تهمة ساذجة

لكل سؤال جواب

إن الوعد الذي قطعته “التقوى” على نفسها بأن تكون مهدًا لكل حوار فكري علمي هادىء يطل اليوم في شكل باب جديد نضيفه لصفحات المجلة تحت عنوان “لكل سؤال جواب” يجيب من خلاله الكتّاب المختصون على الأسئلة الكثيرة التي يحملها بريد المجلة. إن أسئلتكم ستكون الزاد الذي يغني هذا الباب ولذلك فصدر “التقوى” الرحب سيتسع لكل سؤال بَنَّاء يتعلق بالمواضيع التي تطرحها المجلة.

الجواب عن سؤال هذا العدد اقتبسناه من كتيب للأستاذ هادي علي شودري (داعية إسلامي أحمدي) تحت عنوان: تكريم المسيح الناصري (عليه السلام) في العقيدة الأحمدية. وسننشره إن شاء الله عبر حلقتين.

ترجم الكتيب الداعية الإسلامي الأحمدي محمد حميد كوثر.

السؤال

يقول معارضو الأحمدية أن مؤسس الجماعة الإسلامية الأحمدية لم يُوقر المسيح الناصري عليه السلام، ولم يُبد له الاحترام اللائق في بعض مؤلفاته، فما هي حقيقة الأمر؟

الجواب

(الحلقة الأولى)

زحف المسيحية على الهند

بدأت النهضة بين الحركات الدينية في شبه القارة الهندية قبل حوالي 150 سنة أو قرنين. بدأت كل واحدة منها تسعى لتثبت أن دينها أحسن من دين غيرها. ففي سنة 1800 م سافر القسيس وليم كيري من بريطانيا إلى إقليم البنغال (الهند) لإنشاء “المملكة الربانية” في شبه القارة الهندية. واستمرت بعده سلسلة بعثات من القساوسة والأساقفة تفد إلى المناطق الهندية. وفي سنة 1888 م استمد أحد الحكام الإنجليز بالهند من هذا الفوز حماسًا، وقال في أحد خطاباته بأنه كما يزداد سكان الهند في تعدادهم، كذلك تنتشر المسيحية بينهم أربعة أو خمسة أضعاف. وقد وصل عدد المسيحيين الهنود حوالي مليون نسمة حتى الآن.

وفي الحقيقة كانت شبه القارة الهندية وقتئذ ساحة للصراعات تتصارع فيها بكل حماس أديان العالم، وخاصة الديانات الهندوسية والمسيحية والإسلام، وكانت كل واحدة منها تحاول إثبات تفوقها الديني على غيرها. وكانت تخرج بعض الأحيان من نطاق الاحترام والشرف وتتهجم على مؤسسي الأديان هجوماً سافلاً.

تطلعات القسس

وفي سنة 1897 م دُعي القسيس الشهير الدكتور جان هنري بيروز من الولايات المتحدة إلى الهند، فألقى فيها محاضرات عديدة خلال جولته الشبيهة بالعاصفة، تحدث فيها بأسلوب مشوق عن المملكة المسيحية وهيمنتها وتقدمها خاصة في الدول الإسلامية ثم قال:

“أود أن أتحدث الآن عن انتصار المسيحية في الدول الإسلامية. بسبب هذا الانتصار، يبرق لبنان من بريق الصليب ولمعانه من جهة، ومن جهة ثانية تبرق من نوره القمم الفارسية وماء البوسفوروس. وهذا الوضع مقدمة لذلك الانقلاب حينما تصبح مدن القاهرة ودمشق وطهران معمورة من خدام الرب يسوع المسيح حتى يصل بريق الصليب بواسطة تلاميذ المسيح وخدامه قاطعًا صحراء العرب إلى مكة حتى يدخل حرم الكعبة!! وفي نهاية المطاف سوف يعلن هنالك إعلان الحق: أن عليهم أن يعرفوك الإله الأحد، ويسوع المسيح المبعوث من قبلك. وهذه هي الحياة الأبدية” (المرجع السابق ص 236).

وفي الحقيقة كانت شبه القارة الهندية وقتئذ ساحة للصراعات تتصارع فيها بكل حماس أديان العالم، وخاصة الديانات الهندوسية والمسيحية والإسلام، وكانت كل واحدة منها تحاول إثبات تفوقها الديني على غيرها. وكانت تخرج بعض الأحيان من نطاق الاحترام والشرف وتتهجم على مؤسسي الأديان هجوماً سافلاً. وعندما كان فريق يتألم من الهجوم السافل من فريق، فكان هذا الآخر يعتبره نجاحًا عظيمًا.

وكما أسفلتُ كانت شبه القارة الهندية وقتئذ تحت الحكم البريطاني، بحيث يمكن أن نسميه السلطة المسيحية، وكانت تلك البيئة ملائمة للمسيحيين. والأوضاع بالنسبة للمسلمين كانت عسيرة جدًا. فقد فرضتْ عليهم شريعتُهم القرآن الكريم الإيمان َ بجميع الأنبياء والرسل المبعثين إلى شعوبهم في الماضي وأمرتهم باحترامهم، وأنهم كانوا معصومين من المعاصي. فلأجل ذلك كان من الصعب أن يتحملوا إهانة أي نبي ورسول، حتى إنهم كانوا يحسبون من المعصية لو تفوه أحد بكلمة ولو خفيفة ضد أي نبي ورسول.

جرأتهم على النبي صلى الله عليه وسلم

ولكن الأمر بالنسبة للمسيحيين كان على العكس من ذلك، إذ ليس من الضروري لديهم أن يؤمنوا بنبي آخر بعد المسيح عليه السلام حسب كتابهم المقدس. فلأجل ذلك كانت للقساوسة حرية تامة أن يتهجموا ويطيلوا ألسنتهم على الإسلام وعلى مؤسسه سيد المرسلين وخاتم الأنبياء محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم، وتجاوزوا الحدود، ولم يحترموه حتى كرجل عادي. ونُشرت ووزعت مئات الألوف من الكتب والنشرات في شبه القارة الهندية، وكانت مليئة بانتقادات شنيعة وسافلة على سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم. ويستطيع القارئ أن يدرك مدى سفالة تلك الكتب من أنه حينما نشر القسيس عماد الدين -وكان قبل تنصره إمام مسجد “آغرا”- كتابه المسمى “هداية المسلمين” المليء بالكلمات المهينة للنبي صلى الله عليه وسلم، لامه بعض المسيحيين أنفسهم بسبب البذاءة والطعن الذي استعمله في كتابه، حتى كتبت صحيفة “شمس الأخبار”، الصادرة في لكهنؤ تحت إشراف القسيس كريون، في عددها بتاريخ 15 أكتوبر (تشرين أول) 1875 ما يلي:

“ليس هناك مثيل لمؤلفات القسيس عماد الدين التي لم يكتب فيها إلا الشتائم. وإذا انفجرت الآن ثورة مثل ثورة 1857 فسيكون سببها مطاعنه وبذاءته.” (محاضرات بيروز ص 42).

علاوة على الكتاب المذكور، كانت هنالك كتب عديدة تدل على السفالة التي خرجت من أقلام القساوسة ضد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم منها:

  1. “دافع البهتان”، للقسيس رانكلين.
  2. “المسيح الدجال” لماستر رامجندر المسيحي.
  3. “أندورنه بائيبل” لدبتي عبد الله آتم
  4. «محمد كي تواريخ كا اِجمال» للقسيس وليم.
  5. «ريفيو براهين أحمدية» للقسيس تاكر داس.
  6. «سوانح عمري محمد صاحب»، لأرونغ واشنطن.
  7. جريدة «نور أفشان»، مطبعة البعثة الأمريكية في لودهيانة.
  8. «تفتيش الإسلام»، للقسيس روجرس.
  9. «نبي معصوم»، مطبعة البعثة الأمريكية في لودهيانة.
  10. «سيرة المسيح ومحمد»، القسيس تاكر داس.

كان القساوسة يحسبون أن الحكومة الإنجليزية ما دامت قد منحتْهم الحماية والحرية عن التعبير فليستغِلّوها كما يشاءون، وهذا الزعم شحّذ أقلامهم وجَرَّأَ ألسنتهم للطعن على سيدنا محمد المصطفى . وبإمكان القارئ أن يدرك مدى آلام المسلمين في تلك الظروف الحرجة، بالنظر إلى ما جاء في كتاب ”سلمان رشدي“ مؤخرًا، الذي أصاب المسلمين بجراحٍ عميقة وأثار حميتهم أيَّما إثارة.

كان المسلم يشاهد تلك الأوضاع والمطاعن على النبي وكان قلبه يتقطع، لأنه لم يكن أمامه غير الصبر، وكان يشعر بفشله. لم تكن لديه أية وسيلة يدافع بها عن كرامة سيدنا محمد المصطفى . فلقد كان مقيدًا في عقائده ومجتمعه، ولم يستطع أن يخرج من نطاقها. فإذا هو استعمل ضد المسيح الناصري عليه السلام نفسَ الأسلوب الذي استعمله القساوسة ضد سيدنا محمد المصطفى ، خرج من حظيرة التعليمات الإسلامية. فماذا عليه أن يعمل؟

أسلوب هجومي اضطر له المسلمون

في هذا الوضع المقلق اختار علماء المسلمين أسلوبًا آخر للرد على سفالة القساوسة، لإخراج المسلمين من ظلمة اليأس والقنوط الذي كان مخيمًا عليهم. فتدبَّروا في القرآن المجيد والأناجيل ووجدوا أن الأناجيل تقدّم أمامنا سيرة يسوع مختلفةً تمامًا عن سيرته المذكورة في القرآن المجيد. فمن خلال مطالعة القرآن الكريم ندرك أن عيسى كان نبيًّا عظيمًا ومبعوثًا فقط إلى بني إسرائيل، ولكن الأناجيل تتحدث عن رجل آخر لا تتلاءم سيرته مع ما ذكره القرآن المجيد، وإنما يظهر وكأنه مسيح آخر، ليس حقيقيًّا بل هو مسيح خيالي، وليس هو ذلك المسيح الذي بُعث إلى بني إسرائيل فقط ونبي الله وعبده، ولكن يقال عنه إنه هو الرب وإنه ابن الله.

فبدأ المسلمون هجومًا على شخصية يسوع المذكورة في الأناجيل واستعرضوا أمام المسيحيين الوقائع والقصص المدونة في الأناجيل، لكي يعرفوا حقيقة يسوعهم الرب المزعوم بمشاهدة صورته في مرآة الأناجيل وعلى ضوئها. اختار المسلمون هذه الوسيلة لكي يتعظ المسيحيون ويمتنعوا عن الطعن في سيدنا محمد المصطفى . واضطر المسلمون لاختيار هذه الوسيلة، لأنه لم يبق أمامهم وسيلة أخرى لإفحام المسيحيين وإيقافهم عن الطعن.

وإذا طعن بعض علماء المسلمين في سيرة يسوع المذكورة في الأناجيل دفاعًا عن كرامة سيدنا محمد المصطفى وسيرته، فهل -يا تُرى- يجوز أو يليق بأي محبٍ وعاشق صادق لسيدنا محمد المصطفى أن يطعن في هؤلاء العلماء المسلمين قائلاً بأنهم لم يحترموا المسيح ، وأنهم أساءوا إلى كرامته. والحق أنه إذا تكلم أحد بمثل هذا الكلام فإنما يخنق العدل والإنصاف ويبتعد عنه تمامًا، ولا يريد إلا إثارة الفتنة والشر بين صفوف المسلمين.

وكما أسلفنا فإن علماء المسلمين لم يجعلوا سيدنا عيسى عليه السلام المذكور في القرآن المجيد محلَّ طعنهم، بل جعلوا يسوع وسيرته المذكورين في الأناجيل هدفَ الهجوم، وهذه السيرة متناقضة مع سيرته الواردة في القرآن المجيد.

أقوال كبار العلماء

ونرى من المناسب أن نورد هنا مقتبسات من مؤلفات كبار علماء المسلمين في الهند:

  • لقد كتب الشيخ رحمة الله المهاجر المكي في كتابه ”إزالة الأوهام“ منتقدًا سيرة يسوع المذكورة في الأناجيل:

« لا يجوز أن يقال عن أغلب المعجزات العيسوية بأنها كانت حقيقة، إذ أن السحرة أيضا يأتون بمثل هذه الأعمال. فلأجل ذلك ما كان اليهود يقبلونه بل كانوا يعتبرون معجزاته من أعمال السحرة» (إزالة الأوهام ص 129).

وأضاف قائلاً:

«يقول المسيح بنفسه بأن يحيى كان يقيم في الصحراء، وما كان يختلط بالنساء، ولم يشرب الخمر. ولكن المسيح كان يشرب الخمر، وكانت بعض السيدات يختلطن به. وكان يأكل من أموالهن، وقبّلت نساء خاطئات قدمي المسيح. وكانت”مارثا“ و”مريم“ صديقتين له. وكان يشرب الخمر بنفسه ويقدمها للآخرين» (المرجع السابق، ص 370).

كما كتب:

«ارتكب”يهوذا“ الزنى مع زوجة ابنه، وأصبحت حبلى من الزنى، وخلفت ولدًا فدُعي ”فارص“. وكان هذا من أجداد سيدنا سليمان وعيسى عليهما السلام». (ص 405).

”وكما أسلفنا فإن علماء المسلمين لم يجعلوا سيدنا عيسى عليه السلام المذكور في القرآن المجيد محل طعنهم، بل جعلوا يسوع وسيرته المذكورين في الأناجيل هدف الهجوم، وهذه السيرة متناقضة مع سيرته الواردة في القرآن المجيد“

إن كتاب الشيخ رحمة الله المهاجر المكي «إزالة الأوهام» هذا مملوء بمثل هذه المقتبسات، ولقد ألفه، كما أسلفت، ردًا على المسيحيين وإفحامًا لهم بسبب طعنهم بسيدنا محمد المصطفى .

  • وكتب السيد المولوي آل حسن العالم الشهير من أهل السنة والجماعة بالهند في كتابه ”الاستفسار“ وهو تعليق على هوامش «إزالة الأوهام» مايلي:

«أيها المسيحيون، عليكم أن تنظروا إلى ما في جعبتكم. ألا تقرؤون فيما كتبتم كون (مارثا ومريم) امرأتين خاطئتين في شجرة نسب أم يسوع- معاذ الله» (الاستفسار ص73).

«كان المسيح يقول لمعارضيه إنهم كلابٌ. فلو قلنا أيضًا لمعارضيه إنهم كلاب، فهذا لن يكون ضد الأخلاق العيسوية، بل يكون مطابقًا لها تمامًا» (المرجع السابق، ص 98).

«إن عيسى بن مريم أصبح عاجزًا في النهاية وتوفي» (المرجع السابق ص 232).

«إن العقلاء يعرفون أن أنواعا عديدة من المعجزات تشبه السحر، وخاصة المعجزات الموسوية والعيسوية» (المرجع السابق ص 336).

«قال يسوع مرة: ما لي موضعٌ أُسند إليه رأسي. ولقد بالغ المسيحُ بقوله هذا مقلدا كلام الشعراء. والذي يشتكي من محن الدنيا فهو نفسه يرتكب خطأ كبيرًا» (المرجع السابق ص34).

«إن خلاصة دين القساوسة وإيمانهم هو أن”الرب“ استقر جنينًا في رحم مريم بضعة أشهر، وكان يتغذى حيضًا، ثم تحول من عَلَقةٍ إلى مُضْغَةٍ ومن مضغة إلى لحم وعظام، ثم وُلد من مخرجها المعلوم. وكان يتبرز ويتبول. وشب، وتَلْمَذَ لعبده يحيى. وفي نهاية المطاف صار ملعونًا، ومكث في جهنم ثلاثة أيام» (المرجع السابق ص 350 و 351 ).

«ويتبين من إنجيل متى 11:19، أن المسيح كان رجلاً أكولا وشريب خمر». (المرجع السابق ص 353).

توجد بعض نبوءات لأشعياء وعيسى عليهما السلام كمعمّيات وألغاز أو كأحلام تنطبق على من شاء، ولو نأخذها حسب مفاهيمها الظاهرية، فإنها ليست إلا افتراء وكذبًا، أو تشبه بكلام يوحنا، الذي ليس إلا خرافات المجانين، ولكننا لا نجد نبوءات مثلها في القرآن بتاتا». (المرجع السابق ص 366).

«فثبت أن بيان حضرة عيسى كان كذبًا، معاذ الله. ولو تحققت بعض كراماته على سبيل الافتراض فإنها لم تكن إلا مشابهة للكرامات التي تظهر من المسيح الدجال» (المرجع السابق ص 369).

يبدو من إنجيل لوقا 8:2 و 3 أن بعض النساء الخاطئات كن يخدمن حضرة عيسى من أموالهن. فلو قال أحد من اليهود من خبثه، إن عيسى كان شابًا جميلاً، لأجل ذلك كانت تعيش معه النساء الخاطئات لارتكاب الفحش، ولأجل ذلك لم يتزوج، وكان يقول للناس: إني لا أرغب في النساء خداعًا لهم، فماذا يكون الجواب لدى المسيحيين؟»

«كما نجد في إنجيل متى 11:19 أنه وافق رأي معارضيه وقال : «جاء ابن الإنسان يأكل ويشرب فيقولون: هو ذا إنسان أكول وشريب خمر» وليس من المستبعد أن يأخذ عنه أحد فكرةً سيئةً بسبب عاداته المذكورة ويقول إنه لم يجتهد في العبادات، بل كان يحب الراحة لجسمه» (ص 390،391).

  • وكتب مؤسس الفرقة البريلوية بالهند، الشيخ شاه أحمد رضا خان في كتابه «العطايا النبوية في الفتاوى الرضوية» المجلد الأول:

«نعم، نعم، إن رب المسيحيين هرب إلى أبيه خوفًا من ضرب المخلوق. وهناك نال جزاء مظلوميته، وأُدخل في جهنم، وبقي هناك ثلاثة أيام. كان يأكل خبزًا ولحمًا. وحينما كان يعود من سفر تُغسل رجلاه. وينام تحت ظل الشجرة، وكانت الشجرة فوق والرب تحتها..».

«إن المسيح كان ابن أبيه الرب. وتزداد جلالة الرب بسبب ابنه. إن ابن إله المسيحيين أضاف في احترام أبيه وعزته! ولم لا؟ فالنجباء يعملون مثل هذا. ولكن الأب عمل العكس، وطرح إلى جانب، ورماه في جهنم مثل مخادع»

«إن المسيح كان يتأسف ويتحسّر على ما فات، ويشعر بالكلل والتعب. وكانت عنده امرأتان خاطئتان، وكان يأكل من أموالهما كأنهما أموال زكية» (كتاب الطهارة، باب التيمم ص 470 و 471، الناشر: شيخ غلام علي وبنوه، لاهور)

  • وكتبت صحيفة «أهل الحديث» في عددها 31 مارس (آذار) 1939 يوم الجمعة، وهي الصحيفة التي كانت تصدر تحت إشراف الشيخ ثناء الله الأمرتسري العالم الشهير لفرقة أهل الحديث (في الهند):
  • يظهر جليًا من اعتراف المسيح هذا أنه لم يكن رجلا صالحًا. وربما يقول قائل بأن اعترافه كان نوعًا من التواضع، فنقول له: إن المسيحيين يعتقدون أن بشرية المسيح كانت أفضل من جميع الناس، ولم يكن فيها أثر للآثام والمعاصي. وما دام لم يبق فيه أي نقص أو إثم، فلماذا رفض كونه رجلا صالحا .. فعلى سبيل المثال إن الناس العاديين مهما وصلوا إلى مقام رفيع في الصالحية، فبما أنه يبقى النقص في بشريتهم فلذلك يقول أحدهم: أنا رجل ناقص، ولكن كيف يصح قول المسيح: إنه ليس رجلا صالحًا، مع أن بشريته كانت نزيهة من الآثام والمعاصي. فثبت أن اعترافه واعتذاره لم يكونا مبنيين على التواضع. فإذا رفض كونه رجلا صالحًا فمن البديهي أنه أصبح مثل الناس الآخرين. وإذا درسنا الإنجيل أدركنا أن المسيح كان يسمح للنساء الأجنبيات أن يمسحن رأسه بطيب، كما ورد: “تقدمت إليه امرأة معها قارورة طِيب كثير الثمن فسكبته على رأسه وهو متكئ فأخذت مريم من طيب ناردين خالص كثير الثمن، ودهنت قدمي المسيح، ومسحت قدميه بشعرها” (متى 26:7، ومرقس 14:3 ويوحنا 12:3 ).

وورد في إنجيل لوقا 7:37 و38: “وإذا امرأة في المدينة كانت خاطئة إذ علمتْ أنه متكئ في بيت الفريسي جاءت بقارورة طِيب ووقفت عند قدميه”.

ليس من الاحتياط أنْ يسمح المسيح لامرأة خاطئة أن تدهن رأسه وقدميه بشعرها. فعملُه هذا مناقض للشريعة الإلهية. فقد ورد في الكتاب المقدس العهد القديم:

“لأن الزانية هوة عميقة، والأجنبية حفرة ضيقة، هي أيضا كلص تكمن وتزيد الغادرين بين الناس” (أمثال 23:27 و 28).

ويبدو من الأناجيل أن المسيح كان يصنع خمرًا كمعجزة لإظهار عظمته، كما ورد في إنجيل يوحنا 2:1 إلى 9:

” وفي اليوم الثالث كان عرس في قانا الجليل، وكانت أم يسوع هناك. ودُعي أيضًا يسوع وتلاميذه إلى العرس. ولما فرغت الخمر قالت أم يسوع له: ليس لهم خمر. قال لها يسوع: ما لي ولك يا امرأة. لم تأت ساعتي بعد. قالت أمه للخدام: مهما قال لكم فافعلوه. وكانت ستة أجران من حجارة موضوعة هناك حسب تطهير اليهود يسع كل واحد مِطْرين أو ثلاثة. قال لهم يسوع: املؤوا الأجران ماءً. فملؤوها إلى فوق. ثم قال لهم: استقوا الآن، وقدّموا إلى رئيس المتّكأ. فقدّموا، فلما ذاق رئيس المتّكأ الماء المتحوّل خمرًا ولم يكن يعلم من أين هي…”.

ولكن وردت في العهد القديم تعليمات ضد الخمر حيث جاء: “ويل للأبطال على شرب الخمر ولذوي القدرة على مزج المسكر”  (أشعياء 5:22). ” الزنى والخمر والسلافة تخلب القلب” (هوشع 4:11).

وقال دانيال عن الخمر إنها نجس. حيث ورد: “أما دانيال فجعل في قلبه أنه لا يتنجس بأطايب الملك ولا بخمر مشروبه. فطلب من رئيس الخصيان أن لا يتنجس” (دانيال 1:8).

فرغم أنه يوجد في العهد العتيق أمر عن حرمة الخمر والامتناع عنها، ولكن المسيح صنع الخمر بآيته، وشارك في مجلس الخمر مع والدته. مع أنه من جهة أخرى يقول بنفسه: “لا تظنوا أني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض الناموس بل لأكمل” (متى 5:17).

فثبت جليًا أن آيته في صنع الخمر كانت ضد الشريعة.

ثم إننا نعلم من دراسة الإنجيل أن الكذب كان مسموحًا عند المسيح. فذات مرة قال عن ابنة رئيس: “فإن الصبية لم تمت لكنها نائمة” (متى 9:24). “قال لهم لماذا تضجون وتبكون، لم تمت الصبية لكنها نائمة” (مرقس 5:40). “فأخرج الجميع خارجًا وأمْسك بيدها ونادى قائلا: يا صبية قومي، فرجعتْ روحها، وقامت في الحال” (لوقا 8:54 و 55). يقول المسيحيون بأن الصبية المذكورة كانت ميتة، وأن المسيح أعاد لها حياتها كمعجزة. ولوقا يؤيدهم حيث قال: “رجعت روحها وقامت في الحال”. ورجوع الروح إلى الجسم يدل بأنها كانت ميتة قبل رجوعها. ولكن يبدو من كلام المسيح الذي ذكره متى: فإن الصبية لم تمت لكنها نائمة”، أي أن المسيح لم يكن صادقا في كلامه، بل قال عنها كلاما غير حقيقي. ومن جهة ثانية نجد في الإنجيل وصيته لتلاميذه: “لا تزنِ، لا تقتل، لا تسرق، ولا تشهد بالزور” (مرقس 10:19).

وجاء في العهد القديم بهذا الشأن: “شاهد الزور لا يتبرأ، والمتكلم بالأكاذيب لا ينجو” (أمثال 19:5 ).

كذلك ورد في إنجيل يوحنا ما يلي: “قال المسيح: اصعدوا أنتم إلى هذا العيد، أنا لست أصعد بعد إلى هذا العيد…ولما كان إخوته قد صعدوا حينئذ صعد هو أيضا إلى العيد” (يوحنا 7:8 إلى 14).

رأيتم أن المسيح رفض الذهاب إلى العيد، ثم ذهب خفية. ويبدو من إنجيل “متى” أن المسيح سمح للحواريين كتمان الحق حيث قال: “حينئذ أوصى تلاميذه ألا تقولوا لأحد إنه يسوع المسيح” (متى 16:20).

وقد ورد في نفس المعنى في إنجيل لوقا ومرقس أيضًا ومن البديهي أنه حينما أوصى المسيح تلاميذه ألا يخبروا أحدًا عنه فكأنما سمح لهم أن يكتموا الحق. ولقد أصبح واضحا ومكشوفا مدى حقيقة تعليم الصدق والكذب من القصة المذكورة” (جريدة أهل الحديث 31 مارس 1939 ص 8 و 9، الصادر من أمرتسار، الهند).

ليس من العسير على القارئ أن يستنتج من المقتبسات السالفة أن علماء المسلمين وكبارهم جعلوا بها رب المسيحيين يسوع عرضةً لهجومهم، مستهدفين الحدّ من بذاءة القساوسة المسيحيين الجريئين على عرض المصطفى .

Share via
تابعونا على الفايس بوك