فهلا أكرمنا هذا الضيف الكريم

فهلا أكرمنا هذا الضيف الكريم

التحرير

هذا رمضان أوشك على القدوم. ها هو يستعد للحلول فينا. ها هو كما في كل عام يأتي موسماً للمغفرة والإياب إلى الله. فهلا أكرمنا هذا الضيف الكريم. وهلا أعددنا العدة لاستقباله بما يليق به من الحفاوة و التكريم.

ها قد جاء يحمل فرصاً للمغفرة لمن لأراد أن يكون من الأوابين. جعل الله أول أمره رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار.  جاء يذكر الناس بأيام الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد. جاء ليصقل أرواحهم وينقي صدورهم علّهم ينالون بعضاً مما ناله الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين. جاء في موعد لا يخلفه كما يجيء الغيث المرسل من الرحمن الرحيم. جاء ليكسو الأرض بحلة بيضاء لاشية فيها تسر الناظرين. جاء لتزخر المساجد فيه بالمصلين ويذكر اسم الله فيه أضعاف غيره من الشهور. جاء ليصفد الشياطين ولو إلى حين ويقيد الشرور. جاء ليستبشر المؤمن ولتتسع له الآفاق ولينذر الكافر وتضيق عليه الأرض بما رحبت. فيه يتمدد الخير ويتقلص الشر. فطوبى لمن حل عليه الشهر وهو على استعداد. وطوبى لمن كان فيه من الرابحين.

ها قد أوشك شهر القرآن بالحلول، فكيف يمكن أن يحل شهر القرآن على من لم يكرم القرآن واتخذه مهجوراً. أين سيحل وليس في صدوركم للقرآن محل. فاستدركوا يا معشر الغافلين.

ها هو الشهر الفضيل يهل فهل حطمتم رجس أوثانكم. وهل كنتم قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم. وهل كان الله ورسوله أحب إليكم من أنفسكم ومما سواهما. هل دمغ الحق الباطل فيكم فأزهقه أم زهقت نفوسكم. هل ما زال للباطل في صدوركم منزلٌ.  هل رضيتم بغير الله رباً وإن أنكرت ذلك ألسنتكم.

ها قد حل شهر الجهاد فأين جهادكم يا معشر المتثاقلين. وهل قهرتم أنفسكم قبل أن تقهروا عدوكم أم أن أنفسكم قهرتكم وعدوكم قهركم ثم وليتم مدبرين. تتشدقون بالجهاد وأنتم من أخلدتم إلى الأرض. رضيتم بالحياة الدنيا وقليلها القليل وكثيرها القليل فلم تنالوا قليلاً أو كثيراً. مستكم البأساء والضراء فلم تتفكروا في أنفسكم ولم تتضرعوا. وفقدتم كل ما لافي أيديكم وأصبحتم لا حول لكم ولا قوة فلم تتورعوا. ولم تدركوا إذ ذاك أن القوة لله جميعاً وأن الله شديد العقاب. مسكم بعض من سيئات ما كسبتم ولولا فضل الله عليكم ورحمته وأن الله تواب رحيم لذقتم أضعاف ما تذوقون. هذا فرعون قد علا في الأرض وأظهر في الأرض الفساد. وها هو يذبح أبناءكم ويستحي نساءكم وفي ذلكم بلاء من ربكم مبين. فلم تلجئوا إلى الطور المرفوع فوقكم وأوتيتم إلى جبال لتعصمكم من الماء ولا عاصم اليوم من أمر الله فأصبحتم من المغرقين. فأنيبوا إلى الله ثم توبوا إليه يمن الله عليكم ويجعلكم أئمة ويجعلكم الوارثين. ويري فرعون وهامان وجنودهما منكم ما كانوا يحذرون. ويورثكم أرضهم وديرهم وأرضاً لم تطئوها وكذلك قضى ربك أن الأرض لله يرثها عباده الصالحون. فأنيبوا إلى الله كي يتحقق الوعد ويخزي الله أعدائكم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين. وما النصر إلا من عند الله فلا تحسبوا أنكم من دونه تنصرون. ومن ظن غير ذلك فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ. فاستدركوا رحمكم الله عسى أن يستخلفكم في الأرض ويهلك عدوكم ويرفعكم إليه وتكونوا من عباده الصالحين.

ها قد أوشك شهر الصيام على القدوم فهل صمتم قبل أن تصوموا يا معشر المستمتعين بخلاقهم و ما لهم في الآخرة من خلاق.. أعني وهل طهرتم بطونكم من أكل أموال الناس بالباطل ومن أكل أموال اليتامى ظلماً. هل صمتم عن أكل لحم إخوتكم أمواتاً وهم غافلون. هل ذقتم الجوع يامن ظننتم أنكم لا تجوعون. هل أمنتم مكر الله وظننتم أنكم في نعيم مقيم. هل غدوتم أحرص الناس على حياة ولم تحرصوا على الموت لتوهب لكم الحياة. ألا تحبون أن يغفر الله لكم وينصركم نصراً مبيناً في هذا الشهر كما كان في عهد آبائكم الأولين المؤمنين. هل جاوز الصيام فيكم ما هو فوق الجوع والعطش. فرب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش. فاستدركوا رحمكم الله وكونوا كما ينبغي لكم خير أمة أخرجت للناس وليس قطيعاً من المستهلكين الذين يأكلون ويتمتعون كالأنعام وهم عما ينبغي لهم غافلون.

ها قد أوشك شهر القيام على القدوم. فهل قمتم الليل تذكرون الله وتسبحون بحمده أم سهرتم ونهشت جوارحكم مالا ينبغي لكم ثم نمتم عن الصلاة وعن الذكر فقست قلوبكم. قوموا كي تناموا ملء عيونكم وصلوا قبل أن يُصلى عليكم وتنقطع أعمالكم. فاستدركوا رحمكم الله فإن ناشئة الليل هي أشد وطأً وأقوم قيلاً.

ها هو الشهر الفضيل يهل فهل حطمتم رجس أوثانكم. وهل كنتم قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم. وهل كان الله ورسوله أحب إليكم من أنفسكم ومما سواهما. هل دمغ الحق الباطل فيكم فأزهقه أم زهقت نفوسكم. هل ما زال للباطل في صدوركم منزلٌ.  هل رضيتم بغير الله رباً وإن أنكرت ذلك ألسنتكم. ألا فاعلموا أن أصدق الصدق ما كان في الجنان وصدقه اللسان. فمن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله على في قلبه وهو ألد الخصام. وإذا تولى سعى في الأرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد. وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد. فاستقيموا على الطريقة تسقون ماءً غدقاً. ويحل رمضان عليكم برداً وسلاماً. ويحل مكرماً فيكرمكم ويزودكم بمؤونة العام حتى يعود. تعطشون فيه فيسقيكم ماءً قراحاً وتجوعون فيطعمكم طعاماً لذيذاً غير ذي غصة. وتتنزل البركات من السماء والأرض وتشهدوا فيه الخير العميم من ربكم الرحمن الرحيم. أعاده الله على الأمة باليمن والبركات وبالصلاح والنصر المبين والحمد لله رب العالمين.

Share via
تابعونا على الفايس بوك