آيات وخوارق شاهدها صحابة الإمام المهدي عليه السلام

خلاصة خطاب ألقاه حضرة أمير المؤمنين مرز طار أحمد نصره الله الخليفة

الرابع للمسيح الموعود والإمام المهدي في المؤتمر السنوي المنعقد بألمانيا في

25 إلى 27 أغسطس عام 2001م

أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. أما بعد فأعوذ بالله من الشيطان الرجيم. بسْمِ الله الرَّحْمَن الرَّحيم * الْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمينَ * الرَّحْمَن الرَّحيم * مَالك يَوْم الدِّين * إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإيَّاكَ نَسْتَعينُ * اهْدنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقيمَ * صِرَاط الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْر الْمَغْضُوب عَلَيْهمْ وَلا الضَّالِّينَ (آمين)

«تنشر أسرة التقوى هذه الترجمة على مسؤوليتها»

موضوع خطابي هو سيرة المسيح الموعود على ضوء ما ورد في سِجلّ روايات صحابته … فاستمِعوا له بانتباه وهدوء، ولاحِظوا بأي نظرة رأى الصحابةُ المسيحَ الموعود ومعجزاتِه، ومتى وكيف وُفِّقوا للبيعة؟ إنه موضوعٌ ممتعٌ ولطيفٌ جداً، وأتوقع أنكم ستُصغون إليه بآذان صاغية.

رواية حضرة بير افتخار أحمد

يقول حضرته: لقد تناهى إلى والدي خبر إعلان المسيح الموعود عن دعواه لدى صدور ثلاثة أجزاء من كتاب «براهين أحمدية» انضم والدي مع أهله ومريديه إلى جماعته . ويوم ذاك كان قد أعلن بأنه مجدد. وبعد المبايعة بدأ والدي يقوم بالتبليغ بكل نشاط وسط أصدقائه ومعارفه وحتى الأجانب، وشَر بهذا الصدد إعلاناً طويلاً، كما حثَّ مريديه على الإسهام في تقديم الخدمة المالية له . وكان شغله الشاغل في الأيام الأخيرة من حياته هو الكتابة والنشر عن صدق الجماعة وتقديم التبرّعات قدر المستطاع.

الزيارة الأولى

لقد سِعدنا أنا ووالدي وأخي منظور محمد بأولى زيارة لحضرته في مدينة لُدهيانه حين شرّفها بمجيئه إليها عام 1884م. لقد ذهبنا مع الإخوة إلى محطة القطار لاستقبال حضرته، وزُرته هناك للمرة الأولى. كان والدي المحترم قد قال لنا مسبقاً: إنه سيعرف حضرته دون أن يخبره أحد، وهكذا حصل فعلاً حيث قال: إن من نزل الآن من القطار هو هو.

هنا قال أمير المؤمنين نصره الله: لعلّكم تستغربون اليوم هذا القولَ، لكن سببه هو أنَّ صحابة المسيح الموعود هم الآخرون كانوا يلبسون العمائم وكانوا ملتحين مثله، لذل فكان من الصعب تمييز المسيح الموعود مِن بينهم، بالإضافة إلى ذلك كان متواضعاً لدرجة يختلط ويتباسط مع الجميع، لكن والد الراوي تمكّن من معرفته بسبب نور الفراسة التي وهبه الله إياها.

يتابع حضرة بير افتخار أحمد رضي الله عنه روايته فيقول: أقام حضرت في «لُدهيانه» ثلاثة أيام حيث ظلَّ أهل البلد يتوافدون عليه بانتظام. فكان يُلقي عليهم المواعظ والنصائح. يحضرني الآن ملخص أحد خُطَبه وهو أنَّ الإيمان واليقين لا يُجديان نفعاً إلا ما دام هناك شيء من الخفاء أيضاً، أما إذا تبيّن الأمر وتوضّح وضوح الشمس في منتصف النهار فلا يترتب على الإيمان عندئذٍ أي ثواب. فالوقت الحقيقي للإيمان الموجب للثواب هو أن يؤمن المرء وما زال شيءٌ من الغيب باقياً لقوله تعالى .. يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ .

النُصرة الإلهية

في إحدى المآدب سأله أحد الحاضرين: إنك تتنبأ والمنجّمون والعرَّافون أيضاً يتنبأون، فكيف نتبيّن الصدق؟ فردَّ عليه قائلاً: لا تكون النصرة الإلهية مع المنجّمين، أما الأنبياء والمبعوثون من عنده عزّ وجل فالنصر والفلاح يكونان حليفهم بحيث يتعاظم أمرهم ويعلو شأنهم وتزدهر جماعتهم.

الدعاء

يتابع بير افتخار أحمد المحترم قائلاً: نوى والدي الحج واستأذن المسيحَ الموعود عن طريق الرسالة، فأذِن له حضرته وأرفق الإذنَ دعاءً طلب منه أن يقرأه هناك نيابةً عنه. اصطحبني والدي في سفره للحج وبرفقته قرابة 20 مريداً له من بينهم القاضي عبد المجيد مبلغ إيران والأستاذ محمد حنيف خان المحترم والقاضي زين العابدين السرهندي. ولا يزال ذاك المشهد ماثلاً أمام عينيّ حين قام والدي في 9 ذي الحجّة عام 1302 هـــــ في ميدان عرفات ممسكا بيده دعاء المسيح الموعود وقمنا نحن الخدّام جميعاً وراءه، فقال والدي: أنا أقرأ دعاء حضرته جهراً فقولوا أنتم جميعاً آمين، فقرأ ذلك الدعاء وقلنا آمين.

رواية حضرة عبد الستار

لما شيّد المسجدَ المبارك الصغير كان يصلي فيه إماماً، وهذا قبل أن يعلن عن دعواه. وكنا الثلاثة السيد غلّاب والسيد جان محمد وأنا نصلي خلفه. كان يصلّي كل صلاة ببالغ الخشوع والتواضع والضراعة وكأنَّ طفلاً يقدِّم طلبه أمام والديه باكياً. وكان لمثل هذه الصلاة تأثير كبير في قلوبنا. وهذا أول درس تلقّيناه. ولما كان يجلس بعد الفراغ من الصلاة كنا ننظر إلى وجهه النورانيّ الذي كان يستهوي قلوبَنا، وكنا على حقّ اليقين بأنَّ هذا الوجه ليس كاذباً، لذا فقد نصحني والدي المحترم عبد الله الكشميري البالغ من العمر يومذاك 80 عاماً قائلاً: يا بُنيّ، … إذا قام الميرزا المحترم بدعوى فصدِّقْه فوراً وبايِعْهُ ولا ترفُضْه ولا تُعارِضْه.

ويوم أعلن حضرته بأنّه الإمام المهدي كان والدي لا يزال على قيد الحياة فبايَعَه هو أولاً وبايعناه نحن أيضاً معه.

رؤية مباركة

قلتُ لوالدي: نعرف مسألة حياة المسيح الناصري، أما مسألة وفاته فلا، فاشرح لنا هذه المسألة. فذكر لنا رؤيا له قائلاً: رأيتُ خيمتين منصوبتين؛ خيمةٌ للنبي الكريم وأخرى للمسيح الموعود ، دخلت خيمة النبي وسألته عن رأيه في الرجل الذي ادَّعى أنه المسيح الموعود، فقال: «إنه ذو كفاءة عالية. إنه ذو كفاءة عالية. إنه ذو كفاءة عالية.» لقد قال هذا ثلاث مرات مشيراً بإصبعه. وبعد سماع هذه الشهادة الواضحة أيقن قلبي أنَّ سيدنا المسيح الموعود صادقٌ في دعواه، ومن ثَمَّ لسنا بحاجة إلى الخوض في مسألة حياة المسيح ووفاته. فآمنا وصدَّقنا ودخلنا في البيعة.

والشهادة الثانية هي أنني قابلت أستاذي السابق كرم شاه ميان البالغ من العمر 85 عاماً تقريباً والساكن في بلدة «ليل»، فأخبرني قائلاً: لقد قابلت الميرزا المحترم. إنّه رجلٌ صالح وورعٌ ووليٌّ كامل وصاحب البراهين الكاملة. وقلّما تجد من ينافسه في البراهين. مرةً جاء شخص من قرية «سوهل» يُدعى «الله دته الخياط» من أجل النقاش مع سيدنا المسيح الموعود ، وبعد كلامٍ قصير قال له حضرته: إنّك طفلٌ وغير عالم. عليك أن تتعلّم أولاً، فما زلتَ غير مؤهّلٍ للنقاش. تأهَّلْ أولاً ثم ناقِشْ.

ثم ذات يوم خرج للنزهة مع عددٍ من الناس أنا منهم، فقال حضرته: أين سيكون «الله دته» هذا عندما تكتمل المنارة.

قال أمير المؤمنين: لقد تنبّأ هنا أنَّ هذا الشخص «الله دته» سيموت قبل اكتمال بناء منارة المسيح. ولقد حصل هكذا فعلاً حيث يقول الراوي: مات «الله دته» قبل أن تكتمل المنارة.

قال أمير المؤمنين نصره الله: يتبيّن من هذه الرواية أنَّ وحياً خفياً كان أيضاً ينزل على المسيح الموعود بانتظام، أي كان الله يُجري على لسانه شيئاً، ثم يتحقّق كما قال بعينه.

حبُّ القرآن

يقول حضرة عبد الستّار المحترم: خرج ذات يومٍ للنزهة وكنت أرافقه مع ضيفٍ آخر صغير السن. فقال المولوي نورالدين رضي الله عنه: هذا الصبي يجيد تلاوة القرآن، فجلس حضرته هناك على المرج كالأطفال وسمع من الطفل القرآن. لقد قرأ عليه سورة الدهر، فقال له بكل لطفٍ وحنان: «أحسنت».

وفي أثناء النزهة نفسها قال حضرته: لقد رأيتُ الله متمثّلاً في الشكل الإنساني فقال الله تعالى لي واضعاً يده على رقبتي: «لو كنتَ لي لكان العالَمُ كله لك».

يتابع حضرة عبد الستار المحترم قائلاً: ذات مساء كان المسيح الموعود جالساً في المسجد المبارك بعد صلاة المغرب، فقال له أحدهم: إنَّ الناس يجتمعون حولك، أمامك وخلفك وعن يمينك وعن يسارك، ولا يهابونك. فردّاً على ذلك قصَّ قصة مسافر كان يسير في طريقٍ جبلي. قضى هذا المسافر ليلته في مغارةٍ، فلما أضاء له النهار رأى أسداً ينام قريباً منه. فلو أنّه عرف بأنَّ أسداً ينام هناك لما نام هناك أبداً، كذلك إذا كنتُ مُرعباً لما جالسني أحد.

قال أمير المؤمنين: أي لم يكن يُظهر جلاله، بل كان أكثر ما يظهر منه هو جماله.

أثر الرائحة الروحية

جلس بعد صلاة العصر فقال له أحدهم: قليلون جداً هم الذين بايعوك من قاديان بالذات ومن محافظة غورداسبور، فما هو السبب في ذلك؟ فأجاب بذكر مثال تاجر خرج للتجارة فقال له صديقه: أنت ذاهبٌ إلى مدينةٍ حيث يُباع زيتٌ ممتاز شهير برائحته الطيبة، فأحضِرْ لي زجاجً مه. فلما فرغ ذاك التاجر من بيع البضاعة وشرائها توجّه إلى المحل المشهور لبيع الزيت الطيّب الرائحة وقال لصاحب المحل: أريد زجاجة زيت من نوعٍ فاخر. فأعطاه ذلك، فلما أراد التاجر أن يشمَّ رائحته قال له صاحب المحل: لن تجد له رائحة وأنت داخل المحل، لكنك لو شممته بعيداً من هنا فسوف تُدركها.

قال : إنَّ هؤلاء القريبين مني يجدون رائحتي خفيفة، بينما يجدها البعيدون قويةً زكيّة.

رواية محمد رحيم الدين الأحمدي

بايعتُ المسيحَ الموعود عن طريق الرسالة في 1894م، فكتب ردَّاً على رسالتي: قد قُبِلت بيعتك، فداوِمْ على الاستغفار والصلاة على النبي .

الطاعون، الآية الإلهية

يقول الصحابي حضرة غلام أحمد الأحمدي رضي الله عنه: أصدر الآرية (الهندوس) جريدةً في قاديان. فلما تجاوزت جريدتهم كل حدود البذاءة والإساءة (إلى الإسلام) نزل بهم عذاب الله، وتفصيل ذلك كالآتي: اتخذ «البانديت سومراج» مديرُ الجريدة ورئيس تحريرها الطابقَ العلوي من بيت كبير مقرَّاً له، وقال: كما يعتصم السيد الميرزا (من الطاعون) بالسَكن في الطابق العلوي يمكن لنا أيضاً أن نبقى نحن الآخرون محفوظين هكذا من الطاعون. فرأيتُ الطاعون أغار ذلك العام على الآرية الهندوس حصراً ولا سيما الفئة المسيئة منهم الذين كتبوا في جريدتهم أشنع الأمور وأسوأها، فقُضيَ عليهم في بضعة أيام. بل رأيتُ أنَّ العاملين في مطبعة الجريدة المذكورة هم الآخرون ماتوا بالطاعون، وربما لم ينجُ منهم أحد، حتى إنَّ الذين حملوا جنازة «البانديت سومراج» أجهز عليهم الطاعون، وحلَّ بهذه الجريدة فناءٌ تامٌ بحيث لا أحد يذكرها اليوم. لقد رأيتُ هذه الآيات بأم عيني.

الآيات الأخرى

كان قد تنبّأ بسقوط النيزك، وذات يوم رُؤيَ نيزكٌ يسقط وقتَ العصر وإنني على ذلك من الشاهدين. وقال يوماً لحشدٍ من الناس في المسجد المبارك: «رأيتُ أن كبيراً من أعداء الجماعة مات بالطاعة». وبعد بضعة أيام من ذلك علمنا أنَّ «الله دته» من سكان بلدة «سوهل» قضى عليه الطاعون فمات بحالةٍ يُرثى لها. (قد مرَّ ذكره قبل قليل في إحدى الروايات.)

حضرة الحافظ غلام رسول الوزير آبادي

يقول: كان سبب زيارتي الأولى لقاديان هو المولوي عبد الرحمن ابن الحافظ محمد اللكهوكي ذكر لي أنَّ المجدِّد الذي تنبّأ رسول الله بمجيئه على رأس كل مئة سنة لتجديد الدين قد ظهر في قاديان التابعة لمحافظة غورداسبور، واسمه الميرزا غلام أحمد المحترم. فاستعجلتُ إلى قاديان وبقيت في صحبة المسيح الموعود بضعةَ أيام. فلما أبديتُ رغبةً في البيعة متأثِّراً بأسلوب حياته قال: إنه لم يُؤمر بذلك بعد. أي لم يكن يأخذ البيعة يومذاك، فرجعت دون البيعة.

رواية حضرة أحمد نور الكابُلي

كان قد بايع عن طريق المراسلة في 1898م ثم ظفر بزيارة المسيح الموعود في 1902م.

يقول: كنت أُرافق المسيح الموعود في كل مناسبة. فقال لي: صاحِبْني دائماً لأنَّ هؤلاء يخافون وأنت لا تخاف، فقلت له: يا سيدي إنما أتيتُ هنا من أقصى البلاد بدافع خدمتك. ويُضيف: أحياناً كان يتوضأ بحضوري وكنت أشرب ماء الوضوء، فكان يرنو إليّ ولم ينهني عن شربه.

رواية حضرة الدكتور فيض علي

يقول: سأحاول أن أتناول أحداثاً لم تُدوّن من قبل. عندما اعتنقتُ الأحمدية أُصيبت والدتي الحنون بصدمةٍ كبيرة لإلحادي على حدّ زعمها. وكانت من قبل تدعو كثيراً في صلواتها وخاصةً في صلاة التهجّد لسلامة إيمان أولادها. فلما دخلنا أنا وأخي في الأحمدية كان ذلك مدعاةً لسرورها الكبير وذلك لأننا قد مِلنا إلى الشريعة وبدأنا نميّز بين الحلال والحرام، كما صمّمنا العزم على أننا سنعلّم إخوتنا الصغار القرآنَ الكريم، لكن الجيران والأقارب لما كانوا يحذّرونها قائلين: إنَّ أبناءك قد أضاعوا الإيمان وأصبحوا كافرين، لأنَّ الميرزا القادياني به كذا وكذا، وأنَّ مريديه يعتقدون فيه بأنّه إلهٌ ورسول، فكانت المسكينة تجهشُ بالبكاء.

عندما أبديتُ رغبةً في الهجرة إلى قاديان وتسجيل إخوتي في المدرسة هناك سعتْ والدتي جاهدةً لمنعي من تحقيق هذه الرغبة، وبعد إصراري وتوسّلي إليها لعدّة أشهر سمحت لي بصعوبة بأخذ الصغار إلى قاديان، وظلّتْ ترفض بصرامةٍ ذهابَها إلى قاديان. أخذتُ الصغار إلى قاديان وسجّلتهم في المدرسة هناك، ثم أتيتها وقد أوهَنَ حبُّ الأولاد عزيمتها فقالت: سأذهب إلى قاديان بشرط ألا تجبرني على الذهاب إلى بيت سيادة الميرزا. بعد التأكّد من هذا الأمر سافرتْ إلى قاديان حيث استأجرنا بيتاً في حارة مُعارضي الجماعة. مضتْ أيامٌ عدّة ثم عندما بدأت نسوة الجيران تتردّد إلى بيتنا علمتْ والدتي أنَّ ما سمِعتْ من غِيبةٍ شائعة عن حضرته في «أمرتسر» كان كذباً وزوراً ليس إلا، حتى إنَّ المعارضين هنا عندما سمعوا مثل هذه التُّهم الشنيعة هم الآخرون قد استغربوا أيّما استغراب. ثم ذات ليلة وتحديداً بعد صلاة التهجّد سمعتْ والدتي أحداً يقول: «يا حضرة عيسى»، كما رأت صورة وليٍّ من أولياء الله وبيده عصاً.

وذات يوم تركتْني أمي مع أختي في البيت وأكَّدت عليَّ الا أخرج من البيت قبل أن تعود هي، وذهبتْ برفقة عددٍ من النساء إلى المسيح الموعود خائفةٍ متوجّسة. فلما رأته تبيّن لها أنّه نفس الولي الذي شاهدتْهُ في الكشف قبل بضعة أيام. فبايعتْ دون تلبّث، ثم ذهبتْ مع ابنتها لتبايع هي الأخرى. فالحمد لله على ذلك.

ثم يقول: اسم ابني إحسان علي. كانت ولادته بعد الزلزال الشهير بزلزال «كانجرة» في عام 1905م. كنت يومذاك في إقليم «بلوجستان» من أجل عملي. كان جميع الأحمديين في قاديان قد هجروا بيوتهم ليُقيموا في الأكواخ خارج المدينة امتثالاً لأمر المسيح الموعود ، وكان الوقت صيفاً لاهبا. كانت زوجتي تُعاني كثيراً لكونها حاملاً. فلما كانت الليلة التي وُلد فيها إحسان علي أَذِنَ لها المسيح الموعود بالانتقال إلى بيتها (داخل قاديان). فلما عرف   في اليوم التالي أنَّ الله تعالى رزقني ابناً قال: هذا إحسانٌ من الله تعالى حيث أنها انتقلتْ إلى البيت فلو بقيت في الكوخ لتألّمت كثيراً.

وأغلب الظنّ أنه سمَّى الصبي إحسان علي نظراً لإحسان الله هذا. كما قال أيضاً: إنَّ عليّاً هو الآخر من أسماء الله تعالى. كان عادةً يسمَّي الأولاد على وزن أسماء عائلاتهم. فربما سمّى الطفل بإحسان علي نظراً إلى اسم فيض علي.

ثم يقول حضرته: كان من دأبه أن يستخدم ولو جزءاً صغيراً من كل ما يُهدَى إليه وذلك ليزيد ثواب المــُهدي.

رواية السيد ميان عبد الرزاق

مرةً بدأتُ بتجارةٍ على نطاقٍ واسع وخسرتُ خسارةً كبيرة من جرّاء الأمطار ولم تلمح لي أي صورةٍ لتفاديها. كان الاجتماع السنوي للجماعة وشيكاً، فطلبتُ من سيادة مير حامد شاه أن يذكر وضعي للمسيح الموعود ويلتمسَ منه الدعاءَ. فلما أتينا إلى قاديان للاشتراك في الاجتماع السنوي تقدَّم السيد حامد شاه إلى المسيح الموعود بطلبٍ للقاء، كان حضرته جالساً على السجادة، وقصَّ السيد حامد شاه أمامه قصة تجارتي بحذافيرها والتمس منه الدعاء. فنظر إليَّ نظرةً ملؤها رحمة وحنان، فكأنّي وُهِبتُ بنظرته الفيَّاضةِ بالرحمة حياةً جديدةً، كما كانت تلك النظرة برَكةً لأولادي أيضاً.

يقول: بعد ذلك شاهدتُ وقائع سفره إلى مدينة «جهلم» حين شرَّفها بذهابه إلى هناك. كنت قد سبقته إلى هناك بيوم. فحين وصل القطار إلى المحطة كان هناك عددٌ كبيرٌ من الناس قد جاؤوا لزيارته. لقد أُوصِل إلى الفيلا الواقعة على شاطئ النهر. ورأيت هناك السيد المولوي عبد اللطيف الكابُلي – الذي استُشهِدَ فيما بعد – جالساً معه. وكان الخلق توّاقين لزيارته . فطلب ضابط الشرطة منه بكل أدب أن يصعد السطحَ لدقائق ويجلس هناك على الكرسي لكي يراه الناس الذين قد حضروا لزيارته من أقصى البلاد، ومن ثم يخفّ الازدحام. فوافق، وهكذا شاهده الناس جميعاً.

وفي اليوم التالي كان له المثول أمام المحكمة. فحين وصل إلى المحكمة قال له القاضي: إنَّ القضية ستُناقَش بعد ساعة. فجلس على كرسي خارج المحكمة، وألقى خطبةً سمعها حشدٌ كبير من الذين كانوا قد اجتمعوا هناك. وبعد انتهاء الخطبة بايع كثيرون يتجاوز عددهم الألفَ. فلم تكن هذه القضية المرفوعة ضده سوى آيةٍ عظيمة من آيات الله عزّ وعلا.

رواية حضرة عبد الله عبدل

يقول حضرته: قال لي والدي المحترم السيد خواجة غلاب الدين رحمه الله يوماً من الأيام: أنّه ذهب مرةً إلى مدينة «بطالة» وذلك قبل دعواه، فلما تقدَّمنا وجدنا هناك مسيحياً يُبشِّر. فبدأ يناقشه. قال المسيحي في أثناء الحوار: سأكتب شيئاً على وُرَيقة ثم أُلقيها في جرّة وإذا علمتَ مضمون الوريقة علمنا أنَّ الله هو الذي يُنبئك وإلا تأكّدنا أنّك تتحدّث من عند نفسك. فردّ عليه قائلاً: هل ستعتنق الإسلام إذا أخبرتُك بمضمون الورقة؟ فقال: لن يتأتّى مني هذا أبداً، ولن أتحدّث إليك. فعاد من هناك. وبينما كنا في الطريق سألته: هل كنت تعرف مضمون الورقة؟ فقال: ألستَ توقن بأنَّ الله تعالى لا يدَع عباده يتعرَّضون للهوان ولا يخذلهم. لو أنَّ هذا المسيحي وعد باعتناق الإسلام لكشف الله لي مضمون الورقة.

رواية سردار كرم داد خان

يقول حضرته: سمعتُ خطبته في المسجد الأقصى وكانت حول وحي الله تعالى «يأتونَ من كلِّ فجٍّ عميق» فقال: ألم تتحقّق هذه النبوءة؟ ثم قال: يتكلم بين ظهرانيكم نفسُ المسيح الذي أنبأ اللهُ تعالى ورسولُه بظهوره.

ثم تشرَّفتُ بزيارته في 1904م في مدينة «غورداسبور» يوم كان المدعو «كرم دين» قد رفع القضية ضدّه في المحكمة. أقمتُ هناك حتى صدر قرار المحكمة. ولما أغرمه القاضي بغرامة 500 روبية دفع الخواجة كمال الدين مبلغ الغرامة فوراً. فقال : لقد منَّ الله تعالى إذ أخذ الخواجة كمال الدين معه 500 روبية. وهذا المبلغ أُعيدَ إليه فيما بعد. كان القاضي يتوقع أنّه لن يستطيع دفع هذا المبلغ فوراً، الأمر الذي سوف يدفعه – حسب زعم القاضي – إلى البقاء في السجن ولو ليلة واحدة.

ستشاد المدرسة الأحمدية

بعد وفاة المسيح الموعود بايعنا سيدنا المولوي نور الدين رضي الله عنه، وحصلت خصوماتٌ عابرة، وكنت حاضراً في الجلسة الخاصة التي أُقيمت بهذا الصدد في المسجد المبارك. كان المولوي محمد علي والأستاذ صدر الدين والخواجة كمال الدين يريدون أن لا تُشاد المدرسة الأحمدية التي كان بناؤها مقترحاً من قِبَل سيدنا المسيح الموعود عليه السلام. فظلوا يُلقون الخُطب بفائق الحماس قائلين: هل نحن بحاجة إلى تخريج المشائخ الذين سبق أن خرَّبوا الدين. كان حضرة الميرزا محمود أحمد نجلُ المسيح الموعود موجوداً أيضاً آنذاك. فلما بدأ هو خطابه بعد الإذن من رئيس المجلس تبخّر تأثير كلمات السيد الخواجة في نفوس أغلبية الحضور. ولما قال: لم يكد سيدنا المسيح الموعود عليه السلام يُطبق أجفانه حتى بدأتم تقضون على مشاريعه، بدأ الناس يجهشون بالبكاء، وأخذ عُشّاق المسيح الموعود يشهقون. واتفقوا مع الخطيب على أنَّ المدرسة الأحمدية لا بد أن تُشاد في كل الأحوال.   (يتبع)

(جريدة “الفضل” العالمية الصادرة بتاريخ 26 أكتوبر و 2 نوفمبر 2001)

Share via
تابعونا على الفايس بوك