يا لكم لا تسمعون ولا تجيبون؟

يا أيها الناس! توبوا توبوا، فإن الأيام قد كملت، وساعة الله قد اقتربت. فطوبى لعين أمعنت ورأت، وطوبى لأذن أصغت وسمعت، وطوبى لقدم إلى الحق نهضت وسارعت، وطوبى لقوم هم يقبلون الحق ولا يعرضون.

أيها المسلمون.. جعلكم الله مسلمين.. اعلموا أني من الله، وكفى بالله شهيدًا، واعلموا أنه ينصرني، ويؤيدني، ويعلمني، ويلهمني، وأعطاني من معارف لا يعلمها أحد إلا بتعليمه، فما لكم لا تقبلون ولا تمتحنون؟

أيها الناس.. ادنوا مني ولا تتحولوا، وافتحوا أعينكم ولا تغضّوا، وادخلوا في أمان الله ولا تبعدوا، وتَطهّروا عن الحقد والشَّنَآن ولا تلطّخوا، وتَجلّدوا إلى التوبة ولا تستأخروا، ولا تُفرِطوا في سوء الظن واتقوا واجتنبوا، واستعينوا بالصبر والصلاة وجاهدوا، ولا تعجَلوا ألا لا تعجَلوا، وادعوا الله متضرعين، واطرحوا بين يدي ربكم، واسألوه حقيقتي وحقيقة أمري بكل قلبكم، وبكل توجهكم، وبكل عزيمتكم، وبصدق همتكم، يكشف الأمر عليكم وتُجابوا.

ارفقوا أيها الناس.. ارفقوا، ولا تَغلُوا في سبّكم ولا تعتدوا، واتقوا إنكار عجائب الله التي أُخْفيت من أعينكم ولا تجأروا، وارحموا على أنفسكم ولا تظلموا، أيها المستعجلون.

يا مشائخ الهند، إن كنتم تحسبون أنفسكم شيئا فما لكم لا تبارزونني ولا تقاومون؟ وإني أراكم في غلوائكم سادرين، وسادلين ثوب الخيلاء ومعجبين، وأهلككم المادحون المطرئون. تعالوا ندع الرب الجليل، ونتحامى القال والقيل، ونطلب من الله البرهان والدليل، ونسأل الله أن يفتح بيننا وبينكم ليتبين الحق ويهلك الهالكون. وإني.. والله.. أتيقن فيكم أنكم الثعالب وتستأسدون، وبُغْثانٌ وتستنسرون، وكذلكم في أمري تظنون. فتعالوا نجعل الله حَكَمًا بيننا وبينكم، ليكرم الله الصادقين ويخسر المبطلون. فإن كان لكم نصيب من نعمتي التي أنعم الله عليّ.. فبارزوا على ندائي، وواجهوا تلقائي، وابتدروا ولا تُمهِلون.

ووالله.. ما أرى فيكم نفسًا من الصلحاء.. إلا كالشعرة البيضاء في اللِّمّة السوداء.. وأراكم أنكم أضللتم عباد الله، وعقرتم ناقة الإسلام وتعقِرون. وقد أرسلني ربي لأعرّفكم طرقا تسلكونها، وأعمالا تعملونها، وأخلاقًا تتهذبون بها، فأجيبوني: أتقبلون دعوتي أو تردون؟ ما لكم لا تنظرون إلى الإسلام ومصائبها، وإلى آفات جديدة وغرائبها، ولا تواسون أيها الغافلون؟ هذا وقت جمع ضلالةَ كل تَنوفة، وسلالةَ كل مَخوفة، وأتى الزمان بعجائبِ فتنٍ وعلومٍ أُطروفةٍ، يُعرَف فيها علامات الوقاح كامرأة مطروقة يقبلها الأحداث ويستملحون.

أيها الناس.. جئتكم في وقت كادت الشمس تغرب فيه وتجِب، وضياء الإسلام يستتر ويحتجب. فما لكم لا ترون الأوقات، وما تقبلون النور الذي نزل في وقته، وفي أنباء الرسول تشكون؟ ما لكم قد جمدتم وناقتكم قعَدت وأرنفت بأذنيها، ونفسكم لغِبت وسقطت على ساقيها، وما بقي لكم حس ولا حركة ولا أنتم تتنفسون؟ أأنتم نائمون أو ميتون؟ ما لكم لا تسمعون ولا تجيبون؟ أتحبون الحياة الدنيا ولا تذكرون موت آبائكم ولا تخافون؟ يا حسرة على شُفوفكم في الدّين، وتشوّفِكم أجسامَكم بالتسمين، وخُلوِّكم من مواساة الإسلام والعلم واليقين ومما تدّعون. ألا ترون ريحًا مطوِّحة عن طرق الصواب، وفتنًا مبرحة لأولي الألباب؟ ألا ترون رأس المائة التي كنتم تنتظرونها؟ ألا ترون أظلال الظلام، واقتحام جيش الليام، فلم لا تستيقظون؟ ألا ترون أن الإسلام صار كاليتيم المَزْءود، وهمم المسلمين كالنِّضْو المجهود، وخوف الله كالمتاع المفقود، وعلم القرآن كالحي الموءود؟ ترونه، ثم تتجاهلون؟!

أيها الناس! امتحِضوا حَزْمَكم في الأفكار، وديانتكم في الأنظار، ولا تحيدوا من الله البار، ولا تردّوا نعمة الله التي جاءت في وقتها، ولا تولوا وأنتم معرضون. وإن تسمعوا قولي، وتلتفتوا إلى مواعظي، وإلى الوصايا التي أنا موصيكم اليوم، فالله يرضى عنكم، ويثمركم ويكثركم، وينـزل بركاته عليكم، ويجعل بركة في أولادكم وذرياتكم، وزروعكم وتجاراتكم، وعماراتكم وإماراتكم، ويحييكم حياة طيبة، فتدخلون في أمان الله وتحت ظله تعيشون. وإن لم تنتهوا من شروركم، ولم تضعوا حُكم الله على نحوركم، فتؤخذون بذنوبكم، وتأكلكم نار عيوبكم، ويجعلكم الله قصصًا للآخرين، وعبرة للناظرين، ويذرّيكم ويزعجكم، فتبقى طلولكم وأنتم تفنون. ويجرّد الله وراءكم سيفه، ويسلط عليكم من يؤذيكم، ويضرب عليكم الذلة، ومن كل مقام تُطردون.

إن الله يريد أن يؤيد دينه، وينصر عبده. أفهذا إسلامكم.. أنكم على خلافه واقفون؟ أتستطيعون إزعاج شجرة غرسها الرب الكريم؟ أبالله تحاربون؟ رَبّ.. ما أرعبَ إقدامَك! إذا نزلتَ لنصرة قوم فهم الغالبون. رَبّ.. ما أقطعَ حسامَك! إذا جردته على حزبٍ فهم المقطوعون. إن الله تجلى بألبسة جديدة، فقوموا له أيها الغافلون. وإن تغافلتم وأعرضتم فسوف تذكرون وتتندمون. انظروا إلى أقوام قبلكم، عصوا الله.. فضربهم على سيماهم، وأخذهم بالبأساء والضراء، وأبادهم بالآفات وأنواع البلاء، وما أنتم خير منهم، وما ضعف الله وما لغِب وما استكان، فما لكم لا تتقون جلال الله ولا ترتعدون؟

وما قلنا فيكم إلا شيئًا قليلا، وسدلنا على كثير من مخازيكم، وآثرنا التغاضي على الملام، لعلكم تشكرون في أنفسكم وتتوبون.

(مرآة كمالات الإسلام)

Share via
تابعونا على الفايس بوك