الخلافة الراشدة

جميع القيادات السياسية والعسكرية ليس بمقدورها أن تحقق لشعوبها إلى الآمال المرتجاة إلا على المستوى الوقتي الضيق والمادي فحسب، وهي لا تضمن لتلك الشعوب حمايتها من الآثار السلبية الناجمة عن توجهات تلك القيادات في أغلب الأحيان، لنأخذ مثلا قيادة هتلر لألمانيا، نعم.. لقد حقق هتلر لشعبه مجدا عظيما، لكنه كان مؤقتا، كفقاعة لم تلبث أن اختفت، ليتجرع الألمان مرارة العيش سنينا، هذه هي حال القيادات السياسية والعسكرية الدنيوية، فهذا المقال عرض مقارن لنوعين من القيادات، إحداهما التي ذكرناها آنفا، والأخرى، وهي مدار الحديث، هي القيادة الروحية، التي يقيمها الله تعالى بيده لخدمة دينه، فيزدهر بها دين الأمم ودنياها.

في يوم الخلافة الذي تطلع شمسه في شهر مايو من كل عام، وهي أسطع وأزهى ما تكون، يحتفل المسلمون الأحمديون وتبش وجوههم، حتى لَتبدو أنها تنافس الشمس سطوعا، فبم يحتفلون في الحقيقة؟!

لقد بشّر الله المؤمنين في آية الاستخلاف أنه سيقيم فيهم الخلافة ما داموا حائزين أعلى مستوى الروحانيةِ والأعمال الصالحة. وقد أكّد الله تعالى في هذه الآية أنه هو الذي يختار الخليفة، وعليه فإن انتخاب أبي بكر الصديق كان مصداقا لذلك الوعد.. كانت هذه نقطة معرفة دقيقة بينها المسيح الموعود (ع) في كتاب “سر الخلافة”، ودحض من خلالها كافة الانتقادات التي يوجهها طائفة من الناس لنظام الخلافة وشخص الخليفة أبي بكر الصديق (رض)

للخلافة سر، وللخلفاء سيرة، فسر الخلافة يكمن في أنها المشروع الإلهي لرقي نوع الإنسان، لذا فقد ارتبطت في كتاب الله عز وجل بوعد قطعه الله تعالى وآل على نفسه تحقيقه. أما سيرة الخلفاء، فقد بينها خاتم الخلفاء سيدنا المسيح الموعود (ع) حين تحدث عن تلاميذ الرحمن..

لا جماعة مؤمنين بدون الخلافة!! فنظرا إلى الضرورة الكبرى لنظام الخلافة والآمال العريضة المعقودة عليه، جاءت توجيهات وتعاليم سيدنا خاتم النبيين (ص)، حتى إن من وصاياه الأخيرة قبل أن ينتقل إلى الرفيق الأعلى، وصيته بلزوم جماعة المؤمنين وإمامهم.

آفة هذا الزمان وكل زمان أننا لأجل الغاية النبيلة قد نسلك سبلا ملتوية. والخلافة من الأمور التي تهم المسلمين، إن لم تكن أهمها على الإطاق، وهدفها هو توحيد الأمة الإسامية خلف إمام واحد، فيسعى البعض إلى إقامتها بعيدا عن راعيها الرسمي، الذي بدأها وأعلن عنها أول مرة.

ما زال المسلمون في جدالهم القديم منذ عصر الخلافة الراشدة الأولى حول احترامهم مقام الخلفاء الثلاثة الأوائل، أبي بكر وعمر وعثمان (ررضي الله عنهم)، ومهما حاولنا رأب الصدع الحاصل بينهم فعبثا نحاول، ما لم تتحسن نظرة الناس إلى مقام هؤلاء الثلاثة، الأمر الذي خصص الحكم العدل مسيح الزمان قسطا كبيرا من الحديث عنه في كتابه “سر الخلافة”

لقد احتل حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن ضرورة اتباع سنتع وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعده مساحة عظيمة من نبوءاته ووصاياه (عليه الصلاة والسلام) شفقة منه على أمته.

لعثمان بن عفان رضي الله عنه مكانه ومكانته البارزة بين صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين هم النماذج الإنسانية العليا، وعهد خلافته عهد مبارك دون أدنى شك، فقد امتد الإسلام ليشمل العديد من البلدان، غير أن الأمة منيت بخسارة فادحة وتفشت فيها جرثومة الفتنة منذ ذلك الحين.. وفي إطار ذكر حضرة أمير المؤمنين سير الصحابة البدريين، يتناول حضرته سيرة ذي النورين رضي الله عنه في بضع خطب، وبمناسبة حلول الذكرى الثالثة عشر بعد المائة لقيام الخلافة في جماعة المسيح الموعود، رأت التقوى أن تتحف قراءها بملخص يُجمِل ما ذكره سيدنا الخليفة الخامس من سيرة حضرة ذي النورين في خطب الجمعة..

في تسلسل تاريخي متصل، وبعد إتمام الحديث عن سيدنا المصلح الموعود الخليفة الثاني (رض) ننتقل إلى الحديث عن خلفه ونجله، حضرة مروا ناصر أحمد (رحمه الله) الذي تقلد زمام الخلافة خليفة ثالثا لجماعة المؤمنين، ذاكرين في سياق حديثنا بعض جوانب الابتلاءات والبركات التي لا تنفك تنزل على جماعة المؤمنين..

لا عاصم لنا اليوم إلا في التمسك بحبل الخلافة الراشدة على منهاج النبوة

اقتضت رحمة الله تعالى تجديد الدين والرسالة العالمية للإسلام التي لا تحدها حدود ولا زمان، هذا التجديد الذي تنادي به حاجة العصر في ظل الأحداث العالمية المقلقة في كل مكان..

تنبأ الرسول صلى الله عليه وسلم بعودة الخلافة الراشدة في آخر الزمان، فرحمة الله الواسعة لا تتخلى عن العباد ، وحظيت الجماعة الإسلامية الأحمدية بنصيب كبير من البشارة المذكورة..فما واجبات الأحمدي تجاه الخلافة والآخرين؟
وما تبعات الانفصال عن الخلافة؟

كيف كانت ظروف الخلافة الراشدة الأولى وكيف كان حال المسلمين بعدها حتى ظهور الدجال وسقوط آخر لبنة من حاط الصد الأخير المتهالك؟

اعلم أن أمر الخلافة على منهاج النبوة لتارة أخرى تحقق، فما الخلافة، وما مظهر تحققها في هذا الزمان…؟

تولي أبي بكرٍ الخلافة كان تثبيتا لدعامة التوحيد التي تزعزعت بوفاة النبي مشابهة لطيفة بين أبي بكر ويشوع بن نون الصديق يبدأ عهده بقرار إنفاذ جيش أسامة (رض) طاعة للنبي أخلاق المسلمين في القتال من خلال وصية أبي بكر لأسامة كيف دحض الصديق فتنتي الردة ومنع الزكاة؟! الشورى في الإسلام، مُعْلِمَة للخليفة، لا مُلزمة! ___