التقوى منكم وإليكم

التقوى منكم وإليكم

ردود خاصة

*السيدة بهية م. من بريطانيا اتصلت بنا مستفسرة عن ظاهرة غريبة في مسقط رأسها باليمن، وتتلخص في أن بعض المشايخ يتقاضون مبلغًا ماليًا معينًا مقابل عدم صوم بعض الشبان الذين هم بصحة جيدة وعلى أحسن حال. ويستدل المشايخ المعنيين بالأمر بالآية القرآنية القائلة:

وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ (البقرة: 185)

لتبرير موقفهم.

– نشكرك جزيل الشكر أيتها الأخت الفاضلة على ثقتك فينا وإنه من حسن ظنك أنك تستفسرين حول قضية حساسة مثل هذه من أسرة مجلتك التقوى. في الحقيقة الإجابة على سؤالك موجودة في سورة التوبة الآية رقم 34:

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ .

وللأسف الشديد نجد أن هذه الآية تنطبق على كثير من علماء الأمة الإسلامية وأيضًا قد صدق فيهم حديث الصادق الأمين خير الخلق أجمعين سيدنا ومولانا محمد المصطفى : “ليأتيّنَّ على أمتي ما أتى على بني إسرائيل حذو النعل بالنعل..” (سنن الترمذي، كتاب الإيمان)

فهؤلاء المشائخ المتكالبين على المال أصبحوا فعلاً مثل رهبان بني إسرائيل الذين لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وأيضًا وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وذلك لأن الصوم هو من أحسن العبادات التي يتقرب من خلالها العبد إلى خالقه فيحرمون الكثير من الشبان من هذه النعمة. ويتناسون أن الفدية تُدفع من قبل الذين يفاجئهم المرض خلال شهر رمضان المبارك ويُرغمهم على إفطار بعض أيامه أو الشهر بأكمله. يجب أن نؤكد أن مع دفعهم للفدية يجب عليهم أن يصوموا عدة أيام أخر أي لما تسمح لهم ظروفهم الصحية بذلك. وأما الذين يعانون من أمراض تلازمهم طوال السنة كالسكر وغيره وينبههم الأطباء إلى أن الصوم سيدهور صحتهم ويؤدي بهم إلى مخاطر فلا حرج عليهم لعدم صومهم ولا يدفعون فدية أما إذا تكرموا وتبرعوا بأي مبلغ مالي فيكون ذلك صدقة منهم. ولكن ليس للمشائخ بل الفقراء والمساكين.

*الصديق ي.ب. (سوريا) أبدى إعجابه بإخراج التقوى وشكر كل من يساهم في هذا العمل.

– نشكرك على مشاعر الأخوة الإسلامية التي أبديتها ونود أن نحيطك علمًا أن الحُلة الجديدة التي طلعت بها التقوى على العالم ليست ثمرة مجهودات شخص واحد بل كثير من الإخوة المسلمين الأحمديين العرب الذين يعملون في الخفاء من وراء الحجب. كما نشير إلى جميع الإخوة الذين أمدونا بثمرة تجاربهم في ميدان الإعلامية، كما لا يفوتنا أن نشكر كل من أمدنا بانتقاداته البناءة. وكلمة الختام هي أن على كل معجب بالتقوى أن يرسل ثمرة إعجابه وذلك في قالب مقال لا يزيد عن صفحتين -إذا أمكن- يذكر فيه بعض الظواهر الفريدة من نوعها في بلده التي يمكن أن تنمي رصيد معلومات باقي القراء، ويا حبذا لو كانت مصحوبة ببعض الصور. من المستحسن أن تصفف المقالات على جهاز الكمبيوتر. وإذا لم تتوفر هذه الإمكانية للبعض -فلا بأس- بإمكانهم إرسال مساهماتهم بالبريد العادي والرجاء أن تكتبوا بخط واضح.

عنكبوتيات

يوجد في عالم الحيوانات 35 نوعًا من العناكب. ولكن هنالك نوع خاص يوجد في غابات أوكلابتس بأستراليا ويسمى عنكبوت سرطانيCrab Spider  له مميزات وخصائص فريدة من نوعها لا تخطر على بال أحد. حتى إن كبار الباحثين والخبراء الذين درسوا تصرفات هذا الكائن الحي الصغير الحجم أقروا أنهم لأول مرة يتطلعون إلى سلوك حيواني من هذا القبيل. تضع العنكبوت السرطاني بيضها في الصيف على عكس الأقسام الأخرى من العنكبوت. وتطول المدة التي تفتح فيها البيضات ويخرج منها المواليد الجدد خلال موسم الشتاء تقريبًا حيث تكون بأمس الحاجة إلى الغذاء. وتستغل الأم هذه المدة الطويلة التي ابتدأت بفصل الصيف مرورًا بموسم الخريف حتى يحل الشتاء وتستهلك كميات من المأكولات تفوق حاجياتها بكثير، فتسمن الأم ويتضخم حجمها. ففي هذه الحالة يصبح في جسمها فوائض غذائية كثيرة لذلك بالرغم من أن مكوناتها المادية لا تسمح لها بإنتاج الحليب ولكنها تحت مؤثرات كيميائية مختلفة تقدم لصغارها دمها الثري بالموارد الغذائية التي ادخرتها طوال موسمي الصيف والخريف فيمتصه صغارها بطريقة عجيبة. فنراها تستلقي أمامها وترضخ لها من تلقاء نفسها لتلبية رغباتها الغذائية فتمتص دمها الثري بالمعادن والفيتامينات. ولا ينتهي الأمر إلى هذا الحد بل إن صغارها بعد أن تنتهي من مص دمها تأكل أعضاءها المترامية ذات اليمين والشمال لدرجة أنه لا يبقى هنالك أي أثر لوالدتها. ولا تتم عملية أكل الصغار لوالدتهم خلال بضع ثوان ولكنها تدوم إلى حوالي مطلع موسم الربيع حيث تصبح الصغار قادرة على الحصول على غذائها بنفسها. وقد تحير المحققون والباحثون من مستوى تضحية هذا الحيوان الصغير الذي لا يتراوح طوله أكثر من 9 سنتيمترات ويعيش لفترة سنة واحدة فقط. وخلال البحث استغرب العلماء عن غياب الذكر أو الأب في هذه الحالة من ساحة الأحداث ولماذا لا يقدم هو الآخر تضحية من هذا القبيل. وبعد إجراء بحوث طويلة اتضح أن الذكر يموت مباشرة بعد عملية التناسل مع الأنثى. وكأن في هذا دلالة أن كلا الطرفين الذكر والأنثى يضحي بحياته ليفسح المجال لحياة جديدة. فعلا إنها تضحية مثالية جديرة بالثناء. ولكن الثناء الحقيقي لله الذي أودع في غريزة هذا الحيوان بل نقش فيها هذا السلوك الذي هو في الحقيقة ليس من صنع يدها ولا ثمرة تفكيرها ولا اجتهادها ولكنها تتصرف طبقًا لما بُرمج فيها من قبل أحسن الخالقين.

إن هذا النوع من العنكبوت من الناحية المادية هو صغير الحجم ولكنه بالرغم من هذا العائق المادي يقدم تضحيات جبارة فريدة من نوعها في سبيل المحافظة على نوعه. ولا أظن أن هذه الخصائص قد أودعت فيه من باب الصدفة ولكن إلى جانب وجود جميع الكائنات الحية في دائرة متماسكة ومترابطة بغرض المحافظة على الحياة بصفة عامة على وجه الأرض. هنالك دروس وعبر لتلك النخبة من الأصفياء الذين ذكرهم القرآن الكريم تحت تسمية أولو الألباب الذين يتفكرون دائمًا في أسرار المخلوقات لأنهم أيقنوا أن عقولهم تعجز عن مشاهدة البارئ الذي لا بداية له ولا نهاية أي أنه غير محدود زمانًا ومكانًا، لذلك يتطلعون على قدرات الله ويعاينون بأنفسهم جلاله وحكمته وحسن وكمال خلقه من خلال دراستهم العميقة للظواهر الطبيعية ولسائرالمخلوقات الحية. ندعو الله أن يهدينا ويوفقنا كي ندخل في زمرتهم، آمين.

مساهمة الصديق: ن. أحمد سعيد (سوريا)

Share via
تابعونا على الفايس بوك