فمنهم مَن قضى نَحْبَه..

فمنهم مَن قضى نَحْبَه..

أستاذنا المحبوب أبو عبد الرشيد محمد شريف تشودري في ذمة الله

هكذا يُفقد الرجال بغتةً. فتشخص العيون وترتجف الأفئدة. هكذا يُخطف العظام من الناس في المواسم العظيمة فكان يومُ أستاذنا المحبوب (30 يوليو 1993) يومَ النَّفير الأول في الاحتفال السنوي العام للجماعة الإسلامية الأحمدية المباركة ببريطانيا الذي تقاطرت إليه جُموع الصلحاء من كل قطر في أرجاء المعمورة. وكأنهم جاءوا جميعا لكي يسمعوا الخبر. ويتدبروا القدر. وينشروه بين جميع البشر، فتصلي الدنيا بأسرها صلاة الرحمة والإلهام على ذلك البطل الهُمام. إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.

ولعل أكثر الأقطار اكتئابا بالخبر خارج بلاد الهند هو مركز الجماعة في الكبابير.. حيفا؛ الذي قضى فيه أستاذنا المرحوم قرابة العقدين من الزمان. فعرف في تلك القرية الوادعة أهلها الذين أحبوه. فاستعذب ماءها وهواءها. واكتحلت عيناهُ السَوداوان الجميلتان بزرقة بحرها وخضرة سهلها وسحر واديها.

كان أستاذنا المحبوب رجلاً لا يعرف الكَلَلَ، وشخصية من شخصيات المجتمع. فقد كان عالمـًا واسِع المعرفة، أستاذا ومربيًا، ناشرًا ومؤلفًا. وكان فوقَ ذلك كله سَهمًا من أمضى السهام في نشر كلمة الإسلام.

لقد ربى أستاذنا المرحوم العديد من الأجيال في المدرسة الأحمدية يوم كانت صفوفا مبعثرة في حنايا المسجد، فشحنهم بروح الإيمان والإخلاص للعقيدة والمبدأ، فحفظوا القرآن والحديث، وردَّدوا عن ظهر قلب أشعار سيدنا الإمام المهدي والمسيح الموعود ، وقد كان صوته العذب، رحمه الله، حين كان يُحفَّظنا هذه الأشعار يضرب على قلوبنا الصغيرة كإبر التطعيم التي أُعدت لتحصِّننا ضد أمراض هذا الزمان العجيب.

كما وقد دأب بكل جهده على إصدار مجلة “البشرى” بانتظام. وعلى ترجمة العديد من كتب سيدنا أحمد إلى اللغة العربية.

وإن ننسى فلا ننسى أستاذنا الغالي قد خَلَّف لنا عند مغادرته الكبابير أمانة عزيزة محمولة عندنا في المآقي، إنها ضريح حرمه المرحومة أم عبد الرشيد التي وهبت نفسَها تُراب بلاد المقدس، فكانت دُرة ً ثمينة فيه.

فسلام عليك يأستاذنا المحبوب. سلام على روحك الطاهرة التي عَلِقت بها أرواح. سلام على نفسك الزكية المطمئنة في رحاب الرحمن.

وَلسوفَ يذكُركَ الزمان فلم يزل

للدَّهر إنصافٌ وحسنُ جزاءِ

موسى أسعد عودة

السكرتير العام بالجماعة الإسلامية الأحمدية

الكبابير، حيفا.

Share via
تابعونا على الفايس بوك