هذه القصيدة عبارة عن نبض إيماني صادق تُعبّر عن حالة من الوجد والنقاء الروحي ومحاولة الذوبان على أعتاب الله. وهي في نفس الوقت دعوة لكل نفس إنسانية تائهة، عسى ولعل هذه الأبيات توقظ فيها جذوة الخير والهِداية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في كل الأنفس على السواء، بل هي قطرة الماء التي تحنّ إليها كلُّ تربة صالحة. إن المُثُل الإسلامية النبيلة التي يتربى عليها أفراد الجماعة الإسلامية الأحمدية هي الوسيلة الأكيدة لإيصال النفس البشرية إلى حالة الاطمئنان والإيمان والانقياد والتسليم والذوبان التام على جنبات الخالق القادر القاهر الرحمن الرحيم، جل شأنه وتباركت أسماءه الحسنى.
قطعتُ البيدَ أهتفُ يا إلهي
ولي نفسٌ تتوقُ إلى الصلاحِ (1)
.
لأنَّ الحقَّ يسكن في ضميري
وغيرُ الحقِّ نَهْبٌ للرياحِ (2)
.
كتابُ الله نبراسي وهَدْيي
ولي من بعده سُنُنٌ صِحاحِ
.
نهضنا من رُقادٍ يَعترينا
لتضحيةِ النفوسِ على النِطاحِ (3)
.
وثارت شعلةُ التوحيد فينا
ولن نرهَبْ لقعقَعَةِ السلاحِ (4)
.
إلى البيت العتيق وما حواه
إلى مهدِ النُّبوة والأضاحي(5)
***
زمانُ الموبقاتِ وقد تولّى
ولن نَعبأْ بغِيدٍ أو قِداحِ
.
فرَكْبُ الملهَم المهديِّ أحمدْ
يُهَدْهِدُنا، ويمشي بارتياحِ (6)
.
يُغذِّي جَذوةَ الإيمان فينا
يُهذّبنا بأخلاقٍ مِلاحِ (7)
.
صلاحُ المرءِ يتبعهُ صلاحٌ
وفي زلّاته النُّذُر الفصاحِ
.
صلاحُ المرءِ في دنياه فوزٌ
ولا فوزٌ بدون الانشراحِ(8)
.
هي الدنيا بها صِلُّ الأفاعي
وفيها منهل الماء القُراحِ (9)
.
فخُذْ منها بما يكفي لعيشٍ
بدارِ الخُلدِ، مَوطئُها الأقاحي(10)
.
إلهي لُذتُ بابكَ لا تَدَعني
وفي أبواب غيرك افتضاحي
.
أضعتَ العُمرَ، يا صاحِ، تَنَبَّه
فيومُ الفَصلِ ليسَ به مُزاحِ (11)
.
أضعتَ العمر أكثَرَه هباءً
ولم تسلُكْ طريقاً للنجاحِ
.
أيا إنسانُ يا من جئتَ فرداً
تذكّرْ يومَ تلحُوك المَلاحي(12)
.
ولن تنفعْ قصورٌ أو عروش
ولا ولدٌ، ولا المُلكُ المُباحِ (13)
.
فهذا العمر يمضي مثلَ طير
طريدٍ خائف دامي الجراحِ (14)
.
وأسْرِج في رِكابكَ كلَّ خيرٍ
وأسرِع مع مَهبّات الرياحِ (15)
.
وأعمِلْ في مآلك كلَّ فِكرٍ
“فإن الفكر للتقوى وِشاحِ” (16)
.
ومَنِّ النفسَ عفواً من كريمٍ
فعفوُ الله للأخطاء ماحي
.
توسَّلْ للمَليكِ بكلِّ صدقٍ
ولَبِّي من سَيدعو للفلاحِ
.
وأسلِمْهُ القِيادَ ولا تبالي
ولا تخشَ زمانَ الانبطاحِ (17)
.
فنورُ الله للظلمات كشفٌ
سواء في النفوس أو البِطاحِ (18)
.
وعدلُ الله في الإنسان ماضٍ
فلا تيأس لِمُنْصرمِ الجُناحِ (19)
.
ونصرُ الله أمْضى من سلاحٍ
بضاعتُه القِسِيُّ أو الرماحِ (20)
.
لقد شاء الغراب لنا دليلاً
وشاءتْ مثلَه بومُ النواحِ (21)
.
وشاءت غفلةٌ وخواءُ فكرٍ
ولذاتٌ وشهواتٌ جِماحِ (22)
.
ولكن غفلة الوجدان بادتْ
وعند الله جناتٌ فساحِ (23)
.
-
البيد: كناية عن المسافات الشاسعة. -
نهب للرياح: تعبث به الريح كما تشاء وليس له قيمة. -
..التضحية بالنفس على عتبات الله. -
قعقعة السلاح: صوت السلاح حينما يستخدم. -
..الأماكن المقدسة لدى المسلمين بمكة والمدينة. -
ركب الأحمدية يمشي في مسيرته باطمئنان. -
..الأخلاق الأحمدية أخلاق فاضلة متميزة. -
..إنشراح الصدر للإيمان أساس في العقيدة. -
..الدنيا بها الخير والشر وللمرء أن يختار طريقه. -
..دار الخلد موطئها الورد والرياحين بالنسبة للمؤمن. -
يوم الفصل: يوم الحساب بين يدي الله سبحانه. -
تلحوك الملاحي: تندبك بعد موتك الناديات. -
الملك المباح: الأملاك التي يحرص عليها الإنسان فتصبح نهبا للناس. -
الحياة مثل طائر جريح لا أمل في شفائه والآخرة هي الحياة المثلى. -
إعمل قبل رحيلك من الخيرات قدر المستطاع. -
الشطر الثاني من البيت مستعار من إحدى قصائد المسيح الموعود . -
زمان الانبطاح: زمان الذلة والحاجة والمؤمن لن يناله ذلك. -
..بنور الإيمان تضاء النفس والوجود وكل الأمكنة. -
منصرم الجناح: ما سلف من ذنوب قبل توبة الإنسان. -
..أسلحة البشر تافهة بالنسبة للذات الإلهية وقدراتها وإنما تم تضيعها بأمره وبعلمه وسابق معرفته. - الأشرار الذين يودّون غواية البشر وإفسادهم.
شهوات جماح: شهوات يصعب كبتها وترويضها.