من هو الأعمى؟

كلام الإمام

حضرة الإمام المهدي والمسيح الموعود

من هو الأعمى؟

إن القرآن الكريم يذكر جنتين، وإحداهما جنة دنيوية، وهي التلذذ من الصلاة. فالصلاة ليست بضريبة جبرية، بل إن للعبودية علاقة وجذبا مع الربوبية، وإبقاء لهذه العلاقة فقد فرض الله الصلاة، وأودع فيها لذة لدوام هذه العلاقة. وكما أن الفتى والفتاة عندما يتزوجان إذا لم يجدا في لقائهما لذة لفسد الزواج، فكذلك لو فرغت الصلاة من اللذة لانقطعت هذه العلاقة. فيجب عليكم أن تغلقوا أبواب حجراتكم فتدعوا لدوام هذه العلاقة وتلك اللذة. فالعلاقة بين العبودية والربوبية عميقة جدا، ومملوءة بأنوار لا يمكن تفصيلها، وما لم تحصل تلك العلاقة للإنسان فهو مثل العجماوات. ولو تلذذ الإنسان بتلك اللذة حتى ولو لمرتين أو أكثر لوجد نصيبا من تلك الحلاوة، ولكن الذي لم يحظ بها ولا لمرتين أو أكثر فهو من العميان، ومن كان في هذ أعمى فهو في الآخرة أعمى.

(ملفوظات ، المجلد السادس، ص 371)

وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ .. أي أن المؤمنين الحائزين على الدرجة السادسة المجتازين الدرجة الخامسة هم أولئك المؤمنون الذين يحافظون على صلواتهم بأنفسهم، فلا  يحتاجون إلى تذكير من أحد أو ترغيب. بل حصل لهم التعلق بالله تعالى، وأصبح ذكر الله محبوبا لديهم، وصار سبب راحتهم وحياتهم بحيث إنهم لا ينفكون محافظين عليه كل حين. فهم يقضون كل لحظة في ذكر الله ، ولا ينفصلون عن ذكره طرفة عين.

(ضميمة البراهين الأحمدية – الجزء الخامس ص 54)

فخلاصة القول إن ذكر الله المملوء بحبه تعالى المسمى بالصلاة يصبح لهؤلاء المؤمنين بمثابة الغذاء الذي لا يمكن أن تستمر حياتهم بدونه، والذين هم يحافظون عليه كمسافر في فلاة لا زرع فيها ولا ماء ، فيحافظ على بضعة أرغفة عنده وعلى قليل من الماء الذي في قربته محافظه شديدة.

(ضميمة البراهين الاحمدية – الجزء الخامس ص 54)

كيفية علاج عدم التلذذ من الصلاة:

وإذا حدث لأحد أن فقد ذلك الأنس والتلذذ أثناء الصلاة فعليه ألا يملّ ولا يتوانى ولا تفتر عزيمته لأجل غلبة اليأس، بل يجب عليه الاعتناء والاهتمام بالبحث عن هذا المتاع المفقود بجد ونشاط. وعلاج ذلك هو التوبة والاستغفار والتضرع. ولا ينبغي ترك الصلاة لعدم التلذذ منها، بل لا بد من الإكثار من الصلاة، مثل مدمن الخمر الذي إذا لم يسكر لم يقلع عن الإدمان، بل يشرب الكأس تلو الكأس إلى أن يتلذذ ويتمتع. فالذي يعاني من عدم التمتع والتلذذ من الصلاة فعليه بالإكثار منها.

(ملفوظات المجلد الخامس ص 432)

ما هي الصلاة؟ هي في الحقيقة بمثابة الدعاء في حضرة الكبرياء الذي من المحال أن يَحيَ الإنسان بدونه، وأن يتمتع بالعافية والراحة والسرور بغيره. ولما يتكرم الله تعالى عليه بفضله حينئذ هو يستمتع بالسرور الحقيقي والراحة الحقيقية، عندئذ يحظى بالتلذذ من الصلاة والتمتع بها. وكما أنه يتلذذ من تناول الأطعمة الشهية كذلك سيتلذذ من البكاء والنداء، وتتاح له هذه الكيفية أثناء الصلاة. وكما أن الإنسان يتناول الدواء المر للتمتع بالصحة الكاملة، فكذلك لابد من أداء الصلوات والدعوات وإن كانت خالية من التلذذ.

وخلال هذه الحالة الخالية من التلذذ يجب أن يدعو لطلب التلذذ قائلا: رب، أنت تراني أعمى وفي غاية العمى، وأنني الآن من الأموات كليةً، وأعلم أنه سيناديني مناد عن قريب للمثول بين يديك، فعندئذ لا يمكن أن يمنعني من ذلك مانع. ولكن قلبي أعمى وخال من العرفان، فأنزلْ عليه من النور شعلة تزكي فيه نار أنسك وحبك، وتكرم علي بفضلك كيلا أحشر أعمى، وأُلْحَقَ بالذين لا يبصرون.

حينما يدعو الإنسان بمثل هذا الدعاء ويداوم عليه سيرى أنه سيأتي عليه حين ينزل عليه من السماء أثناء هذه الصلاة الفارغة من التلذذ شيء يولد فيه رقة عظيمة.

(ملفوظات المجلد الرابع 321).

Share via
تابعونا على الفايس بوك