- ظروف وسبب تأليف كتاب “سر الخلافة” للمسيح الموعود
- موضوع كتاب “سر الخلافة”
- تصيد المعارضين لسهو الصالحين
__
رأت أسرة “التقوى” نشر كتاب حضرة مرزا غلام أحمد القادياني “سر الخلافة” – في هذه الزاوية عبر حلقات –
الذى رد فيه حضرته على أهم خلاف نشب بين المسلمين.. السنة والشيعة،
آملةً أن يستنير القارئ العربي بالتحليل الموضوعي والبيان البلاغي للحَكم العدل.
بسم الله الرحمن الرحيم
نحمده ونصلي على رسوله الكريم
كلمة الـنـاشر
لقد ألَّف حضرة مزرا غلام أحمد القادياني، الإمام المهدي والمسيح الموعود ، هذا الكتاب العظيم بلسان عربي في سلسلة كتبه العربية البالغ عددها نحو خمسة وعشرين كتابا وهي ربع ما كتب حضرته بالعربية والأردية والفارسية.. يحكم به حضرته، بصفته الحَكَم العَدْل الموعود، في أهم خلاف نشب بين المسلمين؛ وهو الخلاف بين الشيعة والسنة. وقد أكد حضرته فيه أنه اختار أن يكتبه بالعربية متوجها به إلى العرب محسنا الظن بهم وبصلحائهم وأتقيائهم، وراجيا أن يقبلوه لما يتوخاه منهم من إخلاص وحب للصدق ولاتّباعه. فقد كان حضرته محبا للعرب بسبب حبه العظيم لسيده ومطاعه محمد المصطفى ، وكان ينتهز كل فرصة للتوجه إليهم في مؤلفاته بكلمات ترقّ لها القلوب وتفيض حبا صادقا خالصا.
وقد نشأت فكرة تأليف هذا الكتاب إثر توجه بعض الشيعة إليه يسألونه ليحكم في الخلاف بين الشيعة والسنة. ومع أن حضرته قد نشأ في أهل السنة، إلا أنه كان في صباه قد تعرف إلى الشيعة عن كثب حيث كان أحد مشايخهم أستاذا له، فتسنّت لحضرته الفرصة للاطلاع على أفكار الشيعة وأحوالهم، فأدرك أن سوء الظن وشتم الصالحين قد أودى بهم وقسّى قلوبهم.
وبما أن دعوى الشيعة تقوم على تفسيق الخلفاء الراشدين الثلاثة، أبي بكر وعمر وعثمان، وغالبية الصحابة – رضوان الله عليهم – فلم يشأ أن يحكم بما تميل إليه نفسه؛ بل فضّل أن يسأل الله تعالى عن حقيقة تلك الدعوى، فكان أن أنبأه الله تعالى بفساد رأي أهل الشيعة وأفكارهم حيث عادوا هؤلاء الأبرار وفسّقوهم واعتبروهم في زمرة المنافقين والكافرين، مع أن الصحابة هم خيرة الأخيار وكانوا عند الله من المقبولين وكانوا من تحققت فيهم سمات الخلافة وإماراتها.
فبدأ بتأليف هذا الكتاب متوكلا على الله تعالى جامعا فيه الأدلة والبراهين على بطلان هذه العقيدة الباطلة السخيفة التي تحملها الشيعة.
وقد كان المبدأ الأول الذي استند إليه حضرته هو أن يتم نبذ المرويات في هذه المسألة جانبا وترك الجدال فيها نظرا لظنيتها ولما يشوبها من تشويه. وهكذا فقد لجأ إلى القرآن الكريم واستخرج منه الأدلة القاطعة والبراهين الناصعة إلى جانب الأدلة العقلية على أن مسلك أهل الشيعة كان مخالفا تماما للقرآن الكريم. وبهذا فقد أكد مجددا على منهجـه الفكري الذي تقوم عليه كل أعمـاله، والذي يقـدم فيه القرآنَ على كل ما سـواه ويقدم فيه اليقـينيـات على الظـنيات.
وقد تلمس حضرته النقطة الحاسمة التي أوصلت حال الشيعة إلى ما هم عليه، وهي تضخيم فئة وتحقير أخرى وتكفير الآخرين بسبب الخلاف في الرأي والعقيدة. وبيَّن أن الكراهية قد أعمت أبصارهم وجعلتهم مائلين إلى الإنكار والتطرف في الرأي. وقد بيَّن حضرته أن القرآن الكريم لم ينـزع صفة الإيمان عن أي من فئتين متقاتلتين وإن بغت إحداهما على الأخرى وطغت. كما أن القرآن قد سمى المختلفين من المؤمنين إخوانا رغم خلافهم ورغم ما وقع في صدورهم من غل تجاه بعضهم بعضا، كما تكفل هو جل جلاله بنـزع الغلِّ من صدورهم. وبيَّن حضرته أن الخلاف قد يقع نتيجة الاختلاف في الاجتهاد بين أكابر الأتقياء ولا يكون نتيجة فساد نيات فئة دون أخرى، ولكن ينبغي أن يكون المنهج في تلك الحال هو طي هذه المخاصمات لا روايتها وإذاعتها.
وقد دافع حضرته عن أبي بكر الصديق وقدّم الأدلة الساطعة على أنه كان من تحققت فيه آية الاستخلاف تحققا كاملا. وذكر مناقبه وأعماله العظيمة للإسلام وأوّلياته وصحبته وملازمته للرسول في الحياة وفي الممات. كما دافع عن عمر بن الخطاب وبيّن مناقبه وأعماله العظيمة. وأكد أنهما أوذيا كما أوذي الأنبياء وجرت عليهما سنتهم وهذه علامة ميراثهما لهم. وكذلك دافع عن عليٍّ وبيّن أن الشيعة قد أساءوا إليه بما نسبوه إليه مما لا يليق بمكانته ومقامه العظيم. كما دافع حضرته عن عثمان وسائر الصحابة رضي الله عنهم وبيّن أن القرآن يشهد لهم أن الله تعالى قد ألزمـهم كلمة التقوى وكانوا خيرة عباد الله الصالحين.
وفي الباب الأول من هذا الكتاب الذي يتكون من مقدمة وتمهيد وبابين إضافة إلى رسالة وثلاث قصائد، تناول حضرته مسألة الخلافة وناقشها وبيّن حقيقتها ودلل عليها. كما تناول في الباب الثاني مسألة المهدي وحقيقة بعثته، وتناول الحال الذي وصلت إليه الأمة الإسلامية بسبب الفتن الداخلية والخارجية. وبين حضرته أن الله أرسله إماما مهديا لإصلاح أحوال الأمة الداخلية ومسيحا موعودا لمقاومة الفتنة النصرانية الخارجية، وساق الأدلة على هذه الدعوى.
ولم يقتصر هذا الكتاب على تقديم الأدلة النقلية والعقلية فحسب، بل برزت فيه صبغة تحليلية أيضا امتاز بها حضرته، وبيّن من خلالها كيفية نشوء الآراء والأفكار الفاسدة وآثار تلك الآراء على من يعتقدون بها إضافة إلى مآل تلك الآراء ومؤداها ونتائجها. كذلك فقد دعا حضرته الشيعة في أوله إلى المباهلة إن لم يقبلوا حجته، ودعا السنة والشيعة في آخره إليها إن لم يقبلوا دعوته وأعرضوا عنها مستكبرين. وهكذا فجاء هذا الكتاب محكمًا شاملا للأدلة والتحليل مستندا إلى الوحي في بدايته ومشفوعا بدعوة إلى المباهلة إثباتا للحق في أوله وفي آخره. كل ذلك في قالب أدبي عربي فريد رصين مليح ممتع تميزت به كتابات حضرته.
ثمة أمور لا بد من التنويه إليها، وهي:
1- اعتمدنا في إخراج هذا الكتاب على الطبعة الأُولى الصادرة في زمن سيدنا أحمد ، والمحفوظةِ حاليًا في مكتبةِ “الخلافة” المكتبةِ المركزية للجماعة بربوة، باكستان.
2- ثمة هوامش وضعها سيدنا أحمد بنفسه، وكَتَبَ – عمومًا – عند نهايتها: “مِنه” أي من المؤلف.
3- وهناك هوامش أخرى قد أضافتها اللجنةُ العاملة على إخراج هذه الطبعة، وقد مُيِّزت عن الهوامش الأصلية بالخط المائل.
4- إن تشكيل الكلمات قد تم بحسب الطبعة الأولى، إلا فيما شذ وندر.
5- كما أن أسماء السور وأرقام الآيات القرآنية لم ترد في الأصل بل أضيفت من قبل الناشر في الهامش. علمًا أن أرقامها تبدأ باعتبار البسملة آية أولى من كل سورة.
نسأل الله تعالى أن يجعل هذا الكتاب فيصلا للحق للطالبين، وأن ينفع به عباده، وأن يجعله سببا لهدايتهم إلى الصراط المستقيم، آمين.
الناشر
معيار لهداية العيّابين ومعرفة الخط*
“إن معظم العيّابين المستعجلين، وبالأخص الشيخ محمد حسين البطالوي، الذين لا يتصفحون كُتبنا العربية إلا بحثًا عن الأخطاء فيها، يعُدّون – بسبب ظلمة التعصب فيهم – سهوَ الناسخ أيضًا ضمن قائمة الأغلاط. ولكن الحق أنه لا يمكن أن يُعزى إلينا من تلك الأغلاط الصرفية والنحوية إلا ما لم يرِد صحيحُه في موضع آخر من كتبنا. أما إذا ورد في مكان ما لفظ أو تعبير خطأً على طريق الصدفة بينما يكون قد ورد بصورته الصحيحة في عشرات الأماكن الأخرى.. فلا مناص لهم إلا أن يعزوا ذلك الخطأ إلى سهو الناسخ بدلاً من أن يعتبروه غلطًا منا، إن كان فيهم شيء من الإيمان والإنصاف. ولو أنهم أخذوا بعين الاعتبار العجلةَ التي ألّفنا بها هذه الكتب لاعترفوا باقترافهم ظلمًا عظيمًا، ولعدّوها تأليفاتٍ خارقةً للعادة.
والحق أن القرآن الكريم وحده منـزهٌ عن السهو والخطأ، وأما البشر فلم يسلم كلام أحد منهم من هذا العيب. فإن السيد البطالوي نفسه يعترف بأن الناس استخرجوا أغلاطًا حتى من شعر امرئ القيس وكلام الحريري. فهل يمكن لمن عثر صدفةً على خطأٍ للحريري أو امرئ القيس أن يُعَدّ بمكانتهما؟ كلا. والواقع أن الإتيان بالدقائق والمعارف صعب، أما الطعن والقدح فيمكن أن يقوم به شخص ذو كفاءة عادية بل يتسنى ذلك لشخص غبي محض أيضا.
المدة القصوى المحددة من قبلنا لتأليف كتاب بإزاء كتابينا “حمامة البشرى” و”نور الحق” كانت إلى نهاية يونيو 1894م، فانقضت تلك المدة دون أن يبعث أحد من المشايخ طلبه للحصول على الجائزة منا على أساس تأليف كتاب إزاء كتابي، والآن فقد فات الأوان. لا شك أنهم سعوا للطعن والقدح شأن الأغبياء والحساد، حتى إن بعض السذج منهم قد أتوا ببضعة الأخطاء التي حصلت من سهو الناسخ أو بتغافل مني عن طريق الصدفة، طالبين الجائزة مني. غير أنهم ما فتحوا أعينهم قط ليروا أن وعد الجائزة على كل خطأ كان مشروطا بأن يكتب مثل هذا الشخص أوّلاً كتابا بإزاء كتابي؛ وإلا فإن الطاعنين الحاسدين الذين ليس في جعبتهم شيء من الثروة العلمية، يبلغ عددهم في الدنيا الآلاف بل مئات الآلاف، فهل هذا يعني أن نقدم الجائزة لجميع هؤلاء؟ كلا، بل يجب أن يكتبوا أوّلاً كتابا بإزاء كتابنا هذا “سر الخلافة” مثلاً، ثم إذا كان كتابهم مبرأً من الأخطاء وكان يضاهي كتابنا في البلاغة والفصاحة، فيمكنهم أن ينالوا منا على كل خطأ يعثرون عليه روبيتين بالإضافة إلى الجائزة التي وعدنا بها على تأليف كتاب مماثل لكتابنا. وإلا فإن الطعن بدون ذلك بعيد عن الحياء. والسلام على من اتبع الهدى.
العبد المتواضع
غلام أحمد(يتبع)
* هذه ترجمة النص الوارد باللغة الأردية في الصفحة التالية من صفحة الغلاف. (الناشر)