بحثا عنِ السعادة!!
  • لماذا يتعاطون الخمر؟!
  • الفرق بين التعاطي والإدمان
  • عوامل خطر الإدمان على المخدرات
  • لمحة عن المخاطر الصحية للإدمان
  • درهم وقاية خير من قنطار علاج

__

مشكلَةُ تَعَاطِي المُخَدِّرَاتِ.. أَسْبَابُهَا، وَالبَدَائِلُ الصِّحِّيَّةُ

طالما نصادف في شتى أوقات حياتنا اليومية أشخاصًا يعانون من مشكلة تعاطي المخدرات، ويمكن أن يكون هؤلاء الأشخاص من أصدقائنا وأفراد عائلتنا، وفي معظم الأوقات لا يمكننا فعل أي شيء لمساعدتهم. إن أي شخص عرضة للوقوع في هذه المشكلة بغض النظر عن عمره أو جنسه أو عرقه أو خلفيته الاجتماعية والاقتصادية. على الرغم من أن مشكلة تعاطي المخدرات والإدمان المتزايدة في مجتمعاتنا باتت مثار اهتمام عامة الناس والعلماء، إلا أن وعينا بخصوص هذه المشكلة غير كاف بعد، فلا تزال مشكلة تعاطي المخدرات خارج حدود السيطرة إلى حد كبير.لماذا يتعاطونها؟!يمكن تعريف الإفراط في تعاطي المخدرات بأنه تواتر الاستخدام المضر لأية مادة مخدرة من أجل تغيير الحالة المزاجية. المخدرات الأكثر شيوعًا والتي تؤثر على الأداء العقلي أو النفسي (مادة كيميائية تؤثر على وظائف المخ) هي الكحول، والنيكوتين، والباربيتورات، والإكستاسي، والكافيين، والأفيونيات مثل الهيروين، والأمفيتامينات، والكيتامين، والمهدئات، والقنب (الماريجوانا).

يمكننا من خلال النظر إلى مدى الانتشار المعلن للمواد المخدرة من حولنا أن نقسمها إلى شرائح ثلاث:

الأولى: وتتضمن المخدرات المحظورة بحكم القانون كالكوكايين والهيروين وإكستازي/ إم دي إم إيه والأمفيتامينات. الثانية: ما يُتحصل عليه من المواد المخدرة كأدوية بواسطة الوصفات الطبية مثل الباربيتورات ومسكنات الألم.

الثالثة: مواد مخدرة مسموح بشرائها قانونيا مع شيء من القيود فيما يتعلق بعمر المستهلك، ومن هذه المخدرات الكحول والنيكوتين والكافيين. ومن الملاحظ بوضوح أن أكثر المواد المخدرة ضمن هذه الشريحة مستهلكة بإفراط وعلى نطاق واسع ينذر بخطر محقق. والكل يدرك الآن دخول هذه المواد المخدرة ضمن منتجات ذات شعبية واسعة، كالشاي والقهوة والكوكاكولا وغيرها الكثير.

بين التعاطي والإدمان

رغم أن الكلمتين «تعاطي» و«إدمان» غالباً ما يتم استخدامهما بالتبادل، إلا أن بينهما فرقًا جوهريًا. هناك في الحالتين تأثير سلبي على حياة الشخص المتعاطي أو المدمن مع اختلاف درجة التأثير، إذ إن الأفراد الذين يتعاطون المخدرات دون الوصول إلى حد الإدمان لديهم إحساس بشيء من السيطرة على حياتهم، فيشعرون أن استهلاكهم المفرط يمكن تخفيضه أو إيقافه تمامًا دون بذل الكثير من الجهد، وهذا ما تقول به لغة العرب، إذ يعرف التعاطي لغة على أنه مباشرة الفعل والتخطيط له عن سبق إضمار وترصد(1)، في حين أن الإدمان هو مرض عقلي يضطر معه الشخص إلى تعاطي المخدرات تعاطياً قهرياً، على الرغم من إدراكه النتائج الضارة على صحته. ومن جمال العربية ورود فعل التعاطي في مثل هذه المناسبات السلبية، فمثلا، تَعَاطَيْتُه: قد يُقال في تَناوُلِ ما لا يَحِقُّ(2) لذا نلحظ ورود هذه الكلمة في سياقات الحديث عن تناول المسكرات بكافة أنواعها من خمور وعقاقير مخدرة أخرى، وبما أن المتعاطي مؤاخذ على أفعاله لعدم نفي إدراكه لهذا الصنيع وبالتالي إخلاء مسؤوليته، لذا فقد ورد فعل التعاطي بالذات دون الإدمان أو حتى التناول أو الشرب، وذلك في سياق الآية الكريمة:

فَنَادَوْا صَاحِبَهُمْ فَتَعَاطَى فَعَقَرَ 3).

فالتعاطي عادة نفسية بمقدور صاحبها الإقلاع عنها بشيء من الإصرار.

أما الإدمان فيسبب خللاً فادحا في حياة الفرد الشخصية والاجتماعية والمهنية والروحية، وقبل كل ذلك فإنه يحدث خللا عقليا، فالذين يميلون إلى اعتبار الإدمان مرضًا عقليًا مصيبون بالفعل. بالإضافة إلى أن الإدمان على مادة معينة يكون إدماناً نفسياً وجسدياً معاً، مما يخلق لدى الفرد حالة نهم متمثلة في الحاجة إلى كميات متزايدة من المادة المخدرة لتحقيق التأثيرات المرغوبة، وأعراض الانسحاب المؤلمة، مثل التعرق، والرجفان، والغثيان، والصداع، والقلق، والهلوسة، والنوبات. يحدث ذلك عندما يمتنع المدمن عن المخدرات. ويقوم الشخص المدمن بخيارات خاطئة في حياته مما يجعل وضعه أسوأ، فهو لا يعرض حياته فقط للخطر، بل حياة الآخرين من حوله أيضاً مثل الأصدقاء والعائلة. يدرك الشخص المدمن في بعض الأحيان أن تعاطيه المخدرات هو سبب معاناته، على الرغم من عدم قدرته على الإقلاع عن المخدرات. يجب أن نفهم أن المدمن إدماناً عقاقيريا على المخدرات حين يدفع أي تغيير سلوكي جيد للإقلاع عن المخدرات فيقاوَم بالتغيرات الكيميائية الحيوية في الدماغ.

ومن أبرز أسباب الإقبال على التعاطي ومن ثم الوقوع في هوة الإدمان أن العقاقير المخدرة تحفز دوائر المكافأة في الدماغ، والتي تكون مسؤولة عن عواطف الفرح والنشوة والحماس، وهي العواطف التي يفقد المتعاطي أو المدمن الشعور بها بشكل طبيعي، مما يدفعه إلى إنتاجها بواسطة عوامل خارجية كالمخدرات العقاقيرية، فبعضها يقلل أو يزيل المشاعر غير السارة وبالتالي يعزز سلوك تعاطي المخدرات. وكلما كان مفعول المخدرات سريعاً كان الوقوع في فخ إدمانها سريعاً كذلك. جميع العقاقير التي تسبب الإدمان تفرز الدوبامين(4) في النواة المتكئة (أكمبنس)، وهي منطقة في الدماغ تلعب دوراً أساسياً في دائرة التعزيز أو المكافأة.

الفترة الحرجة

وكما قلنا، فأي شخص عرضة للوقوع في الإدمان، إلا أن هناك تفاوتًا في القابلية للإدمان يختلف من شخص إلى آخر. فالدراسات تظهر وجود قابلية لاتباع سلوك ضار بالصحة مثل التدخين وشرب الكحول، وغير مشروع كتعاطي المخدرات؛ وممارسة غير آمنة للجنس والإقدام على المخاطرة بين المراهقين. تُعدّ المراهقة حسب هذه الدراسات فترة حاسمة لتطور اضطرابات تعاطي المخدرات. وفي الواقع، هناك ازدياد واضح في تعاطي المخدرات خلال مرحلة المراهقة وإلى بداية مرحلة الرشد. ويتوقع العديد من المراهقين أن يؤدي تعاطي الكحول إلى تقليل توترهم وقلقهم، وتعزيز ثقتهم بأنفسهم وزيادة رغبتهم الجنسية؛ بالفعل إن الكحول بجرعات صغيرة يخفف القلق أو يريح (يرخي) العضلات مما يجعله مسبباً للإدمان. في دراسة قام بها المركز الوطني على الإدمان وتعاطي المخدرات (CASA) في جامعة كولومبيا وجدوا أن المراهقين الذين بلّغوا (عبّروا) عن شعورهم بالملل معرضون بنسبة 50 % لشرب الكحول وللتدخين واستخدام أنواع أخرى من المخدرات غير المشروعة. هناك أيضاً المراهقون الذين ينفقون 25 دولاراً في الأسبوع فاحتمال تعرضهم للإدمان هو بمقدار ضعفين. ضغط الأقران أو تأثيرهم والحاجة إلى الانتماء دفع المراهقين إلى تجريب أنواع جديدة من المخدرات، فرغبتهم في تقديم أنفسهم على أنهم حاذقون، وأذكياء، وصعاب المراس، تجرهم إلى عالم المخدرات المظلم. ويدّعون كذلك أن المخدرات ستعزز إبداعهم وثقتهم.

الفضول لدى المراهق هو خطر آخر، فقسم الدماغ الذي يشارك في صنع القرار (الفص الجبهي) لا يزال في طور النمو خلال سنوات المراهقة، مما يرفع قابليتهم للخضوع للإغراء. أما عند الكبار، فالعزل عن العمل، وعدم التحكم في العمل، والمعوقات المالية، والشعور العام بالعجز في الحياة هو ما يؤدي بهم إلى تعاطي المخدرات.

عوامل خطر الإدمان على المخدرات

جرى ربط مشاكل الصحة العقلية مثل الاكتئاب والقلق والشخصية المعادية للمجتمع والانفصام باضطرابات تعاطي المواد المخدرة. ونحو نصف المصابين بالفصام يتعاطون المخدرات. فهناك اقتران قوي بين تعاطي المخدرات والاضطراب في الشخصية المعادية للمجتمع. غالباً ما يكثرون من تعاطيهم المخدرات للتعامل مع المشاعر غير السارة وللتخلص مؤقتاً من الأحداث المؤلمة في الحياة، إذا تركوا دون مراقبة يمكن أن يؤدي بهم الحال إلى الإدمان على المخدرات. بعض الأبحاث تظهر أن بعض متعاطي الماريجوانا مهددون بنسبة عالية بالذهان (انفصام الشخصية)، أما الذين يتعاطون المواد الأفيونية فمعرضون لخطر الإصابة بالاكتئاب. تعاطي المخدرات يمكن أن يؤدي إلى تدهور أعراض حالة مرضية نفسية وعقلية، أو حتى إحداث أعراض جديدة. بالإضافة إلى أن تعاطي المخدرات أثناء تناول الأدوية النفسية يمكن أن يقلل من فعالية الأدوية في تنظيم (التحكم بالأعراض) الأعراض كلها.

كما ويتعاطى الناس النيكوتين بإفراط لمواجهة التوتر والغضب والانزعاج في حياتهم، معظمهم يقول أن النيكوتين تساعدهم على أداء جيد في العمل، وينشط الذاكرة، ويريح العضلات ويعدل الشهية. ولكن نادراً ما يدركون أن العكس صحيح.

أيضا ثمة عوامل اجتماعية وثقافية، فلا يمكن إغفال الأصول الاجتماعية لشرب الكحول. ويرتبط الإدمان على الكحول بالبيئة الاجتماعية والثقافية للشارب؛ عندما يشرب الوالدان الكحول، فإن الأولاد والمراهقين منهم بشكل خاص قد يشكلون دائرة اجتماعية مرتبطة بعمق بحالة الشرب الاجتماعي. فإن الإدمان الكيميائي الأول يبدأ بين سن 12 و 21 عامًا، كنوع من التقليد، ومن منا لا يعلم جيدا أن أول عوامل بدء التدخين هو تقليده لنموذج يمثل لديه المثل الأعلى، كنجم سينمائي مثلا، أو شخصية مقربة؟! أما النافذة الأخرى فهي في أواخر المرحلة المتوسطة من البلوغ والتي قد يكون فيها تعاطي المخدرات طريقة للتغلب على التوتر العاطفي والضغط النفسي.

كما يُنظر إلى الكحول في المجتمعات المروجة له على أنه مادة تشحيم اجتماعية ويستخدم على نطاق واسع لتعزيز التجمعات. ويؤدي تناول الكحول بجرعات صغيرة إلى حالة من النشوة المعتدلة، ولذلك أصبح جزءًا من المناسبات الاجتماعية في العديد من الثقافات. تعتبر المشروبات الكحولية في معظم البلدان كرموز للمكانة الاجتماعية، وقد تم ربط بعض المشروبات مثل النبيذ بفئة اجتماعية رفيعة المستوى، وكلما زاد استخدامك للمشروبات كلما علا مستواك. بشكل عام، تعتبر المشروبات الأجنبية أرفع من المشروبات المحلية. في بولندا، يُعتبر النبيذ مشروبًا للفئتين العليا والمتوسطة، في حين أن البيرة والفودكا الأصلية تعتبر «عادية». في دراسة مقارنة، وجد أن طلاب الجامعات البولندية يشربون ثمانية أضعاف ما يشربه نظرائهم الأمريكيون، مما يعزز من خصوصيتهم كنخبة الأمة من خلال نوع المشروب الذي ينتقون.

التأثير السلوكي الثقافي على الكحول يتجلى عند طوائف دينية مثل المسلمين والمورمون(5) واليهود الأرثوذوكس، والتي تحظر قيمها الدينية تعاطي الكحول. فوجود الكحول ضئيل في هذه المجموعات، على النقيض من ذلك، فإن الإدمان على الكحول مرتفع بين الأوروبيين حيث يعتبر الشرب ثقافة اجتماعية.

كذلك فإن التوافر المتزايد للمخدرات مرتبط بزيادة تعاطيها وبإفراط، وقد أدى تواجدها في المدارس والكليات إلى أن يجربها المراهقون. يتعرف بعض المراهقين على الأدوية المخدرة من خلال الوصفات الطبية أو يجدونها على أرفف المنازل، وبالتالي يبدؤون استخدامها كتجربة ثم كترفيه.

لمحة عن المخاطر الصحية للإدمان

منها مخاطر جسدية، مثل: تلف في المخ، ونوبات عصبية، والغثيان وآلام البطن وما يصحبها من أعراض الإمساك والإسهال، وفقدان الشهية وخسارة الوزن بشكل مفرط، والفشل الكلوي المزمن، وتليّف الكبد، وتصلب الأوعية الدموية على نطاق واسع أو إصابات في الدماغ والأزمات القلبية والسكتات الدماغية، ومشاكل الجهاز التنفسي مثل مرض الانسداد الرئوي المزمن وسرطان الرئة وانتفاخ الرئة، والتهاب الكبد ونقل فيروس الإيدز لا سيما بتناوب استخدام نفس الحواقن. ومن المخاطر المعروفة للإدمان ما هو نفسي وسلوكي، مثل: القلق، والكآبة، والأرق، والهذيان (التشوش)، والانفصام، وضعف الذاكرة، والهلوسة والأوهام، والتغير التدريجي في الطباع الشخصية، واختلال التفكير، وانخفاض القدرة على التعلم، وسوء الحكم، وزيادة التهيج والتوتر والعصبية، والرغبة في الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر مثل ممارسة الجنس غير الآمن، والشرب وبعدها قيادة السيارة بسرعة جنونية، وما إلى ذلك. ولا يتوقف الأمر عند هذه المخاطر الصحية الجسدية والنفسية المذكورة، وإنما تتعداها إلى مخاطر اجتماعية، تتمثل في سلوكيات فردية تهدد سلامة المجتمع المحيط، مثل: إهمال مسؤوليات الأسرة والعمل، وفقدان العمل وتفكك العلاقة الزوجية، وانخفاض القابلية للاختلاط الاجتماعي الإيجابي، والتشرد أو الديون أو المشاكل المالية، وفقدان حضانة الطفل والتورط في مختلف الدعاوى القضائية، ناهيك عن حوادث السير والتورط في أنشطة عنيفة معادية للمجتمع.

درهم وقاية خير من قنطار علاج

تعد العلاقات الأسرية المستقرة والداعمة وإرشادات الوالدين عوامل تنشيئية هامة للغاية للأطفال والمراهقين. تلعب الدروس والخبرات المفيدة التي نتعلمها من البالغين في سنواتنا الأولى دوراً كبيرًا في حياتنا عندما نصبح بالغين. فإن إساءة معاملة الوالدين وإهمالهما له تأثير ضار على نفسية الطفل؛ ويمكن أن يكون للنماذج الوالدية السلبية عواقب طويلة الأمد. باختصار، يمكن للوالدين تنشئة أطفالهم أو تحطيمهم، فإن الآباء الذين يتعاطون المخدرات يفشلون في رعاية أطفالهم ويعرضونهم لأقرانهم الذين يتعاطون المخدرات. فالوقاية من تعاطي المخدرات تبدأ مع الوالدين. كل الأشياء الجيدة أو السيئة تبدأ في المنزل. كون العلاقات الأسرية أساسية في تطور مشكلة المخدرات، يجب على الوالدين الانتباه لطرق تربيتهما التي يواجهون ويعالجون بها نمط تفكير أبنائهم وسلوكياتهم. يجب أن يولي الآباء اهتمامًا خاصًا لاحتياجات الطفل الروحية والعاطفية وأن يراقبوا دائمًا (دون إزعاجهم) أنشطتهم. يجب أن يكون الوالدان في تصرفاتهما مثلاً جيدًا وأن يحاولا تحسين صحتهم العقلية كل يوم، وتوجيههم هو الأهم. يقلد الأطفال كل عادة وسلوك يمارسه أشخاص مهمين في حياتهم، وبالتالي يجب على الوالدين الامتناع عن تعاطي المخدرات. ساعد طفلك عن طريق الاستماع إليه، وحاول أن تكون مستمعًا جيدًا وتجنب الانتقادات السريعة، وساعده في اختيار أصدقاء جيدين. علّم ولدك المراهق النتائج السلبية لاستخدام المخدرات. لأن المراهقة هي فترة مربكة بشكل خاص ومع الضغوطات الكثيرة التي يسببها النظراء، وحساسية كبيرة، يصبح من الصعب فقط توصيل ما تريده إليه، إلا أن التواصل الفعال واللطيف والمبكر هو المفتاح.

العقاقير المخدرة تحفز دوائر المكافأة في الدماغ، والتي تكون مسؤولة عن عواطف الفرح والنشوة والحماس، وهي العواطف التي يفقد المتعاطي أو المدمن الشعور بها بشكل طبيعي، مما يدفعه إلى إنتاجها بواسطة عوامل خارجية كالمخدرات العقاقيرية، فبعضها يقلل أو يزيل المشاعر غير السارة وبالتالي يعزز سلوك تعاطي المخدرات.

الحضور الروحي والديني والمجتمعي يخلق لدى المرء إحساسًا بالانتماء، ويقلل لديه الإحساس السلبي بأنه ريشة في مهب الريح، مما يحمي من العزلة والوحدة التي تمثل أوائل مسببات الاكتئاب وبالتالي الإقبال على إدمان المخدرات والتفكير في الانتحار. ويساعد حضور المناسبات والفعاليات الدينية في بناء قدرات عقلية تتحمل الشدائد والسيطرة على الذات في وقت مبكر من الحياة. تشير الأبحاث إلى أن المشاركة في الخدمات الدينية ترتبط بالسلوكيات الصحية مثل ممارسة الأنشطة البدنية، وتجنب التدخين والشرب وتعاطي المخدرات غير المشروعة. إن المشاركة في المشاريع الإنسانية أيضًا تعطي الفرد إحساسًا بالمسؤولية والعناية بحياة الإنسان، حيث إن رؤية حياة العديد من المحرومين يعزز أهمية حياته وقيمتها.

ثم يأتي دور التدريب على المهارات الحياتية كعنصر وقائي من الوقوع في مصيدة المخدرات، وهذا العنصر يأتي إلى جانب الأبوة والأمومة الواعية، ويتمثل في تدريب الأطفال على المهارات الحياتية، إن هذه الطريقة تلقى نجاحاً كبيراً عند المراهقين. إذ تتصف مرحلة المراهقة بهشّاشة الثقة بالنفس، فإذا تم تعليم المراهقين طرقًا جديدة لتحسين ثقتهم بأنفسهم وقدرتهم الفكرية على مواجهة الصدمات وحل المشاكل، فقلما سيشعرون بحاجة إلى تعاطي المخدرات من أجل تعزيز ثقتهم بأنفسهم.

هذا وقد نهى القرآن الكريم سلفا عن أي استخدام للأطعمة غير القانونية وغير الصحية التي تسبب اختلالاً في ملكات الإنسان الأخلاقية وتعرقل نموه الروحي، كما فصَّل الحديث في أن الأعمال التي يقوم بها الإنسان وما يأكله أو يشربه تؤثر سلباً أو إيجاباً في أخلاقه وروحانياته، وبالتالي فمن أجل مصلحتنا الشخصية ينصحنا الله أن نأكل ونشرب ما هو جيد ومغذٍّ وما يجلب الصحة والسعادة بأسلوب سليم، وذلك ما نلمحه بوضوح في مثل قوله تعالى:

يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالًا طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ . (6)
المراجع:
1. تفسير العدل والاعتدال محمد بن عاشور
2. المحيط في اللغة، للصاحب بن عباد، مادة «ع ط و»3. القمر: 30
4. الدوبامين: الناقل العصبي المسؤول عن الشعور بالسعادة5. المورمون: طائفة مسيحية حديثة نسبيًّا، ظهرت على يد «جوزيف سميث» في الولايات المتحدة بين عقدي الثلاثينيات والأربعينيات من القرن التاسع عشر. ترفع شعار الدعوة إلى دين المسيح عليه السلام، وتدعو إلى تطهير هذا الدين بالعودة به إلى الأصل الأول الذي جاء به المسيح. وإلى جانب الكتاب المقدس يؤمن أبناء هذه الطائفة بكتب أخرى كـ «كتاب المورمون»، وكتاب «المبادئ والعهود»، وعلى غرار المسلمين يحل المورمون لأنفسهم تعدد الزوجات، في تعارض صريح مع الكنيسة البروتستانتية.

6. البقرة: 169.

Share via
تابعونا على الفايس بوك