وإني أنا الموعود والقائم الذي
به تُمْلأَنَّ الأرض عدلاً وتُثمِرُ
.
بنفسي تجلّْت طلعةُ الله للورى
فيا طالبي رُشدٍ على بابي احضُروا
.
خُذوا حظَّكمْ مني فإني إمامُكمْ
أذكّرُكمْ أيّامَكمْ وأُبشِّرُ
.
وقد جئتكم يا قومِ عند ضرورةٍ
فهل من رشيدٍ عاقلٍ يتدبّرُ
.
وما البِرُّ إلا تركُ بخلٍ من التُّقى
وما البخل إلا رَدُّ مَن يَتَبَقَّرُ
.
وقالوا إلى الموعود ليس بحاجةٍ
فإنّ كتاب الله يهدي ويُخبِرُ
.
وما هي إلا بالغيور دُعابةٌ
فيا عجبا مِن فطرةٍ تتهوَّرُ
.
وقد جاء قولُ الله بالرُّسْل تَوْأَمًا
ومِن دونهم فَهْمُ الهدى متعسِّرُ
.
فإنَّ ظُبَى الأسياف تحتاج دائما
إلى ساعدٍ يُجري الدماء ويُندِرُ
.
بعَضْبٍ رقيقِ الشفرتيْن هزيمةٌ
إذا ناشَه طفْلٌ ضعيفٌ مُحَقَّرُ
.
وأما إذا أخذ الكَمِيُّ مُفَقَّرًا
كفى العَوْدَ منه البدءُ ضربًا وينحَرُ
.
إذا قَلَّ تقوى المرءِ قَلَّ اقتباسُه
من الوحي كالسَّلْخ الذي لا يُنوّرُ
.
فيا أسفًا أين التقاةُ وأرضُها
وإني أرى فسقًا على الفسْق يظهَرُ
.
أرى ظلماتٍ ليتني مِتُّ قبْلها
وذُقْتُ كؤوس الموت أو كنتُ أُنْصَرُ
.
أرى كلَّ محجوبٍ لدنياه باكيا
فمَن ذا الذي يبكي لدينٍ يُحَقَّرُ
.
وللدين أطلالٌ أراها كلاهفٍ
ودمعي بذكرِ قصوره يتحدَّرُ
.
تراءت غواياتٌ كريحٍ مُجيحةٍ
وأرخى سديلَ الغيِّ ليلٌ مُكدِّرُ
.
تَهُبُّ رياحٌ عاصفاتٌ كأنها
سِباعٌ بأرض “الهند” تعْوي وتزأَرُ
.
أرى الفاسقين المفسدين وزُمْرَهمْ
وقَلَّ صلاحُ الناس والغيُّ يَكثُرُ
.
أرى عَيْن دين الله منهم تكدَّرت
بها العِينُ والآرامُ تمشي وتعْبُرُ
.
أرى الدينَ كالمرضى على الأرض راغما
وكلُّ جهولٍ في الهوى يتبخْتَرُ
.
وما همُّهم إلا لِحَظِّ نفوسِهمْ
وما جهدهم إلا لحظٍّ يُوفَّرُ
.
نسوا نهْج دين الله خبثًا وغفلةً
وقد سرَّهُمْ سُكْرٌ وفِسْقٌ ومَيْسِرُ
.
أرى فسقهم قد صار مثلَ طبيعةٍ
وما إنْ أرى عنهم شقاهم يُقَشَّرُ
.
فلما طغى الفسْقُ المبيد بسيْله
تمنيتُ لو كان الوباءُ المتبِّرُ
.
فإنّ هلاك الناس عند أُولي النهى
أَحَبُّ وأَولى من ضلالٍ يُدمِّرُ
.
ومن ذا الذي منهم يخاف حَسِيبَه
ومن ذا الذي يبغي السَّدادَ ويُؤْثِرُ
.
ومن ذا الذي لا يفْجُر اللهَ عامدا
ومن ذا الذي بَرٌّ عفيفٌ مُطهَّرُ
.
ومن ذا الذي ما سبَّني لتُقاته
وقال ذَروني كيف أُوذي وأُكْفِرُ
.
وكيف وإنَّ أكابرَ القوم كلّهم
عليَّ حِراصٌ والحُسام مُشهَّرُ
.
ولكنْ عليهم رُعْبُ صدقي مُعظَّمٌ
فكيف يباري الليثَ مَن هو جَوْذَرُ
.
فليس بأيدي القوم إلا لسانُهم
مُنجَّسةٌ بالسبِّ واللهُ ينظُرُ
.
قضى الله أن الطعن بالطعن بيننا
فذلك طاعونٌ أتاهم ليُبصِروا
.
وليس علاج الوقت إلا إطاعتي
أطيعونِ فالطاعونُ يُفنَى ويُدحَرُ
.
وقد ذاب قلبي من مصائبِ ديننا
وأعلمُ ما لا يعلمون وأُبْصِرُ
.
وبثّي وحزني قد تجاوزَ حدَّهُ
ولولا من الرحمن فضلٌ أُتبَّرُ
.
وعندي دموعٌ قد طَلَعْنَ المآقيا
وعندي صُراخٌ لا يراه المكفِّرُ
.
ولي دعواتٌ صاعداتٌ إلى السما
ولي كلماتٌ في الصَّلاية تَقعَرُ
.
وأُعطيتُ تأثيرًا من الله خالقي
وتأوي إلى قولي قلوبٌ تطهَّرُ
.
وإنّ جَناني جاذبٌ بصفاته
وإنّ بياني في الصُّخور يؤثِّرُ
(إعجاز أحمدي)