هل انتشر  الإسلام بالسيف؟
  • فرية الإسلام والسيف
  • دحض هذه الفرية
  • آلية حض المسلمين على القتال
  • استمرار التعاليم السلمية في الحقبة المدنية
  • الهدف من القتال في الإسلام
  • سياق آيات القتال يكد حرية المعتقد

__

دراسة تحليلية حول مقولة انتشار الإسلام بالسيف

إن من أكثر الاتهامات التي تُشن على الدين الإسلامي من قِبل الأعداء، أنه دين انتشر بالقوة والجبروت، وأنه دين انتهازي عمل على الترويج للأفكار السلمية في مكة، مراعاة لحالة الضعف التي كان يعاني منها المسلمون هناك، أما بعد الهجرة إلى المدينة، حيث أصبح المسلمون في موضع من القوة لا بأس به، استغلوا قوتهم بهدف نشر الدين الإسلامي عنوة، ونبذوا وراء ظهورهم التعاليم السلمية المكية ثم أخذت المبادئ القتالية والعدوانية تحل محل التعاليم السلمية، لدرجة أن هذه التعاليم القتالية قد نسخت تلك التي تدعو لمسالمة الآخرين وحرية الفكر والانتماء الديني والعقائدي.

فوفقا لهذه الاتهامات، يكون الدين الإسلامي قد تحول بنـزول الآيات القرآنية التي أذنت للمسلمين بالقتال، إلى دين القتل والإرهاب وسفك الدماء وتقييد الحريات، لا سيما الحرية الدينية، بعد ما كان يدعو لحرية الضمير والمعتقد والمسالمة وعدم رد العدوان بعدوان آخر، وهو ما كان متمثلا بمبدأ لا إكراه في الدين.

… وذلك للتشديد والتأكيد على ضرورة الحفاظ على الحرية الدينية لغير المسلمين أيضا، ولكي لا يظن المسلمين أن الإذن بالقتال يعطيهم الحق لاستعمال القوة من أجل فرض الإسلام ونشره بواسطة هذا الإذن.

ولدحض هذه الأفكار والاتهامات الزائفة، لا بد من الإشارة إلى بعض الحقائق الهامة، التي من شأنها أن تكشف الحقيقة جلية أمام القارئ، كي لا يقع في مصيدة المتكالبين على الدين الإسلامي، والهادفين لزعزعة أركانه، خاصة من الناحية  الإيمانية والعقائدية.

أ.  آلية حض المسلمين على القتال:

إن عامل القوة ووضع المسلمين الاستراتيجي، لم يكن ليلعب أي دور في حضهم وحثهم على الخروج لقتال الكفار بعد الهجرة إلى المدينة المنورة، بل قد جاء هذا الحث معتمدا على قوة المسلمين الإيمانية وتوكلهم على الله عز وجل، والذي كان الآلية الأساسية والسلاح الأوحد الذي أخرج المسلمين لمواجهة جيوش الكفار، بحيث لا يمكن الزعم بأي نوع من التفكير في الاعتماد على القوة ” الفجائية الجديدة” التي حصل عليها المسلمون في المدينة، مثلما تبينه الآيات التالية:

  1. أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * ….. وَلَيَنْصـُرَنَّ الله مَنْ يَنْصـُرُهُ إِنَّ الله لَقَـوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج 40-41)
  2. يَا أَيُّـهَا النَّـبِـيُّ حَـرِّضِ الْمُؤْمـِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبـُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِئَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ (الأنفال 66)
  3. 3. … كَـمْ مِنْ فِـئَةٍ قَلِيـلَةٍ غَلَبَـتْ فِئَةً كَثـِيرَةً بِـإِذْنِ الله وَالله مَعَ الصّـَابِرِينَ (البقرة: 250)

هذه الآيات تبين جليا، أن الله عز وجل في  حضه المسلمين على القتال، لم يأخذ بعين الإعتبار قوتهم ومدى جاهزيتهم للحرب، وعليه فإن انصياع المسلمين للأمر بالقتال، لم يكن ليعتمد على قوتهم الحربية بأي شكل من الأشكال، بل على النقيض من ذلك، فإن هذه الآيات تؤكد حالة الضعف والهوان العسكرية، التي كان يعاني منها المسلمون، والتي كانت بصورة لا يمكن الاعتماد عليها البتة في قتال جيوش الكفار المدججة بالسلاح والعتاد الحربي.

ولما كان المحرك الأساسي الذي أخرج المسلمين للقتال بعد الهجرة، والسلاح الذي اعتمدوا عليه.. توكلهم وإيمانهم الراسخ بالله عز وجل، متوفرا بهم ومتجليا عليهم بكل قواه ومعانيه، منذ اليوم الأول  لنشوء الدين الإسلامي في مكة المكرمة، ولكون دافع المواجهة واستعدادهم للدفاع عن النفس، متوقدا في نفوسهم  قبل الهجرة إلى المدينة، وذلك بشهادة الكيثر من الحوادث التاريخية التي لا مجال لذكرها بين هذه السطور، فإن هذه الحقيقة لوحدها تنسف فكرة الإنتهازية التي يُتهم بها المسلمون عن بكرة أبيها، إذ لا يبقى أي مجال للإنتهازية إذا كانت الوسيلة الأساسية والسلاح الذي اعتمد عليه المسلمون عند الخروج للقتال، متوفرا لديهم أيضا في الفترة التي كانوا يدعون فيها للمسالمة والتسامح وعدم رد العدوان بعدوان آخر.

ب.  استمرارية التعـاليم السلمية في الحقبة المدنية

لا بد في بادئ الأمر من التنويه إلى أن القول بنسخ الآيات القرآنية السلمية، وعلى الأخص مبدأ لا إكراه في الدين بآيات القتال المدنية، وأن التعاليم الإسلامية في المدينة لم تعد لتحفظ حرية الفكر والمعتقد، لهو أمر عار من الصحة، لأن نظرية الناسخ والمنسوخ في آيات القرآن الكريم باطلة ولا أساس لها من الصحة، إذ لا نسخ في آيات كتاب الله الكريم. إلا أن هذا ليس مجال بحثنا ولست في صدد إثبات بطلان هذه النظرية.

وبالإضافة إلى ذلك، لا بد من الإشارة إلى أن نفس هذه التعاليم السلمية، التي تحث على المسالمة وعدم الإكراه في مسألة الانتماء الديني والعقائدي، قد استمرت على مدار الحقبة المدنية لحياة الرسول من بدايتها إلى نهايتها، تماما كما كانت عليه قبل الهجرة، ومما يثبت ذلك أن السور المدنية سواء أولاها أو آخرها نزولا  قد أكدت مرة تلو الأخرى هذه التعاليم والمبادئ السامية كما يلي:

  1. لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بالله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَالله سَمِيعٌ عَلِيمٌ (البقرة:257). ومعروف أن سورة البقرة أولى السور المدنية نزولا.
  2. فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لله وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَالله بَصِير بِالْعِبَادِ (آل عمران:21)
  3. إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلًا (المزمل: 30)

ثم تأتي سورة المائدة وهي مدنية وآخر السور نزولا، لتؤكد هذه المبادئ مرة أخرى حيث جاء فيها:

  1. وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ (المائدة: 3 )
  2. وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (المائدة: 88)
  3. وَأَطِيعُوا الله وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (المائدة: 93)
  4. مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ (المائدة: 100)

فبناء على ما ذكر آنفا، تكون التعاليم السلمية التي بدأت في مكة، قد أكدها القرآن الكريم على مدار الحقبة المدنية كلها لا سيما في آخرها – في سورة المائدة-، هذه المبادئ التي عمل الرسول وخلفائه من بعده حسبها، لحفظ الحرية الدينية وإفشاء السلام والوئام، جنبا إلى جنب مع الأخذ بالتعاليم الجهادية التي كان الهدف منها رد عدوان الأعداء فقط، وليس نشر الإسلام عنوة، بحيث لا يمكن القول أن التعاليم القتالية عند نزولها، قد ألغت التعاليم السلمية التي تحض على المسالمة وحرية الفكر.

ج. الهدف من القتال في الإسلام

لفهم الهدف المرجو من  القتال المشرع في الإسلام أكتفي بذكر الآيات القرآنية التالية:

  1. أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ الله عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيـرًا … (الحج40-41)
  2. وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لله فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة: 194)

وبالتفكر مليا في كلمات هذه الآيات القرآنية نستنتج ما يلي:

  1. الآية الأولى تذكر المسلمين منذ البداية وتوضح للجميع، لأي غرض يدفع الله الناس بعضهم ببعض، أي يأمر البعض بقتال الآخرين، وذلك للحفاظ على الأماكن المقدسة أيا كانت، بغض النظر إن كانت من المقدسات الإسلامية أو غير الإسلامية (الصوامع أماكن العبادة المرتفعة للرهبان والمتعبدين، البِيَع معابد النصارى واليهود). ولعل من حكمة الله عز وجل، أن قدم في هذه الآية ذكر المقدسات غير الإسلامية على الإسلامية، وذلك للتشديد والتأكيد على ضرورة الحفاظ على الحرية الدينية لغير المسلمين أيضا، ولكي لا يظن المسلمون أن الإذن بالقتال يعطيهم الحق لاستعمال القوة من أجل فرض الإسلام ونشره بواسطة هذا الإذن.
  2. المقصود من الفتنة المذكورة في الآية الثانية، هو تعريض الدين لخطر التفكك والتشرذم والانمحاء، وذلك بقتل أتباعه خاصة عندما يكون الدين في بدايته ويكون أتباعه قلة، أو بزرع بذور الفرقة والخلاف بين أتباع هذا الدين، أو بتأليب الآخرين عليهم، وهو ما يؤكده كتاب الله في آية أخرى جاء فيها وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ . فإذا لم يقم الكفار بإثارة هذه الفتنة ضد المسلمين فلا مجال ولا إذن لقتالهم.
  3. وَيَكُونَ الدِّينُ لله فتعني أن يكون الحكم على الانتماءات الدينية والعقائدية بيد الله عز وجل وحده، لا بيد الكفار ولا حتى بيد المسلمين أنفسهم، إذ لا يحق لأحد على وجه هذه الكرة الأرضية أن ينـزل أحكاما كالقتل وغيره، في حق الآخرين بسبب إنتماءهم الديني أو العقائدي.

وفقا لهذه الآيات نخلص إلى أن الهدف من القتال المشروع في الإسلام، لم يكن لنشر الدين الإسلامي وإرغام غير المسلمين على قبول الإسلام بالقوة كما يدعي أعداء الإسلام، بل على العكس من ذلك، فقد نزل الإذن بالقتال لتحقيق أحد أهم وأرقى وأسمى الحقوق الإنسانية التي يعترف بها العالم المتحضر اليوم، وهو إرساء قواعد  الحرية الدينية والانتماء الديني، وذلك ليس للمسلمين وحدهم بل لجميع بني البشر. ولما كان الإسلام آنذاك هو الدين الفتي الجديد المحاط بمؤامرات الأعداء من جميع الجهات، كان لا بد من تحقيق هذه الحرية الدينية لأتباعه أولا، وذلك بخروجهم للدفاع عن أنفسهم إزاء مكائد وهجمات الكفار، من أجل أن يعملوا على ترسيخ وتجذير الحرية الدينية في العالم فيما بعد.

د.سيـاق آيـات القتال يؤكد حرية المعتقد

إن التفاسير المغلوطة لآيات القتال، نابعة بمعظمها إن لم تكن كلها، من اقتطاعها من السياق الذي وردت فيه، وهو ما يؤدي إلى فهم سطحي لهذه الآيات، ولذا فلا بد من ذكر بعض هذه الآيات بسياقها.

  1. وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ الله الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا (عدم البدء بالعدوان بل رده) إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ فَإِنْ قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ كَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ * فَإِنِ انْتَهَوْا  (دون الاشتراط بإسلامهم) فَإِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ (البقرة: 191-194)
  2. وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا الله إِنَّ الله شَدِيدُ الْعِقَابِ (المائدة: 3)

الَّذِينَ عَاهَدْتَ مِنْهُمْ ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لَا يَتَّقُونَ * فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ (ليس قتالا عشوائيا بل في أرض المعركة) فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ * وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ الله لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ * وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ * وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ الله وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ الله يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ الله يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ *وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ الله هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ (الأنفال: 57-63 )

  1. أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا (عدم البدء بالعدوان بل رده) وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا الله وَلَوْلَا دَفْعُ الله النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ الله كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ الله مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ الله لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (الحج: 40-41)
  1. إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ (أساس التعامل مع الكفار هو المسالمة) إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ* فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ إِنَّ الله غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ الله ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ (أساس التعامل مع الكفار هو المسالمة) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ * كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِنْدَ الله وَعِنْدَ رَسُولِهِ إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ (دون الاشتراط بدخولهم الإسلام) ِإنَّ الله يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ …. وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ (وليس كل الكفار من أجل إرغامهم على دخول الإسلام) إِنَّهُمْ لَا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ * (دون الاشتراط بدخولهم الإسلام)… قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالله وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ الله وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ (التوبة: 5-30)
  2. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ الله فَتَبَيَّنُوا ….. ( وجوب التحقق من نية الكفار أنها تميل للقتال) (النساء: 95 )

الهدف من القتال المشروع في الإسلام، لم يكن لنشر الدين الإسلامي وإرغام غير المسلمين على قبول الإسلام بالقوة كما يدعي أعداء الإسلام، بل على العكس من ذلك، فقد نزل الإذن بالقتال لتحقيق أحد أهم وأرقى وأسمى الحقوق الإنسانية التي يعترف بها العالم المتحضر اليوم، وهو إرساء قواعد  الحرية الدينية والإنتماء الديني، وذلك ليس للمسلمين وحدهم بل لجميع بني البشر…

وبتتبع سياق الآيات السابقة نجد:

  1. 1. إنها قيلت في حق فئة معينة من الكفار، وهم المقاتلون منهم وناقضو العهود، وبالأخص أئمة الكفر الذين لا يألون جهدا في إثارة الفتن والطعن في الدين، وليس قتالا عشوائيا لا يميز بين المجرم والبريء.

2.عـدم البـدء بالاعتداء بل العمل فقط على رد العدوان أو الفتنة.

  1. دافع إنهاء القتال هو كف الطرف الآخر عن القتال أو الفتنة، وليس بقبوله أو دخوله الإسلام كما يفهم خطأ من حديث الرسول: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله”.
  2. قبول السلم إذا أظهر الطرف الآخر ميله لذلك، دون الاشتراط في ذلك بقبوله الإسلام وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْم فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى الله إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ .
  3. الأساس في التعامل مع الكفار هو المسالمة وحسن الظن بالتوكل على الله عز وجل، وعدم التذرع بأعذار واهية للقتال، بل محتم على المسلمين قبل الخروج للقتال التأكد التام من نية الطرف الآخر أنها تميل إلى القتال.

إن الاتهامات العبثية التي تكال ضد الدين الإسلامي، غير نابعة عن دراسة نزيهة وموضوعية لآيات القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، ولدحضها لا بد من الرجوع إلى سنة الرسول ، وإظهار الحقائق التي غابت عن أذهان الناس فيها، والعمل على الترويج لها بكل وسيلة، كلما سنحت الفرصة لذلك، لكي تطغى على تلك الأفكار المشوهة التي تسربت إلى عقول بعض المسلمين، ويمتطيها أعداء الدين الإسلامي من أجل تشويه صورته. كما أنه من الواجب دراسة القرآن المجيد دراسة شاملة نزيهة وموضوعية، من أجل فهم المبادئ المتعلقة بالجهاد القتالي وشروطه، ولفهم مدى انسجام هذه المبادئ مع التعاليم السلمية التي جاء بها الدين الإسلامي، إذ لم يكن نشر الدين الإسلامي بقوة السيف بأي حال من الأحوال مبدأ من المبادئ الإسلامية، ولا هدفا من أهداف الدعوة الإسلامية الحقة التي جاء بها الرسول .

Share via
تابعونا على الفايس بوك