أنباء التوراة عن سيدنا محمد المصطفى ومحاولة مفكري الغرب التشكيك فيها

أنباء التوراة عن سيدنا محمد المصطفى ومحاولة مفكري الغرب التشكيك فيها

عبد الله الأحمدي

ذكر القرآن المجيد نبأً واردًا في التوراة يقول:

وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ (الأحقاف: 11).

  تنبّأ سيدنا موسى النبيُّ الشاهد الذي كان من بني إسرائيل، عن ظهور نبيٍّ شاهد مثله في المستقبل. ومن المدهش حقًا بأنَّ موسى النبيّ الشاهد آمن بظهور مثيله، ولكن عندما ظهر لم يؤمن معظم أتباع موسى بمثيله، وأبوا واستكبروا استكبارًا.

هذا النبأ الذي تحدَّث عنه القرآن المجيد نجده في التوراة وترجمته:

“يُقِيمُ لكَ الرَّبُّ إِلهُكَ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِكَ مِنْ إِخْوَتِكَ مِثْلِي. لهُ تَسْمَعُونَ. حَسَبَ كُلِّ مَا طَلبْتَ مِنَ الرَّبِّ إِلهِكَ فِي حُورِيبَ يَوْمَ الاِجْتِمَاعِ قَائِلاً: لا أَعُودُ أَسْمَعُ صَوْتَ الرَّبِّ إِلهِي، وَلا أَرَى هَذِهِ النَّارَ العَظِيمَةَ أَيْضًا، لِئَلا أَمُوتَ. قَال لِيَ الرَّبُّ: قَدْ أَحْسَنُوا فِي مَا تَكَلمُوا. أُقِيمُ لهُمْ نَبِيًّا مِنْ وَسَطِ إِخْوَتِهِمْ مِثْلكَ، وَأَجْعَلُ كَلامِي فِي فَمِهِ فَيُكَلِّمُهُمْ بِكُلِّ مَا أُوصِيهِ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ الإِنْسَانَ الذِي لا يَسْمَعُ لِكَلامِي الذِي يَتَكَلمُ بِهِ بِاسْمِي أَنَا أُطَالِبُهُ”. (التثنية 18: 15 – 18).

  وأعطت الفرقة السامرية (اليهوديّة) هذا النبأَ أهمية كبرى، ودوَّنته في توراتها بعد الوصايا العشر(1)، وذكرت الوصايا العشر في “خروج” الإصحاح 20، وبعدها مباشرةً أوردت النبأ المذكور (الذي ورد في التثنية 18: 18 في التوراة لدى فِرق أخرى يهوديّة ومسيحيّة). وكأنّ الفرقة السامريّة قد اعتبرته بمثابة الوصايا العشر.

وأُعيدَ نفس النبأ في الإنجيل ضمن مواعظ بطرس:

“فإنَّ موسى قال للآباء: “إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ. وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضًا مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ، جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهذِهِ الأَيَّامِ.” (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 3 : 22-24).

“هذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ”. (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 7: 37).

  ونجد في المخطوطات والكتب العبرية التي عُثر عليها في وادي قمران، إشارات إلى هذا النبأ. فقد وُجدت (قطعة) مكتوب عليها باللغة العبرية ما معناه: (بشارة) أنَّ الصُلحاء ساكني وادي قمران كانوا ينتظرون مثيل موسى بفارغ الصبر، وكانوا يؤمنون بأنَّ الشريعة الموسوية ستُلغى بعد ظهوره، وتبدأ فترةٌ جديدة، لأنّه يأتي بشريعةٍ جديدة (2).

وكانوا بنو إسرائيل يسمُّونه (النبيّ) ويلقّبونه (مسيحًا)، معتقدين أنّه يكون من سلالة داود ويكون ابن داود. وعلى ما نعتقد نُسبت إليهم هذه العقيدة بالخطأ.

إنَّ الأمر الذي أضاف في مشاكل المسيح الناصري هو إيمانه بأنَّ المسيح القادم لن يكون من سلالة داود، لأنّ داود تنبّأ بنفسه عنه أنّه لا يكون ابنه بل يكون ربّه.

ثم قال المسيح صراحة:

 “إِنَّ مَلَكُوتَ اللهِ يُنْزَعُ مِنْكُمْ وَيُعْطَى لأُمَّةٍ تَعْمَلُ أَثْمَارَهُ”.

ثم ذكر المسيح بالتفصيل هذا النبأ، ودوَّنه “متّى” في إنجيله الإصحاح 21: 43. وعلى هذا النبأ سخط المسيح، ثم أضاف قائلاً:

“..إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ، وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ (باراقليط Paraclete)، لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ، رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ، لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ” (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 14: 15-17)

“إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ لَكُمْ، وَلكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى جَاءَ ذَاكَ، رُوحُ الْحَقِّ، فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ، لأَنَّهُ لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ، وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ”. (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 16 : 12-13)

  وأعلن بطرس بأنّ “مثيل موسى” يُبعث قبل أن يعود المسيح مرةً ثانية، ويبدأ ببعثته عصر جديد لإصلاح العالم وتجديده، حيث قال:

  “وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ. الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ تَقْبَلُهُ، إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ، الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ. فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ. وَيَكُونُ أَنَّ كُلَّ نَفْسٍ لاَ تَسْمَعُ لِذلِكَ النَّبِيِّ تُبَادُ مِنَ الشَّعْبِ. وَجَمِيعُ الأَنْبِيَاءِ أَيْضًا مِنْ صَمُوئِيلَ فَمَا بَعْدَهُ، جَمِيعُ الَّذِينَ تَكَلَّمُوا، سَبَقُوا وَأَنْبَأُوا بِهذِهِ الأَيَّامِ.” (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 3 : 20-24)

ووردت في هذا الوعظ فقرةٌ ذات أهمية وترجمتها:

“الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ تَقْبَلُهُ، إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ، الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ”. (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 3 : 21)

  بعد هذا النبأ الهام نُقدِّم بين يدي القارئ الكريم التأويل المدهش والغريب الذي يُؤلِّه المفكرون الغربيون في العصر الحاضر لهذا النبأ. يقولون: إنَّ موسى لم يتنبّأ عن ظهور نبي معيّن، وإنّما تنبّأ عن مجيء سلسلة أنبياء، وحرَّفوا ترجمة النبأ الوارد في تثنية 18: 18 وكتبوا:

(THE ETERNAL YOUR GOD WILL RAISE UP FOR YOUR PROPHET AFTER PROPHET LIKE MY SELF)

أي: “إلهكم الأبدي سيبعث لكم نبيًّا بعد نبي مثلي”.

نُشرت ترجمة جيمس (للتوراة) في سنة 1922م للمرة الأولى. وفي سنة 1969 نُشر الكتاب:

(A New Catholic Commentary On Holy Scripture)

أي: تفسير نصوص الكتب المقدسة، وورد فيه:

NOT ONE PROPHET BUT A LINE OF PROPHETS IS PROMISED.

أي: “ليس نبيًّا واحدًا وإنما سلسلة أنبياء هي الموعودة”.

ونُشرت ترجمة جديدة باللغة الإنجليزية تحت عنوان (GOOD NEWS BIBLE) (إنجيل البشارات الحسنة) في سنة 1976م، وكُتبت ترجمة النبأ في الحاشية:

  “أن يُبعث الأنبياء بالتسلسل”، (أي كُتبت كلمة “الأنبياء” بدل النبي).

  ونفس الأفكار متواجدة في كتاب “بيكس بائيبل كومنري” و”جيروم بائيبل كومنتري”. واختار القسّ “بركة الله” في شبه القارة الهنديّة نفس الترجمة ونفس الأسلوب في كتابه “التوراة الموسوية ومحمد العربي”، وقال فيه متحدّيًا:

(… إنَّ المقصود من كلمة “نبي” مجموعة أنبياء أو سلسلة أنبياء بُعثوا بعد موسى وليس نبيًّا واحدًا… ).

بعد هذه الترجمة وقع علماء الكتاب المقدَّس المسيحيون في مشكلة، لأنَّ هذا النبأ واردٌ في موضعٍ آخر في (تثنية) وقيل فيه:

  “وَلَمْ يَقُمْ بَعْدُ نَبِيٌّ فِي إِسْرَائِيلَ مِثْلُ مُوسَى” (اَلتَّثْنِيَة 34 : 10).

  كتب هذه الكلمات “عزرا” الذي جمع التوراة بعد موسى بثماني مائة سنة. ومن المعلوم بأنّه خلال ثماني مائة سنة بُعث بعض الأنبياء في بني إسرائيل. وهنا يطرح السؤال نفسه: إذا كان المقصود في الحقيقة من نبأ التثنية (18: 18) سلسلة الأنبياء مثل موسى، فلماذا كتب “عزرا” هذه الكلمات في التوراة: “لم يقم نبيٌّ بعد في بني إسرائيل مثل موسى”.

فتبيّن بأنّ كلمة “نبي” لم تستعمل في النبأ “نكرة”، بل هي تحدّد “نبيًّا”. وقول “عزرا” يؤيّد تفسيرنا. وكما أسلفنا فلقد بُعِث أنبياء من بعد موسى، ولكن لم يعتبر أحدٌ منهم مثيلاً لموسى. وأصبح من المؤكد بأنَّ تراجم التوراة الحالية لا تتطابق بالمفهوم الذي كان يفهمه علماء التوراة القدماء. وللأسف الشديد، يحاول مترجمو التوراة في العصر الحاضر خداع الناس بتراجمهم الخاطئة.

وبعد دراسة العهد القديم إذا تأمّلنا في العهد الجديد نجد فيه نبأ مماثلاً مؤيّدًا لنبأ التثنية (18: 18) عن ظهور النبي المعيّن مثيل موسى، حيث ورد فيه:

“فَإِنَّ مُوسَى قَالَ لِلآبَاءِ: إِنَّ نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ فِي كُلِّ مَا يُكَلِّمُكُمْ بِهِ.” (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 3 : 22)

“هذَا هُوَ مُوسَى الَّذِي قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: نَبِيًّا مِثْلِي سَيُقِيمُ لَكُمُ الرَّبُّ إِلهُكُمْ مِنْ إِخْوَتِكُمْ. لَهُ تَسْمَعُونَ.” (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 7 : 37)

“وَهذِهِ هِيَ شَهَادَةُ يُوحَنَّا، حِينَ أَرْسَلَ الْيَهُودُ مِنْ أُورُشَلِيمَ كَهَنَةً وَلاَوِيِّينَ لِيَسْأَلُوهُ:«مَنْ أَنْتَ؟» فَاعْتَرَفَ وَلَمْ يُنْكِرْ، وَأَقَرَّ: «إِنِّي لَسْتُ أَنَا الْمَسِيحَ». فَسَأَلُوهُ: «إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟» فَقَالَ: «لَسْتُ أَنَا». «أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟» فَأَجَابَ:«لاَ».” (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 1 : 19-21).

  لقد كان اليهود والنصارى ينتظرون في القرن الأول الميلادي (نبيًّا)، ومترجمو التوراة وعلماؤهم كانوا يعرفون عن هذا الانتظار، وحاولوا أن يفسِّروا قائلين: إنَّ  موسى لم يخبر عن مجيء (نبي) مثله، ولكن اليهود جعلوه (نبيًّا) حينما كانوا في المنفى. (نيو كاثلويك كومنتري ص 27)

عُرض التفسير المذكور في الترجمة الأُرديّة للكتاب المقدَّس التي نشرها الكاثوليك في سنة 1958م، وكتب المترجمون تحت نبأ (أُقيم لهم نبيًّا من وسط إخوتهم مثلي): يظهر من هذه الفقرة بأنَّ موسى تنبّأ عن أولئك الذين كانوا من المتوقع أن يأتوا بعده. والمسيح الربّ كان ذلك النبيّ العظيم، وبظهوره اتسعت سلسلة النبوّة ووصل العهد النبوي إلى كماله وخاتمته. ولقد اعترف اليهود والرسل بأنَّ هذا النبأ تحقّق بمجيء الربّ.. فهو كان من اليهود، ولأجل ذلك تحقّقت الكلمات من وسط إخوتهم (في الربّ المسيح) (حاشية ص 229).

لقد حاولت الكنيسة بهذا التأويل الهزيل إيجاد الحل الوسط بينها وبين تفسير علماء التوراة ومترجميها. ولكن هذه المحاولة فاشلة تمامًا، والدليل على فشلها مايلي:

ورد في التوراة أنَّ (مثيل موسى) لن يُقتل، ولكن الكنيسة تعتبر المسيح مصلوبًا ومقتولاً، فكيف يُقال: تحقَّق هذا النبأ بالمسيح؟ وورد في التوراة (مثيل موسى) يدعو الناس إلى التوحيد، ولكن الكنيسة تؤمن أنَّ المسيح كان يدعو الناس إلى عقيدة (التثليث في التوحيد). وورد في التوراة أنَّ مثيل موسى يكون نبيًّا، ولكن الكنيسة تؤمن أنَّ الله تجسَّم، وظهر ابنه في الدنيا. بعد هذه الحقائق كيف يُقال: تحقّق هذا النبأ بمجيء المسيح.

ثانيًا: ورد في ترجمة الكتاب المقدَّس (العهد الجديد) عن مثيل موسى، أنَّه يكون (نبيًّا) حيث ورد فيه:

“فَسَأَلُوهُ: إِذًا مَاذَا؟ إِيلِيَّا أَنْتَ؟ فَقَالَ: لَسْتُ أَنَا. أَلنَّبِيُّ أَنْتَ؟ فَأَجَابَ: لاَ. فَقَالُوا لَهُ: مَنْ أَنْتَ، لِنُعْطِيَ جَوَابًا لِلَّذِينَ أَرْسَلُونَا؟ مَاذَا تَقُولُ عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ: أَنَا صَوْتُ صَارِخٍ فِي الْبَرِّيَّةِ: قَوِّمُوا طَرِيقَ الرَّبِّ، كَمَا قَالَ إِشَعْيَاءُ النَّبِيُّ. وَكَانَ الْمُرْسَلُونَ مِنَ الْفَرِّيسِيِّينَ، فَسَأَلُوهُ وَقَالُوا لَهُ: فَمَا بَالُكَ تُعَمِّدُ إِنْ كُنْتَ لَسْتَ الْمَسِيحَ، وَلاَ إِيلِيَّا، وَلاَ النَّبِيَّ؟” (إِنْجِيلُ يُوحَنَّا 1 : 21-25)

  وأصبح من المؤكد أنَّ بني إسرائيل ما كانوا ينتظرون شخصيةً واحدة، بل شخصيتين منفصلتين، وهما (المسيح) و(النبي).

وورد في الترجمة الإنجليزية سؤال اليهود: (ARE YOU THE PROPHET WE A WAIT) (JOHN 1. 21)

أي هل أنت (ذلك النبي) الذي ننتظره؟ فأجاب يوحنا: كلا.

فثبت أنَّ اليهود والنصارى كانوا ينتظرون (النبي) الذي قيل عنه في الإنجيل (النبي) أو (النبي المنتظر). ولم يرفض يوحنا ذلك النبأ. بل قال: (أنا لست ذلك).

ويتطرَّق بطرس في وعظه إلى النبأ المذكور في التوراة عن مجيء (مثيل موسى)، وكان يعتقد أنَّ (مثيل موسى) يأتي بعد المسيح وقبل عودته حيث قال:

  “وَيُرْسِلَ يَسُوعَ الْمَسِيحَ الْمُبَشَّرَ بِهِ لَكُمْ قَبْلُ. الَّذِي يَنْبَغِي أَنَّ السَّمَاءَ تَقْبَلُهُ، إِلَى أَزْمِنَةِ رَدِّ كُلِّ شَيْءٍ، الَّتِي تَكَلَّمَ عَنْهَا اللهُ بِفَمِ جَمِيعِ أَنْبِيَائِهِ الْقِدِّيسِينَ مُنْذُ الدَّهْرِ.” (أَعْمَالُ الرُّسُلِ 3 : 20-21)

  ورد هذا الكلام في الترجمة الإنجليزية للكتاب المقدَّس (العهد الجديد) كمايلي:

Is Jesus he must be received into heaven until the time of Universal restoration comes witch God spoke by his holy prophets?

(The new English Bible ACTS 3.2).

من المحتَّم أن يبقى المسيح في السماء حتى تأتي أيام التجديد والإصلاح للعالم التي تنبّأ عنها جميع الأنبياء. كان من المؤكّد أن مثيل موسى يُبعث بعد عيسى المسيح ، (Universal restoration) عث بعد عيسى المسيح عليه السلام> ven until the time of . (كان تجديد العالم) مربوطًا به، وتنبّأ عن هذا التجديد العالي.

يبدو جليًّا من هذه الاقتباسات أنَّ التوراة بشّرتنا عن ظهور (مثيل موسى) النبي العظيم، واستنتج (عزرا) من هذا النبأ (النبي المعين الخاص). إنَّ يهود القرن الأول كانوا ينتظرونه، ويحيى أيّد انتظارهم. أُشير إلى هذا النبأ في الصحف والمخطوطات التي عُثر عليها في وادي قمران. وكذلك كان أهل قمران يرتقبون النبي (مثيل موسى) بفارغ الصبر. أعلن بطرس صراحة: (بين بعثتي المسيح يُبعث مثيل موسى، وتقوم بظهوره ثورة عالمية روحانية عظيمة ).

بعد هذه البراهين الواضحة إذا حاول مترجمو الكتاب المقدَّس ومفسِّروه أن يشوِّهوا هذا النبأ، فمحاولتهم هذه ليست إلا محاولةً فاشلة. وإذا تدبّرنا في القرآن المجيد وجدنا أنّه قال صراحة ً(على مثله) أي يظهر (مثيل موسى) حيث قال:

وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَىٰ مِثْلِهِ فَآمَنَ وَاسْتَكْبَرْتُمْ (الأحقاف: 11)

ويُشير النبأ القرآني إلى الحقيقة الواضحة الواردة في التوراة. وإذا أراد أحد أن يغطي الشمس بعباءة فليعمل كما يشاء.

لقد غيّر مترجمو الكتاب المقدّس العصريون فقرة في النبأ المذكور (من وسط إخوتهم) فنشرت (جمعية النشر اليهودية في أمريكا)  (Jewish Publication Society Of America)

في سنة 1962م، ترجمة جديدة للتوراة باللغة الإنجليزية، وترجمت فيها فقرة (من وسط إخوتهم) هكذا: AMONG YOUR OWN PEOPLE  أي من بين شعبكم.

وفي سنة 1970 نُشر الكتاب المقدس بالإنجليزية، وتُرجمت فيه فقرة من وسط إخوتهم (From Among You)، أي من بينكم، وغُيِّرت فقرة: (One Of Their Own Race)، إلى شخص من شعبهم).

ليكن واضحًا أنّ الكلمة (من وسط) دخيلة على هذا النبأ، لأنها ليست متواجدة في النسخة السبعينيّة للتوراة. وبناء على هذا، حُذفت من بعض التراجم الجديدة. على سبيل المثال نُشر في سنة 1978 (نيو إنترنيشنل فيرجن)، وحُذفت منه هذه الكلمة. كذلك في العهد الجديد ذُكر هذا النبأ في موضعين، ولا توجد فيها كلمة وسط). (أنظر أعمال 3: 22 و7: 37).

هنا ينشأ السؤال: ما المراد من كلمة (إخوتهم)؟ نقول ردًّا على هذا السؤال: لا ينكر أحد أنَّ بني إسرائيل كانوا إخوة بعضهم البعض، وخُوطِبوا في التوراة بالأخوة. ومع ذلك لا يستطيع أحد أن يتجاهل حقيقة أنَّ التوراة قالت عن بني إسماعيل أنّهم إخوة بني إسرائيل، وإليكم اقتباسين من التوراة بهذا الشأن:

“وَتَدْعِينَ اسْمَهُ إِسْمَاعِيلَ، .. وَأَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ يَسْكُنُ” (سِفْرُ التَّكْوِينِ 16: 11-12)

2- “سِنُو حَيَاةِ إِسْمَاعِيلَ: مِئَةٌ وَسَبْعٌ وَثَلاَثُونَ سَنَةً، وَأَسْلَمَ رُوحَهُ وَمَاتَ وَانْضَمَّ إِلَى قَوْمِهِ. وَسَكَنُوا مِنْ حَوِيلَةَ إِلَى شُورَ الَّتِي أَمَامَ مِصْرَ حِينَمَا تَجِيءُ نَحْوَ أَشُّورَ. أَمَامَ جَمِيعِ إِخْوَتِهِ نَزَلَ” (سِفْرُ التَّكْوِينِ 25 : 17-18)

ويتبيّن من التوراة أنَّ بني إسرائيل رفضوا مشاهدة تجلّيات الربّ، وسخط الله عليهم، فلأجل ذلك بعث مثيل موسى من إخوتهم بني إسماعيل. وهنا يثبت جليًّا أنَّ المقصود من إخوتهم هم بنو إسماعيل.

انكشفت في العقد الأول للقرن العشرين بعض أناشيد المسيحيين الذين كانوا في القرن الثاني الميلادي، وفيها تكرَّر كلام المسيح: (لم أكن إخوتهم، ولم تكن ولادتي كولادتهم)

(I was not their brothers nor was my birth like theirs)

(The odes of Solomon 28.16)

من المستحيل أن يكون المسيح الناصري مصداقًا لهذا النبأ.

وكما أسلفنا ورد في النبأ: نبيٌّ مثل موسى “لم يُقْتَل”. ولكن ورد في الكتاب المقدَّس لدى المسيحيين مرارا وتكرارا بأنَّ اليهود قتلوا المسيح الناصري. فلأجل ذلك لا تستطيع الكنيسة أن تدَّعي بأنَّ المسيح جاء مثيلاً لموسى ومصداقًا لهذا النبأ.

نذكر هنا لفائدة القارئ بأنّه نُشرت ترجمة للكتاب المقدَّس باللغة الإنجليزية تحت اسم (نيو إنترنيشنل فيرجن)، وترجمه أكثر من مائة خبير ومترجم، وأُعيدت فيها الترجمة الأولى بما معناه: “أُقيم لهم نبيًّا من إخوتهم مثلي”، وحُذفت فيها الكلمة “وسط”. وأصبح واضحًا من هذه الترجمة أيضا بأنَّ المقصود من “النبي” نبيًّا معيّنًا، وليس سلسلة أنبياء كما ترجم الدكتور مافت.

إنَّ البشارة الثانية التي وردت في القرآن المجيد بهذا الشأن هي كمايلي:

  مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ (الفتح: 30).

وهذه البشارة مذكورة في التوراة كمايلي:

  “جَاءَ الرَّبُّ مِنْ سِينَاءَ، وَأَشْرَقَ لَهُمْ مِنْ سَعِيرَ، وَتَلأْلأَ مِنْ جَبَلِ فَارَانَ، وَأَتَى مِنْ رِبْوَاتِ الْقُدْسِ، وَعَنْ يَمِينِهِ نَارُ شَرِيعَةٍ لَهُمْ. فَأَحَبَّ الشَّعْبَ. جَمِيعُ قِدِّيسِيهِ فِي يَدِكَ، وَهُمْ جَالِسُونَ عِنْدَ قَدَمِكَ يَتَقَبَّلُونَ مِنْ أَقْوَالِكَ”. (اَلتَّثْنِيَة 33: 2-3).

  مع العلم أنَّ النص العبري لهذا النبأ مبهمٌ جدًا، وترجمته تختلف عن التراجم الأخرى. ونشر اليهود ترجمة التوراة وكتبوا في الحاشية أنَّ النص العبري (Uncertain) غير مؤكّد. ونحن بدورنا نحقِّق في النص العبري: كما أسلفنا قال القرآن المجيد ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ ، ووصل مترجمو التوراة قريبًا جدًا من المفهوم. فعلى سبيل المثال ورد في البشارة كلمة أشدات (אשדת)، وعلماء مسوراهي نطقوا هذه الكلمة “أش، دات”، وأصبح مفهومًا بأنَّها الشريعة النارية (الجلاليّة). ولقد عرفنا من هذا اللفظ بأنَّ هاتين الكلمتين متكاملتان بحدِّ ذاتهما، ومن الممكن أن تفسرا بمعنى آخر، أي “القوي والمجاهد”. وورد في “إنتربرتر بائيبل كومنتري” المعنى المتبادل لكلمة “أشدات” قوى، وورد في كتاب “نيو ورد ترانسليشن” معناها كمايلي:

(AT HIS RIGHT HAND WARRIOS BELONGING TO HIM)

أي عن يمينه مجاهدون تابعون له.

وهذا المفهوم يتطابق مع مفهوم الآية القرآنية: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ وكما أسلفنا وردت في التوراة كلمة “أشدات”، وفي القرآن المجيد أَشِدَّاءُ ، ولهما مفهوم واحد.

ووردت في التوراة كلمة ثانية “أف، حوثث عميم”  (אף، חובב עמ’ם )

ومعناها (Lover)، الذين يحبون ومعنى عميم أمة أو جماعة، ويجوز أن نترجم “جماعة متحابة”. وورد في القرآن المجيد لهذه الكلمات رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ . وبعد ذلك وردت كلمات رُكَّعًا سُجَّدًا ، و أَثَرِ السُّجُودِ . وورد في حاشية كتاب (Good News Bible)، أنَّ المتن العبري ليس واضحًا، ولكن معناه “راكعون أو ساجدون”.

وخلاصة البحث أنَّ النصوص العبرية برغم تعقّدها وعدم وضوحها تُصدِّق كلمات القرآن المجيد.

وهناك توجد كلمات أخرى معناها (عشرة آلاف) (מרבבת  קףש) وحسب آراء مترجمي التوراة أنّها ليست واضحة. وكُتبت في حاشية كتاب (Good News Bible)، أنَّ اللفظ العبري ليس واضحًا، ومن الممكن أن يترجم عشرة آلاف حسب المتن:

(Probable Text Ten Thousandزززobable Text Ten Thousand>نية ING TO HIMike theirs…. Hebrew Unclear)

وهناك حاجةٌ أن يُترجم هذا النبأ حسب كلمات القرآن المجيد، فنقول:

“جاء الربّ من فاران مع عشرة آلاف قدّيس. كانت عن يمينه أمةٌ قوية أو مجاهدون، ولكنهم كانوا رحماء بينهم. ساجدون أو راكعون عند قدمك. ويستفيض كل واحد منهم من كلامك ويتنوَّر منه…”. وهذه الترجمة تُطابق مفهوم النبأ المذكور في القرآن المجيد.

وإليكم اعتراضًا آخر: قال علماء التوراة ومترجموها في العصر الحاضر بأنّه لم يُذكر أي نبأ في تثنية (33: 2-3)، بل ذُكرت قصة من الماضي. ونقول ردًّا على هذا الاعتراض: إذا لم يكن هذا النبأ للمستقبل، فلماذا كان أنبياء بني إسرائيل يُكرِّرون ذكره. هذا التكرار وهذا التذكير بحدَّ ذاته دليل على كونه نبأ هامًّا كان من المحتم أن يتحقّق في المستقبل. فعل سبيل المثال: ورد في نشيد الإنشاد:

“… معلمٌ بين ربوةٍ (أي الجماعة العظيمة نحو عشرة آلاف)….

… كلّه مشتهيات (محمّديم) מחמד’ם (نشيد الإنشاد 5: 10 و16). ولقد أُشير في هذا النص إلى اسم “محمد” ومعه عشرة آلاف صحابي.

كذلك ورد في حبقوق 3: 3.

The Holy God is coming From the hills of pharan. (Good News Bible)

أي: الله آتٍ من جبل فاران.

ويظهر جليًا بأنّ في هذا النص إعادة للنبأ المذكور في التوراة (تثنية 33: 2) لتذكير الناس.

كذلك ورد في صحيفة حنوك (3) التي دُوّنت قبل المسيح بثلاث مائة سنة: “جاء الربّ مع عشرة آلاف قدسي” (صحيفة حنوك 1: 25)

ويظهر من هذه الاقتباسات أنَّ أنبياء بني إسرائيل (وأولي الأمر منهم) أعطوا أهمية كبرى لنبأ التوراة المذكور، وكانوا يُكرِّرونه أمام أتباعهم للتذكير.

وهناك اعتراض آخر بأنّ “جبال مكة” ليست جبل فاران؟ ونقدِّم ردًّا على هذا الاعتراض اقتباسًا من كتاب “اي، مونتغمري” العالم الشهير في العصر الحاضر، الذي ألفه في سنة ١٩٣٤ واسمه (Arabia and The Bible) ، أي الجزيرة العربية والكتاب المقدّس، وجاء فيه:

“توجد مناطق بركانية بين شمال العرب وغربه، تبدأ من قرب مكة وتصل إلى دمشق. وموقع فاران غير واضح، ولكنها واقعة بين الشمال والغرب (تفاصيل في الصفحات ٤٨، ٨٢، ٨٩)

وورد في “تاريخ العرب” أنّ جبال مكة هي جبل فاران. و”جيمس. اي. مونتغمري” يقول: إنّ جبل فاران يقع داخل الحجاز.

أيها القارئ الكريم، انظر كيف تحقّق هذا النبأ. فعند فتح مكة دخلها سيدنا محمد المصطفى  مع عشرة آلاف صحابي قدّيس. هؤلاء كانوا أشدّاء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركّعًا سجّدًا يبتغون فضلاً من الله ورضوانًا سِيْماهم في وجوههم من أثر السجود.

وكتب سيدنا محمد المصطفى رسالةً إلى يهود خيبر ورد فيها:

“بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله ، صاحب موسى وأخيه، والمصدّق لما جاء به موسى. ألا إنّ الله قد قال لكم يا معشر أهل التوراة، إنّكم لتجدون ذلك في كتابكم: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا .

وإنّي أُنشدكم بالله، وأُنشدكم بما أُنزل عليكم، وأُنشدكم بالذي أطعم من كان قبلكم من أسباطكم المنَّ والسلوى، وأُنشدكم بالذي أيبَسَ البحر لآبائكم حتى أنجاهم من فرعون وعمله، ألا أخبرتموني: هل تجدون فيما أنزل الله عليكم أن تؤمنوا بمحمد؟ فإن كنتم لا تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم. قد تبيّن الرشد من الغيّ. فأدعوكم إلى الله ونبيّه” (السيرة النبويّة لابن هشام الجزء الأول ص 543).

نسأل الله القدير أن يوفق أهل الكتاب المقدّس توفيقًا يتأمَلوا في هذه البراهين الواضحة والحقائق الساطعة، ويؤمنوا بسيدنا محمد المصطفى الذي جاء مصداقًا لنبوءات الكتاب المقدّس. آمين.

(عن مجلة “أنصار الله” “ربوة، باكستان” إبريل 1988)

الهوامش

  1. THE MYTH OF GODINCARNATE EDITED BY JOHN HICK, P 73,85 NOTE 10.
  2. THE AROERYPHAL OLD TESTAMENT, EDITED BY M.F.D SPARKS, P 185.
  3. THE DEAD SEA SCROLLS BY JOHN ALLEGRO P120, 121, 138, 139
Share via
تابعونا على الفايس بوك