القلب منبع العلوم
  • كيف يبدو أحيانا أن العقل هو مصدر العلوم بينما يبدو في أحيان أخرى أن القلب هو مصدرها؟!

__

وهل من الضروري أن يطلع الإنسان الضعيف على أسرار الله كافة ويحيط بقدراته كلها؟ بل من المفروغ منه أنه لو استطاع العلم، أي العلم الطبيعي، أن يحيط بجميع أعمال الله تعالى العميقة، فهو ليس إلها أصلا. مهما اطَّلع الإنسان على حِكمه الدقيقة لا يساوي ذلك العلم الإنساني مقدار البلل على إبرة إذا غُمست في البحر. ولا غباوة أكبر من القول بأن السبيل مفتوح أمامنا للاطلاع على قدراته الدقيقة كلها. لقد مضت على الدنيا آلاف القرون ومع ذلك لم يطلع الإنسان على حِكَمه تعالى ولو بقدر بلل رأس شعرة في المطر النازل على المستوى العالمي. إذًا، إن اعتزاز الإنسان بحكمته وفطنته في هذا المقام ليس إلا تباهٍ فارغ وحمق. مع أن الإنسان يسعى منذ آلاف السنين لاكتشاف قدرات الله بكل ما في وسعه بواسطة علومه الطبيعية والرياضيات ومع ذلك ظلت معلوماته ناقصة حتى الآن إلى درجة أنه ينبغي اعتباره فاشلاً وخائبًا تمامًا. هناك مئات الأسرار التي تنكشف على أهل الكشف والحائزين على مكالمة الله، وآلاف الصالحين يشهدون على ذلك. ولكن الفلاسفة ما زالوا ينكرونها لأنهم يعُدّون الدماغ مدار إدارك المعقولات والتدبر والتفكر ولكن أهل الكشوف علموا نتيجة رؤيتهم الصحيحة وتجاربهم الروحانية أن مصدر العقل الإنساني ومعرفته هو القلب، كما ألاحظ منذ 35 عامًا أن كلام الله الذي هو كنـز المعارف الروحانية والعلوم الغيبية ينـزل على القلب. وفي بعض الأحيان يتبين أنّ القلب مصدر العلوم نتيجة صوت ينـزل عليه بقوة وشدة كما يُدلى الدلو بقوة في بئر ممتلئ ماءً. عندها يتدفق ماء القلب ويصعد إلى الأعلى بصورة نَوْرٍ غير متفتِّح ثم يتفتّح- كما تتفتّح الزهرة- عند اقترابه من الدماغ، ومنه يتولد كلام هو كلام الله. فيتبين من هذه التجارب الصحيحة أنه لا علاقة للدماغ بالعلوم والمعارف، غير أنه لو كان الدماغ سليمًا  ولم تصبه آفة لاستفاض من علوم القلب الكامنة. ولأن الدماغ منبت الأعصاب لذا فإنه كأداة تستطيع أن تجلب الماء من البئر. والقلب هو ذلك البئر الذي هو منبع العلوم الخفيَّة كلها. هذا هو السِّر الذي علمه أهل الحق بالكشوف الصحيحة، وأنا صاحب تجربة في ذلك.  (ينبوع المعرفة  148)

Share via
تابعونا على الفايس بوك