- اختلاف الرأي نعمة في ظل النقد البناء
- الانتقاد لمجرد الانتقاد يخل بمبادئ الأدب والاحترام
__
روايات عن سوانح وأخلاق سيدنا مرزا غلام أحمد القادياني
الإمام المهدي والمسيح الموعود عليه السلام،
جمعها نجل حضرته مرزا بشير أحمد رضي الله عنه في كتاب «سيرة المهدي»
تعريب الداعية محمد طاهر نديم
* العناوين الجانبية من إضافة أسرة «التقوى»
471 – أ
بسم الله الرحمن الرحيم. أقول: عند صدور الجزء الأول من سيرة المهدي نشر الدكتور بشارة أحمد في جريدة «بيغام صلح» الصادرة في لاهور سلسلةً طويلة من المقالات التي تضمنت انتقادا شديد اللهجة لهذا الكتاب، كما علَّق على بعض الروايات بشيء من التفصيل. ونشرت السنة الماضية بدوري في جريدة «الفضل» تفنيدا لمجمل انتقاداته المذكورة كما قابلت انتقاداته المفصلة بردود أكثر تفصيلا. ولكن حالت أسباب قاهرة دون إكمال تفنيد كافة انتقاداته. والآن بعد إلحاح بعض الإخوة أورد هنا تفنيدي لأبرز انتقاداته، أما سائر الانتقادات الأخرى فالردّ على بعضها منشور سلفًا في جريدة «الفضل»، والجزء الحالي، أي ثاني أجزاء سيرة المهدي، يتضمن ردًّا على بعضها الآخر بشكل مفرق، وسأدحض البقية في مناسبة أخرى إذا اقتضت الحاجة.
لقد نشرت قبل فترة الجزء الأول من كتاب سيرة المهدي عن أحداث سيرة المسيح الموعود u. أما نيتي من تأليف هذا الكتاب ونشره فلم أفصح بها لأحد، فلا يعلمها إلا الله الذي لا يخفى عليه شيء. ولم يخطر ببالي حينها أن أحدًا يسمي نفسه أحمديًا سيرمقه كالمبغضين من غير المبايعين. لقد مُنِيتُ بخيبة أمل شديدة في الدكتور بشارة أحمد بعد سلسلة المقالات التي ظل ينشرها مؤخرا في جريدة «بيغام صلح». لا شك أن حقَّ النقد مكفول للجميع، ولا يسع المنصف أن يكره نقد غيره، لا سيما إذا كان نقدا معقولا ونابعا من عاطفة المواساة، بل إن مثل ذلك النقد لمدعاة سروره لأن مثل هذه البحوث التي تجري بحسن النية وفي حدود المعقول تؤدي إلى تنوير الطرفين وتنوير عامة الناس أيضا، فتكون سببا في ظهور معلومات مفيدة جمَّة أمام العالم. وحين يتحلى الطرفان بحسن النية، وتتنزَّه التعليقات عن أي غرض إلا النقد العلمي البنَّاء، فلن تسفر مثل هذه المقالات عن أية نتائج سيئة من شأنها أن تنشأ حتما إذا فقد العنصر المذكور آنفًا. ولكنني أقول بكل أسف وألم أن مقال الدكتور بشارة أحمد كان بمنأى من أن يوصف بالنقد البنَّاء. مع كل ذلك ليس لي أن أشق عن قلب الدكتور، ولكن في الوقت نفسه لا يسعني أيضا إخفاء حقيقة أن مقال الدكتور الطويل يقدح بشرر البغض والعداوة من أوله إلى آخره. وإن نبرة مقاله ليست لاذعة وجارحة فقط، بل ساقطة عن مستوى النـزاهة والثقة والوقار، ولقد تضمن في مواضع شتى سخرية واستهزاء، وإن استخدام الأبيات اللاذعة والسافرة كالعامة سبّب صدمة قاسية لقدسية المقال. لم أقرأ أي مقال للدكتور كهذا من قبل، والحق أنني رغم اختلاف المعتقد كان ظنّي فيه حسنا، ولكني الآن مضطر إلى العدول عن هذا الرأي بكل أسف. لا أتذكر أنني سببت للدكتور أية إساءة إلى هذا اليوم، فلا أراه جديرًا بالعفو عنه إذا وضعناه في ميزان العدل أيضا. إنني إنسان، بل إنسان ضعيف من بين الناس. لا أزعم ببراءة آرائي وبحوثي من الخطأ تماما، ولا يسع أي عاقل الادعاء بمثل هذا. إنني شعرت بحاجة ماسة إلى تدوين أحداث من سيرة المسيح الموعود u في أقرب فرصة، فشرعت في تأليف سلسلة سيرة المهدي يحدوني صدق النية. فإن كنت مخطئًا في ذلك أو انخدعت فلكلٍّ حقّ أن ينبّهني إلى خطئي، فإن كان مثل هذا التنبيه في محلّه فسيعصمني من الوقوع في نفس الخطأ مستقبَلا، كما أن الناس أيضا يُعصمون من اتباعي على الخطأ ذاته، ولكن لا يحق لأحد أن يشق عن قلب الآخر طاعنا في نيته دونما سبب، فيسلك سبيل الإساءة والإيذاء والاستهتار إلى أبعد مدى، فبدلا من الإصلاح يبذر بذور العداوة والبغضاء. فهذا الطريق لا يؤدي إلا إلى نشوء الكدورة والجفوة في القلوب. أقول أسفًا أن الدكتور وظَّف براعة القلم وقوة الكتابة في غير محلهما، ولا يسع امرأً نبيلا، مهما كان دينه أو ملته، إلا استهجان هذا التصرُّف.
كنت قد فكرت في استخراج فقرات من مقال الدكتور كشواهد دالة على تصرفه المؤسف، ولكن قلت في نفسي لاحقًا أنه قد حصل ما حصل، فلا أرى ما يستحق تعكير الصفو أكثر، إذا ما استخرجت هذه الفقرات. وإنني أدعو الله تعالى أن يوفق الدكتور المذكور لإدراك حسن النية المترشح من كلماتي هذه، فيجنح لإصلاح طريقة كتابته في المستقبل، كما أدعو الله تعالى أن يقيَني ضعف نفسي سواء كنت أعلمه أو خَفِيَ عليّ، ويوفقني للسلوك في مسالك رضاه، آمين، اللهم آمين.