على قدر الانحراف يكون التصحيح، وفي هذا الباب يعد القرآن الكريم منهج تصحيح في المقام الأول، وواقع المسلمين المعاصر يشهد بلسان الحال على حاجة الأمة إلى من يصحح لها اتجاهها، وبتعبير آخر: يجدد لها أمر دينها
لا يخلو يوم المخلوق من معاناة وشقاء بصورة ما، ولولاها لما تأتَّى لنا تحصيل الأفضال والإنعامات التي عليها مدار تكليفنا، ومن ثم ترقينا وتطورنا.
الأمور المُعضلة، علينا أن نتأملها من منظور كمالات الله تعالى. فمن تلك الكمالات أنه عز وجل حي سميع بصير قيوم، فهو حي يهب الحياة، وسميعٌ دعاءَ وتضرعاتِ عباده الصلحاء، وقيوم أي متصرف في أدق الأمور وأعظمها في الآن نفسه بكل اقتدار! فلئن قضى الحسين نحبه استشهادا، فإنما ليُحيي الله تعالى ذكراه، ثم لا شك أن الحسين عشية استشهاده لم يكن مشغولًا بنفسه ولا بأهل بيته بقدر انشغاله بمصالح أمته ومواساتها..
جاء الإسلام معلما إيانا ذَبْح نفوسنا الأمارة، لأجل أن ينعم لآخرون من حولنا بالسلامة والأمان، وليتحقق بهذا شطرُ عبادة الله تعالى، وهو التضحية من أجل سائر الخلق، فهذا هو أصل الذَّبح وفصله.
خلق الله تعالى الإنسان لعبادته، وجعله مُستخلفا في الأرض لإصلاحها، وقد فطن عدد من المتقدمين إلى معنى الإصلاح هذا، وإلى أنه ليس من قبيل معالجة الفساد، وإنما هو من باب التطوير والتهيئة لحمل الأعباء، والترقية في مدارج السمو الروحي، والذي جُعِل الإصلاح المادي عليه شاهدا ودليلا.
إن مشهد الحرب العالمية الثالثة أخذ يمثل للعيان الآن بوضوح أكبر، العجيب أن العالم بات كحبيس في سجن مفتوح الباب، يندب حظه ولكنه يأبى إطلاق سراح نفسه! فما هو هذا الباب المفتوح يا ترى؟
العبادة في الإسلام شطران، توحيد الخالق، ومواساة جميع الخلائق، وشهر رمضان يعد فرصة روحانية سانحة ومتجددة لأداء شطري العبادة المذكورين على النحو الأتم.
جوابا على السؤال الذي تضمنه العنوان، فإن الفتن بأنواعها الثلاثة حتمية الوقوع في حياة الأفراد، والجماعات، والشعوب، والأمم. فالأجدى إذن السؤال عن السبيل الأمثل للتعامل مع تلك الفتن.
الفتن والبلايا من الأمور الممقوتة بطبيعة الحال، ولكن النظرة الإسلامية إلى الوجود علمتنا أن ما من شيء سيئ بالكلية، إذ يمارس دورا أوجده لأجله الله الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ.
الدعاية الصاخبة منذ مدة لما يسمى إعلاميا بـ “الدين الإبراهيمي” تبدو مقلقة للكثيرين، لا سيما وأنها ما تزال في طور الغموض، فلسنا ندري، أمكرٌ حيك بليل لتلفيق ديانة مبتدعة؟ أم دعوة صادقة لخُلُق إبراهيم الخليل ع؟ ولكن على أية حال فلا يليق بجماعة المؤمنين القلق، لسبب وجيه مذكور في ثنايا المقال.