توضيح مرام «وكل إِنسان أَلزمناه طائره في عنقه»
  • أخبرنا الله كيف ربط عمل الإنسان بعنقه
  • عقاب وجزاء الإنسان يأتي نتيجة الأعمال الداخلية وليست العوامل الخارجية
  • العذاب لا ينزل على الأقوام إلا بعد أن يبعث فيهم رسولا
__
وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (14)

شرح الكلمات:
ألزمناه: أَلْزَمَ الشيءَ: أثبتَه وأدامَه. وألزمَ فلانًا المالَ والعملَ: أوجبَه عليه (الأقرب).
طائرَه: الطائر: كلُّ ذي جناح من الحيوان؛ الحظُّ؛ رزقُ الإنسان؛ عملُه الذي قلّده وطارَ عنه من خير أو شر. «هو ميمون الطائر» أي مبارك الطلعة. «سِرْ على الطائر الميمون» دعاءٌ للمسافر. «هو ساكنُ الطائر» أي حليمٌ هادئ (الأقرب).
منشورًا: نشَر الكتابَ: بسَطه (الأقرب).

التفسير:
لقد أخبرنا الله تعالى هنا أنه قد ربط عمل الإنسان بعنقه، وأنه سيأتي به يوم القيامة في صورة كتاب مفتوح أمامه، بمعنى أنه تعالى سوف يعامل الإنسان بحسب ما ورد في ذلك الكتاب، لأن السجلات الحسابية إنما تُفتَح إما لتسجيل شيء جديد فيها، أو لإنهاء الحساب السابق كلية.
لقد نبّهنا الله هنا أن كل إنسان يجب أن يدرك أن لا شيءَ من أعماله يضيع أبدًا، لأن الله تعالى قد ألصق سجلّ أعماله بعنقه. وإلصاق الشيء بالعنق دلالة على أنه لن يبرحه أبدًا، بل سيلازمه دائمًا، فما دام هذا السجل باقيًا سيبقى تأثير أعماله ساريًا.
وأشار باستعمال كلمة (طائر) إلى أن الطائر كما يطير ويغيب عن الأنظار، كذلك ينسى الإنسان عملَه، فيغيب عن نظره، بل ينساه غيرُه من الناس أيضًا؛ ولكنه طائر مربوط بحبل في عنق صاحبه، لذا لن تنقطع صلته به، وإن طار وغاب عن الأنظار، بل لا بد أن تظهر له عواقب أعماله في يوم من الأيام.
كما أن هذا التعبير ينبّه إلى أمر هام آخر، ألا وهو أن الطائر المربوطة رِجلُه بخيط طويل إذا خُلِّي سبيله، فإنه يطير إلى أبعد حد ممكن بحسب طول الخيط، كذلك حال أعمال الإنسان، فإنها لا تظهر أحيانًا ذات خطورة في بادي الرأي، بينما يكون تأثيرها بعيد المدى. وكأن الله تعالى يوصينا هنا بأخذ الحذر الشديد في أعمالنا، لأن الإنسان إذا ما قام بعمل من الأعمال فلا يبقى لـه أي خيار ولا تصرف في ذلك العمل، كما أن نتائجه تكون واسعة المَدى؛ ثم إن عمله غائب عن أنظاره مع أنه في الحقيقة ملازم له دومًا، وهذا يعني أن محو ذلك العمل صعب للغاية؛ لذا هناك حاجة ماسة لأخذ الحذر، لأن عاقبة عمله آتيةٌ لا محالة، عاجلاً أو آجلاً.
وقد نبه إلى ذلك لأن الإنسان يظن أحيانًا أن عمله قد طار مثل الطائر، ولكنه في الواقع طائر مربوط بحبل، وهو راجع حتمًا في آخر المطاف، ولا مناص لصاحب العمل من أن يذوق وبال أمره. وقد أكد القرآن الكريم ذلك في موضع آخر منه حيث قال: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (الزلزلة: 8 و9).

أي أن كل عمل يعمله الإنسان، خيرًا أو شرًّا، ولو ضئيلا كالنملة الحمراء أو الذرات التي تطير في الهواء، فلا بد أن يرى عاقبته.
وليس المراد من هذه الآية أن توبة هذا الإنسان لن تُقبَل. إن توبته ستُقبَل، ولكن الإثم سيجعله أدنى درجة من الآخرين حتمًا. فمثلاً هناك شخصان متساويان في الحسنات، فارتكب أحدهما سيئةً، ثم تاب عنها، فتاب الله عليه، وغفر له ذنبه؛ بينما عمِل الآخرُ في هذه الأثناء حسنةً، فالتائب يظل في سُلّم الحسنات حيث كان، ولكن الذي فعل الحسنة سيتقدمه بدرجة. إذن فالله تعالى سوف يغفر للمسيء التائب بسبب توبته، ولكن لا يمكن أن يُلحقه الله بصاحبه الذي لم يرتكب تلك السيئة، بل سيظل هذا أفضل منه درجة.

أحيانًا أن عمله قد طار مثل الطائر، ولكنه في الواقع طائر مربوط بحبل، وهو راجع حتمًا في آخر المطاف، ولا مناص لصاحب العمل من أن يذوق وبال أمره.

وإذًا فكل عمل يُعقب نتيجةً. ويمكن فهم هذا المعنى الآن بسهولة بعد اكتشاف اللاسلكي والتلغراف والتلفون، الذي يؤكد أن كل حركة – مهما كانت ضئيلة- لا تنفك تهتز وتنتشر في الجو لمسافات هائلة. فعلى الإنسان أن يكون شديد الحذر في أعماله، لأن كل عمل هو كالبَذرة التي تُنتج شجرةً جديدة، ولا يزال يزداد ويتضخم دون علم الإنسان.
ورد في الحديث الشريف أن كل عمل يترك تأثيره في قلب الإنسان، فإن عمِل حسنة صارت تلك الحسنة بقعة نورانية في قلبه، حتى ينوّر قلبه كله بزيادة الحسنات، فتُكتَب له النجاة. أما إذا ارتكب سيئة صارت تلك السيئة بقعة سوداء في قلبه، حتى يسودّ قلبه كله بزيادة الذنوب، فيهلك.(١)
هذا، وقد قال البعض أن طائره يعني نصيبه وحظه، أي ما كُتب له عند القسمة منذ الأزل (القرطبي). ولكن هذا غير صحيح، لأنه تعالى قد أشار بـكلمة طائره إلى أن الإنسان هو صانع عمله، أما لو كان المراد بها ما قسم الله له لسمّاه حجرًا أو طوقًا، لا طائرًا. وقد يعني قوله تعالى: أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِه

أن الفال – الخير منه أو الشر- معلَّق بعنق الإنسان، ولكنه يبحث عنه عبثًا في الأشياء الأخرى.
وقد استخدم الله تعالى كلمة عنقه تنبيهًا إلى أن من طبيعة الإنسان أنه إذا عمل الخير رفع رأسه عزّةً وتفاخرًا، وإذا ارتكب السيئة نكس رأسه خزيًا وهوانًا. فعليه أن يقوم بمحاسبة أعماله بعنقه أي رأسه، بمعنى أن عليه أن يرى هل في عمله ما يجعله فخورا مرفوع الرأس بين زملائه الذين هم موضع أسراره أم لا؟ فإذا كان قلبه وزملاؤه يعتبرونه بريئًا من العيوب فليعلم أن قدمه على الخير، أما إذا لامه ضميره أو أن أصحاب أسراره وجدوا فيه شتى أنواع النجاسات فماذا عساه ينتفع لو رفع رأسه بين القوم تفاخرًا.
أما قوله تعالى وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا فالمراد من الكتاب هو الجزاء، حيث يقولون: كتَب عليه كذا أي قضى به عليه.
والمراد من قوله تـــــــعالى يَلْقَـــاهُ مَنــــْشُورًا أن جزاء أعماله سيبدأ في الظهور هنالك، ولن يبقى مخفيًّا كالبذر، بل سينتشر كالشجرة انتشارًا، ويأتي بثماره.

فيبيّن أن العقاب لن يأتي من الخارج، بل سينبع من داخل الإنسان. فكل ما يجد في الجحيم إنما هو سيئاته التي ستتمثل له صنوفًا من العذاب، وكل ما يجد في الجنة إنما هو حسناته التي ستتراءى له ألوانًا من النعم. فكأن الله تعالى لن يعاقب الإنسانَ، كما لن يعاقبه كائن آخر، بل إن الإنسان بنفسه سيجزي نفسَه أو يعاقبها.

اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (15)

شرح الكلمات:

حسيبًا: الحسيب والمحاسبُ: مَن يحاسبك (المفردات).

التفسير:
قوله تعالى اقْرَأْ كِتَابَكَ يعني: تَحمَّلْ الآن عقابَك، واستمِرَّ في مذاكرة هذا الدرس.
أما قوله تعالى كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا فيبيّن أن العقاب لن يأتي من الخارج، بل سينبع من داخل الإنسان. فكل ما يجد في الجحيم إنما هو سيئاته التي ستتمثل له صنوفًا من العذاب، وكل ما يجد في الجنة إنما هو حسناته التي ستتراءى له ألوانًا من النعم. فكأن الله تعالى لن يعاقب الإنسانَ، كما لن يعاقبه كائن آخر، بل إن الإنسان بنفسه سيجزي نفسَه أو يعاقبها.

مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا (16)

شرح الكلمات:
تَزِرُ: وَزَرَه يَزِرُه وِزْرًا: حمَله، وفي اللسان: حمَل ما يُثقل ظهرَه من الأشياء المثقِلة. والوِزر: الإثمُ؛ الثِّقلُ؛ السلاحُ لثقله على حامله؛ الحِملُ الثقيل (الأقرب).

التفسير:
هذه الآية شرح للآية السالفة حيث صرح الله تعالى فيها أن حسنات الإنسان لا تنفع إلا إياه، وأن سيئاته لا تضر إلا به. فما يفعله من شر أو خير إنما يفعله لنفسه لا لغيره. فالقاتلُ لا يزهق غيره بل نفسه، والظالم لا يعتدي على غيره بل على نفسه، والسارق لا يسرق مال غيره بل ماله. وبالمثل فإن المتصدق لا ينفق إلا على نفسه، والواعظ لا يعظ إلا نفسه، والناصح لا ينصح ولا يهدي إلا نفسه.
ثم قال الله تعالى وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى .. أي لا يمكن أن يحمل أحد حملَ غيره.
يفرح المسيحيون بقراءة هذه الآية زاعمين أنها تؤيد عقيدة الكفّارة المسيحية حيث يقولون: نحن أيضًا نقول أن الآثم لا يمكن أن يحمل عبءَ آثم آخر، وإنما الشخص الصالح الذي يمكنه أن يحمل عبءَ الآثم؛ وبما أن المسيح كان صالحًا فتمكّن من حمل أعباء الآثمين الآخرين، وبما أنه لم يكن ثمة صالح آخر سوى المسيح فلم يستطع أحدٌ غيرُه حملَ أعباء الآثمين الآخرين!!
أنا لا أريد هنا الخوض فيما إذا كان المسيح صالحًا أم لا بحسب العقيدة المسيحية، كما لا أود الخوض فيما إذا كان هناك صالح آخر غير المسيح أم لا وفق العقيدة الإسلامية، لأنه لا يصلح هذا المجال لمثل هذا النقاش، غير أنني أقول ردًّا عليهم: إن هذه الآية إنما تعلن أن أعمال الإنسان – سواء كانت حسنة أو سيئة – إنما هي لـه أو عليه، ويستحيل أن يحمل عواقبها غيره.. بمعنى أن الثواب أو العقاب ليس بشيء يأتي من الخارج، وإنما هو ثمرة أعمال الإنسان نفسها. والظاهر أن البذر إنما ينبت ويثمر في المكان الذي يُبذر فيه، لا في أي مكان آخر. فمثلا إن شجرة المانجو المزروعة في مدينة لاهور لن تثمر في مدينة أمرتسار أبدًا. فما دام الثواب أو العقاب لا ينبع إلا من داخل صاحب العمل فيستحيل أن يشاطره فيه غيره، أو يعتبر نفسه مسؤولا عن عمل غيره. فالحق أن هذه الآية ترفض الكفارة المسيحية ولا تدعمها أبدًا، لأن الكفارة إنما تتأسس على فكرة أن العقوبة عبءٌ يُلقَى على الإنسان من الخارج، ويمكن أن يحمله غيره نيابةً عنه. وفرارًا من هذا الاعتراض قال المسيحيون بكون جهنم ماديّةً. (Catechism of Christian Doctrine, vol. 2 p 599)

الثواب أو العقاب ليس بشيء يأتي من الخارج، وإنما هو ثمرة أعمال الإنسان نفسها. والظاهر أن البذر إنما ينبت ويثمر في المكان الذي يُبذر فيه، لا في أي مكان آخر.

وقولهم هذا يدل على حمقهم وغبائهم، إذ من غير المعقول أن تكون الجنة روحانية، بينما تكون جهنم مادية. فإما أن تكون كلتاهما ماديتين أو روحانيتين. وإذا كانت جهنم روحانية كالجنة فلا يمكن أن يتحمل أحد عذابها نيابة عن غيره، إذ من المستحيل لأحد أن يتقاسم مع غيره ندمه وجشعه وحزنه وغضبه وما إلى ذلك. إنه لا يستطيع أن يتقاسمها مع غيره لأنها أشياء تنبع من داخل الإنسان، وتكون نفسُه مسؤولة عن حدوثها. ومثل هذه العقوبة إنما تنمحي فقط إذا فنِيت النفسُ حقيقةً أو مجازًا.. أي إذا تطهرتْ نتيجة شعورها بالندامة والخجل. ولا يمكن لأحد أن يشاطر غيره في فنائه هذا بشكل من الأشكال.. أعنى أنه من المستحيل لأي شخص عاقل أن يقول لغيره: لا تُرهق نفسك بالخجل، فأنا أَخجَل نيابة عنك. ومن قال ذلك فلا شك أنه مخبول مجنون. فما لهؤلاء المسيحيين الذين يسيئون إلى المسيح عبْدِ الله المختار حيث يعزون إليه مثل هذه الفكرة السخيفة؟!
أما قوله تعالى: وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رسولا فقد فصّله القرآن الكريم في أماكن أخرى منها:

1- قوله تعالى تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ* قَالُوا بَلَى قَدْ جَاءنا نَذيرٌ (المُلك: 9 و10)
2- وقوله تعالى أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا (الزمر: 72)
3- وقوله تعالى أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ (فاطر: 38)
4- وقوله تعالى وَمَا كَانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرَى حَتَّى يَبْعَثَ في أُمِّها رسولا (القصص: 60)
5- وقوله وَلَوْلا أَنْ تُصِيبَهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَيَقُولُوا رَبَّنَا لَوْلا أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولا فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (القصص: 48).. أي بما أن هذا عذر معقول لذلك بعثنا إليهم الرسل دائمًا، ولم نعذبهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم وبعد أن كفروا برسلهم.
كل هذه الآيات تبيّن أن من سنة الله تعالى أن لا يُنـزل العذاب على أي قوم دون أن يبعث إليهم رسولا، بمعنى أن المنطقة التي تكون رسالةُ رسول ذلك العصر موجَّهةً إلى أهلها لا تتعرض للعذاب ما لم يظهر بينهم رسول آخر – وإن كان تابعًا للنبي السابق – وما لم يقم بإنذارهم.
وقد يسأل هنا أحد: فما بال القوم الذين يذوقون هذا العذاب ولم تقم عليهم الحجة؟ لقد جاء الجواب على ذلك في حديث ورد في مسند أحمد (2) بن حنبل والمروي عن أبي هريرة أن النبي قال: أربعة يحتجّون يوم القيامة: رجلٌ أَصَمُّ لا يسمع شيئًا، ورجل أحمقُ، ورجل هَرِمٌ، ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول: رَبِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا؛ وأما الأحمق فيقول: جاء الإسلام والصبيانُ يَحذِفوني بالبَعْر؛ وأما الـهَرِم فيقول: ربّ، لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا؛ وأما الذي مات في الفترة فيقول: رَبِّ، ما أتاني لك رسول؟ فيأخذ سبحانه مواثيقَهم لَيُطيعُنَّه، فيرسل إليهم رسولاً أَنِ ادخُلوا النار. فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومن لم يدخلها سُحب إليها» (روح المعاني).. أي أن الله سوف يختبر هؤلاء يوم القيامة بهذا الطريق، فتنكشف فطرتهم على حقيقتها، ويُجزَون بحسبها.

(1) ورد في الحديث:

عن أبي هريرة أن رسول الله قال: إن المؤمن إذا أذنبَ كانت نكتةٌ سوداء في قلبه، فإن تاب ونـزَع واستغفرَ صُقِلَ قلبُه، فإن زاد زادت؛ فذلك الرانُ الذي ذكره الله في كتابه: كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُون (ابن ماجة: كتاب الزهد، باب ذكر الذنوب).

(2) ونصُّ الحديث:

«عن الأسود بن سريع أن نبي الله قال: أربعة يوم القيامة: رجل أصمُّ لا يسمع شيئا، ورجل أحمقُ، ورجل هَرِمٌ، ورجل مات في فترة. فأما الأصم فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول: ربِّ، لقد جاء الإسلام والصبيان يحذِفوني بالبَعْر، وأما الهرم فيقول: ربي لقد جاء الإسلام وما أعقِل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول: ربِّ، ما أتاني لك رسول؟ فيأخذ مواثيقَهم لَيُطِيعُنّه، فيرسل إليهم أَنِ ادخُلوا النار. قال: فوالذي نفسُ محمد بيده، لو دخلوها لكانت عليهم بَرْدًا وسلامًا…. عن أبي رافع عن أبي هريرة مثلَ هذا، غير أنه قال في آخره: فمَن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا، ومَن لم يدخلها يُسحب إليها» (مسند أحمد: مسند المدنيين رقم الحديث 15712)

Share via
تابعونا على الفايس بوك