يـا عينَ فيضِ الله والعـرفانِ
يَسعَى إليكَ الخَلقُ كالظَّمآنِ
.
يا بحرَ فضـلِ المـنعِم المـنّانِ
تَهوِي إليك الزُّمْـرُ بالكِيزانِ
.
يا شمسَ مُلكِ الحـسن والإحسانِ
نـوَّرتَ وجهَ البَرِّ والعُمْرانِ
.
قومٌ رأَوك وأمّـة قـد أُخبرتْ
مِن ذلك البدرِ الذي أصباني
.
يـبكُون من ذِكر الجمال صبابةً
وتألّمًا من لوعـة الهِـجرانِ
.
وأَرى القلوبَ لدى الحناجرِ كُربةً
وأَرى الغروبَ تُسيلها العينانِ
.
وقدِ اقتفاك أولو النُّهَى وبصدقِهم
وَدَعُوا تذكُّـرَ معهدِ الأوطانِ
.
قـد آثروك وفارَقوا أحبابَهم
وتباعَدوا من حلقـةِ الإخوانِ
.
قد ودَّعوا أهواءَهم ونفوسَهم
وتبرَّؤوا من كلِّ نَشْبٍ فـانِ
.
ظـهَرتْ عليهم بيِّناتُ رسولهم
فتَمزّقَ الأهواءُ كالأوثــانِ
.
نهَب اللِّئامُ نشوبَهم وعَقارَهم
فتَهـلَّـلوا بجواهـر الفُرقانِ
.
كسَحوا بيوتَ نفوسِهم وتَبادَروا
لِتمتُّع الإيـقانِ والإيـمـانِ
.
قاموا بإقـدامِ الرسولِ بغَزوهم
كالعاشق المشغوفِ في الميـدانِ
.
فدَمُ الرّجالِ لِصدقِهم في حُبّهم
تحتَ السيوف أُريقَ كالقربانِ
.
جاءوك منـهوبين كالعـريانِ
فستَرتَـهم بِمَلاحِف الإيمانِ
.
أحييتَ أمواتَ القرون بجَلوةٍ
ماذا يماثلك بـهـذا الشّانِ
.
لا شكّ أنّ محمّدًا خيرُ الـوَرى
رَيْـقُ الكرامِ ونخبةُ الأعيـانِ
.
تـمّتْ عليه صفاتُ كلِّ مَـزِيّةٍ
خُـتِمتْ به نَعْماءُ كلِّ زمانِ
.
واللهِ إن محـمـدًا كـرَدافـةٍ
وبهِ الوصولُ بِسُدّة السّلطانِ
.
هـو جَنّـةٌ إني أرى أثمـارَهُ
وقُطوفَه قد ذُلِّلتْ لِـجَـناني
.
إني لقد أُحيِيتُ مِـن إحـيائه
واهًا لإعجازٍ فما أَحْـياني!
.
يا رَبِّ صَلِّ على نبـيّك دائـمًا
في هذه الـدنيا وبعثٍ ثـانِ
.
يا سيِّدي قد جئتُ بابَك لاهِفًا
والقومُ بالإِكفـارِ قد آذاني
.
يَفرِي سهامُك قلبَ كلِّ محاربٍ
ويشُـجُّ عَزْمُكَ هامةَ الثّعبانِ
.
للهِ دَرُّك يا إمـامَ العـالَـمِ
أنت السَّبوقُ وسيّدُ الشّجعانِ
.
اُنظُرْ إليَّ برحمـةٍ وتحــنُّـنٍ
يا سيّدي أنا أحقَـرُ الغلمانِ
.
يا حِبِّ إنك قد دخَلتَ محبّـةً
في مُهْجَتي ومَدارِكي وجَناني
.
مِن ذِكرِ وجهِك يا حديقةَ بَهجتي
لَمْ أَخْلُ في لحـظٍ ولا في آنِ
.
جسمي يطيرُ إليك مِن شوقٍ عَلا
يا ليتَ كانت قوّةُ الطَّـيَرانِ