بناء على أية سنة أسست الكعبة المشرفة؟!
  • بأية طريقة بين المسيح الموعود (ع) سنة التناظر تلك بين الروحانيات والماديات؟

 ___

ولو شاء الله لما بنى الكعبة وما وضع فيها الحجر الأسود، ولكن لما كان من سنة الله الجارية أنه عز وجل يجعل إزاء الأمور الروحانية رموزًا ماديةً تمثِّلها، وتكون شاهدًا ودليلاً على الأمور الروحانية، فقد أُسِّست الكعبة بحسب هذه السُّنَّة.

فكما أن روح المحب تطوف حول المحبوب كل حين، وتقبِّل عتبة داره، كذلك جُعلت الكعبة المشرفة رمزًا ماديًّا للمحبين الصادقين، وكأن الله تعالى يقول لهم: انظروا، هذا بيتي، وهذا الحجر الأسود حجر عتبتي.

ولقد أمر الله تعالى بذلك ليتمكن الإنسان من التعبير عن مشاعر عشقه وحبّه الجياشة تعبيرًا ماديًّا. فالحُجاج يطوفون بهذا البيت طوافًا جسمانيًّا مُظهرين كأنهم مجانين وسكارى في حب الله، فيتخلون عن الزينة، ويحلقون الرؤوس، ويطوفون ببيته كالعشاق في هيئة المجذوبين، ويقبّلون هذا الحجر حاسبين إياه حجر عتبته. وهذا الوَلَه الجسدي يولد لوعة وحبًا روحانيا. فالجسد يطوف بالبيت ويقبّل حجر العتبة، بينما تطوف الروح عندئذ حول الحبيب الحقيقي، وتطبع القبلات على عتبته الروحانية.

وليست في ذلك شائبة من الشرك، إذ إن الصديق يُقبِّل رسالة صديقه الحميم عند استلامها. فالمسلم لا يعبد الكعبة، ولا يطلب مراداته من الحجر الأسود، وإنما يتخذه رمزًا ماديا أقامه الله تعالى وليس إلا. كما أننا نسجد على الأرض، ولكن السجود ليس للأرض؛ كذلك نقبّل الحجر الأسود، ولا يكون هذا التقبيل من أجله. فالحجر حجر بحت لا ينفع أحدًا ولا يضر، ولكنا نقبّله لأنه من يد ذلك الحبيب الذي جعله رمزًا لعتبته.   (ينبوع المعرفة، الخزائن الروحية مجلد 23)

Share via
تابعونا على الفايس بوك