الفيتامينات الذائبة في الدهون.. فوائدها ومخاطرها

الفيتامينات الذائبة في الدهون.. فوائدها ومخاطرها

أحمد وائل

كاتب
  • ما الفيتامينات الذائبة في الدهون؟
  • ما فوائدها؟
  • ما مخاطرها إن كان لها مخاطر؟

__

الغذاء سر من أسرار الحياة بصورة عامة، ويزداد هذا السر غموضا وسحرا حين نتحدث عن غذاء الكائن البشري بوجه خاص، فعلاوة على أن الإنسان لا يقنع بمجرد الطعام فقط، هو يتخير منه ما يحب أيضا. وفي مغامرة اختيارنا غذاءنا التي قد تنجح تارة وقد تبوء بالفشل تارات أخرى، يسعى هذا المقال لتسليط شعاع ضوء مركّز على عنصر غذائي سحري، تتجلى من خلاله قدرة ربنا الحكيم، نحن نتحدث عن إحدى عائلات الفيتامينات.

وفي مقال سابق، كنا بصدد الحديث عن إحدى عائلات الفيتامينات الذوَّابة في الماء، ووقع الاختيار حينئذ على مجموعة فيتامين ب، والتي يتربع الثيامين على قمتها. وفي مقال هذا الشهر، نرى أن نتناول حصة مناسبة من الفيتامينات الذوابة في الدهون، إمعانا في التثقيف الصحي.

ووفقا لأبحاث متخصصة، فإن جميع الفيتامينات إما تذوب في الدهون أو تذوب في الماء، الفرق بينهما هو كيفية امتصاصها وتخزينها في الجسم، يتم امتصاص كل من الدهون والفيتامينات القابلة للذوبان في الماء أثناء الهضم بعد ذلك، يتم تخزين أي فيتامينات زائدة قابلة للذوبان في الدهون في الكبد والأنسجة الدهنية بينما يتم التخلص من الفيتامينات الزائدة القابلة للذوبان في الماء من الجسم.

ومن الجدير بالذّكر أنّ الفيتامينات الذائبة في الماء تحتاج إلى تعويض الفاقد منها بشكلٍ منتظم، إذ لا يمكن للجسم تخزينها، وتذوب في سوائل الجسم؛ ويتم طرحها عبر البول.

أمّا الفيتامينات الذائبة في الدهون فتتخزّن في الكبد والأنسجة الدهنية، ويتمّ التخلص منها بشكلٍ أبطأ بكثير من الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء، ولأنّها  تُختَزن في الجسم لفتراتٍ طويلة؛ يزيد خطر التّسمم بها مقارنة بالفيتامينات الذائبة في الماء عند تناولها بكمياتٍ زائدة عن الحاجة. وفيما يلي عرض موجز لأفراد مجموعة الفيتامينات الذائبة في الدهون، وهي:

فيتامين أ    (A)

يشكّل فيتامين أ مجموعة من المركبات القابلة للذوبان في الدهون والمعروفة باسم الريتينويدات، ويُعد الريتينول الشكل الغذائي الأكثر شيوعًا لفيتامين أ، ويدعم هذا الفيتامين العديد من الوظائف الحيوية، بما في ذلك:

  1. سلامة الإبصار، إذ يُعدّ فيتامين أ ضروريًا للحفاظ على خلايا استشعار الضوء في العين وتكوين السائل المسيل للدموع.
  2. دعم المناعة، فيمكن أن يؤدي نقصه إلى ضعف المناعة، ومن ثم التعرض للعدوى. دعم عملية نمو الخلايا، وقد يؤدي نقصه إلى تأخير النمو عند الأطفال
  3. تعزيز نمو الشعر، ويؤدي نقصه إلى تساقط الشعر فيما نعرفه بداء الثعلبة.

وأهم المصادر الغذائية لفيتامين أ الكبد، وزيت كبد السمك، وصفار البيض، والزبدة، والجزر، واللفت، والسبانخ.

فيتامين د   (D)

من نعم الله الرزاق علينا أن هذا الفيتامين الضروري متوفر في الطبيعة بصورة مجانية، من خلال التعرض لأشعة الشمس، عندما يلتقي ضوء الأشعة فوق البنفسجية بالجلد، أو من خلال تناول الأطعمة المحتوية عليه، وهناك نوعان طبيعيان رئيسيان لفيتامين د وهما؛ فيتامين د3 الموجود في الدهون الحيوانية، وفيتامين د2 الموجود في الأطعمة النباتية، وتشمل وظائف فيتامين د ما يأتي:

الحفاظ على العظام: حيث ينظم فيتامين د مستويات الكالسيوم والفوسفور، وهما أهم المعادن لنمو العظام والحفاظ عليها، كما يعزز امتصاص هذه المعادن من النظام الغذائي.

تعزيز جهاز المناعة: إذ يساعد على تنظيم وظيفة الجهاز المناعي وتقويتها.

يتوفر فيتامين د في بعض الأغذية، ومنها: الأسماك الدهنية، وزيت السمك، والفطر الذي تعرض للأشعة فوق البنفسجية.

فيتامين هـ   (E)

يظهر فيتامين هـ في ثمانية أشكال، ولكن الشكل المعروف بـ ألفا توكوفيرول فقط هو ما يلبي احتياجات الجسم، ومن جملة فوائدى:

  1. أنه أحد مضادات الأكسدة التي يمكن أن تساعد الجسم على محاربة الجذور الحرة، ويتم تعزيز هذه الخاصية بمشاركة عناصر غذائية أخرى، كفيتامينت ج، ب3، والسيلينيوم.

يساعد فيتامين هـ على حماية الجسم من مجموعة من المشكلات الصحية، فهو يُعد بمثابة مميع للدم عند تناول كميات كبيرة منه، مما يقلل من خطر الجلطة الدموية.

من أبرز مصادر فيتامين هـ ما يأتي: زيت جنين القمح، بذور زهرة عباد الشمس وزيتها، والمكسرات مثل اللوز، والبندق، والفول السوداني، ونباتات خضراء كالسبانخ، والبروكلي، وفاكهة الكيوي والمانجا.

فيتامين ك   (K)

توجد عدة أنواع من فيتامين ك، ولكن يُعد فيتامين ك1 الذي يوجد في الخضار الورقية الخضراء وبعض المصادر النباتية الأخرى، وفيتامين ك2 الموجود في المصادر الحيوانية والأطعمة المخمرة، النوعين الأكثر شيوعاً، وهناك أيضًا أشكال أخرى ينتجها الجسم من فيتامين ك، ومن وظائف فيتامين ك في الجسم ما يأتي:

تخثر الدم، فيلعب فيتامين ك دورًا أساسيًا في تجلط الدم، ومن ثم التئام الجروح.

يساعد على تقليل خطر تكلس الأوعية الدموية، مما يقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.

ومن أبرز مصادر فيتامين ك: الكرنب أو الملفوف، والكبد، والسبانخ، والبقدونس، والزبدة، وصفار البيض.

حذارِ من خطورتها!

من المعتاد حيثما ذُكرت كلمة فيتامينات فإن الذهن يُكون انطباعا إيجابيا لما لها من فوائد جمة، بالرغم من أنها ليست حقيقة كاملة، فمما قد لا يعلمه الكثيرون، لا سيما من غير المتخصصين، أن للفيتامينات الذائبة في الدهون مخاطر لا يمكن تجاهلها، والسر وراء ذلك أنها تحتاج إلى وجود الدهون ليتمكن الجسم من امتصاصها، وإذا لم يتمكن من امتصاصها أثناء الهضم، فسيتم تخزين الزائد منها في الكبد والأنسجة الدهنية لاستخدامها لاحقًا، وتكمن الخطورة في تراكم هذه الفيتامينات بكميات كبيرة قد تؤدي إلة حدوث بعض حالات التسمم، فالاعتدال في تناولها، خاصة كمكملات غذائية مرجوٌّ، ولنتذكر قول الله العليم الحكيم:

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِين (الأَعراف: 32).

في المقابل، يمكن امتصاص الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء  مثل الفيتامينات C و B6 و B12  على معدة فارغة ولا تتطلب وجود أي دهون، ونظرًا لقدرتها على الاحتفاظ بها في الأنسجة، لا تحتاج الفيتامينات التي تذوب في الدهون إلى الاستهلاك كثيرًا مثل الفيتامينات القابلة للذوبان في الماء.

ومع ذلك، لا يمكن إفراز الفيتامينات التي تذوب في الدهون عن طريق البول، لذلك من المحتمل أن تتراكم في الجسم وتصل إلى كميات سامة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك