موقف الإسلام من قضية تحديد النسل

موقف الإسلام من قضية تحديد النسل

محمد نعيم الجابي

كيف يمكن للأجيال القادمة أن ترى النور المحمدي؟

تردَّدت كثيرًا في الآونة الأخيرة صيحاتٌ تُطالب باتِّباع التقليد الغربي في التقنين من عدد الأولاد، وربطت تلك الآراء بين تخلُّف الواقع العربي وبين ازدياد عدد السكان. وقد لوحظ بوضوح وجود الدعم الغربي لتلك التوجُّهات سواءً كان ذلك من خلال إيجاد المبرِّرات المقنعة أو من خلال توفير الوسائل العلميّة للحدِّ من الإنجاب. وهكذا وقف رجل الشارع العربي المسلم حائرًا وفي ذهنه يدور تساؤلٌ واحد مشروع… ترى ما هو موقف الإسلام من هذا الموضوع، موضوع تحديد النسل؟

ولقد أجاب حضرة ميرزا طاهر أحمد، إمام الجماعة الإسلامية الأحمدية الحالي، جوابًا مفصلاً على هذا الموضوع من خلال سؤال طُرِحَ على حضرته من قِبَل أحد الإخوة المسلمين الأحمديين العرب وذلك عبر برنامج (لقاء مع العرب) الذي تبثه يوميًا المحطة الفضائيّة الإسلاميّة الأحمدية MTA .

إنّ هذه المقالة هي محاولة لتلخيص النقاط الهامة التي أثارها حضرته حول هذا الموضوع الهام الذي يمسُّ حياة كل شاب مسلم يبدأ حياته الأُسرية.

الفقر ليس بعذر

حاول حضرته في البداية انتشالنا من الوهم الذي يقع فيه البعض ممن يخافون الإكثار من الأولاد وهم يُعانون من الفقر. وذكَّرنا حضرته بالآية التي تقول:

تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (الأَنعام: 152)

والإملاق هو الفقر ولا تُشير الآية إلى الفترة الزمنيّة التي عاش فيها الرسول الكريم وإنّما يعود هنا ذكر الإملاق أو الفقر إلى فترةٍ زمنيّةٍ أخرى، ولربما تكون فترةً من الزمن الحاضر حيث وصل الإنسان إلى أعلى مراحل تطوّره، وما يدعم هذا الافتراض أنّ العرب لم يُعرف عنهم من خلال تاريخهم أنّهم كانوا يقتلون الأولاد خشية الفقر، لا شكَّ أنّهم كانوا يقتلون المواليد من الإناث، ولكن هذا لم يحدث بسبب الفقر، بل لأنّ ذلك كان يمسُّ أعراضهم وشرفهم.

ولكن من جهةٍ أخرى، على المسلم أن لا ينسى أنّ القرآن الكريم وضع قواعد للحمل عند المرأة، وهذه القواعد تمثّلُ قانونًا مُريحًا لتحديد النسل بشكل طبيعي، حيث يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أمران اثنان:

أولهما: صحّة المرأة، وثانيهما: المدّة التي يجب أن تنتظرها المرأة بين فترات الإنجاب، وهي كما وضَّحها القرآن في الآية الكريمة:

وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ . (الأَحقاف: 16)

ونجد هنا العدد ثلاثون شهرًا مُضافًا إليه فترة الرضاعة، يُمثّل المدة الفاصلة المطلوبة بين حملٍ وآخر، مما يعني تحديدًا للنسل بشكل طبيعي هذا إذا أخذنا بعين الاعتبار قدرات المرأة وحالتها الصحيّة.

قواعد الإجهاض الإسلامي

تحدَّث حضرته عن الحالات التي يسمح فيها الإسلام بالإجهاض وقدَّم دليلاً على أقواله من صحيح البخاري كتاب (بدء الخلق) حيث جاء الحديث التالي:

حَدَّثَنَا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللَّهِ وَهُوَ الصَّادِقُ المـَصْدُوقُ قَالَ: “إِنَّ أَحَدَكُمْ يُجْمَعُ خَلْقُهُ فِي بَطْنِ أُمِّهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا ثُمَّ يَكُونُ عَلَقَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَكُونُ مُضْغَةً مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْعَثُ اللَّهُ مَلَكًا فَيُؤْمَرُ بِأَرْبَعِ كَلِمَاتٍ وَيُقَالُ لَهُ: اكْتُبْ عَمَلَهُ وَرِزْقَهُ وَأَجَلَهُ وَشَقِيٌّ أَوْ سَعِيدٌ ثُمَّ يُنْفَخُ فِيهِ الرُّوحُ فَإِنَّ الرَّجُلَ مِنْكُمْ لَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الجَنَّةِ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ كِتَابُهُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، وَيَعْمَلُ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ”.

وقد شرح حضرته أنّ هذا الحديث يأتينا بقاعدة علميّة فريدة سبقت عصرها بنحو 1400 سنة، حيث أننا لو حسبنا المــُدد الزمنيّة لمرحلة (جمع الخلق) وهي 40 يومًا ثم مثلها 40 يومًا لمرحلة العلقة، وأخيرًا 40 يومًا لمرحلة المضغة لوجدنا أن المجموع هو أربعة أشهر ونصف وهي ذات الفترة التي يقرُّ علماء عصرنا أنّ الجنين عندها يصبح له كيان منفصل وجنس محدَّد؟؟.

وقبل هذه الفترة يكون الجنين في حالةٍ بدائيّة يجوز فيها أن يُجهض تحت شرط وجود أسباب حسب الحالة المعينة.

وكل إجهاض يأتي بعد فترة الأربعة أشهر والنصف يكون إجهاضًا مخالفًا لتعاليم الإسلام. وفي هذا دليلٌ جديد على صدق دعوة نبينا المصطفى محمد الذي أخبرنا عن حقائق علميّة فريدة قبل مئات السنين من موعد اكتشافها.

عواقب الإجهاض

بيَّن حضرته أنّه لو حدث إجهاض الجنين قبل فترة الأربعة أشهر والنصف، ولم تتوافر لذلك أسبابٌ مُقنعة فهذا مُخالفٌ لتعاليم الإسلام. أما بالنسبة للإجهاض الذي يحدث بعد تلك الفترة فهو يُعتبر قتل للجنين إذا لم يُشكّل استمرار الحمل خطر على صحة المرأة الحامل، ونحن نعرف أن القوانين الدنيويّة لا يمكنها للأسف أن تُثبت حدوث جريمة القتل. ولكن إذا وُلِدَ الجنين ومن ثم قُتِلَ فيمكن عندها أن تُسجَّل الواقعة ويصدر بحقِّها عقوبة القتل من الدرجة الأولى في حال عدم وجود أي مبرِّرات.

وسائل منع الحمل

تحدَّث حضرته عن وسائل منع الحمل المتَّبعة في عصرنا من حبوب وغيرها، وأكَّد أنّ لنا في رسول الله أسوةً حسنة فلقد نصح أصحابه باتِّباع طريقة العزل. وقال حضرته إنّ هذا لا يعني أنّ الطرق الحديثة مرفوضة، ولكن علينا انتقاء الطريقة التي لا تضرُّ بعد حدوث اللقاح بين النُطفة والبويضة لأنّ الضرر بعد ذلك يأخذ شكل القتل. وعن موضوع الحبوب المانعة للحمل فلقد أكَّد الكثير من الأطباء علاقة هذه الحبوب بتفشّي سرطان الرحم وتفاقم مشكلات جانبيّة أخرى مما يجعلنا نتردَّد كثيرًا قبل أن ننصح بها عامّة المسلمين.

تجنَّبوا مخططات الغرب

نبَّه حضرته المسلمين الغافلين عن قوله تعالى:

وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ

والذين يمتنعون عن إنجاب الأولاد بسبب ضعف الحالة الاقتصادية، وقال حضرته أنّهم بذلك يتشبَّهون بقوم (لوط) الذين تمسَّكوا بعادة اللواط الخبيثة وأصبحوا يُجاهرون بها.

وأكَّد حضرته أنّ علينا أن نحذر مُخطَّطات الغرب التي تهدف إلى حثِّنا على تحديد عدد السكان ووراء هذه المخطَّطات يقبعُ خوفٌ كامن من التفوُّق البشري الذي سيجرُّ وراءه أفواهًا جائعة، وأيدٍ كثيرة تبحث عن فرص عمل، مما سيسبِّب هجرةً لأعدادٍ كبيرة على الغرب.

إنّ الغرب يسعى دائمًا لاستدعاء الوفود الإسلاميّة ومدِّها بنصائحه المهذَّبة عن فوائد تحديد النسل، في حين أنّ الغرب ذاته يتوجَّه برسالةٍ مختلفة إلى أبناء شعبه يحثُّهم فيها على عكس ذلك ويقدِّمون مِنحًا خاصة للمجتهد في هذا السبيل؟!

ومما قاله حضرته في هذا السياق:

“هم يُمدّونكم بوسائل منع الحمل بكمياتٍ كبيرة في حين يُعطون الحوافز الماليّة لأبناء شعوبهم للتشجيع على الحمل؟!

هم يعرفون من التاريخ أنّ دمائهم قد مُزجت بدمٍ زحف من الشرق ومن دولٍ عربيّة، واليوم لا يُريدون أي هجرة يمكن أن تُعكِّر صفو دِمائهم؟!

وهم اليوم يتنكَّرون لفضل تلك الأيدي العاملة المهاجرة والتي كان لها يومًا الفضل في بناء اقتصادهم.”

حادثة تاريخيّة فريدة وعِبرة

تطرَّق الأخ السائل إلى ذكر معاناة الرسول الكريم عند توجُّهه إلى الطائف ورفض أهلها العنيف لدعوته، الأمر الذي أدمى وجه وقدما الرسول الكريم وجعله يتوجَّه إلى ربِّ العالمين بدعاءٍ رقيق ومن ثم أبدى تسامحه وحرصه حتى على الجنين الموجود في أرحام نساء العدو، كانت كلمات الدعاء تقول:

“اللهُّم إني أشكو ضعف قوتي وقلّة حيلتي وهواني على الناس يا أرحم الرحيمين، أنت ربُّ المستضعفين، أنت ربّي إلى من تَكِلُني إلى بعيدٍ يتَجَهَّمُني أم إلى قريبٍ ملَّكته أمري، اللهُّم إن لم يكن بك عليَّ غضبٌ فلا أُبالي”.

ومما يُذكر حول هذه الحادثة أنّ جبريل جاء وقال لسيّد الرسل هذا هو مَلَكُ الجبال بين يديك وجاء مَلَكُ الجبال وقال إن شئت لأُطبِقنَّ عليهم الثِقلَين (أو الأخشبين) وجاء ردُّ رسول الله عسى أن يكون بين أرحامهم من يؤمن بالله ورسوله؟.. وقد استغرب الأخ السائل عدم اقتداء مسلمي اليوم بالأسوة الحسنة التي كانت تخاف على جنينٍ في بطن العدو، في حين أن مسلمي اليوم يتخلَّصون من أجنَّة بطونهم تبعًا لتقاليد غربيّة استبدلت تربية الأطفال بتربية الكلاب أو القطط!!. وطلب الأخ السائل من أمير المؤمنين التعليق على الحادثة والتوجُّه بنداء إلى المسلمين كي يستيقظوا من غفلتهم وسُباتهم.

دعاء النبي رحمة

وأجاب حضرة أمير المؤمنين على هذا التساؤل بالإشارة أولاً إلى أنّ هذه الحادثة هي حادثةٌ هامة جدًا في التاريخ الإسلامي، يمكن أن نتعلم منها كيف يبادل رسل ربّ العالمين البغض والكره بالتسامح حتى لو أُتيحت لهم الفرصة للإنتقام. ثم أشار حضرته إلى أمرٍ هامٍ آخر وهو أنّ دعاء الرسل وخوفهم وخشوعهم يُثمر دائمًا نتيجةً إيجابيّة، يكفينا أن نُراجع التاريخ لنتثبت من هذه النتيجة، فالتاريخ يذكر أنّ أهل الطائف قبلوا الإسلام بعد فتح مكة قدموا المدينة وبايعوا الرسول .

في الحقيقة إنّ إسلامهم لم يكن نقيًّا تمامًا فلقد طالبوا الرسول بالإبقاء على بعض معابدهم الوثنيّة ولكنه رفض بشدّة، وهو الأمر الذي يثبت أنّه فقط ببركات دعاء سيد الرسل دخل هؤلاء جنّة الإسلام، إنّها آثار الدعاء المخلص الصادق.

كيف يمكن للأجيال القادمة أن ترى النور المحمديّ؟

وتوجَّه حضرته إلى الأخ السائل مُخاطبًا: إنَّ رجاءك أيها الأخ المسلم يجب أن لا يشمل فقط تحريض المسلمين على الإنجاب ولكن يجب أن ننتبه إلى نقطةٍ أهم ألا وهي كيف يمكننا أن نجعل كلمة (لا إله إلا الله) تخرج ليس فقط من أفواه هؤلاء الأبناء، بل نجعلها تمسُّ أيضًا قلوبهم وعملهم؟.

وتابع حضرته فوضَّح الطريق الإلهي في معاملة عباده، حيث أنّ الله يمنح فرصته الأولى ويُرسل المبعوثين السماويين الذين يُخلِصون الدعاء لله سبحانه كي يلطُفَ بأقوامهم، ولكن الله وعد من خلال القرآن الكريم

إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ

وعندما يفشل هؤلاء القوم في فهم الرسالة يُعطيهم ربّهم فرصةً أخرى. ونجد أنّه سبحانه في تعامله مع أمة سيدنا محمد كتب أنّ هذه الأمة سوف تعيش عصور ظلام ولكنها خصَّها أيضًا ببركاتٍ كثيرة حيث سيأتي المصلح الذي يُعيد للتعاليم الإسلاميّة رونقها وجلالها، وسوف تُرفع راية (لا إله إلا الله، محمد رسول الله).

ووضَّح حضرته أنّ هذا الكلام ليس كلامًا إنشائيًّا، بل هو مأخوذ من أحاديث الرسول الكريم التي تتحدَّث بوضوحٍ شديد عن الخراب الذي سيُحيق بأمته في آخر زمنه، ففي كتاب (الفتن) من صحيح البخاري تجدون تفاصيل عديدة عن ظهور الدجال وتفشي الفتن….الخ، وهذا ما دفع أحد الصحابة عليهم رضوان الله إلى تساؤل مشروع وهو يرى تلك الصورة القاتمة لمستقبل الإسلام.. كان فحوى تساؤله هو: هل تلك الصورة القاتمة تعني هلاك أمتك يا رسول الله؟ ..وكان الجواب الحاسم من فم الرسول الكريم

“كيف تهلك أمةٌ أنا في أولها والمسيح ابن مريم في آخرها؟”.

وأكَّد حضرته أنّ علينا أن ننتبه هنا إلى أنّ الرسول الكريم لم يقترح أن يجتمع علماء ذلك الزمن كي يدعوا إلى توحيد وإصلاح الأمة الإسلاميّة كما يفعل بعض من يظنُّ نفسه ذكيًّا هذه الأيام. بل اقترح أن يبحث أهل ذلك الزمان عن الصوت الإلهي.. عن المسيح الموعود . ولكن للأسف فإنّ علماء هذا الزمن لا ينتبهون لهذا الأمر الخطير، هم أنفسهم متفرِّقون إلى فرقٍ عديدة، كل منها يدعو الآخر إلى الصراط المستقيم ويظن أنّه وحده المصيب.

وهنا تنهَّد أمير المؤمنين وقال:

دعوني أقولها لكم بحسرة يا أيها المسلمون المعاصرون، لقد تسرَّب المرض إلى داخلكم وتمكّن منكم، ومن يملك مرضًا داخليًا مستشريًا، لا يمكنه إصلاح الآخرين. بل عليه أن يطلب العون من ربه الذي وعد بإرسال من يقوم بهذه المهمة.

انظروا إلى جميع الفرق التي نادت بتوحيد الصفوف، وظنَّت أنّها المكلَّفة بإعادة بريق الإسلام، تُرى ماذا كانت نتيجة تلك الجهود؟.. إنّ النتيجة كانت خلق فرقةٍ جديدة تُضعف من قوة الجسد الإسلامي؟ فقط جماعة واحدة اتَّبعت مقولة الرسول الكريم محمد وبحثت عن الصوت السماوي الذي وعد الله سبحانه بقدومه، فوجدته واستمعت إليه وبايعته وهي الجماعة الإسلامية الأحمدية.

إن المسيح الموعود حضرة ميرزا غلام أحمد مؤسِّس هذه الجماعة هو الوحيد الذي أعلن أنّه مأمورٌ من الله بالقيام بهذا العمل، وهو الأمر الذي لم يتجرَّأ على قوله أحدٌ من مسلمي هذا الزمان. وهو ذلك المصلح الذي أتى ونادى على معتنقي الديانات جميعًا كي يدخلوا في الإسلام ويتّبعوا الطريق الذي خطَّه سيد الرسل محمد المصطفى وهو تبليغ الرسالة بإخلاص وهمّةٍ عالية.

إذا كانت الوحدة هي مطلب المسلمين، فلينظروا إلى ما تقوم به جماعتنا في العالم من عمل بناء لنشر الدعوة الإسلاميّة ولينظروا إلى الأعداد الكبيرة للمبايعين والذين يأتون من جميع بقاع العالم.

إنّ تربية الأجيال القادمة على ما جاء به مجدِّد ومُصلح هذا الزمان هي عودةٌ للطريق التربوي الذي بدأ به أكمل الخلق سيدنا محمد ، والذي سيقود بإذن الله تعالى إلى البعثة العالمية الثانية للإسلام.

استجيبوا لدعوة الرسول إذا دعاكم لما يُحييكم

وفي نهاية حديثه قال حضرته:

أنا لن أدعو العالَم المسلم اليوم إلى الإكثار من النسل، ومن أنا لأدعو وكُلّنا يعلم أنّ الرسول الكريم لم يترك بابًا إلا وطرقه، وهو الذي نبَّهنا ودعانا إلى الزواج من المرأة الودود الولود، كي يكون الخير لنا في العدد والنوعيّة.

وإنّ هذه الدعوة ستظلُّ قائمةً إلى يوم الدين، وخاسرٌ من لا يستجيب لصوت الحبيب محمد .

Share via
تابعونا على الفايس بوك