قامت التقوى في العدد السابق بتقديم موقف الجماعة الإسلامية الأحمدية من قضية سلمان رشدي باختصار. وتقدم الآن إلى القراء الكرام بعض من الفتاوى والبيانات من رجالات وجهات إسلامية في هذه القضية الهامة، وكذلك أدلتهم على صحة فتاواهم بقتل صاحب هذا الكتاب الشيطاني اللعين لكونه مرتدًا بسبب اعتدائه على شخصية النبي بسبه وشتمه. وسوف نبين في الأعداد القادمة: ما إذا كان ساب الرسول يستوجب القتل أم لا، وذلك بمناقشة أدلة القائلين بذلك. ونبدأ هنا بنشر خطاب هام لإمام الجماعة الإسلامية الأحمدية أيده الله تعالى بنصره العزيز حول موضوع قتل أهل الردة، لمعرفة ما إذا كان القرآن الكريم يجيز ذلك، وما هي السنة الشريفة في هذا الشأن، وأدلة القائلين به ومناقشته أدلتهم في ضوء القرآن والسنَّة والعقل والمنطق، وعواقب هذه النظرية الخطيرة. كل ذلك بالتفصيل إن شاء الله العزيز. (رئيس التحرير)
- كتبت جيدة “نواء وقت” الباكستانية.
لقد أعلن ممثل للزعيم الإيراني آيت الله خميني حجة الإسلام حسن ثاني أن مؤسسته ستكافئ من يقتل سلمان رشدي بعشرين مليون ريال إيراني إذا كان القاتل إيرانيًا، ومليون دولار إذا كان من خارج إيران. (17/2/89)
- لقد حذر الرئيس الإيراني علي خامنئي أنه إذا ما تجاسر أحد على إهانة الإسلام في المستقبل فسوف يكون مصيره القتل مثل سلمان رشدي.. فكل من كتب أو صنع فيلمًا ضد الإسلام فليستعد للموت. (جريدة “الملة” لندن 4/3/89)
- لقد اعتبر وزراء خارجية الدول الإسلامية سلمان رشدي مرتدًا، وأدلوا ببيان قالوا فيه: إنه لو لم تُسحب روايته فسوف تقوم الدول الإسلامية بمقاطعة ناشريها. (جريدة جنك – لندن 17/3/89)
- وقال مسلم بريطاني حديث الإسلام السيد يوسف الإسلام وكان يدعى من قبل Pop Star: إن سلمان رشدي يستوجب القتل حسب تعليم الإسلام.. فعقوبة القتل ليست من الإمام الخميني، وإنما هي من الإسلام. (جريدة الملة، لندن 24/2/89)
- وكتبت جريدة جنك اللندنية: إن زعيم المسلمين في الهند السيد عطاء الله البخاري قد أيد فتوى الزعيم الإيراني الإمام الخميني بقتل سلمان رشدي. وأضاف قائلاً: لن يعامل رشدي برفق. (25/2/89)
- جاء في جريدة “حيدر” الباكستانية الصادرة من روالبندي: إن شيخ “ديول شريف قد قام بتوثيق فتوى الخميني، وقال: إنها فتوى عظيمة في تاريخ الإسلام” (9/3/89)
- وقال شيخ باكستاني قاضي زاهد الحسيني: إن سلمان رشدي واجب قتله، ولن تقبل توبته. (جريدة الملة، لندن 10/3/89)
- وجاء في كتيب مختصر في حكم الإمام وجذوره الشرعية:
أصدر الإمام الخميني حفظه الله حكمه بإعدام سلمان رشدي مؤلف كتاب (الآيات الشيطانية)، فترك ذلك أصداء واسعة على المستوى العالمي..
فالقضية أعظم حتى من عملية سب فردي شخصي فهي مؤامرة عالمية يقوم بها الكفر العالمي وخلفه الصليبية والصهيونية العالمية لتشويه شخصية الرسول العظيم. وفيها من الإصرار الشيء الكثير.
وها نحن نذكر بعض ما ذكره العلماء والمحدثون والمؤرخون بهذا السبيل وبكل اختصار ليقف الباحثون عن الحقيقة على بعض ما قالوه في هذا المجال:
السب هو الشتم وقيل هو الشتم المشدد. والشتم هو قبيح الكلام وليس فيه قذف. فإذا كان فيه قذف تضاعف. (راجع كتب اللغة كلسان العرب ومفردات الراغب).
جاء في الموسوعة الفقهية لدولة الكويت الجزء الثالث ص 249 تحت مادة استخفاف ما يلي:
اتفق العلماء على أن الاستخفاف بالأنبياء حرام وإن المستخف بهم مرتد، وهذا فيمن ثبتت نبوته بدليل قطعي لقوله تعالى
وقوله تعالى
وقوله تعالى
وسواء كان المستخف هازلا أم كان جادا لقوله تعالى:
إلا أن العلماء اختلفوا في استتابته قبل القتل فالراجح عند الحنفية وقول المالكية، والصحيح عند الحنابلة أن المستخف بالرسول والأنبياء لا يستتاب بل يقتل، ولا تقبل توبته في الدنيا لقوله تعالى:
وقال المالكية (وهو الراجح عندهم) والشافعية وهو رأي للحنفية والحنابلة: يستتاب مثل المرتد وتقبل توبته إن تاب ورجع لقوله تعالى:
والخبر: (وإذا قالوها عصموا مني دماءهم).
ومن الملاحظ أن هذا في الحالات الفردية، وللحالات التآمرية الكبرى أحكامها المشددة الأخرى. وجاء في كتاب: اللمعة الدمشقية ج 9 ص 194 وشرحه للشهيدين ما يلي:
وساب النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة عليهم السلام يقتل. ويجوز قتله لكل من اطلع عليه ولو من غير إذن الإمام أو الحاكم، ما لم يخف القاتل على نفسه أو ماله أو على مؤمن. وأشار إلى رواية في الوسائل هي الحديث الثاني الجزء 18 ص 459 ونصها كما يلي:
عن عدة من أصحابنا عن سهل بن زياد عن علي بن أسباط عن علي بن جعفر قال أخبرني أخي موسى فقال أبو عبد الله أخبرني أبي أن رسول الله قال: الناس في أسوة سواء، من سمع أحدا يذكرني فالواجب عليه أن يقتل. من شمتني ولا يرفع إلى السلطان، والواجب على السلطان إذا رفع إليه أن يقتل من نال مني).
وهناك رواية أخرى عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن حماد بن عيسى عن ربعي ابن عبد الله عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (صحيحه) قال: إن رجلاً من هذيل كان يسب رسول الله فقال: من لهذا؟ فقام رجلان من الأنصار فقالا: نحن يا رسول الله. فانطلقا حتى أتيا عربة فسألا فإذا هو يتلقى غنمه فقال: من أنتما وما اسمكما؟ فقالا له: أنت فلان ابن فلان؟ قال: نعم، فنزلا فضربا عنقه.
قال محمد بن مسلم فقلت لأبي جعفر : أرأيت لو أن رجلا الآن سب النبي أيقتل؟ قال: إن لم تخف على نفسك فاقتله.
وهناك رواية رواها الطبرسي عن الرضا عن آبائه عن رسول الله قال: من سب نبيًا قتل، ومن سب صاحب نبي جلد.
وجاء في كتاب فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج 12 ص 236: نقل ابن المنذر الاتفاق على أن من سب النبي صريحًا وجب قتله.
ونقل أبو بكر الفارسي أحد أئمة الشافعية في كتاب الاجماع أن من سب النبي بما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء، فلو تاب لو يسقط عنه القتل، لأن حد قذفه القتل، وحد القذف لا يسقط بالتوبة.
قال الخطابي: لا أعلم خلافًا في وجوب قتله إذا كان مسلمًا. وقال ابن بطال: اختلف العلماء فيمن سب النبي : فأما أهل العهد والذمة كاليهود فقال ابن القاسم عن مالك: يقتل إلا أن يسلم، وأما المسلم فيقتل بغير استتابة.
وجاء في (زاد المعاد) لابن القيم الجوزي ج 3 ص 213 ما نصه:
“ثبت عنه بإهدار دم أم ولد الأعمى لما قتلها مولاها على السب، وقتل جماعة من اليهود على سبه وأذاه، وأمن الناس يوم الفتح إلا نفرا ممن كان يؤذيه ويهجوه وهم أربعة رجال وامرأتان. وقال: من لكعب بن الأشرف فإنه قد آذى الله ورسوله وإهدار دمه ودم أبي رافع. وقال أبو بكر الصديق لأبي برزه الأسلمي وقد أراد قتل من سبه: ليست هذه لأحد بعد رسول الله فهذا قضاه وقضاء خلفائه من بعده y ولا مخالف لهم من الصحابة وقد أعاذهم الله من مخالفة هذا الحكم.
وقد روى أبو داود في سننه عن علي كرم الله وجهه أن يهودية كانت تشتم النبي وتقع فيه. فخنقها رجل حتى ماتت، فأبطل رسول الله دمها. وذكر أصحاب السير والمغازي عن ابن عباس ، قال: هجت امرأة النبي ، فقال: من لي بها. فقال رجل من قومها: أنا، فنهض فقتلها. فأخبرني النبي فقال: لا تنتطح فيها عنزتان. وفي ذلك بضعة عشر حديثا ما بين صحاح وحسان ومشاهير وهو إجماع الصحابة.
وقد ذكر حرب في مسائله عن مجاهد قال: أتى عمر برجل سب النبي . فقتله ثم قال عمر من سب الله ورسوله أو سب أحدًا من الأنبياء فاقتلوه.
ثم قال مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أيما مسلم سب الله ورسوله أو سب أحدًا من الأنبياء فقد كذب برسول الله وهو ردة يستتاب فإن رجع وإلا قتل، وأيما معاهد عاند فسب الله أو سب أحدًا من الأنبياء أو جهر به فقد نقض العهد فاقتلوه. وذكر أحمد رحمه الله عن ابن عمر أنه مر به راهب فقيل له هذا يسب النبي فقال ابن عمر : لو سمعته لقتلته، إنا لم نعطهم الذمة إلا على أن يسبوا نبينا.
والآثار عن الصحابة بذلك كثيرة وحكى غير واحد من الأئمة الاجماع على قتله.
وجاء في جواهر الكلام للعلامة صاحب الجواهر (النجفي) ج 41 ص 432 قوله:
افا إلى النصوص”
ففي خبر هشام بن سالم عن أبي عبد الله أنه سئل عن شتم رسول الله فقال: يقتله الأدنى فالأدنى قبل أن يرفع إلى الإمام. وفي خبر الحسين بن علي على الوشاء. (سمعت أبا الحسن يقول: .. وفي خبر علي بن جعفر: ..
أخبرني أبي أن رسول الله قال: الناس في أسوة سواء من سمع أحدًا يذكرني فالواجب عليه أن يقتل من شتمني ولا يرفع إلى السلطان..
وجاء في كتب التاريخ والسيرة الشريفة: ومنها (السيرة النبوية لابن هشام) مصاديق لتطبيق هذا الحكم الإسلامي، ومنها قصة كعب بن الأشرف الذي أنشد الشعر لصالح الكفار ثم شبب بنساء المسلمين فبعث رسول الله من يقتله (ج 3 ص 54)
وكان سلام بن أبي الحقيق ممن يعادي رسول الله فأذن الرسول بقتله (ج 3 ص 386)
وكانت هناك قينتان تغنيان بهجاء رسول الله فأمر بقتلهما (ص 52 ج 4)
وعليه: فهل بعد هذه النصوص هناك مجال لعدم القبول لهذا الحكم الإسلامي؟
إننا نرى أن من الواجب على علماء المسلمين أن يقفوا صفا واحدا في قبال الكفر الذي وقف صفا واحدا خلف سلمان رشدي، وراح يدافع عنه، وأن يدينوا هذا العمل الشنيع انتصارا لرسولهم ورسالتهم ومقدساتها.
ولا مجال بعد هذا إلا تنفيذ حكم الله بهذا المجرم العتيد. والله غالب على أمره. (مختصر في حكم الإمام وجذوره الشرعية).