الافتتاحيّة

الافتتاحيّة

التحرير

وقع في الشهور الماضية في بريطانيا حادثٌ مؤلم غطتها وسائل الإعلام بشكل مكثّف وكان له صدى عالمي أيضًا، وهو مأساة “دانبلين” بإسكتلندا، حيث دخل أحد الأشقياء القُساة القلوب في قاعة الألعاب الرياضيّة بإحدى المدارس الابتدائيّة بهذه القرية وفجأةً أطلق النار بصورةٍ عشوائيّة، فوقع ضحيته ستة عشر طفلاً ومعلمة وجُرح الكثير منهم. وساد الحزن العميق على كل البلد بسماع الخبر، وأسِفَ عليه الناس من داخل البلاد وخارجها. وأُثيرت هذه القضية في وسائل الإعلام مرارًا وحتى في مجلس البرلمان البريطاني. واقترح البعض تحسين الإجراءات الأمنيّة في المدارس وفرض الحظر على اقتناء الأسلحة: البنادق والمسدسات وغيرها.

الحق انّه مهما أبدى الإنسان أسفه وحزنه على هذا الحادث فإنّه لا يفي بحقّه. ولكن الواقع أنّ هناك مئات الآلاف من الصغار الأبرياء الذين يتعرَّضون في البلاد الغربيّة لتعذيب بدني ونفسي ومظالم جنسيّة حتى على أيدي آبائهم. ثم هناك الملايين منهم الذين لا يجدون في بيوتهم السلام والسكينة لشجار الوالدين أو لإهمالهما لهم، فيقعون تحت ضغوط نفسيّة وماديّة تفتك بشخصيّتهم وتدفعهم للانتقام من المجتمع هكذا. كما أنّ الأفلام المليئة بالعنف والخلاعة التي يُشاهدها الصغار على التلفاز في بيوتهم أو في دور اللعب أيضًا تقوّي فيهم الميل إلى العنف والجريمة والخلاعة. والأمر الواقع أنّ فقدان المبادئ الأخلاقية والتحرُّر الجنسي والإباحيّة قد قضت على سلام المجتمع الغربي، حتى بدأ بعضهم يصرخ على ذلك ويصيح. وبدأت الحكومات تفكّر لسنِّ القوانين لصدِّ هذا التيار من الجرائم، ولكنها في نفس الوقت تتغافل عن هذه الأمور المذكورة آنفًا المؤدِّية لمثل هذه المآسي.

ومن يدري لعلَّ هذا عقابٌ من الله على الظلم المستمر من الغرب على أهل البلاد الضعيفة، لأنّه قلب الموازين واعتبر كلبه أعزّ من إنسان العالَم الثالث. لا جرَمَ أنّ لهم كل الحق أن يُثيروا ضجةً وعويلاً على قتل هؤلاء الأطفال الأبرياء، ولكن لماذا لا يرون ولا يُلقونَ بالاً بما يحدث لملايين الأطفال الأبرياء في مختلف بقاع العالَم.. من البوسنة وفلسطين ولبنان ودول إفريقيّة عديدة، ولا سيّما العراق حيث يفترس غول الموت هؤلاء الصغار الأبرياء بسبب النقص في الغذاء والدواء الحاصل من جرَّاء الحظر الاقتصادي الذي فرضه الغرب على بلادهم. إذا كان الذنب لصدَّام -كما يقولون- فلِمَ الانتقام من الأطفال الأبرياء؟ ما ذنبهم هم؟  وما داموا يظلمون هكذا أطفال الآخرين الأبرياء فلن يدعهم الله بدون عقاب وانتقام لهؤلاء الضعفاء المقهورين، والله لا يحبُّ الظالمين. (المحرر)

Share via
تابعونا على الفايس بوك