يا لها من طريقة لاستقبال العام الجديد؟!!

يا لها من طريقة لاستقبال العام الجديد؟!!

التحرير

 

كانت السنة الجديدة على وشك أن تلفظ أنفاسها الأخيرة وسط الطقوس المعتادة حيث تعم الأفراح والاحتفالات معظم بقاع كوكبنا الجميل.. الأرض.

والحادثة التي تهمنا جرت في عاصمة الضباب(لندن) على رصيف إحدى محطات القطارات مع شاب مسلم فَضّل أن يراجع دروسه في إجازة نهاية العام لسبب بسيط هو أن الحدث عنده يحمل رموزا مختلفة.

قبل قليل مرت من هنا مجموعة من الشباب الإنجليزي المترنح، كانوا يلوحون بزجاجات البيرة الشقراء ويشدون صراخهم بأغان تَعِبَ ذلك الشاب من محاولة فهم كلماتها ولم يفلح. وعندما طلب منه أحدهم مشاركتهم في شرب نخب السنة الجديدة، واصل عمله بصمت. ولم يمض وقت طويل حتى دوى صوت دقات الساعة وسط الضباب الليلي والأصوات الصاخبة التي يتردد صداها من بعيد، يعلن بداية العام الجديد.

الكل كان سعيداً عدا ذلك الرجل العجوز الذي كان في طريقه إلى مركز الاحتفالات عندما لمح من بعيد خيال إنسان ينحني على الأرض ساجدا وهو يؤدي بخشوع طقوس صلاة ما.

كان المشهد مؤثرا مما جعل العجوز يبحلق ويفرك عيناه تعجبا وخوفا من أن تكون الخمرة قد تمكنت منه. ولكن المشهد كان حقيقيا، مما جعله طوال الوقت يتمتم.. ويسأل نفسه ذات السؤال: “هل يعقل أن يصادف الإنسان مشهدا كهذا الذي أراه في خضم هذا الصخب؟

وأما دموعه المنهمرة فكانت تقول:

“يا لها من طريقة ساحرة وغريبة يستقبل بها هذا الشاب العام الجديد؟!”

عزيزي القارئ هذه ليست قصة ابتدعها الخيال ولا تحمل أي قدر من المبالغة، بل هي قصة واقعية جرت مع الإمام الحالي للجماعة الإسلامية الأحمدية فهو كان ذلك الشاب الذي يطمح في رؤية جديدة للأمور استمد أسسها من علوم ومعارف سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم التي أعادها سيدنا الإمام المهدي عليه السلام إلى هيئتها الأصلية بفضل الله وهدايته. وقعت هذه الحادثة عندما كان شابا يتجول في أوربا كطالب علم ومعرفة.

كلنا يعرف أن مناسبة قدوم العام الجديد تحولت عند الكثيرين في أيامنا الرمادية هذه، إلى طريقة لهدر الأموال تحت أهداف عديدة.. منها السعادة، والفرح، التفاؤل.. ورغم أن في الأمر لمسة حزن واضحة حيث (يخسر) الإنسان سنة من عمره إلا أن تلك الأهداف حولت المناسبة إلى تقليد مجنون تصرف عليه أموال لو قدر لنا حساب كميتها لوقف شعر الرأس من ضخامة الرقم.

إن الغرب في ابتداعه لتلك التقاليد يبحث عن أسباب الرفاهية وهو يريدنا أن نعذره وأن نستوعب مفهومه الخاص للسعادة بإصراره على الاستمتاع بكل ذرة من نتاج تطوره الحضاري، ولكن ما عذرك أيها العربي المسلم وأنت اليوم مازلت تحبو على سلم الحضارة ؟

هل فرحت بثرائك ونسيت جيرانك من الفقراء ممن يأكلهم الجوع والمرض؟

أم نسيت القدوة الصالحة التي تركها فينا الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم التي لم يُعرف فيها أي أثر لهذا النوع من التقاليد؟

إن احتفالك بالعام الجديد وسهرك حتى الصباح سيحرمك نعمة الوقوف بين يدي الخالق في فجر أول أيام السنة وهي رسالة فحواها نكران جميل منك لخالق قدم لك كل شيء دون أن تطلب. أليس الأحرى بك أن تجلس إلى ذاتك جلسة (كشف حساب) تستفيد منها الأيام القادمة من حياتك؟! وهنا سؤال نوجهه لأنفسنا وللآخرين: ترى من منا له القدرة على الوقوف في تلك الليلة بين يدي الخالق مبتهلا مؤمنا بقوة الدعاء وحوله كل أسباب البهجة والسرور تحاول أن تسرق منه خشوعه وتواضعه؟

أنا لا أملك الجواب ولكني واثق أن من يفعل ذلك سيكون من بين تلك الصخور التي باجتماعها معا يوما ما ستحول حتما مجرى تيار النهر. (التقوى)

Share via
تابعونا على الفايس بوك