شخصية الطفل
  • تأثير المورثات على الطفل
  • فوارق الشخصية بين الجنسين
  • الاختلافات في تطور الدماغ
  • العوامل المشكلة لمزاج الطفل
  • “ضرب الأولاد.. يندرج تحت الشرك”

__

مع أن للرضع الكثير من الخصائص والسلوكيات المشتركة فإن هناك فروقًـا هائلة بينهم، حتى منذ اللحظات الأولى للحياة. إن أي طفل له هويته الفريدة من الناحية الوراثية، كما أنه يتفرد بمجموعة من الخبرات التي مر بها أثناء حياته في الرحم، وخلال الولادة، وخلال الأشهر القليلة الأولى للحياة. كل هذه الخبرات تلعب دورًا في كيفية استجابته للعالم الخارجي.

تـأثير المورثـات

منذ لحظة الإخصاب، فإن ملامح الطفل الشكلية والعديد من صفاته تكون قد تقررت لمدى الحياة. لقد ورث نصف مورثاته من الأم (من البويضة) ونصفها الآخر من والده (من النطفة). ولكن كل نطفة وكل بويضة تشتمل على تشكيلة مختلفة من المورثات، لذلك كل طفل يملك هويته المميزة من حيث المظهر والشخصية والمهارات.

يتفاوت الأطفال بشكل كبير في تركيبة مورثاتهم، باستثناء التوائم المتماثلة التي تنتج عن انقسام بيضة ملقحة واحدة لتعطي أكثر من جنين يملكون نفس المورثات. تتحكم هذه المورثات بالكثير من الخصائص الشكلية للطفل، بما في ذلك لون العيون والشعر وفصيلة الدم والجنس والطول وشكل الجسم وغير ذلك.

كما يعتقد أيضًا أنَّ بعض خصائص شخصية الطفل على الأقل تتقرر من خلال المورثات، فالخجل والذكاء على سبيل المثال يمكن أن يورث. وحيث إن التركيبة الوراثية للطفل يمكن أن تقرر إمكانية أن يكون منفتحا أو خجولاً، هادئًا أو مندفعًا، ذا ميول رياضية أو مدرسـية، فإن الطريقة التي تـتم تنـشئته عليها لها أيضًا تأثير قوي على شخـصيته.

الفـوارق بين الجنـسين

معـظم الخبراء يعتقـدون أن الفروق في الشخصـية بين الجنـسـين تعزى لمزيـج معـقد من الصفـات الموروثة (الطبيعة) والسـلوك المتعـلم (التطبع).

إن للتوقعات الاجتماعية أثرًا كبيرًا على الطريقة التي تتم بها معاملة الأطفال. ومهما حاول الوالدان أن يكونا عادلين وغير منحـازين، فإن تأثيـرات اجتماعية خفية تتحكم في التعـامل مع الأطفال. ففي دراسة حديـثة وجد أنه عندما أُلبس أطفال ذكور ألبسة بنات، عوملوا بصورة مخـتلفة تماما من قبل آباء وأمهات آخرين لم تسـبق لهم رؤية هؤلاء الأطفال من قـبل، وهؤلاء الأولاد عـندما ألبسـوا ملابـس الأولاد المعتادة، عـوملوا بطـريقة أكثر خشونة بكثير من الـبنات وقدمـت لهم ألـعاب الأولاد (مثل الألعاب التي تصدر ضجـيجًا وسـيارات وقـطارات)، وعندما أُلـبسوا ألبسـة البنـات، عوملوا بنعومة أكثـر وقـدمت لهم الدمى.

الاختلافـات في تطور الدمـاغ

مع الإقرار بأن المؤثرات الخارجية تلعب دورًا رئيسًا في تطور الطفل، فإن بعض الأبحاث تشير إلى أن تركيبة الدماغ هي المسئولة عن الكثير من الاختلافات التطورية بين الجنسين؛ فعلى سبيل المثال يكون الجانب الأيمن من الدماغ والذي يتحكم بالنشاطات الفيزيائية، أكثر تطورًا عند الأولاد، في حين أن التطور الأبكر للجانب الأيسر من الدماغ في البنات يمكن أن يفسر تطويرهن الأبكر للمهارات الحركية الدقيقة والكلام مقارنةً بالأولاد.

ومع أن العوامل البيولوجية قد تكون مهمة، إلا أنه لا يجب أن ينظر إليها على أنها قيود تحد من إمكانيات الطفل في الازدهار والإنجاز، فالأطفال يملكون طاقات كبيرة للتعلم هي أقوى بكثير من أية محددات بيولوجية.

مـزاج الطـفل

هناك الكثير من العوامل التي تساهم في تشكيل شخصية ومزاج الطفل؛ فالعوامل الوراثية، والجنس، والبيئة الاجتماعية، وعدد الإخوة، كلها تلعب دورًا كبيرًا. إن معظم هذه الأمور طبعًا خارجة عن نطاق سيطرتك، ولا بد من الاعتراف أنه لا يمكنك اختيار شخصية ابنك.

ولكن العامل الأكثر أهمية وتأثيرًا على حياته بين هذه المؤثرات على الطفل خلال شهور وسني حياته الأولى هو علاقته بالوالدين. إننا بلا شك لسنا قادرين على اختيار أي نوع من الأطفال سيكون لدينا، ولكن الطريقة التي نتفاعل بها مع الطفل واستجابتنا له الآن سوف يكون لها تأثير عظيم على شخصيته الآخذة بالتطور.

يجب أن نتذكر أن شخصية الطفل الصغير في هذا العمر هي في تطور مستمر. ولا يمكن لأحد التنبؤ أي نوع من الأشخاص سيكون في النهاية.

أيًّا كانت شخصية الطفل فإنه حتمًا سيستفيد من الحب والرعاية، وهو ما يساعده على بناء الإحساس بقيمة الذات، الأمر الذي لا يُقدَّر بثمن في الحياة. إن الإحساس بالثقة والأمان ليس مساعدا رئيسًا في الحياة فحسب، وإنما هو عامل أساسي من أجل التطور أيضا. وإن كثيرًا من الاضطرابات النفسية التي يتعرض لها الأطفال مصدرها الأساسي هي الظروف والبيئة المحيطة؛ فالطفل الذي لا يجد البيئة التى تشبع له احتياجاته ويشعر بأنه غير مرغوب فيه قد يصبح سيئ التكيف مضطرب الشخصية.

ومن العوامل التي لها دور أيضا في تكوين شخصية أطفالنا وتنشئتهم ويجب ألا نغفلها كمسلمين أحمديين هو الدعاء لهم، وهنا أود أن أورد قولاً للمسيح الموعود أعجبني  ويجب أن يتخذه كلاً منا منهجًا في تربية أطفاله:

“إن ضرب الأولاد في رأيي يندرج تحت الشرك، وكأن الضارب الجلف يريد أن يشرك نفسه مع الله تعالى في الهداية والربوبية، عندما يعاقب الشخص الثائر طفله على أمر فإنه يتمادى في فورة غضبه بحيث يصبح كالعدو، فيعاقب أكثر من الجرم بكثير، أما لو كان ثمة شخص رزين هادئ حليم وقور قادر على ضبط نفسه حقًا، فيحق له أن يعاقب الطفل أو يرمقه بنظرة عتاب في الوقت المناسب إذا اقتضى الأمر. ولكن المتهور وطائش العقل الذي يستشيط غضبًا فلا يستحق أن تعهد إليه تربية الأولاد.  ليت المتحمسين لعقاب الأولاد ينصرفون إلى الدعاء بنفس الحماس والجهد، ويواظبون على الابتهال والدعاء من أجل الأولاد بحرقة والتياع، ذلك لأن دعاء الوالدين في حق الأولاد يحظى بقبولية خاصة عند الله تعالى” (الملفوظات ج 2 ص4)

ويقول :

“إن الهداية والتربية الحقيقيتين من عمل الله تعالى. أما المطاردة الشديدة والتجاوز في الإصرار على أمر.. أعني زجر الأولاد وعتابهم في كل صغيرة وكبيرة وكأننا نحن الذين سنهديهم إلى الطريق الذي نبتغيه.. أقول إن هذا لمن الشرك الخفي الذي يجب على أصحابنا تجنبه. أما أنا فأدعو لأولادي وأعلمهم المبادئ الأساسية وآداب التعلم بشكل عابر، ثم أتوكل على الله كل التوكل”. (الملفوظات ج2 ص 5)

لقد اكتفيت في هذا المقال بتناول بعض العوامل المؤثرة في شخصية الطفل بشكل عام دون الخوض في التفاصيل لأن الموضوع معقد ومتشعب جداً، وفي الأعداد القادمة إن شاء الله أسلط الضوء على بعض الجوانب النفسية والسلوكية والصحية للطفل في مراحل العمر المختلفة.

Share via
تابعونا على الفايس بوك