برامجها. ومع ذلك فإن الأحمدية تجري في دمائهم، لذا فلما فُرضت عليهم العقوبات والقيود أصابهم القلق وكتبوا لي رسائل مليئة بالألم والقلق يستعطفون، وقد قابلني بعضهم وبكوا. لو كانوا من أهل الدنيا الماديين لما فعلوا هكذا. فمنهم من تشغله شواغل الدنيا عن الدين، ولكنه عندما يذكَّر فإنه يتندم ويتوب ويستغفر ويسعى لتقوية صلته بالجماعة. فالتذكير والمراقبة هما من واجب نظام الجماعة من سكرتيريين ودعاة وكذلك مسئولين في التنظيمات الفرعية جميعًا. فاسعوا لإنشاء صلة مباشرة لكل واحد من أبناء الجماعة بالخلافة. اسعوا لإذكاء فتيل الحب والوفاء تجاه الخلافة الذي هو موجود في قلوبهم سلفًا. عندما تشرحون لهم الأمور سيتجلى وفاؤهم أكثر ويزول ما به من غبار ويظهر للعيان. إن وفاءهم هذا يتجلى بشدة حين تُفرض عليهم بعض العقوبات. لو أن شعبة التربية في جماعتنا قامت بنصحهم بانتظام بإنشاء العلاقة المباشرة بالخلافة وحثّتهم على الاستماع لخطبي وخطاباتي ومشاهدة الاجتماعات والجلسات والبرامج الأخرى، فإن هذا سيقوي صلتهم بالخلافة كما يحل الكثير من المشاكل المتعلقة بالتربية إن شاء الله تعالى.

الأمر التالي الذي أود توجيه أنظاركم إليه هو تبيان ضرورة دفع التبرعات للجماعة. اعلموا – وهذا ما أقوله دائمًا لمسئولي المال- أن هناك حاجة لتوضيح الأمر للناس بأن التبرعات ليست ضريبة، بل هي واجب من واجباتهم أمرهم الله بها في القرآن الكريم مرارا. فمثلا قال الله تعالى:

فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * إِنْ تُقْرِضُوا الله قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَالله شَكُورٌ حَلِيمٌ (التغابن: 17-18)

هذه الآيات تبين لنا أن الإنفاق في سبيل الله ضروري جدًا لكل مؤمن. فإنما يُكتَب الفلاح للذين ينفقون في سبيل الله. يقول الله تعالى إن الإنفاق في سبيله يشبه قرضًا يعطيه العبد لله تعالى، ليردّه له أضعافا مضاعفة. وهناك أحداث كثيرة يكتبها لي الإخوة حيث ينفقون في سبيل الله فيردّ الله لهم ما ينفقون أضعافًا مضاعفة. وقد قرأت على مسامعكم مثل هذه الأحداث في مناسبات عدة. إن الله غني، وليس بحاجة لأموالنا، إنما يريد بذلك أن يطهّرنا ويكشف لنا مدى طاعتنا له وحبّنا للبحث عن سبل تقواه، وليعلَم مدى صدقنا في ادعائنا بالتضحية بالغالي والنفيس في سبيله. يقول الله تعالى أنفِقوا في سبيله وفي سبيل نشر دينه وتقويته، لذا فعلى كل أحمدي أن يدرك الحكمة وراء دفع التبرعات. فإذا كان يدفعها ليُرضي سكرتيرَ المال أو رئيسَ الجماعة، أو ليتخلص من سؤالهما المتكرر، فلا فائدة في إنفاقه، والأفضل له أن لا ينفق شيئا. أو إذا كان ينفق تنافسًا وتباهيا فلا جدوى منه أيضًا. فكل غاية سوى إرضاء الله وراء الإنفاق مردودة عند الله تعالى. يجب أن تدفعوا التبرعات واضعين في الحسبان بأن الله تعالى قد منّ عليكم إذ وفّقكم للإنفاق في سبيله، وليس أنكم تمنون بإنفاقكم على الله وعلى الجماعة. فعلى كل منفق أن ينفق في سبيل الله لكي يرث أفضال الله تعالى. إن التضحيات المالية مهمة جدًا للجماعات الربانية، ولذلك قد قلت لجميع فروع الجماعة في العالم أن يسعوا لإشراك المبايعين الجدد والأطفال في تبرعات “الوقف الجديد” و”التحريك الجديد”، ولو بدفع رمزي، حتى ولو كان قرشا، ذلك ليعتادوا على التبرع، وليرثوا أفضال الله تعالى.

يقول المسيح الموعود عليه الصلاة والسلام في أهمية التبرعات:

الإنسان يحب المال كثيرا في هذه الدنيا، ولذلك قيل في علم تعبير الرؤيا أن من رأى أنه قد أخرج كبده وأعطاه غيره، فتأويله أنه سيعطيه مالا. ومن أجل ذلك قد أعلن الله تعالى أن الإنفاق ضروري من أجل الحصول على التقوى الحقة والإيمان الصادق، حيث قال تعالى:

لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبّون ،

أي لن تنالوا البر الحقيقي ما لم تنفقوا من أموالكم التي تحبونها كثيرا. ذلك أن مواساة خلق الله وبِرّهم منوطة إلى حد كبير بإنفاق المال عليهم. ومواساة خلق الله وبرهم هو نصف الإيمان، وبدونه لا يكون الإيمان كاملاً ولا راسخا. فما لم يوثر الإنسان غيره على نفسه فكيف يمكنه أن ينفعه؟ كلا، بل إنّ الإيثار ضروري لنفع الآخرين ومواساتهم، وقول الله تعالى

لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون

يعلّم الإيثار ويحثّ عليه. فإنفاق المال في سبيل الله معيار لمعرفة سعادة المرء وتقواه. لقد بلغ سيدُنا أبو بكر في وقف كل شيء في سبيل الله تعالى بأن دعا النبيُّ إلى إنفاق المال من أجل حاجةٍ ذات مرة، فجاءه أبو بكر بكل ما في بيته. فمن واجب مسؤولي المال في الجماعة أن يربوا أبناء الجماعة بحيث يزدادون اتقاءً وإيمانا عند كل تضحية مالية. ومن واجب الدعاة أيضًا أن ينصحوا أفراد الجماعة بهذا الأمر كلما أتيحت لهم الفرصة لذلك. هناك حاجة ماسة لتذكيرهم بهذا باستمرار. هناك حاجة لأن يكون مسؤولو المال على كل صعيد نشطاء. من واجبهم أن يتواصلوا مع كل فرد، لا أن يفوّضوا واجبهم هذا إلى التنظيمات الفرعية كليا. التنظيماتُ الفرعية يمكن أن تساعدهم إلى حد ما بأن يحثّوا أعضاءهم على التعاون مع مسؤولي المال وإدراك روح التبرعات.

على كل حال إن تفهيم مغزى التبرعات من واجب التنظيمات الفرعية، إلا أن هذا لا يعفي مسؤولي المالية من مسؤوليتهم، ولا يكفي أن يقولوا أنهم طلبوا من التنظيمات الفرعية التعاون ولم تساعدهم، فهذه مسئوليتهم هم، ولا بد أن ينجزوها. من واجب مسؤولي المال أن يصِلوا إلى كل بيت، فالهاتف والمواصلات متاحة في العصر الحاضر، وهي في أوروبا أكثر نسبيا. أما في الماضي فكان المسؤولون في المدن مثل كراتشي ولاهور يعملون نهارا وبعد الدوام حتى المساء يتجولون في المدينة ليزوروا البيوت لجمع التبرعات، وكانوا ينتقلون من مكان إلى آخر بالدراجة ليلفتوا انتباه أبناء الجماعة لدفع التبرعات وينصحوهم في سبيل ذلك. أما الآن فالتسهيلات الكثيرة متوفرة، ومع ذلك لا تعملون، فقد وصلني شكاوى ضد بعض المسؤولين هنا أن تبرعاتهم الشخصية ليست على مستوى مقبول، فإن لم تكن تبرعاتهم الشخصية على مستوى مطلوب فكيف يمكنهم أن ينصحوا الآخرين؟ فهذا العمل يتطلب اللطف واللين، فاشرحوا لأفراد الجماعة أهمية التضحية بالمال. بعض الناس يُبدون قسوة، فإذا رفض بعضهم مرة فاذهبوا إليه ثانية وثالثة ورابعة دون أن يظهر على وجهكم أي عبوس.

لا يخطرن ببال أحدكم أن نظام الجماعة يتوقف على تبرعاته، ولذا يزوره سكرتير المال مرة بعد أخرى. كلا فقد وعد الله عز وجل المسيحَ الموعود أنه لن يواجه ضائقة مالية وأن الأعمال ستظل تسير على ما يرام، إن شاء الله تعالى. وإنما كان يخشى أن لا تنفَق أموال الجماعة في محلها وبوجه صحيح. فنظام الجماعة يبذل الجهود ويهتم أن يتم الإنفاق قدر الإمكان على وجه صحيح، وإذا ظهرت اللامبالاة من أحد في الإنفاق يصدر له التنبيه أيضا، ولذلك يوجد في الجماعة نظام تدقيق الحسابات أيضا، كما أنّ مِن مسئولية أمير الجماعة أيضا أن يراقب الحسابات بدقة، إذ ينبغي أن لا يوافق حتما على كل فاتورة ترفع إليه. فلينشِّط نظام تدقيق الحسابات، بحيث يكون المدقق حرا في عمله، ومتمتعا بكل الصلاحيات.

وفيما يخص النفقات أود أن أخبركم أن تكاليف ايم تي ايه باهظة، ولتوفيرها تُطلب التبرعات بصفة خاصة. لكن النفقات قد تزايدت كثيرا إذ تعمل في العالم خمسة أو ستة أقمار صناعية لبث برامج ايم تي ايه. فلا تكفي تلك التبرعات الخاصة، لذا ينفَق على ايم تي ايه من الميزانية العامة للجماعة أيضا، فهذا الصندوق أيضا يتطلب الاهتمام منكم. لو استمعتم باهتمام إلى خطابي الذي ألقيه في اليوم الثاني لجلسة بريطانيا، لعرف كلٌّ منكم كم بارك الله في أموال الجماعة، وكيف يتسع نطاق أعمال الجماعة، وكم تكاثرت الأعمال، وكيف وكم يُثمر الله أموالَ الجماعة كل عام، فمن فضل الله أنّ كل هذه النفقات تتم بتضحيات أبناء الجماعة.

بالإضافة إلى ذلك أود أن ألفت انظاركم إلى بعض الأمور الإدارية، فكما قلت سابقا إنه لمن الضروري جدا الاستماع إلى خطب الجمعة والخطابات الأخرى التي يلقيها خليفة الوقت في مختلف المناسبات والتدبر فيها. فإذا كان من واجب المسئولين أن ينبِّهوا أفراد الجماعة إلى ذلك ففي الوقت نفسه يجب أن ينتبه إلى ذلك المسئولون هم أنفسهم أيضا. فمن واجب أمير الجماعة إذا صدر توجيهٌ في الخطب أو لفتةٌ إلى جانب تربوي أن يسجله ويرسله إلى الفروع المحلية للجماعة. ثم يجب أن يراقب بانتظام مدى التنفيذ. فقد يكون بعض الأمراء عاملين بهذا التوجيه سلفا، لكن فيما يخص إرسال التقرير عن هذا العمل، فإن أمير الجماعة في أميركا يذكر ذلك في تقريره، فإذا كان أي توجيه أو وصية في أي خطبة فهو يسجلها بصفة خاصة ثم يرسلها إلى فروع الجماعة للعمل بها، فليعمل الأمراء الآخرون أيضا على هذا التوجيه. إن بريطانيا بلد صغير فلو نُفذ هذا التوجيه هنا على وجه صحيح لظهرت نتائج أفضل من كل فروع الجماعة في العالم. وبالإضافة إلى ذلك يجب أن ترسلوا فورا التوجيهات المختلفة التي تصلكم مني أو من المركز أيضا إلى سائر فروع الجماعة. ثم تابعوا الأمر وراقبوا لأي مدى قد نُفِّذت. كذلك ينبغي أن لا يكتفي أمير البلد بتشكيل الأمراء على مستوى المناطق ويتكل عليهم نهائيا، مقتنعا بأنهم يعملون. كلا هذا لا يصح، ولا ينبغي أن يكون كذلك، لأن ذلك إلى الآن كما لاحظتُ يؤدي إلى البُعد بين المركز وفروع الجماعة وينشأ الإحساس في أبناء فروع الجماعة أنهم لا يستطيعون الوصول إلى المركز.. أي مركز الجماعة في بلد معين. فهناك حاجة لإزالة هذا الإحساس، لذا يجب على أمير الجماعة هنا وعلى الأمراء في البلاد الأخرى أن يهتموا بذلك، إذ يجب أن يعقدوا اجتماعين على الأقل مع رؤساء الجماعة ويفحصوا سرعة التقدم، وليرسلوا إلي التقرير عن الرؤساء الذين لا يعملون جيدا رغم التنبيه.

وكذلك يجب أن يجتمع الأمير مع مسئولي المال والتربية والتبليغ أيضا مرة واحدة في السنة على الأقل إذا لم يستطع مرتين، ليستعرض الأعمال، لأنه إذا تنشَّط هؤلاء المسئولون فسوف تنحل كثير من المسائل في الأقسام أو الشُعب الأخرى تلقائيا. فمِن اليوم يجب أن يُعِدّ أمير البلد خطةً لتفعيل نظام الجماعة بالوصول إلى كل فرع للجماعة. فهذا العمل ليس صعبا في بريطانيا وبلاد صغيرة أخرى، فهم يمكن أن يحضروا للاجتماع في المركز أو أي منطقة، أما البلاد الكبيرة مثل أميركا وكندا وغيرهما، فيجب أن يضع الأمير خطة لإنشاء العلاقة الشخصية بأبناء الجماعة على كل مستوى، لينشِّطهم.

فاسعوا لإنشاء صلة مباشرة لكل واحد من أبناء الجماعة بالخلافة. اسعوا لإذكاء فتيل الحب والوفاء تجاه الخلافة الذي هو موجود في قلوبهم سلفًا. عندما تشرحون لهم الأمور سيتجلى وفاؤهم أكثر ويزول ما به من غبار ويظهر للعيان. إن وفاءهم هذا يتجلى بشدة حين تُفرض عليهم بعض العقوبات.

وهناك أمر آخر مهم جدا قد تناولته مرارا في السابق أيضا، هو أن تتعاملوا مع أبناء الجماعة بلطف ورفق. يجب أن يصل الخطابُ الصغير -الذي ألقيتُه في مجلس الشورى لجماعة بريطانيا- إلى كل فرد من المسئولين، فلتهْتم وكالة التبشير بإرساله إلى الجميع في كل مكان. أود أن أضيف شيئا بخصوص الأمور الإدارية أن على كل مسئول أن يقرأ قواعد مكتبه، فيجب أن يعرف رئيس كل مكتب ما واجباته وما صلاحياته.

هناك توجيه للأمير الوطني أن يخبر المركز أيضا عن الأعمال والصلاحيات التي يفوضها إلى أمير المنطقة، فحسب ما أعلم لا يحدث هذا في أي بلد، لأنني لم أستلم قط أي رسالة من الأمير أنه قد عيَّن فلانا أميرا في منطقة معينة، وأن ما يلي صلاحياته. فالقاعدة رقم 177 من قواعد الأنجمن واضحةٌ جدا، فهناك حاجة للاهتمام بتنفيذها، فعلى الأمراء أن يقرأوا من كتاب القواعد، القواعد رقم 259 إلى 264 حتما، ويضعوها في الحسبان دوما ويعملوا بها، وخاصة إذا كانوا سيتخذون القرار في قضية معينة.

في هذا الخصوص أود أن أذكِّر الدعاة أيضا أن يؤدّوا مسئولياتهم، ومن مسئولياتهم أن يهتموا بتعليم أفراد الجماعة القرآنَ الكريم، فإذا كانوا قد خرجوا في جولة فعليهم أن يُعِدّوا أساتذة يعلِّمون الأولاد القرآنَ الكريم والكبارَ الذين لا يعلمون قراءة القرآن الكريم أيضا. وهذه الدورات لتعليم القرآن الكريم يجب أن لا تنقطع، ولا يكفي أن يكون هذا البرنامج مرة أو مرتين في الأسبوع، بل يجب أن يكون كل يوم بعد صلاة المغرب أو العشاء. وعندما يكون الدعاة موجودين في مراكزهم فليعلِّموا القرآن الكريم شخصيا، فالشكاوى الكثيرة تُرفع إليَّ أنْ لا أحدَ متوفر ليعلِّم أولادنا القرآن الكريم، وأننا مضطرون أحيانا لإرسالهم إلى غير الأحمديين. وكذلك فالذين يحتاجون إلى تعلُّم مبادئ القراءة فليعلِّموهم إياها. وبذلك ستربطون الأولاد بالمسجد والمركز وهذا سيفيدكم جدا في مجال التربية، أما فائدة تعليم القرآن الكريم فواضحة.

فليتذكر الدعاة أيضا أنهم يغيَّرون بعد ثلاثة أعوام أو أربعة عادة، أو إذا طرأت الحاجة يتم التبديل قبله أيضا داخل البلد نفسه، وقد وصلَنا من بعض البلاد في مثل هذا الوضع أن انزعاجا شديدا يظهر، فأقول لهم إن هذه التغييرات يجب أن تُقبل برحابة صدر وبسرور، وهذا لا يوجد -من فضل الله تعالى- في الدعاة في بريطانيا حسب ما أعرف.

تذكروا أيضا أنه إذا كانت حاجة إلى لفت انتباه الأمير أو أي مسئول إلى أمر معين، فافعلوا ذلك، فمثلا إذا كانت هناك قضية تعارض تقاليد الجماعة تعارضا واضحا، أو فيها مانع شرعي، فالفِتوا انتباهه بأدب ورفق، وإذا لم يستجب ولاحظتم أن الجماعة تتضرر أو يخالَف الحكم الشرعي فأخبِروني، ولا ينبغي أن يكون بينكم جدال وعناد من أي نوع، لأن ذلك يؤدي إلى تشتت الجماعة. صحيح أني قلت مرة إن الدعاة يمكن أن ينبِّهوا الأمراء إلى أمور دينية، لكن ذلك يتطلب منهم اتّباع هذه القاعدة والتحلّي بالأخلاق، كي يتم ذلك بالتي هي أحسن، بدون الضرر بنظام الجماعة. وفَّقنا الله جميعا أن نكون أحمديين حقيقيين ونؤدي مسئولياتنا كما يجب.

بعد صلاة الجمعة سأصلي جنازة الغائب على العزيزة تانية خانْ التي كانت زوجة الأستاذ آصف خان سكرتير الشئون الخارجية في جماعة كندا. فقد تُوُفِّيت في 6/8/2013 عن عمر يناهز 38 عاما، إنا لله وإنا إليه راجعون.

إنه لمن الضروري جدا الاستماع إلى خطب الجمعة والخطابات الأخرى التي يلقيها خليفة الوقت في مختلف المناسبات والتدبر فيها. فإذا كان من واجب المسئولين أن ينبِّهوا أفراد الجماعة إلى ذلك ففي الوقت نفسه يجب أن ينتبه إلى ذلك المسئولون هم أنفسهم أيضا.

كانت المتوفاة لبنانية الأصل مقيمة في كندا وبايعت في 1998، كانت نشيطة في الدعوة إلى الله مولعة بنشر الدعوة، فكانت سكرتيرة التبليغ في لجنة إماء الله المركزية في كندا، وبالإضافة إلى ذلك وُفقت لخدمة الجماعة على مستوى مركزي ومحلي في مجالات مختلفة، كانت عضوة دائمة في فريق ايم تي ايه كندا، كانت نشيطة لنشر رسالة الأحمدية الإسلام الصحيح عبر وسائل الإعلام، ولنيل هذا الهدف سافرت إلى أقصى البلاد في كندا وأميركا أيضا، كانت تقدِّم موقف الإسلام في كل ندوة بأسلوب رائع ومؤثر جدا، كانت مدرّسة، ومؤخرا كانت رُفعت إلى منصب نائبة مديرة المدرسة، كانت دوما تسعى لخلق القيم الإنسانية في الطلاب، نالت عدة أوسمة بصفتها مدرّسة، كانت علاقتها بالخلافة علاقة حب ووفاء حيث كانت تلبي كل مشروع، كما كانت تتمسك بالحجاب وتتحلى بعاطفة خدمة الخلق، كانت قد تبرعت بأعضائها بعد الوفاة، كانت مواسية للفقراء، وزوجة مثالية وأمًّا مثالية، بل كانت تراعي كل قرابة، كانت تزوجت باكستانيا فتأقلمت مع العادات بشكل غير عادي، كانت سيدة مخلصة تحافظ على القيم الإسلامية، كانت بفضل الله منخرطة في “نظام الوصية” أيضا، تركتْ ثلاث بنات كلُّهن موقوفات في نظام “وقف نو”. كان نطاق معارفها واسعا جدا، فقد حضرتْ جنازتَها رئيسةُ وزراء الولاية، وأعضاء البرلمان والبلدية وعددٌ كبير من أساتذة المدرسة والطلاب والمعارف غير الأحمديين، كانت حائزة على سمعة طيبة جدا وشعبية كثيرة، ولقد سمعتُ مدْحَها من كل صغير وكبير، غفر الله لها ورفع درجاتها ووهب بناتِها وزوجَها الصبر والسلوان. آمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك