لا يحرم أحد من أن يدعي مسلما
التاريخ: 1985-04-19

لا يحرم أحد من أن يدعي مسلما

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

حضرة مرزا طاهر أحمد (رحمه الله)

الخليفة الرابع للمسيح الموعود (عليه السلام)

خطبة الجمعة الرابعة عشرة من مجموع ثماني عشرة رد فيها حضرة ميرزا طاهر أحمد أيده الله على تهم باطلة ألصقتها حكومة باكستان بجماعتنا ونشرتها في كتيب تحت عنوان ” القاديانية خطر رهيب على الإسلام” أثناء حملتها الشرسة ودعايتها الكاذبة ضد جماعتنا ومؤسسها

مسجد الفضل، لندن بتاريخ 19 أبريل 1985

(القسط الأول )

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. (بِسْمِ اللَّـهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ*إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ *صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ ) آمين

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ * قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَـكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُوا اللَّـهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّـهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أُولَـئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ )(الحجرات:14-17)

لا زال المصطلح:” الكفر دون الكفر والإيمان دون الإيمان” سائدا منذ فجر الإسلام، والمراد منه أنه من الممكن أن يُدعى أحد مسلما بناء على الفتوى الظاهرية أو بسبب إعلانه عن نفسه، وقد توجد فيه بعض من دواعي الكفر أو أمور تعارض معتقدات الإسلام الأساسية، أو قد تحتوي أعماله على نوع من الفسق مما يبيح إطلاق حكم الكفر عليه عند الله. ولكن فيما يتعلق بالملة الإسلامية فلا ولن يزال مثل هذا الشخص يعتبر مسلما. إن هذا البحث مبني على مختلف الأحاديث النبوية بالإضافة إلى الآيات القرآنية التي قرأتها في مستهل خطبتي حيث يخبر الله نبيه عن إعلان الأعراب عن إيمانهم ويقول:

(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)

لا يحرم أحد من أن يُدعى مسلما

لا شك في أن جميع الآيات تلوتها في مستهل الخطبة تتعلق بهذا الموضوع غير أن الآية التي لها علاقة مباشرة بالموضوع هي:

(قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا ۖ قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ ۖ )

لم يعط الله أحدا حقا ليفتي بعدم وجود الإيمان في قلب أحد غير أن الله أخبر نبيه وحده وخوَّله أن يقول لهم:

(لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَٰكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)

أي إنني أسمح لك يا محمد دون غيرك أن تقول لهم إنكم لستم مؤمنين. ومن المعلوم أن ضدُ المؤمن هو الكافر، وضد المسلم هو غير المسلم. فقد ميّز الله بين هذين المصطلحين هنا إذ قال:

( وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ)

فلا تدّعوا بكونكم مؤمنين ولكن رغم ذلك لا نحرمكم من أن تسموا أنفسكم مسلمين فقال قُولُوا أَسْلَمْنَا وذلك رغم عدم دخول الإيمان في قلوبهم.

تعريف المؤمن الحقيقي

أما فيما يتعلق بصدور الفتوى الصائبة فليكن معلوما أنه لا خوف على هذا الشخص لأنه إذا كان يطيع الله ورسوله فيقول الله تعالى عن مثل هذا الشخص:

(إِن تُطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَا يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئًا ۚ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )

من الواضح أنه يضيع أعمال شخص مخلص بناء على فتوى الآخرين الخاطئة. فالآيات المذكورة أعلاه تضم إعلانا عن التصرفات السلبية لبعض الناس. ثم ورد بعدها إعلان إيجابي أيضا متضمنا تعريف المؤمنين إذ قال الله تعالى

(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ أُولَٰئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ )

فمن منطلق هذه التعريف للمؤمن نجد أنه لا يأتي في حياته الفردية ولا الاجتماعية وقت حين لا يكون المؤمن مشغولا في الجهاد بنفسه وبماله. فقال إن هؤلاء الناس هم الصادقون ويستحقون أن يسموا صادقين لأنه فيهم توجد علامات الإيمان التي أثبتوها بأعمالهم.

سؤال من حكومة باكستان

فكل الأمور التي ذكرت في الآية الآنفة الذكر أخبر بها اللهُ بنفسه نبيَّه الأكرم . بالرغم من أنهم كانوا قد مُنعوا من أن يسموا أنفسهم مؤمنين لأنهم ليسوا. بمؤمنين عند الله، ولكن سُمح لهم أن يسموا أنفسهم مسلمين. وبذلك قد سُمح لكلّ شخص أن يُدعى مسلما ولا تستطيع قوة من قوى الدنيا أن تسلب منه هذا الحق. من المعلوم أنه لا يمكن أن يظهر للعيان كفرُ أحدٍ بصورة أجلى وأوضح من أن يخبر اللهُ عالمُ الغيب والشهادة بذلك نبيّه أصدق الصادقين . ومع ذلك يأمر الله اللهُ نبيه ألا يسميهم “غير المسلمين”. وبالتالي لا نجد في حياته الطيبة أي حادث حيث قال لهؤلاء الأعراب_ الذين أخبره الله عنهم أن قلوبهم فارغة من الإيمان _ إنهم ليسوا مسلمين. والأغرب من ذلك أنه لو أعلن هؤلاء الأعراب إيمانهم بعد ما مُنعوا من ذلك لأدى إعلانهم هذا _ حسب رؤية المشائخ المعاصرين على الإسلام_ إلى إعلان الجهادُ ضدهم على الفور. ولو كان هذا الموقف للعلماء المعاصرين صائبا لكان النبي قد اختاره دون غيره، ولكن التاريخ يشهد بوضوح أن الذين قيل لهم: (ولما يدخل الإيمان في قلوبكم)

أنهم سّمَوا واعتَبَروا أنفسهم مؤمنين دائما ولم يحرمهم النبي من ذلك قهرا، رغم قول الله المشار إليه آنفا.

هذه هي عظمة الإسلام وعظمة محمد المصطفى . ولكن جاء فيما بعد هؤلاء الذين شوهوا صورة هذا الدين العظيم. ولسوف أذكر حكاية تشويههم صورة الإسلام وكيفيتها في حينها ولكنني في الوقت الحالي سوف أتناول ذكر تصرفات حكومة الباكستان نستنكرها من منطلق العقل والمنطق ونقول: إن تصرفاتها المعادية لجماعتنا في القرآن الكريم وتعارض قول النبي  وسنته الطاهرة وذلك لأن الحكومة تحرمنا من خلال تصرفاتها الغاشمة من حقوقنا الأساسية التي يأمر الله الحكيم الخبير نبيه الأكرم ألا يُحرَم منها أحد. لذا لدينا الحق أن نسأل الحكومة الباكستانية: ما ذا يبرر جسارتها على هذه التصرفات الشائنة؟

عذر واهٍ

الأعذار الواهية التي تُختلَق تبريراً للتصرفات الغاشمة والمضطهدة والبالغة العداوة ضد الأحمدية، قد ذُكرتْ في ” البيان الأبيض” المزعوم تحت عنوان: “مضمرات الدين الجديد” وحاول الكتّاب أن يثبتوا في هذا الفصل: بما أن الأحمدية تكفّر المسلمين الآخرين علنا لذا من مقتضى العقل والمنطق أن نكفّرها نحن أيضا وهذا ما فعلناه، فعلى ماذا يعترض الأحمديون؟ هذا موقف يقدمونه أمام العالم الخارجي الذي ليس لديه إلمام بهذه المسائل الدقيقة. ثم يقولون، هل من موقف أكثر معقولية من هذا الذي نعتنقه نحن؟ إن الأحمديين يكفروننا وهذا وارد في كتبهم بأن الذين لا يعتقدون بمعتقدات الأحمدية يكفروننا وهذا وارد في كتبهم بأن الذين لا يعتقدون بمعتقدات الأحمدية هم كفار. وعندما نكفرهم نحن مقابل ذلك يثيرون ضجة ويشوهون سمعتنا في العالم كله، مع أن الذي نقوم به نحن إنه المقتضى الطبيعي لإعلانهم السالف الذكر بحيث لا يبقى لدينا خيار سواه.

التبرير الثاني الذي قُدّم بهذا الخصوص هو قولهم: إن الأحمديين لم يكفّرونا فحسب بل قطعوا مع الأمة المسلمة على أرض الواقع جميع العلاقات التي بناء عليها تستحق الأمة أن تُدعى أمة واحدة. فحين ابتعد عنا الأحمديون بأنفسهم قاطعين علاقاتهم الحضارية والدينية واعتبرنا تصرفهم هذا انفصالا عن السواد الأعظم، اغتاظوا وقالوا: لماذا تبعدوننا عنكم! الآن وقد قطع الأحمديون أنفسهم علاقاتهم بنا في كل مجال، أفلا يحق لنا أن نقول إنهم قد انفصلوا عنا؟ إننا لم نرتكب أي خطأ بهذا الشأن.

هذا الكلام المعسول والموقف المنمق يبدو في منتهى البساطة والبراءة ولكن حينما نستعرض الموضوع بدقة يتبين الأمر بوضوح أكثر ويظهر الوضع على عكس ذلك تماما.

حقيقة فتوى الأحمدية

أولا من الخطأ البشع والاتهام الباطل القول إن الأحمدية بدأت بإصدار فتاوى التكفير قبل غيرها. هذا الاعتراض كان قد أثير في زمن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود فردَّ حضرته عليه قائلا:

“هل لأحد من المشائخ أو المعاندين أو المتصوفة أن يثبت أننا كفّرناهم قبل(تكفيرهم إيانا)؟ وإذا كنا قد نشرنا ورقة أو إعلانا في هذا الصدد حيث كفّرنا المسلمين المعاندين قبل إصدارهم فتوى التكفير ضدنا فليقدموها وإلا يجب أن يتفكروا في أنفسهم كم هي كبيرة هذه الخيانة إذ يكفروننا ثم يتهموننا وكأننا نكفّر المسلمين”.(حقيقة الوحي، ص 120، الخزائن الروحانية،ج 22)

لا يحق لأحد أن يكفر الآخرين

أود أن أوضح بالمناسبة بأنه لم يُعطَ أحدٌ حقا لاعتبار الآخرين غير مسلمين حسب منطوق الآية التي قرأتها في مستهلّ الخطبة بل يسمح الله لكلِّ من يُعلن إسلامه أن يُسمي نفسه مسلماً، مهما كانت حالته الدينية منحطَّة، حتى لو لم تكن في قلبه شائبةٌ من الإيمان. ولكن الله خوَّل من يخبره بنفسه عن حالة الناس القلبية أو الذين لديهم برهانٌ قاطع أن يكفر أحدا. من الواضح أن هناك فرقاً كبيراً بين الأمرين. فعندما قال الله عن الأعراب مخاطباً نبيّه : قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا (أي لستم بمؤمنين فلا تسمُّوا أنفسكم مؤمنين) ألم يكن ذلك تكفير النبيّ إياهم؟ فقد أعطى الله نبيَّه حقاً للتكفير ولكن على أساسٍ خبيرٍ وصادق من عنده ، وبناءً على برهانٍ قوي. ولم يسمح لغيره أن يعبث بهذا الحق كيفما يشاء.

فحين كفّر سيدُنا الإمام المهدي والمسيح الموعود المعاندين كان فعله هذا مبنياً على تعليم القرآن الكريم وهَديِ النبيّ . وعندما أعاد حضرته تقديم جميع البراهين وتوضيحا التي تهيء أساساً لتكفير أحد في ضوء القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة. فقدَّم حضرته الحديث النبوي الشريف وعليه تبنَّى موقفه بهذا الخصوص. فقد جاء في الحديث الشريف:

“أَيُّمَا رَجلٌ مُسلِمٌ كَفَّرَ رَجُلاً مُسلِماً فإِنْ كانَ كَافِراً وإلا كانَ هوَ الكَافِر”. (أبو داود كتاب السنّة)

هناك أقوال كثيرة جداً لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود تبرهن بجلاء على أنّ حضرته بذل قُصارى جهده ليفهم المعاندون حقيقة الأمر بالتفصيل وحذَّرهم من تصرُّفاتهم هذه وإلا فلن يبقى لديه خيارٌ إلا أن يعتبرهم بما هو منطوق الحديث الشريف. وقال لهم مراراً وتكراراً إننا قد أتممنا عليكم الحجة لذا يجب أن تكفُّوا عن هذه التصرُّفات وإلا سيعود تكفيركم هذا على أنفسكم فلن يبقى لدينا خيار إلا أن نعتبركم كفاراً لأنّ هذا ما يأمرنا به الرسول ، والمؤمن لا يستطيع أن ينحرف عن أمر الرسول قيدَ شعرة.

المشائخ بدؤوا بالتكفير

أما فيما يتعلق بإصدار سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود  فتوى التكفير فتمتاز هذه الفتوى عن غيرها لا لصدورها بعد فتاوى المشائخ بتكفير سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود  وجماعته فقط بل أيضاً لكونها الأكثر ليونةً وأدباً أيضاً. وبالإضافة إلى ذلك فقد حاول حضرته الشرح للمعاندين حقيقة الأمر بالبراهين مراراً فقال: إن تكفيركم سيعود عليكم بسبب تكفيركم المسلمين.

فَمَن الذي بدأ التكفير قبل غيره؟ هذا موضوع يتناساه بعض معاندينا قصداً منهم أو ينساه بعض الآخرين دون قصدٍ منهم أو جهلاً منهم بالحقيقة. وهذا الموضوع قد اتّخذ صورةٍ بشعة ومُريعة لدرجة أنه لا يمكن تقديمه أمامكم بكامله لذا فقد اقتبستُ بعض المقتطفات بهذا الخصوص.

أولاً أود أن أشرح الموضوع في ضوء كلمات سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود  لتعرفوا كيف عامله المشائخ بهذا الشأن. يقول حضرته :

“عندما تجاسَرَ المولوي محمد حسين البطالوي مُتشدِّقاً وسمَّاني دجّالاً وأملى فتوى التكفير ضدي – وجعل مئات المشائخ من الفنجاب والهند يشتمونني، واعتبروني أسوأ من اليهود والنصارى – وسمَّاني كذّاباً ودجّالاً، مفترياً، مخادعاً، مراوغاً، فاسقاً، فاجراً وخائِناً، عندها ألقى الله تعالى في روعي أن أُدافع عن تلك الكتابات بنيّةٍ صالحة. لست عدوّاً لأحد من جرَّاءِ الثوائِر النفسانية، بل أودُّ أنْ أُحسِنَ إلى الجميع، ولكن ماذا أفعل إذا تجاوز أحدٌ الحدود كلَّها؟ وإنِّي لأرجو العدلَ من الله . إنّ هؤلاء المشائخ آذونِي وجعلوني عُرضةً للاستهزاء والسُّخرية في كُلِّ أمر. فماذا عسى أن أقولَ إلا يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِم مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون (تتمة حقيقة الوحي، ص21، الخزائن الروحانية ج 22 ص453)

فتاوى التكفير ضد الأحمدية

هذا هو الموقف الواضح لسيدنا أحمد . أما فيما يتعلّق بفتاوى المعاندين التي ذكرها سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود بالإيجاز فسوف أُقدِّمُ بعضاً منها على سبيل المثال، وسأذكر أولاً فتوى المولوي عبد الصمد الغَزنوي إذ قال عن سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود:

“هو مُضِلٌّ، مرتدٌّ مُتستِّرٌ، بل هو أضلُّ من شيطانِه الذي يَعبثُ به، ولو مات على اعتقاده هذا لكان من مُقتضى الواجب ألا تُصلَّى عليه صلاةُ الجنازة. ولا يُدفن في مقابر المسلمين حتى لا يتأذّى منه أهل القبور”. (إشاعة السنّة ج13، رقم7، فتوى 1890م، ص101)

كذلك قال ميانْ نذير حسن المسمَّى بــ شيخ الكل في فتواه عن حضرته :

“… إنه خارجٌ عن أهل السنّة، مسلكه مسلك الملاحِدة الباطنيَّة وأهل الضلال، فبناءً على ادِّعائِه وإشاعتِه الأكاذيب، ومسلكِه الملحِد يمكن تسميتُه دجَّالاً من الدجَّالين الثلاثين الوارد خبرهم في الحديث. أتباعه ونُدماؤهم ذُريَّةُ الدجَّال. إنه مُفترٍ على الله، تأويلاته إلحادٌ وتحريف، يستخدم الكذب والتدليس. دجَّال، جاهل، غبيٌّ، أهلُ البِدعَةِ والضلال. كل ما قلناه رداً على سؤال السائِل، وما أصدرناه من الفتوى بحقِّ القادياني هو صحيح… والآن يجب على المسلمين أن يتجنَّبوا هذا الكاذب الدجَّال ولا يتعاملوا معه معاملاتٍ دينيّة تكون بين أهل الإسلام، وألا يُنشِئوا علاقات الحبِّ معه، ولا يبدؤوا بالسلام عليه، ولا يَدْعُوهُ في مأدُبةٍ مسنونة ولا يقبلوا دعوته، ولا يقتدوا به ولا يصلُّوا عليه صلاةَ الجنازة…” (إشاعة السنّة النبويّة، ج13، رقم 7 ص40-41، 85، عام 1890م)

كذلك أصدر القاضي عبيد الله المدراسي عام 1893م فتواه ضدَّ سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ، وأسسها على فكرة أن الذي لا يعتقد بصعود سيدنا عيسى إلى السماء بجسده العنصري ثم نزوله من السماء كذلك فهو كافر. فقال في فتواه.

فَمَن الذي بدأ التكفير قبل غيره؟ هذا موضوع يتناساه بعض معاندينا قصداً منهم أو ينساه بعض الآخرين دون قصدٍ منهم أو جهلاً منهم بالحقيقة. وهذا الموضوع قد اتّخذ صورةٍ بشعة ومُريعة لدرجة أنه لا يمكن تقديمه أمامكم بكامله لذا فقد اقتبستُ بعض المقتطفات بهذا الخصوص.

“إنّه مرتدٌّ حسب الشرع الشريف، وزنديق وكافر وأحدُّ الدجَّالين الثلاثين حسب نبوءة نبيِّنا الأكرم . والذي يتبعه فهو كافرٌ ومرتدٌّ أيضاً. ونِكاحُ المرتدّ يُفسخُ شرعاً، تُحرَّمُ عليه امرأته، وإذا جامعَ امرأته فقد زنا، وأولاده في هذه الحالة يكونون أولاد الزِنا. ولو مات المرتدّ بغير توبةٍ فلا تُصلُّوا عليه صلاة الجنازة ولا تدفنوه في مقابر المسلمين بل ارموا به في حفرةٍ مثل الكلاب دون الغسلِ والتكفين”. (الفتوى في تكفير من أنكر صعود عيسى الجسدي ونزوله، الطبعة الأولى ص66-67 عام 1311هــــــ، الطبعة المحمدية مدراس بالهند)

محاولتهم إجبار الأحمدية على الانفصال

لاحِظوا اللغة المستخدمة في فتاوي المشائخ المتعصبين، وهذه بضعةُ نماذج من الفتاوى الكثيرة المنشورة في أنحاء البلد على نِطاق واسعٍ جداً، ثم عمِلوا بحسبها على صعيد الواقع لأنها لم تقتصر على الكتب فقط بل نُشِرت على مستوى البلد وأُجبِرَ عامّة الناس على تطبيقها، فثاروا ضدَّ الأحمدية لدرجة قال المولوي (الشيخ) عبد الأحد الخانبوري:

“عندما أُهينَت الطائفة المرزائيّة (يقصد بها الأحمدية) في مدينة أمرتسار، وطُرِدوا من الجمعة والجماعة، وأُخرِجوا بالإهانة المتناهية من المسجد الذي كانوا يجتمعون فيه للصلوات، كما مُنِعوا قسراً من حديقة “القيصري” حيث كانوا يصلُّون الجمعة، عندها طلبوا مضطرين اضطراراً شديداً الإذن من الميرزا القادياني لبناء مسجد جديد”. (إظهار مخادعة المسيلمة القادياني، رداً على إعلان مصالحة البولوس الثاني، الملقب بـــــكشف الغطاء عن أبصار أهل العَمَى عام 1901م)

إذن هذه هي الظروف التي أدَّت إلى الانفصال. أما اليوم فلا يملُّ المشائخ المتعصِّبون من القول بأنّ الجماعة الأحمدية بدأت بفتاوى التكفير ثم انفصلت عن السواد الأعظم. إنهم يُخفونَ الحقائق المذكورة أعلاه عن عامَّة المسلمين. هذه هي سيرتهم، وهذا تاريخهم الذي يُبرهن عن كيفية إجبارهم الأحمدية على الانفصال.

لاحِظوا فتوى سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ثم قارِنوها باللغة المستخدمة في فتاواهم. لكلِّ شيء حدود، ومن مقتضى الأدب أن يتقيَّد بها الإنسان. ومن المرجوّ أن يبقى في الإنسان شيءٌ من اللباقة ولكن المشائخ هؤلاء يكذبون ويفترون في فتاواهم ويتفنَّنون في كذبهم وافترائِهم لدرجةٍ تقشّعِرُّ لها القلوب وترتعدُ منها الجلود. إنّهم يُحرِّضون عامّة الناس ويُثيرونهم ضدَّ الأحمدية بالأكاذيب. أما الدواعي الحقيقةُ التي تُهيجُ الثوائِرَ فيخفونها منهم. لقد قرأتم في فتوى المشائخ السالفة الذكر أن الأحمديين منعهم المشائخ قسراً من المسجد الذي كانوا يصلُّون فيه فاضطروا للاستئذان لبناء مسجدٍ جديد، واليوم يعترض المشائخ أنفسهم على الأحمديين لبنائِهم المساجد على حِدة. يا لَلحياء!!

وتمضي الفتوى وتقول:

“… عندها قال الميرزا لأتباعه: اصبروا إنني سأحاول الصُلحَ معهم فإذا تمَّ الصلحُ فلا حاجة لبناء المسجد”.

لاحِظوا مدى التحمُّل والصبر العظيم لسيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود إذ يقول في هذه الظروف القاسية بأنني سأحاول الصلح وإذا تمَّ الصُلح فلا حاجة لبناء مسجدٍ على حِدة.

وتمضي الفتوى تقول:

“… إنهم (الأحمديون) وواجهوا أنواعاً كثيرة من الإهانة، وانقطع التعامل والعِشرة مع المسلمين و أُعيدت النساء المنكوحات والمخطوبات إلى أهلِهنَّ بسبب الميرزائيَّة (يقصد بها الأحمدية). ورُمِيَ بموتاهم في الحُفَر دون الغسلِ والكفن والصلاةِ عليهم، وهكذا دواليك… عندها قام الميرزا بهذا الإعلان للصُلح”. (إظهار مخادعة المسيلمة القادياني رداً على إعلان الصُلح للبولوس الثاني، الملقب بـــــ “كشف الغطاء عن أبصار أهل العَمَى” عام 1901م مطابق 1319 هــ)

(تُتبع)

Share via
تابعونا على الفايس بوك