- الإعلام وموقف الساسة الغربيين من أعمال تهين شخص النبي بحجة ممارستها لحرية التعبير
- ردة فعل المتظاهرين المحتجين لا تتأسى بأسوة النبي الحكيم الرحيم
- الحرية ليست مطلقة بل مقيدة بعدم إضرار الآخرين
- السخرية والتعدي على الرموز المقدسة يضر بالاستقرار في العالم
__
لقد احتلت ردة الفعل التي شهدها الشارع الإسلامي إثر بث شريط “براءة المسلمين” صدارة الأخبار خلال هذه السنة. ولقد استهدف الشريط إهانة شخص أكمل خلق الله سيدنا محمد المصطفى . مما أدى إلى احتجاج شريحة كبيرة من المسلمين بطريقة عنيفة حيث هاجموا السفارات الغربية في بلدانهم، كما تم اغتيال السفير الأمريكي في ليبيا. ولم تدخر وسائل الإعلام الغربية جهودها ولكنها قامت بحملات إعلامية عنيفة متحججة بأنها تحافظ على حرية التعبير التي تعتبرها حقا مشروعا. وتحديًا لمشاعر المسلمين بعدما قاموا به من احتاجات وأعمال عنف نشرت صحيفة إسبانية صورا كاريكاتورية ساخرة لشخص النبي معلنة أنها تحاول من خلال هذا العمل المحافظة على حرية التعبير. وقد أدان الساسة الغربيون محتوى الشريط ولكنهم لم يحركوا ساكنا لإيقاف البث!!!
وتُبرر ردةُ فعل الشارع الإسلامي العنيفةُ الغيرةَ الكبيرة على شرف النبي وهذا أمر مستحب في حد ذاته، ولكن كان الحري بهم دراسة السيرة النبوية الطاهرة ثم معاملة المستهزئين بنفس الطريقة التي عاملهم بها سيدنا محمد المصطفى كلما تعرض لإهاناتهم. فكُتبُ السيرة تزخر بمواقف جليلة تبرز رده المبني على الحكمة والرحمة. ولنا في ذلك أكبر عبرة حيث صلى النبي صلاة الجنازة على عبد الله بن أبي سلول زعيم المنافقين الذي كال لشخصه الطاهر أكبر الإهانات. فلم نسمع قط أنه هدم مباني من أهانوه أو قتل ممثليهم أو أحرق أعلامهم وهلم جرا مما نشاهده في عصرنا من تعبيرات على غضب الشارع الإسلامي.
ولقد استُغلت مصادرة الحريات في الدول الإسلامية لترويج مبادئ فتاكة للإخلال بالبنية العقائدية للمجتمعات الإسلامية. وفي هذه الظروف نجد أنفسنا أمام ظاهرة الشذوذ الفكري في فهم الحرية ككل، وحرية التعبير تحديدا.
تحدث كل هذه الانتهاكات تحت ستار حرية التعبير وبالتالي فقد ازدادت الحاجة إلى تبيان أفق الحرية في عصرنا الحاضر، حيث أساءت جهات معينة فهمها، وسلكوا مسالك وعرة، وتوهموا أن الحرية الفكرية تقتضي العمل أو التفكير بدون ضوابط ولا قيود، فجرحوا المشاعر الإنسانية، وهزوا معايير القيم العليا، وعاثوا في الأرض فسادا زاعمين أنهم مصلحون.
فالحرية ليست مطلقة وإنما مقيدة بعدم إضرار الآخرين، وبالتالي يجب ضرورة إعمالها فيما ينفع الناس ويعود عليهم بالخير والمصلحة. وهكذا فمن الحري أن توضع قيود واستثناءات بقصد تنظيم الحرية في حد ذاتها. وقد يتخذ هذا التنظيم صبغة وقائية وذلك بعدم تعدي حريات الآخرين أو صبغة علاجية بفرض عقوبات على من يضر بحريات الآخرين.
ولقد استُغلت مصادرة الحريات في الدول الإسلامية لترويج مبادئ فتاكة للإخلال بالبنية العقائدية للمجتمعات الإسلامية. وفي هذه الظروف نجد أنفسنا أمام ظاهرة الشذوذ الفكري في فهم الحرية ككل، وحرية التعبير تحديدا. فلا بد من تصحيح مسار الفكر الإنساني المتورط في الخطأ الفكري أو السلوك العملي بناء على تصوره الخاطئ. لأن التمادي في الانتهاكات والسخرية من مقدسي ومقدسات الديانات سيؤدي حتما إلى حال عدم استقرار في العالم. وما أحسن قول حضرة الإمام المهدي في كتاب حضرته “تحفة قيصيرية” الذى أهداه للملكة فكتوريا لدى احتفالها بيوبيلها الألماسي: أن من دعائم ترسيخ معالم السلام في العالم احترام أنبياء ومقدسي الديانات. ولا شك أن هذا هو أول بند لحرية التعبير ألا وهو احترام جميع الديانات ومؤسسيها مهما اختلفنا معهم في الرأي والمعتقد.
تجد عزيزي القارئ داخل هذا العدد رد فعل الجماعة الإسلامية الأحمدية حول شريط “براءة المسلمين” من خلال خطبة الجمعة التي ألقاها حضرة أمير المؤمنين –أيده الله-. ولا شك أن الجماعة التي غرسها الله بيده ستبقى دائما وأبدا في الطليعة للدفاع عن الدين الحنيف وأنبياء الله كافة. ولن تنطوي الأرض وما عليها حتى يتبين للدنيا قاطبة صدق رسالة ودين المصطفى .
جعلنا الله وإياكم ممن يحصل لهم شرف المسـاهمة في تحقيق ذلك. ووفقنا وإياكـم لما يحبه ويرضـاه وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين والصـلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.